< فهرست دروس

درس خارج اصول استاد عبدالله احمدی‌شاهرودی

1401/07/16

بسم الله الرحمن الرحیم

 

موضوع: الأمارات/حجیة الظواهر/التحقیق حول حجیة ظاهر الکتاب و رد مقالة الاخباری

 

إن الاستدلال على عدم حجية ظواهر آيات الكتاب على قسمين:

القسم الأول: الاستدلال على أن ظواهر الكتاب تكون مجملة بالذات و المستدِل بحسب هذا الاستدلال يقول بأن فهم ظواهر القرآن غير مقدور على سوى الأئمة المعصومين (عليهم السلام) فلا يفهم سائر الناس ظواهر الكتاب حتى يجوز لهم الأخذ بها.

القسم الثاني: الاستدلال على أن ظواهر الكتاب تكون مجملة بالعرض و الاستدلال على طروِّ الإجمال على ظواهر الآيات ينقسم إلى قسمين:

القسم الأول: وجود العلم الإجمالي بطرو التخصيص و التقييد و التجوز في غير واحد من آيات الكتاب فهذا العلم الإجمالي يمنع عن الأخذ بالظواهر إذ نحن نعلم إجمالا بأن بعض ظهورات الكتاب غير مقصود قطعا.

القسم الثاني: دعوى وقوع التحريف في الكتاب إذ القائل بالتحريف يمكن أن يقول بأننا نعلم إجمالا بوقوع التحريف في الكتاب بنحو إما بإسقاط و إما بتصحيف و إذا قلنا بوقوع الخلل في الكتاب فيحتمل حينئذ سقوط القرائن المخلة بالظهورات القرآنية التي كانت بأيدينا و بعد وجود هذا الاحتمال لا يمكن الأخذ بالخطابات الواردة فيه لأنه من قبيل الشك في قرينية الموجود لا الشك في أصل وجود القرينة و لذا لا تجري أصالة عدم القرينة و من هنا قد اتفق الكل بأنه اذا وصلت إلينا رسالة من المولا مع أننا نعلم إجمالا بإنعدام بعض صفحاتها فلا يمكن الأخذ حينئذ بالخطابات الواردة فيها لإحتمال سقط القرائن المخلة بالظهورات التي موجودة في الرسالة.

و نحن نتكلم هاهنا حول هذه الشبهة في مقامين:

المقام الأول: هل يثبت التحريف في الكتاب أو لا؟

المقام الثاني: هل يضر التحريف على فرض وقوعه بحجية ظواهر آيات الكتاب أو لا؟

المقام الأول (هل يثبت التحريف في الكتاب أو لا؟)

قال المحقق الآخوند في الكفاية بأن دعوى وقوع التحريف في الكتاب إما بإسقاط أو بتصحيف و إن كانت غير بعيدة كما يشهد به بعض الأخبار و يساعده الإعتبار إلا أنه لا يمنع عن حجية ظواهر الكتاب.

إن مراد المحقق الآخوند (أعلى الله مقامه) من قوله: و يساعده الإعتبار هو أن أعداء الدين المبين مع كثرتهم لا يزال كانوا بصدد تحريف الكتاب و هدم شريعة الإسلام و بعد ملاحظة إهتمام أعداء الدين مع كثرتهم على تحريف الكتاب لا يبعد أن نقول بأنهم وصلوا إلى مطلوبهم.

مناقشة الأستاذ (دام ظله) في كلام الآخوند:

إن القول بتحريف الكتاب فاسد جدا و فساده يظهر بعد ملاحظة عدة من الأمور:

الأمر الأول: کیف یمکن أن نقول بالتحريف مع أن للقرآن نسخة واحدة تكون بأيدي جميع المسلمين في طول هذه القرون المتمادية؟ و إن المسلمين مع كثرة إختلافهم في الأصول و الفروع لم يختلفوا في نسخة القرآن بل جميعهم يرجعون إلى النسخة الواحدة منه و لو كان التحريف واقعا في الكتاب للزم أن تكون النسخ المختلفة منه في أيدي المسلمين مع أننا نرى بأن نسخة واحدة من القرآن لايزال كان بأيدي المسلمين في طول هذه القرون و هذا شاهد على عدم وقوع التحريف فيه.

الأمر الثاني: إن حديث الثقلين شاهد على عدم وقوع التحريف في الكتاب إذ النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) مع علمه بما كان و ما يكون و ما هو كائن إلى يوم القيامة أرجع الناس كلهم إلى القرآن في عرض الإرجاع إلى العترة (عليهم السلام) مع أن التحريف لو وقع في القرآن لكان على النبي أن يقول بعدم اعتبار القرآن بعده حيث إنه يصير محلا لتحريف المحرفين و المبطلين و لا يمكن أن يقال: بأن النبي (صلى الله عليه و آله) ما كان عالما بوقوع التحريف في الكتاب حتى يمكن له الإخبار به لأن النبي (صلى الله عليه و آله) كان عالما بجميع الوقائع إلى يوم القيامة مع أنه يعرف المنافقين بأسمائهم و أشخاصهم و لو أن القرآن صار محلا للتحريف بعد النبي بواسطة المنافقين لكان عليه أن يخبر بذلك و يقول بأن الكتاب لا يعتبر به بعدي مع أن النبي (صلى الله عليه و آله) قال في حديث الثقلين بمرجعية الكتاب و عدليته للعترة الطاهرة و هذا شاهد على كون القرآن مصونا من التحريف.

الأمر الثالث: لو كان الكتاب محرفا لبان و اشتهر بين خواص الشيعة و عوامهم و لكن التحريف أمر لم يقل به مشهور فقهائنا مع إن وقوع التحريف في الكتاب إن كان قطعيا و مسلما لما يخفى على أكثر علمائنا.

المقام الثانی: هل التحريف في الکتاب یضر بحجیة ظواهره أو لا؟

فقال المحقق الآخوند بأن دعوى التحريف في الكتاب لا تضر بحجية ظواهره مطلقا سواء قلنا بوقوع التحريف في الكتاب بنحو الإسقاط أو بنحو التصحيف.

مناقشة المحقق الإصفهاني في كلام الآخوند:

قد فرق المحقق الإصفهاني (أعلى الله مقامه) بين التحريف بالتصحيف و التحريف بالإسقاط و قال بأنه لا شبهة في أن القول بالتصحيف يضر بحجية ظهور القرآن إذ التصحيف يحصل بالتغير في هيئة الكلام أو يحصل بالتغير في مادته و هذا يوجب خروج الكلام عن كونه وحيا منزلا مثل أن نشك في أن آية أقيموا الصلاة هل تكون قوله سبحانه و تعالى أو لا؟ فلا يجوز الأخذ به قطعا و هذا بخلاف الإسقاط فاذاً كان القول بالتصحيف مساوقا مع القول بعدم حجية ظاهر الكتاب و هذا الإشكال من المحقق الاصفهاني تام.

هل السقط في الكتاب يضر بحجية ظهوراته أو لا؟

ربما يقال بأن العلم الإجمالي بوقوع التحريف في الكتاب يوجب تعارض أصالة الظهور الجارية في آية مع أصالة الظهور الجارية في آية أخرى لأننا نعلم إجمالا بأن واحدا من الظهورين لا يراد قطعا فالأصول تتساقط في أطراف العلم الإجمالي فاذاً لا تجري أصالة الظهور في الآيات.

قد أجيب عن هذه الشبهة بأمور:

منها: ما قاله الشيخ الأعظم في الرسائل و هو أننا لا نقطع بأن الساقط من الكتاب هى قرينة على خلاف الظهورات التي كانت بأيدينا يعني إننا نعلم إجمالا بوقوع الخلل و السقط في الكتاب و لكننا لا نعلم بأن الساقط من الكتاب هو يصلح لأن يكون قرينة على خلاف الظهورات الموجودة بأيدينا إذ لعل الساقط هى آية أو سورة كانت أجنبية عن الظهورات القرآنية الموجودة لدينا و بعبارة أخري: تعارض الأصول في أطراف علمنا الإجمالي بوقوع التحريف في الكتاب متوقف على تعلق العلم الإجمالي بوقوع الخلل في الظهورات الموجودة لدينا مع أن العلم الإجمالي لم يتعلق بسقط القرائن المخلة بالظهورات التي كانت بأيدينا إذ لعل الساقط كان غير مرتبط بالظهورات القرآنية الموجودة مع أننا لو سلمنا و قلنا بتعلق العلم الإجمالي بوقوع الخلل و السقط في القرائن المخلة بالظهورات الموجودة لدينا الا أن هذا العلم الإجمالي لا يمنع من جريان الأصول في أطرافه لأن أطراف الشبهة هنا غير محصورة فليس العلم الإجمالي منجزا و مانعا عن جريان الأصول في أطرافه و لذا تجري أصالة الظهور في ناحية كل من الآيات بلا معارض مع أننا لو قلنا بأن أطراف الشبهة محصورة و كان السقط يخل بالظهورات الموجودة لدينا الا أننا لا نعلم بأن الساقط مخل بالظهورات المرتبطة بآيات الأحكام اذ لعله مخل بسائر الظهورات القرآنية يعني يحتمل أن يخل الساقط بظهور آيات القصص و المواعظ و المعارف و العقائد دون آيات الأحكام.

لا يقال:

إنا نعلم إجمالا بأن الساقط إما كان مخلا بالظهورات القرآنية المرتبطة بآيات الأحكام و إما كان مخلا بسائر الظهورات القرآنية دونها فاذاً تتعارض أصالة الظهور الجارية في ناحية آيات الأحكام مع أصالة الظهور الجارية في غيرها و كلاهما يتساقطان بعد التعارض فيعود حينئذ محذور عدم حجية ظاهر الكتاب.

لأنه يقال:

إن أصالة الظهور لا تجري في ناحية غير آيات الأحكام لعدم ترتب ثمرة عليه إذ الثمرة تظهر فيما إذا كان جريان الأمارة أو الأصل موجبا للتنجز و التعذر و من الواضح أنه لا يعقل التنجز و التعذر في ناحية غير آيات الأحكام اذ التنجز ليس إلا ثبوت التكليف على عهدة المكلف في فرض وجوده واقعا مع أن آيات القصص و المواعظ مثلا لا تتضمن تكليفا حتى يوجب جريان أصالة الظهور فيها ثبوت التكليف على عهدة المكلف و لذا لا تجري أصالة الظهور في ناحية غير آيات الأحكام حتى تعارض مع أصالة الظهور الجارية في ناحية آيات الأحكام و بالتالي تجري أصالة الظهور في ناحية آيات الأحكام بلا معارض.

لا يقال:

إن جريان أصالة الظهور في ناحية غير آيات الأحكام له ثمرة و هو جواز الإخبار و لذا تجري أصالة الظهور في ناحية غير آيات الأحكام.

لأنه يقال:

إن العقلاء لا يجوزون الإخبار عن الشيئ بمجرد قيام الأمارة عليه بل هم يجوزون الإخبار عن الشيئ في فرض وجود العلم و الاطمئنان به لأن جواز الإخبار عن الشيئ في فرض قيام الأمارة عليه يتوقف على إثبات أحد الأمرين:

الأمر الأول: لو قلنا بأن الأمارة في سيرة العقلاء تعتبر علما فاذاً يجوز الإخبار عن الشيئ بمجرد قيام الأمارة عليه لأن العقلاء يعاملون معها معاملة العلم و هذا هو ما ادعاه السيد الخوئي مع أن اعتبار الأمارة علما غير ثابت في سيرة العقلاء و لذا لا يترتب عليه جميع آثار العلم.

الأمر الثاني: قد یدعی بأن العقلاء لا يعتبرون الأمارة علما بالواقع و لكنهم يترتبون عليها جميع آثار العلم كجواز الإخبار مع أن هذه الدعوى غير ثابتة في سيرة العقلاء أيضا لأن القدر المتقين من سيرة العقلاء هو أنهم يترتبون على الأمارة أثر التنجيز و التعذير فقط دون جواز الإخبار و من هنا نقول بأن جريان أصالة الظهور في ناحية غير آيات الأحكام لا يترتب عليها أثر جواز الإخبار حيث إنه لا يجوز الإخبار عن الشيئ في سيرة العقلاء بمجرد قيام الأمارة عليه.

مناقشة المحقق الإصفهاني:

قد قال المحقق الإصفهاني في تعليقة نهاية الدراية بترتب الثمرة على أصالة الظهور الجارية في ناحية بعض الآيات العقائدية حيث إن المعارف و المسائل العقائدية على قسمين:

القسم الأول: ما يطلب فيه العلم و التصديق الجزمي مثلا إن الواجب هو العلم و القطع بالتوحيد و بالنبوة و بالمعاد الجسماني و بإمامة الأئمة الاثنى عشر بأسمائهم و أشخاصهم و لا تترتب ثمرة على جريان أصالة الظهور في ناحية الآيات العقائدية التي يجب العلم بمضمونها لأن أصالة الظهور لا تفيد علما و قطعا.

القسم الثاني: ما لا يطلب فيه العلم و التصديق الجزمی بل المطلوب فيه هو الاعتقاد الإجمالي مثلا لا يجب الاعتقاد الجزمي بأن سورة البقرة مكية أو مدنية؟ كما لا يجب الاعتقاد الجزمي بأن النكير و المنكر يجيئان للسؤل عن الميت في أول الليل أو في وسطه أو في آخره؟ فإن الاعتقاد الجزمي بهذه الأمور غير لازم بل اللازم هو الاعتقاد الإجمالي بالواقع على ما هو عليه أما الواقع ما هو؟ فلا يجب العلم و الاعتقاد به و يظهر جريان أصالة الظهور في ناحية الآيات التي تبين أمورا لا يعتبر فيها الاعتقاد جزما حيث إن الاعتقاد بمضمون هذه الآيات يجب بعد جريان أصالة الظهور فيها.

مناقشة الأستاذ (دام ظله) في كلام المحقق الإصفهاني:

إن هذا الكلام منه عجيب جدا حيث إنه لا يدل دليل و لا يشهد شاهد على وجوب الاعتقاد بمفاد الأمارات و الأصول فإن مدلول الأمارة حكم واقعي تعبدنا الشارع به في مقام العمل أما الاعتقاد بأن مفاد الأمارة هو الواقع فغير لازم إذ لا دليل عليه و من هنا قلنا بأن جريان أصالة الظهور في ناحية هذا السنخ من الآيات لا يوجب لزوم الاعتقاد بمضمونها بل اللازم إنما هو الاعتقاد بالواقع على ما هو عليه و من المعلوم أن الاعتقاد بالواقع على ما هو عليه لا يكون متوقفا على جريان أصالة الظهور في ناحية الآيات و يتضح من خلال هذا البيان عدم ترتب الثمرة على جريان أصالة الظهور في ناحية غير آيات الأحكام.

مناقشة الأستاذ (دام ظله) في كلام الشيخ الأعظم:

إن الشيخ قال في الجواب عن الأخباريين بأن جريان أصالة الظهور في ناحية غير آيات الأحكام عديم الثمرة و لذا لا تجري أصالة الظهور في غير آيات الأحكام بل هي تجري في آيات الأحكام بلا معارض مع أن هذا الجواب من الشيخ الأعظم لا يدفع إشكال الأخباريين لأن أصالة الظهور في ناحية غير آيات الأحكام تثبت وقوع الخلل و السقط في ناحية آيات الأحكام حيث إن مثبتات الأمارات حجة و إن اللازم عقلا من جريان أصالة الظهور في غير آيات الأحكام هو وقوع التحريف و السقط في ناحية آيات الأحكام لوجود العلم الإجمالي بوقوع التحريف إما في ناحية آيات الأحكام و إما في ناحية غيرها فبعد جريان أصالة الظهور في غير آيات الأحكام يثبت الخلل بظهور آيات الأحكام و بالتالي ليس ظهور آيات الأحكام مرادا لله سبحانه و تعالى مثلا إن جريان أصالة الظهور في آية ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين يثبت وقوع التحريف و السقط في آية يا أيها الذين آمنوا أقيموا الصلاة لوجود العلم الإجمالي بوقوع الخلل في إحداهما فإذا نجري أصالة الظهور في طرف و قلنا بعدم تحريفه يثبت عقلا تحريف الطرف الآخر و بهذا البيان تسقط آيات الأحكام عن الحجية.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo