< فهرست دروس

درس خارج اصول استاد عبدالله احمدی‌شاهرودی

1401/07/27

بسم الله الرحمن الرحیم

 

موضوع: الأمارات/حجیة الاجماع/الاجماع اللطفی و الاجماع التشرفی و النقاش فیهما

 

نكتة حول عنوان الإجماع:

إن الظاهر من لفظ الإجماع هو اتفاق الكل على أمر واحد مع أن الإجماع في مذهبنا إنما يعتبر به لكونه كاشفا عن رأى الإمام (عليه السلام) فالمناط لحجية الإجماع عندنا هو كشفه عن رأي الإمام (عليه السلام) و لذا قيل بأنه لو اتفق جمع من العلماء على أمر بحيث نقطع بوجود الإمام (عليه السلام) بينهم من باب الإجماع الدخولي فكان هذا الاتفاق حجة لكونه كاشفا عن رأي الإمام (عليه السلام) و لا يضر بحجية هذا الاتفاق مخالفة مثل ابن إدريس إذ نقطع بأن الإمام کان داخلا فی المجمعین و کان المخالف معلوم النسب و نقطع بأنه ليس بإمام و لذا لا يضر مخالفة معلوم النسب بحجية هذا الإجماع و أما هل يطلق على هذا الإتفاق عنوان الإجماع أو لا يطلق عليه؟ فليس البحث عنه بمهم في المقام حيث إنه بحث عديم الثمرة و الفائدة.

تحقيق حول الإجماع اللطفي:

و قد مر سابقا بأن الشيخ الطوسي (أعلى الله مقامه) قال بالإجماع اللطفي و قال في العدة ما هذا نصه:

إنّ القول إذا ظهر بين الطّائفة، و لم يعرف له مخالف، احتاج أن ينظر فيه:

فإن جوّزنا أن يكون قول من نجوّزه معصوما بخلافه، لا ينبغي أن نقطع على صحّته.

و إن لم نجوّز أن يكون قول المعصوم بخلافه، قطعنا على صحّة ذلك القول.

فإن قيل: و أي طريق لنا إلى أن نعلم أنّ قول المعصوم يوافقه أو يخالفه؟

قلنا: قد نعلم ذلك بأن يكون هناك دليل يوجب العلم يدلّ على صحّة ذلك، فيعلم به أنّ القول موافق لقول المعصوم لمطابقته للدّليل الموجب للعلم، و إذا كان هناك دليل يدلّ على خلاف ذلك القول علمنا أنّ المعصوم قوله يخالفه، و إذا خالفه وجب القطع على بطلان ذلك القول.

[فإن عدمنا الطّريقين معا، و لم نجد ما يدلّ على صحّة ذلك القول‌] و لا على فساده، وجب القطع على صحّة ذلك القول، و أنّه موافق لقول المعصوم، لأنّه لو كان قول المعصوم مخالفا له، لوجب أن يظهره و إلاّ كان يقبح التّكليف الّذي ذلك القول لطف فيه[1] .

توضيح كلام الشيخ الطوسي (قدس سره):

إذا أجمعت الطائفة على قول مع أنه كان مخالفا مع قول المعصوم (عليه السلام) و لم يكن في الكتاب و السنة دليل يدل على المخالفة فاذاً كان عليه إظهار المخالفة و ابداء الخلاف بين الطائفة و الا للزم قبح التكليف بداهة أن التكليف جعل بداعي الوصول إلى العباد مع أن العباد لو اتفقوا على أمر باطل و لم يكن الحق ظاهرا في الكتاب و السنة أيضا فوجب على الله سبحانه و تعالى بمقتضى حكمته البالغة إظهار الخلاف بين الطائفة و الا لماذا جعل التكليف مع أنه لم يصل إلى العباد و خفى على كلهم؟! فالغاية لجعل التكاليف و الأحكام إنما هو لأجل وصولها إلى العباد و مع خفاء التكليف على كلهم وجب عليه سبحانه و تعالى و لو بالإعجاز ابداء الخلاف بينهم حتى لا يخفى الحقيقة و الا صار جعل التكليف قبيحا عليه لكونه مخالفا مع اللطف الواجب عليه عقلا و من هنا يظهر: أن العلماء كلهم لو اتفقوا على عدم حرمة شيئ و كراهته بل قال جمع منهم باستحبابه و قال جمع آخر منهم بوجوبه فاذاً يكشف من اتفاقهم على ذلك عدم كونه حراما و مكروها واقعا لأنه إن كان حراما أو مكروها لوجب على الله سبحانه و تعالى إيصال ذلک إلى العباد فيعلم من اتفاق الأمة و عدم ابداء الخلاف بينهم أن الشيئ لم يكن حراما أو مكروها.

نعم يكفي وصول التكليف الواقعي إلى ثلاثة من العلماء أو واحد منهم لو اتفق الكل على خلاف الحكم الواقعي فخلاصة الكلام هو أنه وجب أن يظهر الحق و الحكم الواقعي في كل عصر و لو على عدة قليلة من العلماء.

مناقشات الأستاذ (دام ظله) في مقالة الشيخ الطوسي:

أولا: إن وجوب اللطف عليه تعالى بمعنى وجوب بيان الأحكام الواقعية عليه معلوم العدم اذ لا يدل دليل و لا يشهد شاهد على وجوب بيان الأحكام الواقعية على الله تعالى من باب وجوب اللطف بل الدليل على خلاف ذلك حيث إننا نرى بأن بيان الأحكام تدريجيٌّ و لذا قد ألقى الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) عاما متكفلا لبيان الحكم الظاهري مع أن مخصصه يأتي في لسان مولانا الإمام الرضا (عليه السلام) فالعام إذا ألقى من أمير المؤمنين (عليه السلام) ليس متكفلا لبيان الحكم الواقعي بل هو متكفل لبيان الحكم الظاهري مع أنه لا يمكن أن يلتزم أحد من المحققين و الأعلام حتى الشيخ الطوسي (رحمه الله) بقبح بيان الحكم الظاهري على المعصومين (عليهم السلام) بدعوى أن بيان الحكم الظاهري يوجب القاء الناس في الخلاف فلذا كان بيانه قبيحا عليهم بداهة أن المصلحة و الحكمة من التقية أو عدم تهيؤ الناس لتلقي الأحكام الواقعية و غيرهما من المصالح تقتضى إلقاء العالم المتكفل لبيان الحكم الظاهري من الإمام (صلوات الله عليه) مع أنه لا يبين الحكم الواقعي إذ بيانه مخالف للحكم و المصالح في زمانهم

فبيان جميع الأحكام الواقعية لا يجب على الله سبحانه و تعالى بل إنه بمقتضى حكمته البالغة قد أخفى حكمه الواقعي على الناس و هذا ليس بقبيح عليه تعالى لأن المصلحة و الحكمة تقتضي ذلك.

ثانيا: إن الشيخ الطوسي قد قال بلزوم بيان التكليف الواقعي و لو على عدة قليلة من العلماء كى يكون التكليف واصلا و لو إلى عدة قليلة يعني إذا أحرز بأن التكليف الواقعي لم يصل إلى أحد من العباد بل الكل يتفقون على خلافه فيكشف حينئذ من اتفاقهم حكم الله الواقعي مع أن تحصيل الإجماع على الخلاف و احراز عدم وصول الحكم الواقعي و لو إلى عدة قليلة من العلماء غير ممكن لنا عادة لوجهين:

الاول: إن الأخبار تدل على أن عدة من الأخيار كان مع الإمام الحجة (أرواحنا فداه) في عصر الغيبة مع أنه يمكن أن علَّمهم الإمام حكم الله الواقعي فالغرض من جعل الحكم الواقعي هو وصوله إلى العباد و هذا الغرض يحصل فيما اذا وصل الحكم إلى عدة قليلة من العباد باعتراف الشيخ الطوسي (رحمه الله) و نحن نحتمل بأن أصحاب الإمام الحجة (أرواحنا فداه) كانوا يطلعون على الحكم الواقعي مع أنه قد خفي على كل العلماء فاذاً لا يمكن كشف قول الإمام من طريق إجماع الأصحاب إذ يمكن أن الإمام إطلع أصحابه على الحكم الواقعي مع أنه أمرهم بعدم بيانه على أحد فلا يلزم من اتفاق العلماء على امر محذور عدم وصول الحكم الواقعي الى كل العباد لاننا نحتمل وصول الحكم الى عدة من اصحاب مولانا الامام الحجة (ارواحنا فداه) و ببيان آخر: إن الشيخ الطوسي قال بقبح التكليف في فرض عدم وصوله لأحد و من هنا قال بأن العلماء إن اتفقوا على أمر مع أن الواقع كان على خلافه فيلزم حينئذ خفاء الواقع على كل العباد و عدم وصوله إليهم مع أن جعل التكليف في فرض عدم الوصول قبيح على الله تعالى فالقول بعدم كشف اجماع العلماء عن الحكم الواقعي يلازم مع القول بعدم وصول التكليف إلى كل العباد و إذا لم يصل التكليف إليهم فصار جعله قبيحا عليه تعالى مع أن هذا المحذور لا يلزم إذا كنا نحتمل بأن الحكم الواقعي قد وصل إلى جملة من أصحاب مولانا الإمام الحجة (أرواحنا فداه) فترتب هذا المحذور غير معلوم لنا.

الثاني: إن تحصيل الإجماع على الخلاف كيف يمكن مع أن جمعا من العلماء ليس لهم كتاب حتى يكشف رأيهم و نظرهم من خلال كتبهم مع أن جمعا من العلماء ليسوا من الأعيان و المعاريف في عصرهم و لذا لا يعتنى بأقوالهم و آرائهم و لا يُسئل عن رأيهم و قولهم حتى يرى بأنهم مخالفون مع الحكم المتفق عليه أو موافقون معه؟ مضافا إلى أنه لا یتمکن دائما من النيل و الوصول الی جميع العلماء في کل العصور و الأزمان لإنتشارهم في أقطار الارض و لذا لا يمكن تحصيل آراء كل العلماء في المسئلة و من هنا قلنا بأن دعوى اتفاق الكل على الخلاف بحيث صار الحكم الواقعي مهجورا و مخفيا على كل العباد دعوى غير قابلة للإثبات فلا مجال للقول بكاشفية الاتفاق عن الحكم الواقعي إذ تحصيل اتفاق الكل غير ممكن عادة مع أن دعوى خفاء الحكم الواقعي على جميع العباد دعوى جزافية بعد وضوح ما بيناه هنا.

 

مناقشة المحقق القوچانی في کلام الشیخ الطوسی:

إن المحقق القوچانی قد ناقش فی تعلیقته علی الکفایة في مقالة الشيخ الطوسي (أعلى الله مقامه) و قال:

و لكن هذه الطريقة غير مسلّمة صغرى، لعدم العلم باتفاق كلّ أهل عصر واحد مع الانتشار في أقطار الأرض، و كبرى لعدم كون تحقق رأيه بين الناس أقوى لطفا من ظهوره بنفسه ، فما هو السبب لعدم وجوب ذلك عليه هو السبب لعدم وجوب ذاك بعد معلومية عدم وجوب إظهار رأيه على النحو غير المتعارف ومع اقتضاء المصلحة لاختفاء بعض الأحكام من بين الأمّة إلى ظهور الحجة كما هو المأثور[2]

أقول: ان كلام المحقق القوچانی في الرد علی الشيخ الطوسی (رحمه الله) تام حيث إن حضور الإمام (عليه السلام) بين الناس كان من أعظم الالطاف منه سبحانه و تعالى عليهم فكما أن المصلحة تقتضي غيبة الإمام مع أن درك محضره الشريف كان من أعظم الألطاف عليهم فكذلك تقتضي المصلحة عدم بيان الأحكام الواقعية مع كونه لطفا على العباد.

مناقشة السيد الصدر في كلام الشيخ الطوسي:

ان السيد الصدر قال في تقريب كلام الشيخ الطوسي (اعلى الله مقامه) بأن اللطف اللازم عليه سبحانه أن لا يسمح بضياع المصالح الحقيقية في أحكام الشارع على الناس نهائيا بل لا بد من إنحفاظها و لو ضمن بعض الأقوال فإذا اجتمعت الطائفة على قول ينكشف أنه هو الحق و الا لزم خفاء الحقيقة كليا و هو خلاف اللطف ثم أشكل السيد الصدر على كلام الشيخ الطوسي (قدس سره) و قال:

إنه لو أريد من المصالح الحقيقية الملاكات التكوينية الثابتة بقطع النظر عن أحكام الشارع و تشريعاته فمثل هذه الملاكات من الواضح عدم لزوم حفظها من الله سبحانه و لهذا لم يلزم عليه تعالى أن يبعث أطباء كما بعث أنبياء.

و لو أريد تطبيقها على المصالح و الملاكات البعدية التي تحصل في طول التشريع الرباني و هي ملاكات الطاعة و العبودية لله و التكامل المعنوي و هذه الملاكات و ان كان طريق حفظها منحصرا بالله سبحانه و تعالى الا أن إجماع الفقهاء على الحكم الظاهري المخالف مع الحكم الواقعي لا يوجب ضياع هذه الملاكات حيث إن المصالح البعديّة محفوظة على كلّ حال؛ لأنّ هذه المصالح لا يفرّق فيها ما بين الحكم الواقعيّ، و الحكم الظاهريّ، فلو أخطأ الفقهاء و تمسّكوا بأصل كالاستصحاب مثلًا، و كان الواقع على خلافه فالمصالح البعديّة تكون محفوظة فحتى إذا كان ما أجمع عليه الفقهاء خلاف الحكم الواقعي لا يكون ذلك خارجا عن الشرع بل على طبقه و بقاعدة أو أصل من اصوله و وظائفه المقررة ظاهريا كما هو واضح[3]

هذه خلاصة ما أفاده السيد الصدر في الرد على مقالة الشيخ الطوسي (أعلى الله مقامه).

 

مناقشة الأستاذ (دام ظله) في كلام السيد الصدر:

إن السيد الصدر قال بأن اتفاق العلماء و إجماعهم على خلاف الحكم الواقعي لا يكون خارجا عن الشرع بل على طبقه حيث إن حكمهم مستند إلى قانون من قوانين الشريعة و أصل من أصولها المعينة للحكم الظاهري كالاستصحاب و هذا موافق مع الشريعة و لا يكون مخالفا معه و هذا الكلام منه عجيب جدا حيث إن العلماء يمكن أن يتفقوا على حجية أصل كالاستصحاب مع أنه غير حجة شرعا فإجراء الاستصحاب في مورد ليس شرعيا و موافقا مع قاعدة من قواعد الشارع لأن الاستصحاب مثلا ليس بحجة شرعا حتى يقال بأن العمل على وفقه موافق مع الشريعة كما أنه يمكن خطأ العلماء كلهم في تطبيق القواعد و الأصول على الموارد الجزئية فلا يمكن أن يقال بأن اتفاق جميع العلماء على عمل بالاستناد إلى الأصل أو القاعدة يوافق مع الشريعة حيث إنه يمكن أن تستند فتواهم إلى أصل أو قاعدة لا يكون حجة شرعا فالاجماع لا يكشف عن كون العمل موافقا مع الحكم الظاهري الشرعي و بهذا البيان ظهر عدم تمامية كلام السيد الصدر في الرد على الشيخ الطوسي.

كلام الأستاذ (دام ظله) مع الأعلام في قاعدة اللطف:

إن جمعا من المحققين و الأعلام كالشيخ الأعظم و المحقق الآخوند و السيد الخوئي (قدس الله أسرارهم) قد ناقشوا في كبرى وجوب اللطف على الله سبحانه و قالوا بأن بيان الحكم الواقعي لا يجب على الله تعالى إذ المصلحة قد تقتضي عدم بيان الحكم الواقعي مع أنهم قالوا بحجية السيرة حيث إن الإمام (عليه السلام) وجب عليه بيان الحكم الواقعي و إذا لم يردع الإمام عليه السلام عن السيرة فيكشف امضاء الإمام لتلك السيرة لأن بيان الأحكام الواقعية واجبة على الإمام و إن كانت السيرة مخالفة مع الواقع فوجب على الإمام ردعه و بيان الحكم الواقعي فمن عدم ردع الإمام عليه السلام عن السيرة يكشف امضائه لها مع أن هذا الكلام مخالف مع ما يقولونه هاهنا حيث إنهم يقولون في الرد على قاعدة اللطف بأن بيان الأحكام الواقعية لا يجب على الله اذ المصلحة قد تقتضي عدم البيان و هذا الكلام بعينه يأتي في السيرة أيضا إذ نحن نقول في الرد على حجية السيرة بأنه يمكن استقرار السيرة المخالفة مع الشريعة و لكن الإمام عليه السلام لم يرد عليه لأجل مصلحة كالتقية و غيرها حيث إنه يمكن أن يخفى الحكم الواقعي و لم يظهره الإمام لأجل مصلحة من المصالح فكما أن الإمام أمير المومنين (عليه السلام) يلقي عاما مخالفا مع الحكم الواقعي لمصلحة من المصالح مع أن مخصصه قد يأتي في لسان الصادقين عليهم السلام أو في لسان مولانا بقية الله الأعظم أرواحنا فداه بعد ظهوره فكذلك يمكن أن استقرت السيرة على خلاف الشرع في زمن الباقرين مع أن الردع عنها لم يصدر عنهما عليهما السلام لأجل مصلحة من المصالح بل ردعها يأتي في زمن مولانا بقية الله الأعظم أرواحنا فداه فكيف يمكن أن يقول بكبرى حجية السيرة مع أننا لا نقول بوجوب بيان الحكم الواقعي على الإمام عليه السلام في كل زمان؟!

الاجماع التشرفي:

قد يدعى الإجماع في كلام الأصحاب مع أن المدعي للإجماع على الحكم أخذ الحكم من الإمام الحجة مثلا و لكنه لم يقل بذلك حذرا عن تكذيبه بل يبرز الحكم بصورة الإجماع.

مناقشة الأستاذ (دام ظله) في الإجماع التشرفي:

إن معرفة الإمام (عليه السلام) بشخصه أمر يكثر فيه الخطأ جدا حيث إنه يمكن أن يشتبه الأمر على الشخص و تخيل بأن المرئي كان هو الإمام (عليه السلام) مع أنه ليس بإمام كما يتفق هذا الأمر كثيرا في حياتنا مثلا إن الشخص قال لنا بأني رأيتك اليوم في المسجد الأعظم مع أننا لم نذهب اليوم إلى المسجد أصلا و لكنه یری شخصا آخر و یتخيل أنه یرانا و هذا أمر قد يتفق لمن يدعى الحضور بمحضر الإمام الحجة أيضا فالقطع بكونه قد رأى شخص الإمام عليه السلام مشكل جدا.

نعم إنا لا ندعي بأن كل من ادعى التشرف عند حضرة الإمام الحجة (عليه السلام) كان يتوهم أنه يرى الإمام (عليه السلام) حيث إننا نقطع و نعلم بأن بعض هذه التشرفات الی محضره الشريف كان صحیحا و واقعا و لكن نحن نقول بأن الشخص يمكن أن إشتبه عليه الأمر بحيث رأى السيد الجليل و سئل عنه المسئلة الشرعية فأجاب عنه ثم تخيل أنه كان هو الإمام (عليه السلام).

و قد يدعى الإجماع في كلمات الأصحاب لأنهم يرون الحكم موافقا مع الأصل و القاعدة المجمع عليها و هذا كالاجماع المدعى في كلام السيد المرتضى على جواز الوضوء بالمائع المضاف فإنه لما رأى بأن الأصحاب أجمعوا على البرائة ما لم يرد دليل من الشرع على الخلاف فقال بجواز الوضوء بالمائع المضاف و ادعى عليه الاجماع لكونه موافقا مع الأصل المجمع عليه و هو البرائة مع أنه لا قائل به فيما نعلم من فقهاء الشيعة و نقل هذه الاجماعات في كلمات الأصحاب كثير مع أنه لا يعتبر به.

و قد يدعى في كلام البعض الاجماع على المسئلة مع أن الناقل للاجماع لحسن ظنه بجمع من العلماء كالفاضلين و الشهيدين و المحققين یقطع بالحكم الشرعي من اتفاقهم عليه و ادعى في كلامه الاجماع عليه و نقل هذا الاجماع لا اعتبار به أيضا و هذا واضح.

ثم إنه قد يقال بأن العلماء إن اتفق كلهم على حكم فنحن نقطع بالحكم الواقعي من إجماعهم عليه لأن الحكم الواقعي إن لم يكن موافقا مع معقد الاجماع فيلزم من ذلك أن الفقهاء كلهم قد أفتوا بحكم شرعي مع أنهم لم يتفحصوا عن مداركه في كتب الأخبار بل أفتوا به بغير علم و من دون تحقيق و هذا بعيد جدا عن ساحة فقهاء الشيعة و إن قلنا بأن الفقهاء و إن تتبعوا في الاخبار الا أن فهم كل الفقهاء من متون الاخبار خطأ و اشتباه مع أن هذا الاحتمال و إن كان ممكنا عقلا الا أنه لا يتفق عادة إذ من البعيد أن الفقهاء كلهم أخطئوا في فهم متون الأخبار و لذا يحصل لنا الاطمئنان و العلم العادي بالحكم الواقعي من اتفاقهم على الحكم الشرعي و لكن نحن لا نقول بأن الاطمئنان بالحكم الواقعي يحصل بعد اتفاق الكل عليه الا أننا لا نجوِّز الأخذ بظاهر الخبر مع أن الفقهاء كلهم قد أفتوا على خلاف ظاهره لأن طرح الكل لظاهر الخبر يكشف عن احتفافه بقرينة تخالف مع ظاهرها مع أن هذه القرينة كانت بأيديهم و لم تكن بأيدينا فلا يجوز الاخذ بالظهور قطعا و هذا امر ثابت في سيرة العقلاء مثلا إذا أوصى مرجع من المراجع بإقامة مراسم العزاء و البكاء على سيد الشهداء عليه السلام في منزله يوم الخميس بعد وفاته مع أن الناس كلهم في طول القرون المتمادية يعملون بوصية المرجع و يقيمون العزاء في منزله يوم السبت فهل يجوز على الاجيال الآتية إقامة العزاء في منزل المرجع يوم الخميس عملا بظاهر كلامه؟ كلا لأن حجية الظواهر ثابتة بسيرة العقلاء و من المعلوم أن العقلاء لا يأخذون بظواهر كلام المتكلم إذا فهم كل الناس في طول القرون خلاف الظاهر منه و هذا أمر واضح لا ينبغي الريب فيه.


[1] العدة فی اصول الفقه، ج2 ص641و642.
[2] تعليقة القوچانی على الكفاية، ج2 ص91.
[3] بحوث فی علم الاصول، ج4 ص306.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo