< فهرست دروس

درس خارج اصول استاد عبدالله احمدی‌شاهرودی

1401/06/16

بسم الله الرحمن الرحیم

 

موضوع: الامارات/حجیة الظواهر/حجیة ظاهر الکتاب و رد مقالة الاخباری

 

ثم إن شبهة استلزام وجود الشيئ لعدمه شبهة سيالة قد طرحت في جملة من مباحث علم الأصول مثلا إن السيد المرتضى قد إدعى الاجماع على عدم حجية خبر الواحد مع أن إخبار السيد المرتضى عن الاجماع علی عدم حجية خبر الواحد إن كان حجة يلزم منها عدم حجية نفس خبره لأنه بنفسه مصداق لخبر الواحد فنحن نتكلم في المقام حول هذه الشبهة في جهات:

الجهة الأولى: تقريب هذه الشبهة التي ألقاها الإغريقي للنقض على منطق الأرسطو

الجهة الثانية: تقريب ما أفاده السيد الصدر لحل هذه الشبهة

الجهة الثالثة: النظر فيما أفاده السيد الصدر

الجهة الاولى (في تقريب الشبهة):

إن الإغريقي هو أول شخص طرح هذه الشبهة لنقض منطق الارسطو القائم على أساس استحالة إجتماع النقيضين و استحالة ارتفاعهما و حاصل كلامه هو ان الشخص إذا قال كل خبري كاذب فإما كان كلامه صادقا و إما كان كلامه كاذبا و إما كان كلامه ليس بصادق و لا كاذب فعلى الأولين يلزم إجتماع النقيضين لأن صدق الخبر يساوي مع كذبه و كذبه يساوي مع صدقه أما صدق الخبر يساوي مع كذبه لأنه يلزم من صدق (كل خبري كاذب) كذب جميع إخبارات المتكلم حتى إخباره عن كذب جميع إخباراته حيث إن نفس كل خبري كاذب يعد من جملة إخبارات المتكلم فإذا كان جميع إخباراته كاذبا فيلزم كذب نفس خبر كل خبري كاذب لأنه يعد من جملة إخبارات المتكلم أيضا و لذا يلزم من صدقه كذبه فيجتمع النقيضان و أما اذا كان (كل خبري كاذب) كاذبا يلزم من كذبه صدقه لأننا نفترض صدق جملة من إخبارات المتكلم و يعد نفس خبر كل خبري كاذب من جملة إخباراته الصادقة فيلزم كونه صادقا كسائر إخباراته بعد افتراض كونه كاذبا فيجتمع النقيضان و أما اذا قلنا بأن كل خبري كاذب ليس بصادق و لا كاذب فيلزم منه ارتفاع النقيضين و بالتالي يثبت عدم استحالته.

و قد تعرض السيد الصدر هنا إلى أمرين ينبغي التعرض إليهما و النظر فيهما:

النكتة الأولى: قد يتوهم أن نفس استلزام وجود الشيئ لعدم ذلك الشيئ ممكن مع أنه مستحيل في الخارج وقوعه حيث إن تحقق الشيئ فی الخارج لا يجتمع مع عدمه و الا للزم إجتماع الوجود و العدم معا و هو محال مثلا إن الملازمة بين وجود شريك الباري في العالم و وقوع الفساد فيه ليس بمحال بل هو أمر ممکن و متقرر في لوح الواقع و نفس الأمر و لكن تعدد الآلهة في الخارج محال وقوعا لكونه مستلزما لفساد العالم فالمحال ليس نفس الاستلزام و الملازمة بل هی موجودة فی عالم الواقع و نفس الأمر و لکنَّ المحال هو وقوع الملزوم في الخارج و هو تعدد الآلهة لترتب لازم فاسد عليه و هذا الكلام يأتي في المقام أيضا لأن نفس استلزام الحجية لعدمها ليس بمحال بل وقوع الحجیة ان کان ملازما لعدمها محال لأنه یلزم منه محذور اجتماع الوجود و العدم معا و هو محال فالمحال علی هذه الفرضیة لیس نفس الملازمة بین وجود الشیئ مع عدمه بل المحال هو وجود الشیئ خارجا اذا یلزم منه عدمه و لكن قال السيد الصدر: إن هذه النقطة خاطئة جدا حيث إن نفس استلزام وجود الشيئ لعدمه أمر محال يعني إذا كان وجود الشيئ ملازما مع عدمه فنفس هذه الملازمة أمر محال لا أن المحال يلزم من وجود الشيئ خارجا حيث إن المحال هو نفس هذه الملازمة مع قطع النظر عن وجود الشيئ خارجا فالاستحالة لا تترتب على وجود الشيئ خارجا بل الاستحالة تترتب على نفس ملازمة وجود الشيئ مع عدمه.

النكتة الثانية: لماذا كان استلزام وجود الشيئ لعدمه أمرا محالا؟ و ينبغي تقديم مقدمة هنا لتقريب كلام السيد الصدر و هي:

إن الوجود على ثلاثة أنحاء: الوجود الخارجي و الوجود الذهني و الوجود الواقعي و قد إدعى السيد الصدر: إن المعقولات الثانوية الفلسفية متقررة في لوح الواقع و نفس الأمر الذي هو أوسع من لوح الوجود و المراد من المعقولات الثانوية الفلسفية هي الأعراض التي يكون وعائها فی الذهن مع أن معروضها في الخارج كالإمكان أو الاستلزامات كإستلزام العلة للمعلول أو الإمتناع فالانسان الخارجي يتصف بالإمكان الذهني و العلة الخارجية متصفة بكونها مستلزمة للمعلول فالوصف في الذهن و لكنَّ الموصوف في الخارج مع أن التغاير و الاثنينية بين وعائي الوصف و الموصوف محال حيث إن قضية الإنسان ممكن قضية حملية تقتضي الاتحاد و الهوهوية بين الموضوع و المحمول مع أن الاتحاد بين شيئين متحققين في وعائين مختلفين محال فالانسان الخارجي لا يمكن اتحاده مع الإمكان الذهني الا اذا قلنا بأن الإمكان الذهني قد تحقق في الخارج أو الإنسان الخارجي قد تحقق في الذهن و كلاهما محال إذ الإمكان الذهني يستحيل وقوعه في الخارج و هكذا الإنسان الخارجي يستحيل وقوعه في الذهن و لحل هذه المعضلة قد التجأ السيد الصدر إلى اختراع عالم الواقع و قال بأن الاتحاد بين طرفي القضية يتحقق في عالم الواقع و نفس الأمر.

ثم إن السيد الصدر قد إدعى أن استلزام وجود الشيئ لعدمه لا يتقرر في عالم الواقع و نفس الأمر و من هنا نقول بأن نفس هذا الاستلزام كان محالا إذ لو كان ممكنا لكان موجودا في عالم الواقع و نفس الأمر مع أنه ليس بموجود في لوح الواقع.

مناقشة الأستاذ في كلام السيد الصدر:

إن دعاوي السيد الصدر ها هنا دعاوي باطلة و نتعرض هنا إلى المناقشة في دعاويه.

المناقشة في دعواه الاولى:

إن السيد الصدر يقول في دعواه الأولى بأن نفس استلزام وجود الشيئ لعدمه محال مع أنه يمكن أن نقول بأن نفس هذا الاستلزام متقرر و موجود في لوح الواقع و هذا يكون كقول السيد الصدر بوجود استحالة شريك الباري في عالم الواقع أو کقوله بوجود الملازمة بین تعدد الآلهة و فساد العالم فی لوح الواقع فما هو الفرق بين مثل الاستحالة المتقررة في عالم الواقع و بين هذا الاستلزام؟! فكما أن اجتماع النقيضين محال وقوعا في الخارج مع أن استحالته متقررة في لوح الواقع على طبق مبنى السيد الصدر فهكذا استلزام وجود الشيئ مع عدمه محال خارجا مع أنه متقررة في لوح الواقع فما هو الفارق بين الأمرين؟

المناقشة في دعواه الثانية:

إن الالتزام بعالم الواقع الذي هو أوسع من عالم الوجود غير معقول بل هو موهون و بطلانه أوضح من بطلان اجتماع النقيضين و لذا لا يلتزم به أحد من المحققين و الأعاظم ممن أعرفهم بل لعله كان من جملة ما إخترعه السيد الصدر و نحن ناقشنا في هذه الدعوى كرارا و نتعرض هنا إلى جملة من إشكالاتها:

الاشكال الاول: إن السيد الصدر إخترع عالم الواقع لإندفاع المحذور الذي تقدم بيانه مع أن الالتزام بعالم الواقع لا يدفع المحذور بل هو كرٌّ إلى ما فر منه لأن المستشكل قال بأنه كيف يمكن حمل الإمكان الذهني على الإنسان الخارجي؟ مع أنه يلزم منه اتحاد ما هو موجود في عالم الذهن مع ما هو موجود في عالم الخارج! و السيد الصدر قال في الجواب بأن الإمكان الموجود في لوح الواقع يتحد مع الإنسان الموجود في لوح الخارج و هذا البيان لا يدفع المحذور بل المحذور يعود لأنه يقال له: كيف يمكن اتحاد الإمكان المتقرر في لوح الواقع مع الإنسان الموجود في عالم الخارج بعد افتراض تغاير عالم الخارج مع عالم الواقع؟! فالإنسان موجود في عالم الخارج مع أن الإمكان على حسب دعوى السيد الصدر متقرر في لوح الواقع فكيف يمكن اتحاد ما هو في عالم الخارج مع ما هو في لوح الواقع بعد فرض تغاير عالم الخارج مع لوح الواقع معا؟! فاذاً لا يندفع الإشكال بالالتزام بعالم الواقع

الاشکال الثاني: إن القائل بعالم الواقع إما أن يقول بكونه قديما و غير مخلوق و إما أن يقول بأنه مخلوق و لا يمكن الالتزام بكلا الامرين لأن الالتزام بكونه أزليا و غير مخلوق يستلزم الكفر و الزندقة حيث إن الالتزام بقدم عالم الواقع يستلزم إنكار وحدانية واجب الوجود لأن المعقولات الثانوية الفلسفية على هذا التقدير كانوا بأجمعهم واجب الوجود لأن المفروض كونهم غير مخلوقين و لا يمكن الالتزام أيضا بأن عالم الواقع مخلوق لأمرين:

الأمر الاول: إنه لا معنى لخلق إمتناع شريك الباري أو خلق إمكان الإنسان و هكذا لا معنى لخلق سائر المعقولات الثانوية بل هو أمر غير معقول و غير متصور.

الأمر الثاني: السيد الصدر يعترف في كلماته بأن قضية الإنسان ممكن أو اجتماع النقيضين محال صادقة حتى في عالم نفترض فيه عدم وجود واجب الوجود و لو بنحو فرض المحال حيث قال في البحوث:

من الواضح ان هذه الأعراض حقة و ثابتة و واقعية حتى لو فرض عدم وجود العقل الأول والواجب فحتى المنكر لوجود الواجب يمكنه أن يتقبل حقانية هذه القضايا و قضية امتناع اجتماع النقيضين صادقة و ثابتة حتى في عالم يفترض فيه عدم وجود الواجب و لو محالا[1] .

و من هنا قلنا بأنه لا يمكنه الالتزام بمخلوقية عالم الواقع لأنا نسئل عنه حينئذ: إن قضية "اجتماع النقيضين ممتنع" صادقة أم كاذبة قبل خلقها؟ فلا محيص له عن اختيار الاول فإذا اختار الاول فلازمه هو القول بعدم مخلوقية هذه القضايا.

حل الاستاذ للمشكلة التي طرحت في المعقولات الثانوية:

إن الإمكان لا يحمل على الإنسان في قضية الإنسان ممكن حتى يشكَل بأن الإمكان الذهني كيف يتحد مع الإنسان الخارجي؟ بل الممكن أي ذات ثبت له الإمكان يحمل على الإنسان و من المعلوم أن الممكن موجود في الخارج فالانسان و الممكن معا موجودان في الخارج فلا يكون الموضوع و المحمول متحققين في وعائين مختلفين بل كلاهما في وعاء واحد و هو وعاء الخارج فیصح الحمل حینئذ لاتحاد وعاء الموضوع و المحمول معا.

نعم إن الإمكان موجود ذهني و لم يتحد مع الإنسان أما الممكن موجود خارجي فيتحد معه.

لا يقال:

إن المحمول أي الممكن متشكل من قضية حملية و هى ذات ثبت له الإمكان فكيف يحمل الإمكان الذهني على الذات الخارجي؟

لأنه يقال:

إن المحمول أى الممكن ليس حاملا للقضية الحملية المقتضية للاتحاد و الهوهوية لأن معنى الممكن هو ذات ثبت له الإمكان و هذا ليس قضية حملية مقتضية للاتحاد مثلا إن قال شخص لآخر: إن لك بيتا في الايران فهل هي قضية حملية؟! كلا لأن المتكلم لم يحمل البيت في الايران على مخاطبه حتى يشكل بأن اللازم وجود البيت و المخاطب معا في وعاء واحد لصحة الحمل بل المتكلم يخبر عن وجود بيت له فقط و هكذا كان حال قولنا: الإنسان هو ذات ثبت له الإمكان لأن المتكلم يخبر بكلامه عن اعتبار وصف ذهني للانسان و ليس هذا حمل الوصف على الإنسان حتى يقتضي ذلك الاتحاد و الهوهوية.

الجهة الثانية: تقريب ما أفاده السيد الصدر لحل شبهة الإغريقي

إن قضية كل خبري كاذب تنحل الى ثلاث قضايا:

القضايا الاولى: هى القضايا التي أُخبِر عنها مع قطع النظر عن خبر ( كل خبري كاذب) كقول المخبر بأن اليوم مطرت السماء أو اليوم مات فلان أو ضحك عمرو إلى غيرها من القضايا الخبرية.

القضية الثانية: هو نفس قضية خبر كل خبري كاذب.

القضية الثالثة: هى القضية التي تتولد من القضية الثانية من الأخبار لأن الإخبار عن الكذب في القضية الثانية يشكِّل قضية ثالثة لأن نفس الإخبار عن الكذب قضية يحتمل فيها الصدق و الكذب أيضا فتتولد منها قضيةٌ ثالثة و هي عبارة عن الإخبار عن كذب القضية الثانية أي كذب كل خبري كاذب و لذا تنظر القضية الثالثة إلى قضية كل خبري كاذب و تكذبها فإن قلنا بأن قضية (كل خبري كاذب) صادقة فلا محالة يستلزم صدقها كذب طرفيها لا كذب نفسها و لذا لا يلزم من صدق الخبر كذب نفسه حتى يجتمع النقيضان معا لأن صدق القضية الثانية أي كل خبري كاذب معناه كذب القضايا الأولى و كذب القضية الثالثة التي أخبرت عن كذب الثانية و إن كانت القضية الثانية كاذبة فحينئذ يلزم من كذبها صدق طرفيها لا صدق نفسها و بهذا البيان ينهدم أساس شبهة الإغريقي.

ثم ادعی السيد الصدر بأن قضية كل خبري كاذب تنحل إلى قضايا لا نهائية حيث إن هذه القضية _كما تقدم_ متضمنة للإخبار عن كذب القضايا الاولى و يحتمل الصدق و الكذب في نفس هذا الإخبار فتتولد منها قضية أخرى و هو كل خبري كاذب، كاذبٌ مثلا ثم تتولد من هذه القضية أيضا قضية أخرى لأنها بنفسها متضمنة للإخبار أيضا فيحتمل فيها الصدق و الكذب و لذا تتولد منها قضية أخرى و هى قضية تكذب القضية الثالثة و هكذا تحدث القضية بعد كل قضية إلى ما لا نهاية لها و انحلال قضية كل خبري كاذب إلى قضايا لا نهائية و إن كان موجبا للتسلسل الا أن هذا ليس بمحال لأن المحال هو التسلسل في سلسلة العلل دون المعاليل.

 


[1] بحوث فی علم الاصول، ج2، ص397 و 398.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo