< فهرست دروس

درس خارج اصول استاد عبدالله احمدی‌شاهرودی

1401/07/24

بسم الله الرحمن الرحیم

 

موضوع: الأمارات/حجیة قول اللغوی /خاتمة مبحث حجیة الظواهر، حجیة قول اللغوی

 

الأمر السادس: إن الشيخ الأعظم قد تعرض في خاتمة مبحث حجية الظواهر إلى ثلاث نقاط:

النقطة الاولی:

قد ذهب البعض الی أن حجیة الخبر مشروطة بافادته للظن النوعی بالمراد و استدلوا بذلک علی أن الفقهاء لم یعملوا بروایة قد أعرض مشهور القدماء عنها فیعلم من طرح الخبر المعرض عنه شرطیة افادة الظن النوعی فی حجیة الخبر حيث إن الخبر المعرض عنه عند مشهور القدماء ليس واجدا لشرط الحجية و هو كونه مفیدا للظن النوعی بالمراد و إن كان هو مفيدا للظن النوعي بالمراد لما أعرض عنه مشهور القدماء فيعلم من اعراض الفقهاء عدم افادته للظن النوعي.

مناقشة الشیخ الاعظم:

ان اعراض مشهور القدماء عن العمل بخبر، أمارة علی عدم صدور ذلك الخبر عن الامام (علیه السلام) و لأجل أماریة اعراض المشهور علی عدم صدور الخبر عن الامام (علیه السلام) لم یعمل سائر الفقهاء بالخبر المعرض عنه فالدلیل لعدم عمل الفقهاء بالخبر المعرض عنه هو أماریة إعراض مشهور القدماء علی عدم صدور الخبر عن الامام (علیه السلام) و لیس الوجه فی طرح الخبر المعرض عنه عدم كونه مفيدا للظن النوعي بالمراد و لذا لو ورد دليل قطعي كالخبر المتواتر عن الامام (عليه السلام) فاذاً یعمل الفقهاء بعمومه و اطلاقه و ان أعرض عنه المشهور لان المناط في حجية الخبر و إن كان إفادته للظن النوعي بالمراد الا أن الفقيه إذا ظن بدلالة الخبر فاذاً كان ظنه أمارة على فهم العرف لأن فهم الشخص أمارة على فهم النوع فيتحقق بذلك موضوع أصالة الظهور و هو الظهور النوعي لأن الظهور الشخصي كاشف عن الظهور النوعي و من هنا اذا فهم فقيه معنى من الرواية في مقابل المشهور فكان فهمه أمارة على فهم النوع و كاشف عنه فطريقية فهم الشخص على فهم النوع توجب تحقق موضوع أصالة الظهور و هو الظهور النوعي.

مناقشة الأستاذ (دام ظله) في كلام الشيخ:

إن أمارية فهم الشخص على فهم العرف و طريقيته إليه ثابتة بالسيرة العقلائية و هذه السيرة لم تثبت إذا كان فهم فقيه واحد مخالفا مع فهم مشهور الفقهاء من الرواية يعني إن العقلاء لا يرون أمارية فهم فقيه واحد على فهم النوع إذا كان هو مخالفا مع فهم مشهور الفقهاء و لذا لو ثبتت حجية الخبر و لکن الفقیه الواحد فهم من الروایة معنی غیر ما فهمه المشهور منها فاذاً ما کان فهمه حجة لأن طريقية فهم الشخص الی فهم النوع و أماريته عليه ليست ثابتة في سيرة العقلاء في أمثال هذه الموارد مثلا إذا كان الخبر ظاهرا في الحرمة مع أن المشهور حملوه على الكراهة و لم يفهموا منها الحرمة فلا يجوز الافتاء بالحرمة مستدلا بظهور الخبر لأن إعراض المشهور عن العمل بظهور الخبر أمارة على احتفاف الخبر بقرينة وصلت إليهم و لم تصل إلينا و الا فما الوجه في اعراض المشهور عن ظهور الخبر و حمله على خلاف ظاهره؟! فإتضح مما ذكرناه: أن فهم فقيه واحد ليس أمارة على فهم العرف إذا كان هو مخالفا مع فهم المشهور فاذاً لا دليل على حجيته.

النقطة الثانية: قد نقل الشيخ الأعظم تفصيلا من المحقق الكلباسي في مسئلة حجية الظواهر و هو أن شرط حجية الظهور هو الظن الشخصي بموافقته مع الواقع بحيث إن لم نظن بموافقته مع الواقع فاذاً ليس الظهور بحجة كما أن ظهور الخبر يسقط عن الحجية إذا قام الظن الغير المعتبر على خلافه فحجية الظهور بنائا على رأى الكلباسي مشروطة بأمرين:

الأول: الظن الشخصي بموافقته مع الواقع

الثاني: عدم ورود الظن الغير المعتبر على خلافه و أما الشيخ قد قال في الرد على الكلباسي:

لكن الانصاف أنه مخالف لطريقة ارباب اللسان و العلماء فى كل زمان و لذا عد بعض الاخباريين كالاصوليين استصحاب حكم العام و المطلق حتى يثبت المخصص و المقيد من الاستصحابات المجمع عليها و هذا و ان لم يرجع الى الاستصحاب المصطلح الا بالتوجيه إلّا أن الغرض من الاستشهاد به بيان كون هذه القاعدة اجماعية[1] .

نكات حول كلام الشيخ الاعظم:

النكتة الاولى: إنه قال في الرد على المحقق الكباسي بأن سيرة علمائنا قد إستقرت على العمل بالعمومات ما لم يثبت المخصص بالدليل المعتبر و أما عموم العام فيعمل به حتى اذا ورد المخصص بطريق غير معتبر فهذه الطريقة العملية لعلمائنا في المواجهة مع ظهورات الأخبار صالحة للرد على مقالة الكلباسي.

النكتة الثانية: إن الشيخ الأعظم (قدس سره) قال بأن المراد بالاستصحاب في كلامنا ليس معناه المعهود بل المراد من استصحاب العموم أو الاطلاق في كلامنا هى حجية أصالة العموم أو الاطلاق و أما الاستصحاب بمعناه المصطلح و المعهود فلا يعقل في المقام لأن العموم مع الشك في التخصيص لا يستصحب حيث إن المخصص يكشف حقيقة عن كون المراد الجدي و الحكم الواقعي ضَيِّقا من أول الأمر مثلا إذا قال المولا يوم السبت أكرم العلماء مع أنه قال في يوم الأربعاء لا تكرم الفساق من العلماء فالقاء دليل المخصص في يوم الأربعاء يكشف حقيقة من وجود الضيق في المراد الجدي من بدو إلقاء الدليل العام في يوم السبت لا أن المراد الجدي صار ضيقا من يوم الأربعاء بل المراد الجدي مضيق من بدو إلقاء الدليل العام فالخاص يخل بالعموم حدوثا لا بقائا و اذا شككنا في صدور المخصص فيسري الشك حينئذ إلى الشك في عموم المراد الجدي و الحكم الواقعي من أول الأمر يعني إنا نشك في أصل حدوث الحكم بنحو العام فاذاً يسري الشك في أصل حدوث الحكم بنحو العموم فلا نشك في البقاء حتى يجوز الاستصحاب لنا بل إننا نشك في أصل حدوث الحكم بنحو العموم فالشك في الحدوث ليس مجرى الاستصحاب فإذا لا يجري الاستصحاب و هذا واضح.

النکتة الثالثة: قال الشيخ الاعظم: إنه يمكن هاهنا توجيه استصحاب العموم أو الاطلاق و توجيهه: هو أن الشك في المخصص و إن يوجب الشك في حدوث الحكم الواقعي بنحو العموم الا أننا لا نستصحب الحكم الواقعي حتى يشكل بأن مجرى الاستصحاب هو الشك في البقاء لا الشك في الحدوث بل نحن نستصحب أصالة العموم الثابتة في ظرف إلقاء الدليل العام فنحن نستصحب أصالة العموم مع الشك في صدور المخصص الحاكم بعدم حجية أصالة العموم في ظرفه و ينبغي توضيح ما ذكرناه في ضمن مثال:

لو كنا نفترض بأن المولا ألقى دليلا عاما في الأمس و قال: أكرم العلماء مع أننا نشك اليوم في أن الدليل الخاص هل يصدر من المولا أو لا؟ فنحن نقطع في الأمس بحجية العموم و لكننا نشك في اليوم ببقاء حجية العموم في الأمس فنستصحب الحجية و نقول: إن حجية العموم في الأمس باقية في اليوم أيضا و بهذا البيان يثبت بأننا نشك في البقاء حقيقة لأنا نشك في أن حجية العموم في الأمس باقية في اليوم أيضا أو لا؟ فالشك في صدور المخصص لا يكون شكا ساريا لأننا نقطع بحجية العموم في الأمس و لكننا نشك اليوم في بقاء حجية العموم في الأمس مثلا إننا نقطع بأن الشخص رضى یوم الأربعاء بالتصرف في داره يوم الجمعة مع أننا نشك يوم الخميس في أنه هل ندم من رضائه يوم الاربعاء بالتصرف في داره يوم الجمعة او لا يندم من ذلك؟ فالرضاء كان ثابتا في الأربعاء و لكننا نشك في أن المالك يوم الخميس هل ندم من رضائه يوم الأربعاء بالتصرف في داره بالنسبة الى يوم الجمعة أو لا يندم من ذلك؟ فاذاً كان الشك يوم الخميس في بقاء الرضاء بالنسبة الى التصرف في الدار يوم الجمعة و لا يكون الشك في حدوث الرضاء لأن الرضاء يوم الأربعاء مقطوع فنستصحبه عند الشك فيه يوم الخميس فحجية العموم أيضا ثابتة في الأمس و لكننا نشك اليوم في بقاء الحجية في الأمس إذ يحتمل وجود الخاص و الخاص يكون سهما في اليوم على بقاء حجية العموم في الأمس فاذاً نحن نستصحب الحجية الثابتة للعموم في الأمس و نقول في اليوم ببقاء حجیة العموم في الأمس و بقاء حجيته أيضا الى زمان الظفر بالمخصص.

و بعبارة أخرى: إذا أوصى شخص بأن داره بعد موته إنتقل إلى زيد فاذاً كان الانشاء حاليا مع أن المُنشَأ (الملكية) كان استقباليا فالكشف الحكمي يكون بخلافه حيث إن الانشاء كان في الزمان الحال مع أن المُنشَأ كان في الزمان السابق مثلا إن المخصص في اليوم يحكم بعدم حجية العموم من الأمس فالحجية يوم الأمس ينعدم بعد ورود الخاص في اليوم فالخاص يكون بمنزلة السهم الذي يرمى إلى العام يوم الأمس فبعد ورود الخاص صار العام غير معتبر في الأمس لا أن العام يكون غير معتبر في الأمس و الخاص يكشف عن عدم اعتباره فيه بل العام كان معتبرا و حجة في الأمس و لكن الخاص كان بمنزلة سهم يرمى إلى العام في الأمس فيقلع حجيته لا أنه يكشف عن عدم حجيته في هذا الظرف بل هو قالع لحجيته في هذا الظرف فالشك في ورود الخاص في اليوم كان شكا في بقاء حجية عموم العموم في الأمس إلى اليوم فتستصحب حجيته و الحق في المقام هو هذا الاحتمال لأن ورود الخاص لا يكشف عن عدم حجية العام من بدو الصدور بل العام حجة في ظرفه و لكن الخاص بعد وروده كان قالعا لحجيته من بدو صدوره فالشك في وجود الخاص إنما كان شكا في بقاء حجية عموم العام [2] .

لا يقال:

إنكم قلتم بأن حجية عموم العام باقية مادام الخاص لم يصل إلينا فنحن نقطع و نتيقن ببقاء حجية العموم قبل وصول الخاص إلينا و لا نشك فيها و لذا لا مجال لجريان الاستصحاب في المقام.

لأنه يقال:

إذا صدر خاص من المولا و كان هو في معرض الوصول فنحن نشك حينئذ في بقاء حجية عموم العام و لذا كان لجريان الاستصحاب هنا مجال.

نعم إنا لا نحتاج في المقام إلى الاستصحاب لأن الاستصحاب أصل يغنى عنه مع وجود الأمارة أى مع وجود أصالة العموم و لكن تقريب القول بجريان الاستصحاب في المقام يكون على النحو الذي قد قربناه فالاستصحاب يجري هنا الا أنه أصل محكوم مع وجود الأمارة.

النقطة الثالثة: قد نقل الشيخ تفصيلا آخر من السید المجاهد و هو ان احتمال ارادة خلاف ظاهر اللفظ ان حصل من امارة غير معتبرة فلا يصح رفع اليد عن أصالة الحقيقة و ان حصل من دليل‌ معتبر فلا يعمل باصالة الحقيقة و مثل له بما اذا ورد فى السنة المتواترة عام و ورد فيها أيضا خطاب مجمل يوجب الاجمال في ذلك العام و لا يوجب العام الظن بالواقع قال فلا دليل على لزوم العمل بالاصل تعبدا مثلا إذا قال المولا: أكرم العلماء و لكنه قال: لا تكرم زيدا و لا نعلم بأن المراد من زيد من هو؟ هل المراد منه زيد العالم أو المراد منه زيد الجاهل؟ فلا يعمل بأصالة العموم في أكرم العلماء بالنسبة إلى زيد العالم لأن هذا الدليل كان مجملا بالنسبة إليه فلا يعمل به و لكن الشيخ قد رد عليه و قال بأنه يؤخذ بعموم دليل أكرم العلماء بالنسبة إلى زيد العالم في سيرة العقلاء بل نحن نرفع اجمال الدليل (لا تكرم زيدا) مع التمسك بعموم أكرم العلماء و هذا الكلام من الشيخ (قدس سره) تام.

فصل في حجية قول اللغوي:

و ينبغي التذكر إلى أمر قبل الورود في أصل البحث و هو أن الشك في الظهور ينشأ من أمور:

الاول: إن اللفظ كان معناه واضحا و معينا الا أننا نحتمل بوجود القرينة المتصلة بالكلام الصارفة لظهور اللفظ عن معنى إلى معنى آخر مثل ما إذا قال المتكلم: رأيت أسدا مع أننا نحتمل باتصال قرينة يرمي بكلامه فاذاً نحتمل بأن المتكلم أراد من لفظ الأسد في كلامه معنى الرجل الشجاع و لكن لا يعتنى بهذا الاحتمال بل نحن نأخذ بظهور الأسد في معنى الحيوان المفترس إذ لا اعتبار بإحتمال وجود القرينة المتصلة بالكلام في سيرة العقلاء خلافا للمحقق الايرواني (أعلى الله مقامه) فإحتمال وجود القرينة المتصلة بالكلام ليس مانعا عن الأخذ بظهوره لأن الظهور الذاتي كالظهور الفعلي حجة على المراد الجدي في سيرة العقلاء و من المعلوم أن إحتمال وجود القرينة المتصلة لا يخل بالظهور الذاتي فاذاً كان الموضوع لحجية أصالة الظهور منقحا و لذا تجري أصالة الظهور و نأخذ بالظهور الذاتي من اللفظ.

الثاني: إننا نعلم بأن شيئا قد إتصل بالكلام و لكننا نشك في صلاحية ذلك الشيئ للقرينية مثلا إننا نعلم بأن شيئا قد إتصل بكلمة أسد في جملة رأيت أسدا و لكننا نشك في أن الشيئ المتصل هل كان كلمة "في الحمام" حتى تصلح للصارفية أو كان كلمة "في الصحراء" و لا تصلح للصارفية؟ فالشك كان في قرينية الموجود و الشك في قرينية الموجود مخل بظهور الكلام في سيرة العقلاء.

الثالث: إننا نقطع بعدم وجود قرينة مع كلمة "أسد" في رأيت أسدا و لكننا لا نعلم معنى الأسد فقد قال المحققون و الأعلام بأننا نراجع إلى القول اللغوي لتشخيص معنى الأسد و ظهوره و قول اللغوي حجة.

الدليل على حجية قول اللغوي:

و قد أستدل على حجية قول اللغوي بوجوه:

الوجه الأول: إن اللغوي كان من أهل الخبرة و العقلاء في حياتهم يرجعون إلى الخبرة و أهل الفن و لذا يجب الرجوع إلى قول اللغوي أيضا من باب وجوب الرجوع إلى قول أهل الخبرة.

و قد نوقش في الدليل الأول بوجوه:

الاول: إن اللغوي ما كان خبرة في تشخيص المعنى الحقيقي عن المعني المجازي بل اللغوي إنما يجمع موارد الاستعمال فقط لأنه يسير في البوادي و القرى المختلفة حتى يعلم بأن هذا اللفظ أستعمل في أيِّ معنى من المعاني؟ فيجمع جميع موارد الاستعمال فاللغوي ليس متعهدا لذكر المعنى الحقيقي و تمييزه عن المعنى المجازي بل هو يذكر عدة من معانى اللفظ من دون التعرض إلى تعيين المعني الحقيقي فاذاً ليس له الخبروية في تعيين المعنى الحقيقي حتى نرجع إليه و نأخذ بقوله في تعيين المعنى الظاهر من اللفظ.

الثاني: يشترط إجتماع شرائط الشهادة في حجية قول أهل الخبرة يعنى إذا شهد عدلان بأن اللفظ ثبت له هذا المعنى الخاص فاذاً يعتبر بقولهما من باب حجية البينة أما شهادة الواحد أو الإثنين مع عدم إحراز عدالتهما فلا تعتبر.

الثالث: إن قول أهل الخبرة حجة فيما اذا كانت آرائهم و أنظارهم مبتنية على الحدس و الاجتهاد و إعمال النظر و أما اذا تبتني آرائهم على الحس دون الحدس فاذاً لا يعتبر بقولهم و بعبارة أخرى: إن تعيين معانى الألفاظ ليس أمرا يحتاج إلى دقة النظر و إعمال الحدس و الإجتهاد بل هو أمر يحصل لكل شخص بعد السير في القرى و البوادي و بعد تتبع موارد الاستعمال فتعيين معانى الألفاظ لا يحتاج إلى الخبروية اصلا حتى يقال بأن من ذكر موارد الاستعمال كان من أهل الخبرة فيجب الرجوع اليه فالخبروية ليست دخيلة في تعيين معانى الألفاظ بل هو أمر يتمكن منه جميع الناس من الطرق الحسية فلا معنى للزوم الرجوع الى قول اللغوي من باب لزوم الرجوع الى قول أهل الخبرة لأن دليل حجية قول أهل الخبرة هي السيرة و السيرة ليست على الرجوع فيما اذا كان الغير متمكنا لتحصيل العلم بالشيئ من الطرق الحسية مثلا إذا علم شخصٌ بطلوع الشمس و غروبها من طريق الفرمول الخاص فهل وجب الأخذ بقوله في سيرة العقلاء من باب حجية قول أهل الخبرة؟ كلا لأن العلم بطلوع الشمس و غروبها ليس أمرا حدسيا يحتاج لإعمال النظر و الاجتهاد بل هو أمر يتمكن منه جميع الناس من الطريق الحسي و هو النظر الى السماء و لذا قال الفقهاء بعدم إعتبار قول المنجم لأن الهلال و طلوع الشمس و غروبها أمر حسي مشاهَد يتمكن كل شخص من العلم به و لذا لا دليل علی حجية قول المنجم و اللغوي لأن أنظارهم مستندة إلى الحس لا الحدس.

الوجه الثاني: أستدل باتفاق العلماء بل العقلاء على لزوم الرجوع بقول اللغوي في تعيين الأوضاع و قد قال الآخوند في الكفاية بأن العقلاء لا يزالون يستشهدون بقول اللغوي في مقام الاحتجاج بلا إنكار من أحد و لو مع المخاصمة و اللجاج و عن بعض دعوى الإجماع على ذلك فإن إستدل الشخص بقول اللغوي في الرد على الخصم فلا ينكر حجية قول اللغوي حتى الخصم مع أن دواعيه على الإنكار في مقام المخاصمة و اللجاج قوية جدا و لكنه لم ينكر حجية قوله و هذا معناه اتفاق الكل على حجية قول اللغوي.

و قد رد المحقق الآخوند على هذا الدليل و قال:

اولا: إن العقلاء يرجعون إلى الكتب اللغوية و يأخذون بها لأن الاطمئنان يحصل لهم بعد الرجوع إليها فالعقلاء يأخذون بقول اللغوي من باب حصول الاطمئنان بقوله لا من باب حجية قوله و إن لم يحصل الاطمئنان للعقلاء بقول اللغوي في مورد فاذاً لا يعلم أنهم يأخذون بقوله في ذلك المورد فإتفاق العقلاء على الأخذ بقول اللغوي لا يكشف عن حجية قوله إذ يحتمل قويا أن الأخذ بقول اللغوي كان من باب حصول الاطمئنان بقوله بحيث إن لم يكن يحصل الاطمئنان للعقلاء بقول اللغوي فاذاً لا يأخذون بقوله.

ثانيا: إن اتفاق العقلاء و العلماء على حجية قول اللغوي على فرض ثبوته فغير مفيد إذ لا دليل على حجيته.

الوجه الثالث: و أستدل على حجية قول اللغوي بإجماع فقهاء الشيعة على الأخذ بقول اللغوي مع أن المحقق الآخوند (أعلى الله مقامه) قد نوقش في هذا الوجه أيضا و قال:

و الاجماع المحصل غير حاصل إذ قد خالف جمع مع حجية قول اللغوي فالاجماع المحصل لا يحصل و الاجماع المنقول أيضا غير مقبول خصوصا في مثل المسئلة مما أحتمل قريبا أن يكون وجه ذهاب الجل لولا الكل هو الاعتقاد باتفاق العقلاء على الرجوع إلى أهل الخبرة من كل فن و صنعة.

الوجه الرابع: قد استدل على حجية قول اللغوي بإنسداد باب العلم في معاني الألفاظ و لو من حيث السعة و الضيق حيث إن مفهوم الماء يكون من أوضح المفاهيم مع أنه قد أختلف في سعة مفهومه اذ أختلف في أنه يصدق على الماء الصناعي أو السيل الغليظ او لا يصدق عليهما؟ و لذا إنا لا نقدر على العلم بمعانى الألفاظ تفصيلا و مع انسداد باب العلم في اللغات يتعين الرجوع الى قول اللغوي من باب أنه مفيد للظن و لكن المحقق الآخوند قد رد على هذا الدليل أيضا و قال:

إن قلنا بأن الانسداد في باب اللغات كان موجبا للإنسداد الكبير إذ هو يوجب عدم العلم بالاحكام الشرعية لأن معنى اللغات إذا كان غير معلوم فلا يمكن لنا استنباط الأحكام من متون الأخبار فاذاً يتعين الرجوع الى قول اللغوي من باب حجية الظن المطلق لا من باب حجية الظن الخاص فبعد فرض الانسداد الكبير يتعين الأخذ بكل ظن حتى الظن الحاصل من قول غير أهل اللغة فلا تكون حينئذ خصوصية لقول اللغوي و لكن الانسداد في باب اللغات لا يوجب الانسداد الکبیر حيث إن أهل اللسان كانوا عالمين بمعاني الالفاظ و اللغات و لذا لا يحتاجون بالرجوع إلى كتب اللغة مثلا إن اهل الفرس هل يرجعون إلى كتب اللغة لفهم معاني لغاتهم؟ كلا لأنهم عالمين بها فاذاً لا يجب الرجوع إلى كلام اللغوي إذ نحن نعلم بمعانى الألفاظ و اللغات فبعد العلم بمعاني الالفاظ لا معنى للرجوع إلى اللغوي لفهم معانيها.


[1] فرائد الاصول، ج1 ص170.
[2] هذا التوجیه و ان کان محلا للاشکال و التامل الا انه یمکن الجواب عنه.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo