< فهرست دروس

درس خارج اصول استاد عبدالله احمدی‌شاهرودی

1401/06/15

بسم الله الرحمن الرحیم

 

موضوع: الأمارات/حجیة الظواهر/التحقیق حول حجیة ظاهر الکتاب و رد مقالة الاخباری

 

ثم إن من جملة ما يمكن أن يستدل به على رد مقالة الأخباري هي جملة من الآيات الدالة على لزوم التدبر في كتاب الله كآية ﴿أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها﴾ و هكذا الروايات الدالة على لزوم التمسك بكتاب الله كحديث الثقلين أو ما دل على لزوم الالتجاء بكتاب الله عند تهاجم الفتن كقول رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم): إذا التبست عليكم الفتن كقطع الليل المظلم فعليكم بالقرآن فإنه شافع مشفع و ماحل مصدق و من جعله أمامه قاده إلى الجنة و من جعله خلفه ساقه إلى النار فهذه النصوص تدل على أن فهم آيات الكتاب ميسور لسائر الناس و الا فما هو معنى الأمر بالتدبر في كتاب الله أو الامر بالالتجاء إليه عند تهاجم الفتن؟! مضافا إلى أن ادعاء عدم فهم الآيات المرتبطة بالتوحيد كآية قل هو الله أحد مثلا أو الآيات المرتبطة بالمعاد أو الآيات المرتبطة بمعرفة الله سبحانه و تعالى كآية ﴿أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت﴾ جزاف قطعا و ما أظن أن يتفوه بذلك حتى الأخباري.

نكات حول معنى حديث الثقلين:

النكتة الأولى: إن حديث الثقلين لا يدل على جواز التمسك بالكتاب من دون المراجعة إلى العترة الطاهرة (عليهم السلام) بل مفاده هو لزوم التمسك بالكتاب بعد المراجعة إلى العترة و هذا من القطعيات إذ لا شبهة في أن كلام الأئمة (عليهم السلام) مقدم على القرآن و حاكم عليه و لذا إن لم نراجع إلى اهل البيت (عليهم السلام) في فهم معاني الآيات فليس نصوص القرآن حينئذ حجةً علينا فضلا عن ظواهره و من هنا اذا قطعنا بصدور روايةٍ من الإمام (عليه السلام) مع القطع بكونها مخالفة لصريح القرآن فلا بد حينئذ من رفع اليد عن صريح القرآن و الأخذ بقول الإمام (عليه السلام) لأن كلام الأئمة (صلوات الله عليهم) مقدم على القرآن و حاكم عليه.

النكتة الثانية: قد بينا سابقا أن حديث الثقلين لا يدل على أن الناس يحتاجون إلى الكتاب لمعرفة الاحكام بعد الرجوع الى الأئمة (عليهم السلام) بل المقصود من حديث الثقلين و نحوه من الروايات الدالة على لزوم الالتجاء بكتاب الله هو ترغيب الناس للاهتمام بالكتاب لكى يحفظ و يصون من التحريف لأن المخالفين لا يزال كانوا بصدد تحريف الكتاب و الائمة (عليهم السلام) قد أمرونا بالمراجعة إلى الكتاب و حفظه و قرائته لأن المراجعة إليه و الاهتمام به أحسن طريق لحفظ القرآن عن تحريف المخالفين فالمراد من التمسك بكتاب الله ليس لزوم الرجوع إلي الكتاب لأجل أخذ المعارف الإلهية منه حيث إن القرآن لا يصلح لأن یأخذ منه المعارف من دون الرجوع الی الائمة (علیهم السلام) لأنه حمال ذو وجه و من هنا قال أمير المؤمنين (علیه السّلام) لابن عباس لما بعثه للاحتجاج على الخوارج لا تخاصمهم بالقرآن فإنّ القرآن حمال ذو وجوه تقول و یقولون و لکن حاججهم بالسنّة فإنّهم لن یجدوا عنها محیصا و من هنا لیس التمسك بالكتاب من دون الرجوع الى العترة (عليهم السلام) موجبا لهداية الناس و ارشادهم الی طریق الهدی بل هو يوجب ضلالتهم فالقرآن لا یغنینا عن تفسير المعصومين (عليهم السلام) و رواياتهم حیث إن القرآن من دون بیان الائمة (علیهم السلام) کان موجبا للضلال و لذا لا یجوز الأخذ بظواهر آیات القرآن الا بعد الرجوع الی الأحاديث الصادرة من المعصومين (عليهم السلام) و لکن أخبار الائمة (علیهم السلام) تغنينا عن المراجعة إلى الكتاب و من هنا قلنا أن الهدف الأساسي للارجاع إلى الكتاب فی الأخبار هو حفظ نفس الكتاب حيث إن حفظ الشريعة و حقانية العترة (عليهم السلام) متوقف على صيانة الكتاب و حفظه من التحريف لأن تطرق التحريف إلى الكتاب يستلزم أن يدخل المحرفون عقائدهم الباطلة في الكتاب كي يستدلوا به على حقانيتهم و يحتجوا به على إبطال طريقة اهل بيت العصمة (عليهم السلام) و لو أن المنافقين تمكنوا على تحريف الكتاب لأدخلوا فيه أسامى الثلاثة (عليهم اللعنة و العذاب) و لأوردوا فيه آية تدل على أن النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) لم يعيِّن وصيا و خليفة من بعده بل أودع أمر الخلافة إلى شورى المسلمين ثم ادعوا بأن قول النبي في يوم الغدير لا ينافي مع هذه الآيات حيث إنها نزلت بعد الغدير و لذا تعد هذه الآيات ناسخة لحكم النبي في الغدير و من المعلوم أن ادخال هذه الآراء الباطلة و الأقاويل الفاسدة في الكتاب يوجب أن يشتبه الامر على جميع المسلمين و نحن نرى في التاريخ أن ائمة الكفر كمعاوية (لعنة الله عليه) لا يزال يضعون الأخبار و الأحاديث في فضائلهم و يطعنون بالأخبار الموضوعة على أميرالمؤمنين و سائر أهل البيت (صلوات الله عليهم) مع أنهم لم يوفقوا أن يحرفوا القرآن و السر في ذلك هو إهتمام جميع المسلمين بالقرآن عملا لوصية النبي و وصية العترة به و لو لم يهتم المسلمون بالقرآن لأدخل المنافقون فيه ما يوافق أهوائهم و آرائهم و هذا يوجب هدم شريعة سيد المرسلين و إبطال معجزته الخالدة حيث إن كلام الله إن اشتبه مع كلام غيره لتمكن الغير من الاتيان بمثله و لو تمكن الغير من الإتيان بمثله لبطل حينئذ إعجاز الكتاب مع أن وقوع التحريف في الكتاب يوجب أن يكون بين أيدينا نسخ مختلفة من القرآن و هذا وهن على الإسلام الذي هو أكمل الأديان لأن هوية الدين المبين تعرَّف بالكتاب مع أن تحريف ما كان هوية للدين وهن على ذلك الدين

لا يقال:

إن الله سبحانه و تعالى قد وعد بحفظ الكتاب من التحريف و من المعلوم أن وعد الله حتمى ليس فيه التخلف و لذا لو لم يوصِ النبي و الأئمة (صلوات الله عليهم) بالاهتمام إلى الكتاب لبقى القرآن محفوظا من التحريف أيضا لأن الله هو حافظه.

لأنه يقال:

هذا الكلام باطل لأن وعد الله بحفظ الكتاب من التحريف إنما يتحقق فيما إذا أوصى النبي و الأئمة (صلوات الله عليهم) بالاهتمام إلى الكتاب و لو لم يؤكد النبي و العترة على الاهتمام بالكتاب لصار الکتاب محرفا و لحذفوا منه ما يدل على حفظه من التحريف فصيانة القرآن من التحريف انما يتحقق على تقدير تأكيد النبي بالاهتمام إلى القرآن و إلا لصار الكتاب مهجورا متروكا و لحذفوا منه ما يدل على حفظه من التحريف أيضا فالضامن لصيانة القرآن من التحريف هو الله أما تحقق وعده سبحانه و تعالى يتوقف على وصية النبي و العترة و تأكيدهما على الاهتمام و التمسك بالكتاب.

و على ضوء ما ذكرناه تعرف أن معنى التمسك بالكتاب ليس أخذ المعارف منه بل المراد منه هو لزوم الإهتمام و التوجه بكتاب الله لكى يحفظ و يصون من التحريف و لأجل ذلك قد أوصانا النبي و العترة (صلوات الله عليهم) على قرائة القرآن و الأنس به و التدبر فيه و الإلتجاء به.

فالمتحصل مما ذكرناه أن عندنا ثلاث كبريات:

الكبرى الأولى: الأخذ بظاهر الكتاب قبل المراجعة إلى اخبار العترة يعد من التفسير بالرأي المنهي عنه في الأخبار.

الكبرى الثانية: الأخذ بظاهر الكتاب بعد الرجوع إلى أخبار العترة (عليهم السلام) و الظفر بما يوافق ظهور الآية ليس من التفسير بالرأي قطعا و يجوز العمل به.

الكبرى الثالثة: الأخذ بظاهر الكتاب بعد المراجعة إلى العترة و عدم الظفر بما يوافق الظهور أو يخالفه ليس من التفسير بالرأي أيضا.

الطائفة الثانية من النصوص التي يستدل بها على عدم حجية الظواهر هو ما دل على النهي عن الأخذ بالمتشابه و منه قوله تعالى:

﴿هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ﴾

فهذه الآية تنهى عن العمل و الأخذ بالمتشابه و المتشابه يعم الظاهر و المجمل لأن المراد منه هو مطلق ما يكون حاملا لمعنيين و إن كان أحد المعنيين أقرب إلى الذهن من الآخر.

و قد نوقش في الاستدلال بهذه الطائفة من النصوص بعدة من المناقشات:

منها ما قاله المحقق الآخوند من أن حمل اللفظ على ظاهره ليس من الأخذ بالمتشابه لأن اللفظ المتشابه هو ما حير الناس في معناه عند المواجهة معه و لكنَّ الناس لم يحيروا في تشخيص المعنى الظاهر من اللفظ بل يتبادر المعنى الظاهر من اللفظ إلى أذهانهم و من هنا قلنا بأن الأخذ بالمتشابه عبارة عن حمل اللفظ على خلاف ظاهره أو حمل المجمل على أحد معنييه من دون الاستناد إلى القرائن المعتبرة.

منها ما قاله المحقق الاصفهاني من أنه يلزم من الأخذ بالآية الناهية عن العمل بالمتشابه عدم الأخذ بها لأن الآية مطلقة تنهى عن الأخذ بالمتشابه الاعم من المجمل و الظاهر مع أن نفس الآية تكون ظاهرة في النهي عن الأخذ بالمتشابه فهي تنهى عن الأخذ بالظواهر مع أن نفس الآية تعد من جملة الظواهر فيلزم من شمول الآية للظواهر نهى الآية عن الأخذ بنفسها و لذا يلزم من الأخذ بظاهر الآية عدم الأخذ بظاهرها و بعبارة أخرى: إن لفظ المتشابه في الآية مطلق يشمل الظاهر و المجمل و من هنا تدل الآية بإطلاقها على عدم جواز الأخذ بالظاهر و المجمل مع أن إطلاق الآية يعد من جملة الظواهر أيضا فنهى الآية عن الأخذ بالظاهر يشمل اطلاق نفس الآية إذ الاطلاق يكون مصداقا من مصاديق الظاهر.

و قد أجيب عن هذا الاشكال بجوابين:

الجواب الأول: إن الآية مطلقة فهى تنهى عن الأخذ بكل ظهور حتى ظهور نفسها مع أن هذا الاطلاق لو كان حجة بالنسبة إلى نفسه للزم منه المحذور العقلي و هو أنه يلزم من حجية اطلاق الدليل بالنسبة إلى نفسه عدم حجيته بالنسبة إلى نفسه و لأجل اندفاع هذا المحذور العقلي نرفع اليد عن اطلاق الآية بالنسبة إلى نفسها لأن الضرورات تتقدر بقدرها فبمقدار اندفاع المحذور نرفع اليد عن حجية اطلاق الدليل.

الجواب الثاني: إن الآية ليست قضية حقيقية بل هي قضية خارجية و من هنا لا يكون للآية اطلاق حتى يقال بأن حجية الآية تساوق عدم حجيتها لأن الآية اذا كانت قضية خارجية فهي ناظرة إلى سائر الآيات القرآنية المتشابهة دون نفسها فاذاً لا يلزم من حجية اطلاق الآية عدم حجيته لأن المفروض عدم شمول اطلاق الآية بالنسبة إلى نفسها.

و قد نوقش في كلا الجوابين بأن الآية بمدلولها اللفظي لا تشمل نفسها لأجل اندفاع المحذور العقلي أو لأجل كونها قضية خارجية الا أننا نعلم من الخارج بعدم الفرق في ملاك عدم الحجية بين سائر الظهورات القرآنية و بين ظهور شخص الآية فما هو الملاك في عدم حجية سائر الظهورات القرآنية يجري في نفس ظهور الآية و من هنا اذا ثبت عدم حجية سائر الظهورات ثبت عدم حجية ظهور شخص الآية بنفس الملاك الذي إنتفت به حجية سائر الظهورات فحينئذ يعود الإشكال و هو أنه يلزم من حجية الآية عدم حجيتها.

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo