< فهرست دروس

درس خارج اصول استاد عبدالله احمدی‌شاهرودی

1401/07/30

بسم الله الرحمن الرحیم

 

موضوع: الأمارات/حجیة الاجماع /الاجماع الحدسی و النقاش فی حجیته

 

نكتة حول الإجماع الدخولي:

قد قلنا سابقا بأن العلم بوجود الإمام (عليه السلام) داخل المجمِعين أمر محال عادة في زمن الغيبة و إن قال شخص في زمان الحضور بأني سئلت عن آراء كل العلماء و علمت بأنهم متفقون على هذا الأمر فإما أن يكون الناقل للاجماع عارفا بالامام (عليه السلام) و إما أن لا يكون الناقل للإجماع عارفا به فعلى الأول فإنه إن اخذ الحكم عن الامام (عليه السلام) فلماذا لم ينقل الحكم عنه بل ادعى الإجماع عليه مع أن الحجة هو قول الإمام و أما اتفاق الباقين فلا قيمة له عندنا مضافا الى أن المعهود و المتعارف بين الرواة هو نقل الرواية عن الامام (عليه السلام) باسمه الشريف فكيف لم يذكر ناقل الإجماع اسم الإمام مع أنه كان عارفا بالامام؟! و أما اذا لم يكن الناقل للاجماع عارفا بالامام فنحن نحتمل بأنه لم يأخذ الحكم عنه عليه السلام بل يحتمل أنه أخذ الحكم عن كل العلماء الا الإمام عليه السلام لأننا نحتمل بأن الإمام عليه السلام لم يكن في المدينة اصلا في اليوم الذي سئل الناقل فيه عن آراء العلماء مع أننا إن سلمنا و قلنا بوجود الإمام عليه السلام بين المجمعين و لكننا لا نقطع بالحكم الواقعي من قولهم باعتبار دخول الامام عليه السلام فيهم لأن بيان الأحكام الواقعية لا يجب على الإمام (عليه السلام) و لذا یمکن ان يقول الامام بالحكم الظاهری في جواب السائل اذ لم يدل دليل عقلي و لا نقلي على وجوب بيان الاحكام الواقعية على الامام عليه السلام بل يمكن أن يسكت الامام عن بيان الحكم الواقعي لأجل مصلحة من المصالح كالتقية و غيرها و من هنا قلنا بأن دخول الامام عليه السلام في المجمِعين لا يكشف عن الحكم الواقعي و قد نشير الى هذه النقطة سابقا على وجه التفصيل.

الإجماع الحدسي:

ربما يقال بحجية الإجماع الحدسي و كونه مفيدا للقطع بالحكم الواقعي الشرعي بتقريب أن الخبر المتواتر يفيد القطع و اليقين لبرهان حساب الاحتمالات مثلا إذا أخبرنا الف رجل بموت زيد فقد يحصل لنا الظن بإخبار شخص واحد و يتقوى و يتأكد ذلك الظن بإخبار شخص ثان و هكذا يتأكد الظن بإخبار شخص ثالث الی أن يحصل لنا العلم أو الاطمئنان باخبار سائر الاشخاص فكلما ازداد عدد المخبرين ضعف احتمال خطأ الخبر و صار الخبر كاشفا قطعيا عن الواقع فكما أن الخبر المتواتر يفيد القطع أو الاطمئنان بالواقع فكذلك إجماع الفقهاء على أمر يفيد القطع أو الإطمئنان بالواقع حيث إن الفقيه الواحد اذا أفتى بشيئ يحصل الظن بالواقع من فتواه و لو بأدنى مراتبه و إذا أفتى فقيه ثان بشيئ يتأكد الظن بالحكم و هكذا اذا أفتى فقيه ثالث بشيئ يتأكد الظن إلى أن يحصل لنا القطع و اليقين من اتفاق فتوى جميع العلماء على أمر فاذاً نحن نقطع بالحكم من طريق الإجماع الحدسي.

مناقشة الأستاذ (دام ظله) في حجية الاجماع الحدسي:

ان حصول القطع و اليقين بالخبر المتواتر كان أمرا بديهيا موافقا مع الوجدان و الارتكاز و للسيد الصدر هنا كلام مخدوش لا يخفي إشكاله على المتأمل البصير و اما قياس الخبر المتواتر بالاجماع الحدسي قياس مع الفارق لأن مفردات التواتر شهادات حسية مع أن مفردات الإجماع الحدسي شهادات حدسية و من الواضح كثرة الخطأ في الحدس و قلة الخطأ في الحس لأن إحتمال مخالفة الواقع في الأخبار الحسية ينشأ من احتمال الخطأ و الاشتباه في تلقي الواقعة الحسية أو احتمال تعمد المخبر على الكذب و كلا الاحتمالين يضعف بعد كثرة المخبرين إلى أن يحصل القطع بالمخبر به و أما الاخبارات الحدسية فيحتمل فيه الخطأ كثيرا حيث إن مدرك الاجتهاد و الحدس و مقدماته كلما كان تعقيده و صعوبته أكثر كان تطرق احتمال الخطأ فيه أزيد و لا یمکن نفي الخطأ فيه بواسطة كثرة المخبرين إذ يحتمل خطأ الجميع في مقدمات حدسهم و اجتهادهم مثلا إذا علمنا بنجاسة أحد الانائين فقد يقال بأن الملاقي مع الاناء الشرقي محكوم بالنجاسة و الحكم بنجاسته ينشأ من عدة من الأمور النظرية المعقدة الصعبة مثل أن نقول بأن العلم الإجمالي علة تامة لتنجز التكليف و هذه المقدمة مقدمة نظرية و يحتاج اثباتها إلى البحوث الاجتهادية و إن لم نقل بأن العلم الإجمالي علة تامة للتنجز فيمكن أن يقال بنجاسة الملاقي من الطريق الآخر و هو أن أصالة الطهارة الجارية في الاناء الغربي تتعارض بقائا مع أصالة الطهارة الجارية في الاناء الشرقي كما انها تتعارض مع أصالة الطهارة في ملاقيه و مع التعارض تتساقط الأصول و يحكم بنجاسة الملاقي.

لا يقال:

إن أصالة الطهارة في الاناء الشرقي تتعارض مع أصالة الطهارة في الاناء الغربي و بعد التعارض يتساقط الأصل في كلا الطرفين فلا يبقى أصل حتى يقال بتعارضه مع الملاقي.

 

لأنه يقال:

إن هذا الكلام فاسد و قد يظهر فساده من خلال نقض نذكره هنا و هو إذا جاء إلينا خبران متعارضان يوم السبت أحدهما يدل على وجوب صلاة الجمعة و الآخر يدل على حرمتها مع أن خبرا آخر يدل على وجوب الجمعة أيضا و لكنه وصل بأيدينا يوم الخميس فهل يقال بأن الخبر الدال على الحرمة يتعارض مع الخبر الدال على الوجوب يوم السبت و كلاهما يتساقطان عند التعارض فلا يبقى هنا خبر يعارض مع الخبر الواصل بأيدينا يوم الخميس فكان الخبر الواصل بأيدينا يوم الخميس سليما عن المعارض؟! كلا بل المعارضة باقية و لذا ان الخبر الدال على الحرمة يعارض بقائا مع الخبرين أحدهما الخبر الدال على الوجوب الواصل بأيدينا يوم السبت و الآخر هو الخبر الدال على الوجوب الواصل بأيدينا يوم الخميس فالمعارضة باقية و على ضوء ما ذكرناه تعرف بأنه لا وجه لأن يقال: إن العلم الإجمالي قبل وجود الملاقي قد يؤثر في طرفيه فينجزهما و أما العلم الإجمالي الحادث بعد وجود الملاقي لا يؤثر في طرفي العلم الإجمالي السابق لأن العلم الإجمالي السابق يؤثر في طرفيه فينجزهما و من المعلوم أن المنجز لا ينجز ثانيا مع أن هذا الكلام باطل لأن العلم الإجمالي حدوثا و بقائا يوجب التنجز في أطرافه فالاناء الشرقي و الغربي و إن كانا منجزين بالعلم الإجمالي السابق الا أن العلم الإجمالي الحادث بعد وجود الملاقي يؤثر في الملاقی و الطرف الآخر أي الاناء الغربي فتتعارض الأصول في أطرافها و تتساقط و يحكم بنجاسة الجميع.

و إن لم نسلك هذا الطريق أيضا لإثبات نجاسة الملاقي فيمكن أن نقول بنجاسة الملاقي من الطريق الآخر و هو أن أصالة الطهارة الجارية في ناحية الملاقي مع الاناء الشرقي تتعارض مع أصالة الطهارة الجارية في الملاقي مع الاناء الغربي، لا يقال: إن الملاقي مع الاناء الغربي لا يتحقق بالفعل حتى يقال بأن الأصل جار فيه و كان الأصل الجاري فيه يعارض مع الأصل الجاري في الملاقي مع الاناء الشرقي، لأنه يقال: إن التمكن من إيجاد الملاقي مع الاناء الغربي كاف في جريان الأصل فيه فمع جريان الأصل فيه يقع التعارض بينه و بين الأصل الجاري في الملاقي مع الاناء الشرقي.

و أنت ترى بأن الحكم بنجاسة الملاقي حكما واحدا مع أن إثباته يمكن من الطرق المتعددة النظرية فالاجتهاد و الحدس في الأمور النظرية يوجب كثرة الخطأ و الاشتباه فيها و هذا بخلاف الأمور الحسية لأن منشأ الأمر الحسي واحد لايتعدد و لا يتطرق فيه الخطأ الا نادرا و لذا قلنا بأن السيرة على التقليد في زمان الأئمة المعصومين (عليهم السلام) لا تدل على جواز التقليد المصطلح في زماننا هذا حيث إن الفتوى و الاجتهاد في زمان المعصومين (عليهم السلام) أمر سهل بسيط و ليس مبتنيا على المقدمات النظرية الاجتهادية الصعبة كما في زماننا هذا و لذا يقل فيه الخطا و هذا بخلاف الاجتهاد في زماننا لأن الاجتهاد في هذا الزمان مبتن على المقدمات الاجتهادية البعيدة عن الاذهان و لذا يكثر فيه الخطا لكثرة مقدماته الحدسية فالحدس يتطرق فيه الخطأ و من هنا قلنا بأن العلم و القطع بالحكم الشرعي لا يحصل بالإجماع الحدسي حيث إن المدرك و الدليل للمجمعين كلهم كان أمرا حدسيا و قد يكثر فيه الخطأ و لا يندفع احتمال الخطأ في مدركهم الحدسي بواسطة كثرتهم و لا يحصل لنا اليقين بالحكم الشرعي من فتاويهم و هذا بخلاف الخبر المتواتر لأن الخبر المتواتر يتشكل من الشهادات الحسية و من الواضح أن إحتمال مخالفة الواقع في الشهادة الحسية ينشأ من احتمال الخطأ في تلقي الواقعة الحسية و احتمال تعمد المخبر على الكذب و كلا الاحتمالين يضعف بعد كثرة المخبرين إلى أن يحصل لنا العلم و اليقين فالفارق بين الإجماع الحدسي و الخبر المتواتر واضح و لا يصح القياس بينهما.

ثم إنه قد يذكر هنا وجه آخر لحجية الإجماع الحدسي و هو أن العلماء كلهم إذا أجمعوا على حكم شرعي مع أن مدركه ليس بأيدينا فقد يحتمل بأنهم افتوا به مع الاستناد إلى دليل و مدرك من الأخبار مع أن ذلك الدليل و المدرك لم يصل إلينا و قد يحتمل بأنهم افتوا به من عند أنفسهم و بدون مدرك و دليل من الأخبار يعني إنهم يفترون على الله و كانوا يفتون بحكم ليس في الكتاب و السنة دليل عليه و كلا الأمرين منفيان قطعا أما الأول فساقط إذ لو كانت توجد عندهم رواية فكيف لم يذكروها في كتبهم الفقهية الاستدلالية أو الروائية إذ من البعيد جدا أنهم استندوا إلى رواية تامة سندا و دلالة و أجمعوا على مضمونها و لكنهم لم يروونها في كتبهم الفقهية أو الروائية مع أن دأبهم هو التعرض إلى روايات ضعيفة سندا و دلالة في كتبهم الروائية أو في كتبهم الفقهية الاستدلالية خصوصا بعد ملاحظة دأب القدماء في الفتوى حيث إنهم يذكرون الرواية و يجعلونها متونا لفتواهم فكيف یمکن أن نفترض بأنهم غفلوا عن الرواية التي كانت مدركا لفتواهم و لم يذكر احد منهم متن الرواية في كتبهم بعنوان الفتوى فاحتمال وجود المدرك و الدليل الروائي عندهم مع أنه لم يذكر في كتبهم بعيد جدا و أما الاحتمال الثاني فساقط رأسا لأن فقهائنا كانوا يشتهرون بالتقوى و التورع في الدين فلذا لا يفتون بحكم بدون الدليل و بعد انتفاء الاحتمالين هنا يمكن افتراض احتمال ثالث و هو الصحيح و المتعين في المقام و به نقول بحجية الإجماع و هو أن إجماع الفقهاء المعاصرين لعصر الغيبة الصغرى أو بعيدها إلى فترة كالشيخ المفيد و الشيخ الطوسي و الشيخ الصدوق (قدس الله اسرارهم) على حكم مع عدم وجود الدليل عليه في مجامعنا الروائية كاشف عن أمر و هو أنهم قد تلقوا الحكم المذكور بنحو الارتكاز العام الذي لمسوه عند الجيل الأسبق منهم و هم جيل أصحاب الأئمة (عليهم السلام) الذين هم حلقة الوصل بينهم و بين الأئمة (عليهم السلام) و منهم إنتقل كل هذا العلم و الفقه إليهم و هذا الارتكاز ليس رواية محدودة لكى تنقل بل هو مستفاد من مجموع دلالات السنة من فعل المعصوم أو تقريره أو قوله و لهذا لم تضبط في أصل معين.

لا يقال:

إن قلنا بأن الحكم المجمع عليه بين علماء عهد الغيبة الصغرى كان أمرا مرتكزا في اذهان المتشرعة فلماذا لم یستقر ارتكاز المتشرعة على ذلك الأمر في زماننا هذا؟!

لأنه يقال:

إن السير و الارتكازات المتشرعية قد تتغير و تتبدل في طول العصور و الأزمان مثلا إن السيرة المتشرعية قد استقرت من سالف الزمان على إختلاق المطبخ بأسلوب لا يرى فيهن النساء بل كنَّ مستورات فيه مع أن هذه السيرة في زماننا هذا قد تتغير لأن المطبخ قد يختلق و يصنع في زماننا بأسلوب لم تتستر فيه النساء و قد يقال له في الفارسية ب (آشپزخانه اُپِن)

مناقشة الأستاذ (دام ظله):

اولا: إنا لا نعلم بأن مدرك المجمعين في عهد الغيبة الصغرى كان هو الارتكاز و السيرة المتشرعية بل يمكن أن يكون مدركهم هى السيرة العقلائية و نحن لم نقل بحجية سيرة العقلاء و لذا لا يمكن أن نعتمد على فتوى القدماء إذ يمكن استنادها إلى السيرة العقلائية مع أن السيرة العقلائية لم تكن حجة عندنا فاذاً لا اعتبار بفتوى القدماء.

لا يقال: لماذا لم تبق السيرة العقلائية في زماننا مع أنها ثابتة في عهد فقهاء عهد الغيبة الصغري؟ لأنه يقال: فكما أن السيرة المتشرعية قد تتغير في طول العصور و الأزمان فهكذا تتغير السيرة العقلائية في طول العصور و الأزمان.

ثانيا: إن تسالم الشيعة و اجماعهم على أمر و السيرة المستقرة بينهم لا يتغير عادة في طول الزمان الا أن تتغير و تتبدل فتاوى الفقهاء و الا يستحيل عادة تغيير سيرة الشيعة و لذا لم ينقل في التاريخ مورد بأن سيرة من سير الشيعة تتغير في طول الزمان و بُعد هذا الأمر یتقوی في السير المستقرة بين الشيعة في اواخر عهد الغيبة الصغرى و اوائل عهد الغيبة الكبرى فان تغيير هذه السِیَر بعيد جدا لأن عدم الاهتمام بالدین و الاهمال فيه في ذلك الزمان لما كان رائجا بين الناس و لذا إنا لا نحتمل عادة بأن تسالم الشيعة و اتفاقهم قد إستقر على أمر في زمن فقهائنا الأقدمين مع أنه يتغير في طول الزمان لأجل عدم اهتمام الناس بالدين.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo