< فهرست دروس

درس خارج اصول استاد عبدالله احمدی‌شاهرودی

1401/08/16

بسم الله الرحمن الرحیم

 

موضوع: الأمارات/حجیة خبر الواحد/نظریة حساب الاحتمالات و ردها

 

ثم إن السيد الصدر قد ادعى بأن منطق الارسطو يدعى أن الأحكام اليقينية الضرورية الستة أحكام عقلية و لذا أشكل على منطق الارسطو و قال بأن القطع و اليقين في المتواترات و المجربات لايحصل بالبرهان مع أن منطق الارسطو يدعي بأن القطع و اليقين في القضايا الستة يحصل بالبرهان.

مناقشة الأستاذ (دام ظله) في كلام السيد الصدر:

إن منطق الارسطو لا يدعي بأن القطع و اليقين في جميع القضايا الستة اليقينية يحصل بالبرهان و يكفي للنقض على كلام السيد الصدر بمثل الوجدانيات التي تكون من أقسام القضايا الستة الیقینیة مثلا انا ندرک الألم و الجوع و العطش و اللذة بالوجدان و هذه الامور الوجدانیة لیست ثابتة بحکم العقل بل هی امور بدیهی یصدقها الوجدان فشرط القضایا الستة الیقینیة فی منطق الارسطو هو کونها مفیدة للقطع و الیقین سواء حصل القطع من طریق البرهان او من الطرق الاخری کالحس او الحدس.

ان قلت: قد ورد فی شرح المطالع بان القضایا الستة الیقینیة هی القضایا التی یحکم بها العقل فیعلم من هذا التعریف ان هذه القضایا فی منطق الارسطو کانت ثابتة بحکم العقل.

قلنا: المراد من ثبوت القضایا بحکم العقل هو ثبوت نتیجة هذه القضایا بحکم العقل و اما کبری قیاس هذه القضایا ثابتة وجدانا لا عقلا مثلا انا نشکل القیاس و قلنا بانا نحس الحرارة من النار و کلما نحسه وجدانا فهو ثابت و واقع فننتج بأن حرارة النار ثابتة فالنتیجة فی هذا القیاس ثابتة بحکم العقل لانه من قیاس الشکل الاول مع ان کبری هذا القیاس ثابتة بالوجدان لا بحکم العقل فاحکام سائر القضایا الستة الیقینیة احکام ثابتة بحکم العقل مثلا ان اجتماع النقضین ممتنع امر ثابت بحکم العقل و ان قیل: بان حکم العقل بامتناع اجتماع النقیضین امر موهوم تخیلی فقلنا بان الضابط لتشخیص الاحکام العقلیة من الموهومات هو الوجدان فنحن ندرک بالوجدان حقانیة قضیة امتناع اجتماع النقیضین و ثبوتها فالوجدان شاهد صدق علی ثبوت قضیة «اجتماع النقیضین ممتنع» و ان قیل بان الوجدان قد یخطئ فی ذلک فقلنا: بان الوجدان هو الطریق الوحید علی ثبوت هذه القضیة و صدقها و ان ناقش احد فی ذلک فقلنا بان هذه القضایا من القضایا التی لا یمکن ان نقیم البرهان علیها بل الطریق الوحید فی ثبوت هذه القضایا هو الوجدان مثلا لا یمکن الاستدلال فی العلوم العقلیة علی وجود الاشیاء خارجا لان اقوی الشاهد علی الوجود هو الوجدان و المناقشة فی الوجدان ینجر الی الاعتقاد بمسلک السوفسطائی و هم المنکرون للوجود فی عالم الخارج فکما ان الوجود قد دل علیه الوجدان فهکذا الاحکام العقلیة الیقینیة قد دل علیها الوجدان.

و ینبغی فی المقام بیان کلام السید الصدر فی کیفیة حصول الیقین من القضایا المتواترة او المجربة و هو یذکر کلامه فی ضمن مثال و نحن نشرح کلامه هنا فی ضمن المثال ثم نبدأ بالمناقشة فیه و هو انا اذا احتملنا خمسین بالمئة بان حبة الاسبرین تؤثر فی رفع الصداع فإن احتمال تأثير الاسبرين في واحد يلازم عقلا مع إحتمال تأثيره في الجميع فكما يحتمل ٥٠% تأثير الاسبرين في واحد من الأفراد فتأتي نفس هذه الدرجة في المجموع أيضا فلا يصح أن نقول بأن الاسبرين إذا أعطى لرجل واحد فنحن نحتمل بأنه يؤثر فيه ٥٠% مع أن هذه الدرجة من الاحتمال تضعف و تبلغ إلى ٤٠% فيما اذا أعطينا الاسبرين إلى رجلين حيث إن هذه الاحتمالات، احتمالات متلازمة عقلا و لا تضعف درجة الاحتمال بتعدد الأشخاص و من هنا قال السيد الصدر بأن درجة احتمال تأثير الاسبرين في الرجل الواحد اذا بلغ إلى خمسين بالمئة فهذه الدرجة تأتي بنفسها في عشرين رجل أيضا.

مناقشة الأستاذ (دام ظله) في كلام السيد الصدر:

إن درجة احتمال مؤثرية الاسبرين في واحد لا يلازم عقلا مع درجة احتمال تأثيره في المجموع إذ نحن نحتمل بأن الرجل الذي أحتمل ٥٠% تأثير الاسبرين فيه كان مزاجه حارا و لكن الشخص الآخر لما كان طبعه باردا فلا تبلغ درجة احتمال تأثير الاسبرين فيه إلى ٥٠% كما يحتمل أن الرجل الذي احتمل ٥٠% تأثير الاسبرين فيه كان ذكورا و لذكوريته تبلغ درجة الاحتمال إلى هذا المبلغ و أما اذا أعطينا الاسبرين إلى الأناث فلا تبلغ درجة احتمال تاثير الاسبرين فيهن إلى هذا المبلغ كما أننا نحتمل بأن بلوغ درجة احتمال تأثير الاسبرين إلى ٥٠% معلول للون الوجه مثلا إنه لما كان ابيض الوجه فيحتمل ٥٠% تأثير الاسبرين فيه و أما اذا كان الشخص مسودا وجهه فلا تبلغ درجة الاحتمال إلى هذا المبلغ كما أننا نحتمل بأن بلوغ درجة احتمال تأثير الاسبرين في الرجل إلى ٥٠% كان معلولا للشرائط الجوية التي عاش فيها و لكننا إذا أعطينا الاسبرين إلى شخص آخر فلا تبلغ درجة احتمال تأثيره إلى هذا المبلغ و ببيان آخر: إن تأثير الاسبرين في الأفراد مشروط لحصول الشرائط و المعدات و من المعلوم أن الأفراد لا تساوي معا بالنسبة إلى هذه الشرائط و المعدات فيمكن أن يؤثر الاسبرين على تقدير بياض الوجه كما أنه يمكن تأثير الاسبرين على تقدير برودة المزاج فالاشخاص لا تساوي معا بالنسبة إلى هذه المعدات التي تؤثر الاسبرين في ظرف وجودها و من هنا ظهر النقاش في مقالة السيد الصدر لانه قال بأن احتمال تأثير الاسبرين في واحد ملازمة عقلا مع إحتمال تأثيره في المجموع و لكن قد ظهر مما بيناه المناقشة في مقالته لأن تساوي درجة احتمال الحبة في الجميع متوقف على وجود الشرائط المساوية التي يؤثر الاسبرين في ظرف وجودها مع أن هذه الشرائط تختلف بإختلاف الأفراد فلا يصح أن يقال بأن درجة الاحتمال في واحد يساوي مع درجته في الجميع لأن خصوصية الأفراد و خصائصهم الشخصية مختلفة معا.

و بعد أن عرفت عدم تمامية كلام السيد الصدر في المقام تصل النوبة إلى تحليله الفني في بيان الوجه لحصول اليقين من الأخبار المتواترة و هو الطريق الذي سمى بطريق حساب الاحتمالات فقال السيد الصدر: بأننا نحتمل قبل التجربة و الإستقراء بأن الاسبرين يؤثر خمسين بالمئة للشفاء من الصداع و نحن لتحصيل القطع و اليقين بتأثير الاسبرين في إرتفاع الصداع نعطيه إلى شخص و نلاحظ بأن الصداع قد ارتفع عنه بعد تناول الاسبرين و هكذا نعطيه إلى شخص آخر و نلاحظ أيضا بارتفاع الصداع عنه بمجرد تناول الاسبرين فلأجل اقتران حادثة ارتفاع الصداع مع تناول الاسبرين نحن نحتمل بأن الاسبرين هي العلة للشفاء من الصداع و لكننا نحتمل أيضا بأن علة ارتفاع الصداع هي أمر آخر مثلا إن الرجلين اللذين قد تناولا من الإسبرين لما شربا اللبن أو ناما نوما مريحا فقد شوفيا من الصداع فيوجد عندنا أربع إحتمالات:

الاول: ان الرجلين قد تناولا الاسبرين و شربا اللبن أيضا.

الثاني: إن الرجلين قد تناولا الاسبرين فقط و لم يشربا من اللبن أصلا.

الثالث: إن الرجل الأول قد تناول الاسبرين و لكن الرجل الثاني قد شرب اللبن مع تناول الاسبرين.

الرابع: عكس الثالث

إن كانا نأخذ بالإحتمال الثاني و هو أن الرجلين قد تناولا الاسبرين فقط و لم يشربا من اللبن أصلا فتبلغ حينئذ درجة احتمال علية الاسبرين إلى ٢٥% و إن كنا نأخذ بالثالث و الرابع فتتقوي درجة الاحتمال إلى ٧٥% لأننا نفترض في الثالث و الرابع بأن الرجلين قد تناولا من الاسبرين و لم يشرب أحدهما من اللبن أصلا فيعلم من ذلك أن المؤثر للشفاء من الصداع ليس شرب اللبن لأننا نرى بأن الرجل الذي لم يشرب من اللبن فقد شوفي من الصداع بمجرد تناول الاسبرين فالمؤثر لارتفاع الصداع هو تناول الاسبرين بناء على الاحتمال الثالث و الرابع فاذاً تتقوى درجة الاحتمال و تبلغ إلى ٧٥% فنحن اذا لاحظنا هذه الدرجة من الاحتمال مع ٥٠% فتبلغ درجة مؤثرية الاسبرين إلى ٥/٣٧% لأننا قبل التجربة و الاستقراء نحتمل تأثير الاسبرين في ارتفاع الصداع خمسين بالمئة فإذا لاحظنا درجة احتمال تأثير الاسبرين بعد الاستقراء أى ٧٥% مع درجة احتمال تأثير الاسبرين قبل الإستقراء أي ٥٠% فتبلغ الدرجة إلى ٥/٣٧%

و أما بناء على الاحتمال الأول و هو أن الرجلين قد شربا من اللبن و تناولا الاسبرين فكانت درجة احتمال تأثير الاسبرين بناء على هذه الصورة 5/12% كما أن درجة إحتمال تأثير شرب اللبن تبلغ إلى 5/12% و 5/12% من 100% = 25/6% و حاصل الجمع بين ٥٠% و ٥/٣٧% و٢٥/٦% يساوي مع ٧٥/٩٣% فكان احتمال تأثير الاسبرين في رفع الصداع و لذا كان إحتمال تأثير شرب اللبن في ارتفاع الصداع احتمالا ضئيلا موهونا و هذا الاحتمال يندفع بعد إعطاء الإسبرين إلى سائر الأفراد و هذا هو الطريق الذي قد سميناه بحساب الاحتمالات.

مناقشة الأستاذ (دام ظله) في كلام السيد الصدر:

الاستقراء و التتبع الدافع لإحتمال وجود العوامل المؤثر في رفع الصداع يتحقق فيما إذا تفحصنا و درسنا جميع العوامل التي تحتمل دخلها عقلا فی إرتفاع الصداع مع أن هذا مما لا يمكن لنا عادة مثلا إذا أعطينا الاسبرين إلى عشرين نفر و هم يشفون من الصداع بعد تناوله فنحن نحتمل عقلا تأثير العوامل الأخرى الدخيلة في ارتفاع الصداع غير تناول الاسبرين مثلا نحن نحتمل بأن الشخص الاول قد تناول من الرمان و قد شوفي لأجل أكل الرمان كما أننا نحتمل بأن الشخص الثاني قد نام نوما مريحا و قد شوفي لأجل النوم كما نحتمل بأن الثالث قد أكل التفاح و قد شوفي لأجل أكل التفاح و إن قلت: بأننا درسنا جميع هذه الاحتمالات فنعلم بعد ذلك بأن جميع العوامل المحتملة دخلها في إرتفاع الصداع منتف فحينئذ يتعين تأثير الاسبرين فيه فقلنا: بأن عدة من العوامل الممكنة دخلها في إرتفاع الصداع لا يمكن الفحص و التتبع عنه مثلا يمكن أن الشخص قد شوفي من الصداع لأن أنيسه في عالم الذر قد شوفي منه و قد ورد في الروايات بأن الأرواحُ جُنودٌ مُجَنَّدَةٌ فما تَعارَفَ مِنها ائتَلَفَ و ما تَناكَرَ مِنها اختَلَفَ فنحن قد نحس في حياتنا بأننا نعرف شخصا مع أننا لم نعش معه في الحياة الدنيا اصلا و هذه أمارة على أنا قد آنسنا معه في عالم الذر و نحن لا نتمكن من فحص مثل هذه العوامل المحتملة دخلها في إرتفاع الصداع لأننا لا نعرف بأن أنيس الشخص في عالم الذر من هو؟ حتى نرجع إليه و نسئل عنه بأنك هل كنت مبتليا بالصداع و قد استشفيتَ منه او لا؟ و قد ثبت في الطب النفسي أمر يشبه بذلك و هو أن أحد التوأمين إذا ابتلى بشيئ و حزن منه فقد يؤثر ذلك في نفس أخيه مع أنه لم يعلم بمشكلة أخيه التوأم أصلا فكما أن الأخ التوأم يتأثر من مشكلة أخيه و لو يطلع عليه فكذلك كان من الممكن أن نتأثر من وجود مرض الصداع في أخينا في عالم الذر بحيث إن ارتفع عنه الصداع فقد ارتفع الصداع عنا أيضا.

نعم إن حصول القطع و اليقين من الخبر المتواتر أمر وجداني لا ينكره أحد و لكن تحليل هذا الأمر الوجداني بالرياضيات و بالبراهين و الأدلة العقلية كبرهان حساب الاحتمالات غير ممكن لنا لأننا لا نتمكن من الفحص و التتبع في جميع العوامل المحتملة دخلها في الشيئ و قد ظهر مما ذكرناه عدم تمامية ما أفاده السيد الصدر في المقام.

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo