< فهرست دروس

درس خارج اصول استاد عبدالله احمدی‌شاهرودی

1401/06/09

بسم الله الرحمن الرحیم

 

موضوع: الأمارات/حجیة الظواهر /رد قول الاخباریین بعدم حجیة ظاهر الکتاب

 

أدلة الأخباريين على عدم حجية ظواهر الكتاب:

إن الأخباريين ذهبوا إلى عدم حجية ظاهر الكتاب مع أنهم إعترفوا بحجية ظاهر الأخبار و قد طرح بعضهم الاشكال في حجية ظاهر الكتاب صغرويا يعني إنهم قالوا بعدم انعقاد الظهور للكتاب بينما طرح الآخرون الاشكال كبرويا يعني إنهم أنكروا حجية ظاهر الكتاب بعد إعترافهم بكون الظهور ينعقد في الخطابات الواردة في الكتاب و ينبغي ذكر أدلتهم في المقام ثم بيان وجه المناقشة و الاشكال فيها فالأخباريون يستدلون بالأدلة الاربعة لإثبات دعواهم:

الدليل الأول: إن معرفة القرآن و العلم بمضامينه العالية تحصل لمن كان مخاطبا بآيات الكتاب و المعصومين (عليهم السلام) هم المخاطبون للكتاب و لذا كان علم الكتاب عندهم و أما سائر الناس فلا علم لهم بكتاب الله و لا يعرفون مضامينه الشامخة و لا ينالوا أيديهم إلى فهم مطالبه الغامضة و من هنا نهى الامام الباقر (عليه السلام) قتادة عن تفسير القرآن و قال له: وَيْحَكَ يَا قَتَادَةُ إِنَّمَا يَعْرِفُ الْقُرْآنَ مَنْ خُوطِبَ بِهِ و إليك نص الخبر:

مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ زَيْدٍ الشَّحَّامِ، قَالَ: دَخَلَ قَتَادَةُ بْنُ دِعَامَةَ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ (عليه السلام) فَقَالَ لَهُ: يَا قَتَادَةُ أَنْتَ فَقِيهُ أَهْلِ الْبَصْرَةِ؟ فَقَالَ: هَكَذَا يَزْعُمُونَ، فَقَالَ لَهُ: بَلَغَنِي أَنَّكَ تُفَسِّرُ الْقُرْآنَ؟ قَالَ: نَعَمْ، إِلَى أَنْ قَالَ: وَيْحَكَ يَا قَتَادَةُ، إِنْ كُنْتَ إِنَّمَا فَسَّرْتَ الْقُرْآنَ بِرَأْيِكَ فَقَدْ هَلَكْتَ وَ أَهْلَكْتَ وَ إِنْ كُنْتَ قَدْ أَخَذْتَهُ مِنَ الرِّجَالِ فَقَدْ هَلَكْتَ وَ أَهْلَكْتَ إِلَى أَنْ قَالَ: وَيْحَكَ يَا قَتَادَةُ إِنَّمَا يَعْرِفُ الْقُرْآنَ مَنْ خُوطِبَ بِهِ.

و ابوحنيفة (لعنة الله عليه) كان ممن يفسر القرآن و يدعي معرفته و العلم به و لقد سئل عنه الإمام الصادق (عليه السلام) بأنك تعرف كتاب الله حق معرفته؟ و تعرف الناسخ و المنسوخ؟ قال في جواب الإمام (عليه السلام): نعم و قال الإمام (عليه السلام) له:

يا أبا حنيفة! لقد ادّعيت علماً ويلك ماجعل الله ذلك إلاّ عند أهل الكتاب الّذين أنزل عليهم ويلك ولا هو إلاّ عند الخاصِّ من ذرّية نبيّنا محمّد (صلّى الله عليه وآله)، وما ورثك الله من كتابه حرفاً.

فقد صرح الإمام الصادق (عليه السلام) في هذه الرواية بأن علم الكتاب إنما يكون عند أهله الذين أنزل عليهم و من هنا قال الإمام له بأنك لا تعلم حتى حرفا واحدا من كتاب الله.

و بعد ملاحظة هذه الأخبار لا مجال للريب في أن العلم بالكتاب يختص بالمعصومين (عليهم السلام) و أما سائر الناس لم يقدروا على فهم معانى آيات الكتاب و لذا ما كنا بقادرين على فهم ظواهر الآيات و على هذا لا معنى للقول بحجية ظواهره علينا و هذه المناقشة بحسب الحقيقة ترجع إلى المناقشة في الصغرى لأنَّ المستشكل بحسب هذه المناقشة يدعى عدم فهم الناس لظواهر الآيات.

الدليل الثاني: إن الأخبار الناهية عن التفسير بالرأي يشمل حمل الفاظ القرآن على معانيها الظاهرة و من هنا لا يجوز الأخذ بالظواهر لأنه يعد من التفسير بالرأي و هذه المناقشة ترجع إلى المناقشة في الكبرى.

الدليل الثالث: إن القرآن نهى عن الأخذ بالمتشابهات و إتباعها حيث قال: ﴿هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ وَ أُخَرُ مُتَشابِهاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ﴾

و الأخذ بالظاهر و اتباعه يكون من الأخذ بالمتشابه و من المعلوم أن القرآن نهى عن العمل بالمتشابه و هذه المناقشة ترجع إلى المناقشة في الكبرى أيضا.

الدليل الرابع (و هو العمدة و المهم في المقام):

إن ظاهر الكتاب و إن لم يكن من المتشابه ذاتا الا أنه يندرج تحت المتشابه عرضا حيث إن العلم الإجمالي بطرو التخصيص و التقييد و التجوز في غير واحد من ظواهر الكتاب يوجب العلم الإجمالي بعدم ارادة جملة من ظواهره جدا و هذا العلم الإجمالي يمنع عن جريان الاصول اللفظية المعينة للمراد الجدي كأصالة العموم و أصالة الاطلاق و غيرهما من سائر الأصول اللفظية المعينة للمراد الجدي و مع عدم جريان هذه الاصول يسقط ظاهر الكتاب عن الحجية و هذه المناقشة ترجع الی المناقشة فی الکبری ایضا.

ثم إن البحث عن العلم الإجمالي يجري في أمثال المقام أيضا و إليك بعضها:

إن الشخص اذا أراد أن يخرج من الدار فهو يعلم إجمالا بأنه قد يتفق نظره إلى الأجنبية و من هنا كان مقتضى علمه الإجمالي المنجز هي حرمة خروجه من الدار.

إن المفتي اذا أراد أن ينتشر رسالته فهو يعلم إجمالا بأن بعض فتاويه مخالفا لما أنزله الله و كان مقتضى علمه الإجمالي المنجز هو حرمة انتشار رسالته مع أن المجتهد اذا انتشر رسالته فکیف یعمل المقلد بفتاویه بعد علمه الاجمالی بکون بعض فتاویه مخالفا للواقع؟! فما هو التكليف في أمثال هذا المقام؟ و سیأتی البحث فی ذلک ان شاءالله.

ثم ان هذه الوجوه الاربعة فکلها مخدوشة و إليك بيان وجه المناقشة في هذه الوجوه الأربعة:

المناقشة في الوجه الأول:

المراد من قول الإمام (عليه السلام) إنما يعرف القرآن من خوطب به ليس نفي معرفة الناس لمعانى القرآن رأسا حيث إن الناس إن لم يقدروا على معرفة الآيات فما هو الوجه في نزولها و الأمر بقرائتها على الناس؟! فالقول بعدم معرفة الناس للكتاب يساوق لغوية نزول الآيات عليهم إذ لا وجه في نزول الآيات على أشخاص لا ينالوا أيديهم إلى فهم معانيه مضافا إلى أن المعصومين (عليهم السلام) بحسب الأخبار الصادرة منهم قد حثونا على الرجوع بالكتاب و الأخذ بما فيه و إن كنا لا نفهم معانى الآيات فما هو الوجه في إرجاعات المعصومين (عليهم السلام) إلى آيات الكتاب؟ مثلا إن رسول الله (صلى الله عليه و آله و لعنة الله على أعدائهم أجمعين) قال في الحديث المتواتر الموسوم بحديث الثقلين إني تارك فيكم الثقلين ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي كتاب الله و عترتي أهل بيتي و هكذا الأئمة المعصومين (عليهم السلام) بحسب أخبار العرضه أمرونا بالرجوع إلى الكتاب عند المواجهة مع الخبرين المتعارضين و تقديم الموافق منهما مع الكتاب على المخالف له و إن قلنا بأن معانى آيات الكتاب غير قابل للفهم فما هو الوجه لصدور هذه الأخبار من الأئمة (عليهم السلام)؟!

نعم إن بطون الآيات و حقائقه و تأويلاته كان عند المعصومين (عليهم السلام) و لكن هذا لا ينافي مع قولنا بأن فهم ظواهر الآيات ممكن لسائر الناس.

أما نهى الامام (عليه السلام) عن تفسير القرآن انما هو ثابت بالنسبة إلى الذين يفسرون القرآن من عند أنفسهم و من دون المراجعة الى اهل بيت العصمة (عليهم السلام) فإنا لا ننكر عدم جواز الأخذ بظاهر الآيات من دون المراجعة إلى اهل البيت (عليهم السلام) و من هنا لا يجوز التمسك بعموم الكتاب الا بعد الفحص عن مخصصه في كلمات المعصومين (عليهم السلام) و الیأس عن الظفر بمخصصه و أما الأخذ بظاهر الكتاب من دون الفحص عن القرينة المخالفة لظاهره في كلام المعصومين (عليهم السلام) فلا يجوز قطعا و لكنَّ العامة يأخذون بظواهر الآيات من دون المراجعة إلى اهل بيت العصمة (عليهم السلام) و هذا لا يجوز عندنا قطعا و من هنا نهى الامام (عليه السلام) أباحنيفة عن تفسير القرآن لأنه يفسر القرآن من عند نفسه و من دون المراجعة إلى الأئمة (عليهم السلام) و أما الأخذ بظاهر الكتاب بعد الرجوع الى روايات اهل بيت العصمة و عدم الظفر بما يخالف ظاهره فلا ريب في جوازه خصوصا بعد ملاحظة احاديث العرضه و حديث الثقلين.

 

المناقشة في الدليل الثاني و الثالث:

إن حمل الألفاظ على معانيها الظاهرة فيها ليس من التفسير و الشاهد عليه هو إن أسندنا طلب الماء إلى من قال: جئني بالماء فلا يقول طالب الماء في مقام الإعتراض لنا بأنكم تفسرون كلامي إذ نحن نأخذ بظاهر كلامه ثم أسندنا ظاهره إليه و من المعلوم أن اسناد الظاهر إلى المتكلم لا يكون تفسيرا لكلامه و من هنا يظهر الاشكال في الدليل الثالث أيضا لأن ظواهر آيات الكتاب لا تكون من المتشابهات كما ادعى الأخباري بل هي من المحكمات.

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo