< فهرست دروس

درس خارج اصول استاد عبدالله احمدی‌شاهرودی

1401/07/10

بسم الله الرحمن الرحیم

 

موضوع: الامارات/حجیة الظواهر/التحقیق حول حجیة ظاهر الکتاب و رد مقالة الاخباری

 

و بعد أن عرفت عدم تمامية الجواب الأول عن إستدلال الأخباريين علی الآیة الناهية عن الأخذ بالمتشابه تصل النوبة إلى النظر في سائر الأجوبة التي ذكرت في الرد عليهم:

منه: إن الآية تنهى عن الأخذ بالمتشابه و المتشابه يطلق على ما كان حاملا لمعنيين أحدهما كان شبيها بالآخر حيث إنه من التفاعل و يؤخذ من الشبه و من الواضح أن المعنى الظاهر من اللفظ لا يشبه بغير الظاهر منه فلا يكون اللفظ الظاهر في المعنى متشابها اصلا لأنه ليس حاملا لمعنيين كان أحدهما شبيها بالآخر إذ الظاهر ليس شبيها بغير الظاهر فالمتشابه لا يطلق على الظاهر قطعا حتى يقال بأن الآية تمنع عن الأخذ به و هذا الجواب قد ذكر في مصباح الأصول.

مناقشة السيد الصدر:

ان تمامية هذا الجواب يتوقف على ارادة المتشابه المفهومي من المتشابه في الآية الناهية اذ المتشابه على قسمين:

المتشابه المفهومي: و هو ما كان يحتمل فيه عدة من المعاني الموضوعة لها اللفظ مثل ما اذا قال المتکلم: رأيت عينا فإنا لا نعلم أن المراد من العين في كلام المتكلم أىُّ معنى من معانيه و لذا يعد هذا اللفظ متشابها و مجملا بحسب المفهوم.

المتشابه المصداقي: و هو ما كان معناه و مفهومه متعينا و معلوما و لكننا لا نعلم أن المراد منه أى فرد من افراده و أى مصداق من مصاديقه؟ مثلا إن معنى الكرسي في آية ﴿وسع كرسيه السماوات والأرض﴾ كان معلوما و متعينا مع أنا لا نعلم أن المراد من هذا المعنى المتعين أى مصداق من مصاديقه؟ و هذا هو المتشابه بحسب المصداق و تمامية هذا الجواب كما قلنا يتوقف على أن يراد من المتشابه في الآية، المتشابه مفهوما لأن المجيب قال بأن الآية تنهى عن الأخذ بالمتشابه المفهومي مع أن الظاهر ليس كذلك قطعا فلا تنهى الآية عن العمل بها و لكننا نقول بأن الآية لا تنهى عن اتباع المتشابه المفهومي حتى يقال في الجواب بعدم شموله للفظ الظاهر في المعنا و ذلك بقرينتين:

احدهما: لا توجد في القرآن آية متشابهة مفهوما و لذا لا يعقل أن يمنع في الآیة عن العمل و الأخذ به لأن وجود المتشابه المفهومي في الآية ينافي مع كونه هدى و نورا و تبيانا لكل شيئ لأن غرض الهداية و إرشاد الناس إلى طريق الهدى يتوقف على أن يلقى الكلام على نحو لا يتحير الناس عند المواجهة معه و ليس كلام المجمل موجبا لهداية الناس إلى طريق الهدى لأنهم لم يعرفوا معناه حتى يمكن لهم الأخذ به و العمل على وفقه.

ثانیهما: إن الآية تنهى عن إتباع المتشابه و من المعلوم أن التبعية للكلام تعقل فيما اذا كان ذلك الكلام على نحو يصلح لأن يتَّبَع و المتشابه مفهوما ليس له ظهور لكى يتبع و يعمل به فالاتباع فرع صلاحية الكلام لأن يؤخذ به و يعمل على طبقه و المتشابه المفهومي ليس ظاهرا في معنى حتى يصلح للإتباع و لذا ليس المراد من المتشابه في الآية المتشابه المفهومي بل المراد منه هو ما كان ظاهرا في المعنى الخاص مع أن هذا المعنى له مصاديق جلية و خفية و لكن الآخذ به يطبق المعنى الظاهر من اللفظ على المصاديق الجلية دون الخفية مع أن الله سبحانه و تعالى لا يريد من كلامه المصاديق الجلية من معنى اللفظ و هذا مما تمنع عنه الآية و قد يتوهم أن لفظ التأويل في الآية الشريفة ينافي مع ما ذكرناه إذ تطبيق المعنى الظاهر على المصاديق الجلية في الذهن ليس تأويلا مع أن هذا التوهم خاطئ جدا لأن التأويل يطلق و يراد منه أحد من المعنيين:

الأول: التأويل بمعنى حمل اللفظ على خلاف ظاهره

الثاني: التأويل من الأَول بمعنى إرجاع المعنى الظاهر من اللفظ إلى مصاديقه الجلية لدى الأذهان و المراد من التأويل في الآية الشريفة هو هذا المعنى قطعا لأن وجود القرينة يمنعنا عن حمل التأويل في الآية على معناه الأول.

و على ضوء ما ذكرناه تعرف الجواب الثالث عن استدلال الأخباريين على الآية الناهية عن الأخذ بالمتشابه لأننا قلنا بأن الآية لا تنهى عن العمل و الأخذ بالمجمل و المتشابه المفهومي رأسا و لذا لا يجوز أن يقال بأن الآية تمنع عن الأخذ بالمجمل مع أن الظاهر يعد من مصاديقه حيث إن الآية لا تمنع عن الأخذ بالمجمل حتى يقال بشموله للظاهر.

مناقشة الأستاذ (دام ظله) في كلام السيد الصدر:

إن كلام السيد الصدر هاهنا ليس بتام لأن المراد من المتشابه في الآية هو المتشابه المفهومي لا المصداقي و ما ذكر في كلام السيد الصدر بعنوان القرينة على كون المراد من المتشابه في الآية هو المتشابه مصداقا غير صحيح أما الاشكال في قرينته الأولى فلأنه ليس المراد من وصف القرآن بكونه نورا و تبيانا لكل شيئ هو أن كل واحد من آياته هو نور و تبيان لكل شيئ لأنا نقطع من الخارج بأن في الكتاب آيات لا نفهم معناها مثلا قال الله سبحانه و تعالى في الكتاب: ﴿الم ذَلِكَ ٱلكِتاب لَا رَيبَ فِيهِ هُدى لِّلمُتَّقِينَ﴾ فالقرآن وصف في هذه الآية بأنه هدى للمتقين مع أننا لا نعلم أنه ما المراد من المتقين؟ لأنه إن أريد منه من كان واجدا لملكة العدالة و لم يرتكب المعصية طول عمره كمولانا أبى الفضل العباس و السيدة زينب (سلام الله عليهما) فيلزم حينئذ أن تختص هداية القرآن لعدة قليلة من أفراد الإنسان لأنه قلما يوجد فرد لا يرتكب المعصية طول عمره و إن قيل بأن المراد من المتقين في الآية الشريفة من كان قابلا للهداية فنقول حينئذ بأن هذا المعنى من المتقين لم يشهد عليه شاهد و لم يدل عليه دليل فإذاً لا ريب في أن المراد من وصف القرآن بالنور ليس معناه كون كل واحد من آياته مبيَّنا و موجبا لهداية الإنسان حيث إنا نقطع من الخارج بأن كل واحد من آيات الكتاب ليس كذلك و لذا قلنا بأن مجموع الآيات بعد الرجوع الى المعصومين (عليهم السلام) يوجب هداية الناس إلى الطريق المستقيم و إن قلنا بأنه نور و تبيان لكل شيئ حتى مع عدم الرجوع الى العترة الطاهرة فما هو الفرق بينا و بين من قال حسبنا كتاب الله؟! فاذاً إن وجود المتشابه المفهومي في الكتاب المجيد لا ينافي مع كونه تبيانا لكل شيئ و كان هو موجبا للهداية إذ الكتاب بعد المراجعة إلى الإمام (عليه السلام) كان موجبا للهداية و إن كان فيه المتشابه مفهوما حيث إن الاجمال في المفهوم يرتفع بعد الرجوع الى المعصوم (عليه السلام) و أما الاشكال في قرينته الثانية فلأن الظاهر و المتفاهم عرفا من النهي عن إتباع المتشابه هو النهي عن حمل اللفظ على أحد المعنيين و طرح الآخر منهما فاليد في آية يد الله فوق أيديهم مثلا يحتمل أن يستعمل في العضو الخاص من البدن كما يحتمل أن يستعمل في غيره فالتشابه و الإجمال يكون في مفهومه دون مصداقه.

لا یقال:

إن التبعية للكلام فرع ظهوره في المعنى و اذا لم يكن الكلام ظاهرا في معنى فلا يصدق عرفا أن الشخص قد اتبعه فاذاً لا معنى للتبعية عن المجمل اذا أريد منه المتشابه مفهوما.

لأنه يقال:

إن التبعية للمجمل صادقة عرفا فيما اذا كان الشخص آخذا بأحد طرفيه مثلا إن المتكلم إذا تكلم بما كان ذا وجهين مع أن المخاطب يحمل كلامه على أحد طرفي المعنا فلا ينبغي الريب في أن تبعية المخاطب للمجمل صادقة عرفا حسب الفرض مثلا إن الشاعر قال:

خاط لي عمروٌ قبـــــاءً

لیـــــــــــت عَینیه سواءٌ

فيحتمل أن الشاعر دعا للخياط بقوله ليت عينيه سواء كما يحتمل أنه دعا عليه بقوله هذا و اذا حمل المخاطب كلام الشاعر على الدعاء عليه فيصح حينئذ أن يقال له: بأنك لماذا أخذت بالمجمل و اتبعته من خبث سريرتك مع أنه يحتمل فيه كلا المعنيين؟ لأنه يحتمل أن الشاعر أراد بقوله ليت عينيه سواء التمني لشفاء عين الخياط و حمل كلامه على الدعاء عليه يعد عرفا من مصاديق اتباع المجمل و الأخذ به إذ اتباع المجمل معناه هو ترتيب الآثار على الكلام المجمل و ايجاد النزاع و الفتنة به و من الواضح أن الاتباع للمجمل يصدق عرفا في هذا الفرض لأن حمل كلام الشاعر على أحد طرفي المعنا و هو الدعاء على الخياط يوجب ايجاد الفتنة و النزاع و هذا هو معنى التبعية لكلام المجمل و على ضوء ما ذكرناه تعرف أن الاتباع للمجمل يصدق فيما اذا أخذ الشخص بأحد طرفي المعنا مع طرح الطرف الآخر منه لإيجاد الفتنة و النزاع به و مما ذکرناه تعرف عدم تمامیة كلام السيد الصدر حيث إنه قد إدعى أن الاتباع لا يصدق عرفا فيما اذا كان الكلام مجملا مفهوما مع أن المخاطب يحمله على أحد طرفي المعنا مضافا إلى أن حمل اللفظ على المصاديق الجلية لمعناه ليس أمارة على وجود الزيغ و المرض في القلوب كما قاله السيد الصدر لأن السيد الصدر قال بأن تأويل المتشابه المنهي عنه في الآية هو بمعنى إرجاع المعانى الظاهرة إلى المصاديق الجلية لدى الأذهان مع أن هذا التفسير من الآية لا يصح قطعا بداهة أن مجرد الأخذ بالمصاديق الظاهرة لمعنى اللفظ ليس أمارة على وجود المرض و الزيغ في القلوب لأن المولا اذا تكلم بكلام كان لمعناه مصاديق واضحة و جلية عند العرف مع أنه لا يأتي بما يصلح للقرينية على الخلاف فإذاً لا يجوز له أن يقول للعبيد بأن في قلوبكم مرض و زيغ اذ أنتم تأخذون بظاهر كلامي.

نعم إن حمل المجمل على أحد معانيه بدون القرينة المعتبرة أو أخذ بالمصاديق الجلية من اللفظ مع العلم بأن الله سبحانه و تعالى لا يريده فإذاً كان في قلب الآخذ مرض و زيغ بحسب هذه الآية المباركة.

الجواب الرابع (و هو من السيد الصدر): إن سلمنا و قلنا بأن المتشابه في الآية هو ما كان مجملا مفهوما و كان الظاهر مصداقا له الا أن المراد من الأخذ بالمتشابه في الآية ليس حمل اللفظ على المعنى الظاهر بقرينة لفظ التأويل في الآية حيث إن التأويل يصدق فيما اذا يحمل اللفظ على المعنى الغير الظاهر و لكن حمل اللفظ على المعنى الظاهر لا يعد تأويلا و المجيب بحسب جواب الرابع يقبل و يلتزم بأن الظاهر يعد من المتشابه مفهوما و بهذا يتميز هذا الجواب عن الجواب الثاني الذي نقلناه عن مصباح الأصول لأن السيد الخوئي قال في الجواب الثاني بأن المجمل و المتشابه المفهومي لا يشمل الظاهر رأسا مع أن المجيب في الجواب الرابع يلتزم بشمول المتشابه المفهومي للظاهر الا أنه قال بأن قرينة التأويل في الآية تدل على أن النهى في الآية لا يتوجه إلى حمل اللفظ على المعنى الظاهر منه لأن حمل اللفظ على ظاهره لا يكون تأويلا.

الجواب الخامس (و هو من السيد الصدر): إن هذه الآية أجنبية عن مقالة الأخباريين بالمرة لأنهم يقولون بعدم حجية ظاهر الكتاب كما أنهم يعتقدون بأن جميع ما في الكتب الأربعة قطعي الصدور و بعد القول بعدم حجية ظاهر الكتاب لا بد لهم من الرجوع إلى الأحاديث المروية في مجامعنا الروائية لتفسير آيات الكتاب و لذا يجب لفهم الآية الناهية عن الأخذ بالمتشابه الرجوع الى الأحاديث الشريفة و إنا نرى في الحديث المروي في الكافي الشريف هو أن الأئمة المعصومين (صلوات الله عليهم الأجمعين) هم المراد من المحكمات في الآية الشريفة و ائمة الكفر الغاصبين لولاية أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) هم المراد من المتشابه فيها و هكذا إن إتباع المتشابه الذي هو كاشف عن المرض و الزيغ في القلوب قد فسر بإتباع الخلفاء الغاصبين (لعنة الله عليهم أجمعين) و إليك نص الخبر:

الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أُورَمَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَسَّانَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَثِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع‌ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى- هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ‌ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ‌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ‌ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (ع) وَ الْأَئِمَّةُ- وَ أُخَرُ مُتَشابِهاتٌ‌ قَالَ فُلَانٌ وَ فُلَانٌ- فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ‌ أَصْحَابُهُمْ وَ أَهْلُ وَلَايَتِهِمْ‌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ‌ مِنْهُ ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ وَ ابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ وَ ما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ‌ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (ع) وَ الْأَئِمَّةُ (ع).

الجواب السادس: لو سلمنا و قلنا بأن المتشابه في الآية مطلق و يشمل الظاهر و المجمل معا الا أنه كسائر العمومات و الاطلاقات القرآنية يقيد بما دل على الأخذ بظاهر الكتاب كأحاديث العرضة أو حديث الثقلين مثلا.

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo