< فهرست دروس

درس خارج اصول استاد عبدالله احمدی‌شاهرودی

1401/09/20

بسم الله الرحمن الرحیم

 

موضوع: الأمارات/حجیة خبر الواحد /ادلة القائلین بحجیة خبر الواحد (آیة النفر)

 

الإستدلال بآية النفر:

و من الآيات التي قد استدل بها على حجية خبر الواحد آية النفر و هى قوله تعالى في سورة التوبة:

وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ

فإن الاستدلال بها على حجية خبر الواحد يتوقف على تمامية ثلاث مقدمات:

الأولى: تمامية دلالة الآية على وجوب الحذر

الثانية: ملازمة وجوب الحذر مع حجية خبر الواحد

الثالثة: اطلاق الآية الشريفة و دلالتها على وجوب الحذر مطلقا سواء حصل العلم من قول المنذر أو لا

فإن تمت هذه المقدمات الثلاث فحينئذ تصبح الآية تامة الدلالة على حجية خبر الواحد.

تقريب المقدمة الأولى:

و قد ذكرت للمقدمة الأولى تقاریب ثلاثة:

التقريب الأول: إن لفظة لعل قد وضعت للترجی الحقيقي و المراد من الترجي الحقيقي هو ترقب حصول ما هو مطلوب و محبوب مع الجهل بتحققه و حصوله و من هنا یستحیل تطبیق هذا المعنی علی الآیة الشریفة لان الله سبحانه و تعالی علم كله و ليس فيه منقصة و جهل و لذا يتعين حملها على المعنى المجازى و إذا تعين الحمل على المعنى المجازي فالمتعين هو الحمل على أقرب المجازات و مقتضى حمل اللفظ على أقرب المجازات هو حمله على معنى المحبوبية لأن لفظة لعل تستعمل في المجموع المركب من ترقب حصول ما هو مطلوب مع الجهل بتحققه فإذا لم يمكن حملها على هذا المجموع فالمتعين حمله على جزء من هذا المجموع و هو المحبوبية و لذا قلنا بأن لفظة لعل تستعمل في الآية الشريفة بمعنى المحبوبية و لكن مجرد حمل لفظة لعل على المحبوبية لا يفيد لإثبات المطلوب في المقام إذ المطلوب هو إثبات لزوم الأخذ بخبر الواحد مع ان غاية ما يفيد الحمل على المحبوبية هو استحباب العمل به و من هنا لا بد من الاستمداد بمقدمة أخرى لتمامية المدعى هنا و هو لزوم الأخذ بخبر الواحد و حاصل هذه المقدمة هى أن الحذر و التجنب عن أمر إنما يحصل عند الخوف من العقوبة و الخوف من العقوبة لا يحصل الا بعد تمامية الحجة المعتبرة على التكليف لقاعدة قبح العقاب بلابیان فان وجود إحتمال العقاب إنما يکون ملازما مع وصول البيان و مصحح العقوبة إلى المكلف فإذا وصل البيان إلى المكلف فحينئذ وجب التحذر و قد ثبت من خلال هذا البيان ان محبوبية الحذر يلازم مع وجوبه عقلا لأن محبوبيته كاشفة عن وجود المقتضي له و المراد من المقتضي هو احتمال العقاب و الحذر عند وجود إحتمال العقاب واجب عقلا بمقتضى قاعدة وجوب دفع العقاب المحتمل هذا مضافا إلى أن القول بعدم الفصل يقتضى أن نقول بأن الحذر واجب عند قيام خبر الواحد لأن الفقهاء إما قالوا بحجية خبر الواحد و إما قالوا بعدم حجيته و لم يكن في البين من قال باستحباب العمل بخبر الواحد و إلى ما ذكرناه أشار صاحب الكفاية حيث قال:

و إذا ثبت محبوبيته ثبت وجوبه شرعا لعدم الفصل و عقلا لوجوبه مع وجود ما يقتضيه و عدم حسنه بل عدم إمكانه بدونه.

التقريب الثاني: إن النفر واجب بمقتضى الآية الشريفة لأنه كان مدخولا ل "لولا التحضيضة" و حروف التحضيض - و هي «لو لا، لو ما، الا، ألاّ، هلا» - إذا دخلت على المضارع أفادت طلب الفعل و الحث و الترغيب عليه، و إذا دخلت على الماضي - كما في الآية الشريفة - أفادت الذم و التوبيخ على تركه، قال في شرح الجامي: «فمعناها - أي فمعنى حروف التحضيض - إذا دخلت على الماضي التوبيخ و اللوم على ترك الفعل، و معناها في المضارع الحض على الفعل و الطلب له» فإن التوبيخ و اللوم على ترك فعل يدل على وجوب ذاك الفعل و لذا إن التوبيخ على ترك النفر يدل على وجوبه إذ لو لم يكن النفر واجبا فلا معنى للتوبيخ على تركه و غاية النفر في الآية الشريفة هو التفقه و الإنذار فالإنذار كان واجبا أيضا إذ هو غاية الواجب و غاية الواجب واجب أيضا و بعد اثبات وجوب الإنذار يثبت وجوب الحذر أيضا إذ لو لم يجب الحذر من قول المنذر فيلزم حينئذ لغوية وجوب الإنذار فلأجل اندفاع محذور اللغوية لا محيص من القول بوجوب الحذر أيضا و قد أشار صاحب الكفاية إلى هذا التقريب حيث قال:

أنه لما وجب الإنذار لكونه غاية للنفر الواجب كما هو قضية لولا التحضيضية وجب التحذر و إلا لغا وجوبه.

التقریب الثالث: ان التحذر کان غایة للانذار و الانذار واجب و غایة الواجب واجب ایضا و لذا یثبت وجوب الحذر بهذا البیان ایضا و أنت تعرف من خلال ما ذكرناه تمامية المقدمة الثانية أيضا لأن الحذر إذا ثبت وجوبه بالبيان المتقدم فيلزم حجية قول المنذر لأن قول المنذر إن لم يكن حجة فلا معنى لوجوب الحذر عن قوله و تمامية المقدمة الثالثة واضحة إذ الآية مطلقة و تشمل بإطلاقها صورتى العلم من قول المنذر و عدم حصول العلم من قوله فالحذر يجب من قول المنذر مطلقا.

مناقشات الأعلام في دلالة آية النفر:

و قد نوقش في تقريب الاستدلال بالآية الشريفة بعدة من المناقشات

منها (مناقشة المحقق الاصفهاني): إن لفظة لعل لم تستعمل في المحبوبية دائما بل قد تستعمل فيما هو مكروه و مبغوض عند المتكلم و إليك نظائرها في الكتاب الشريف و الأدعية المباركة:

فَلَعَلَّكَ تارِكٌ بَعْضَ ما يُوحى إِلَيْكَ

فَلَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ

و قد ورد في الدعاء ايضا: لعلك وجدتني في مقام الكذابين وفي مجالس الباطلين و قد يقال في المحاورات العرفية:

لعل زيدا يموت بهذا المرض فإن موت زيد بالمرض و إن كان مكروها عند المتكلم و لكنه مع ذلك استعمل كلمة لعل.

منها (مناقشة المحقق الايرواني): إنه قال بأن الترجي كما يمكن أن يكون من الجاهل فكذلك يمكن أن يكون من العالم فلا يستحيل الترجي في الله سبحانه و تعالى و إليك نص عبارته في التعليقة:

لا يبعد أن يقال: انّ مفهوم الترجي، و هو ترقب حصول ما هو مطلوب و محبوب، غير منوط معنى تحققه بالجهل بالحصول، بل يحصل من العالم كما يحصل من الجاهل، فانّ ترقّب حصول ما يعلم انّه سيتحقق رجاء له، كما انّ هذا المعنى بعينه في جانب المكروه خوف، فالعالم بتحقق العقاب، و انّه سيعاقب خائف، و على ذلك، فحقيقة الرجاء يتحقق من اللّه تبارك و تعالى بلا حاجة إلى التكلفات التي ارتكبوها

منها: حمل كلمة لعل على المحبوبية لكونها أقرب المجازات محل إشكال حيث إنه لم يدل دليل على أن حمل اللفظ على أقرب المجازات متعين عند التعذر عن الحمل على المعنى الحقيقي فلا يحمل اللفظ على أقرب المجازات بل هو يصير مجملا.

منها: إن القول بأن الحذر لم يكن مستحبا ليس في محله لأن الحذر و الاحتياط في موارد قيام الأمارات و الأصول على الجواز مستحب و فيه: إن الحذر ان كان بمعنى الخوف فلا معنى لإستحبابه إذ المستحب في موارد قيام الأمارات و الأصل هو الاحتياط و التجنب لا الخوف إذ لا معنى للخوف عند ما قامت الحجة علی الترخیص فی ارتکاب فعل او ترکه حیث انه لا یحتمل العقوبة بعد قیام الحجة علی الترخیص و لذا قلنا بأن الحذر في الآية إن كان بمعنى الخوف فلا معنى لاستحبابه اللهم الا أن يقال بأن الحذر لم يكن بمعنى الخوف بل كان بمعنى التجنب و سيأتي توضيح إجمال ما ذكرناه هنا في الأبحاث الآتية إن شاءالله.

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo