< فهرست دروس

درس خارج فقه استاد حسین شوپایی

99/01/13

بسم الله الرحمن الرحیم

 

موضوع: منتهاه للمختار منتصف اللیل و للمضطر طلوع الفجر

کان الکلام فی تحقیق المطلب بالنسبة الی الاقوال الستة (غیر قول المشهور) فی تعیین منتهی وقت المغرب و قد انتهی البحث الی القول الثالث الذی اختاره المحقق ره فی المعتبر و صاحب المدارک ره و من تبعهما فی التفصیل بین المختار و المضطر وان منتهاه للمختار منتصف اللیل و للمضطر طلوع الفجر و قد تقدم في البحث عن مستند هذا القول ان صاحب المدارک ره قد اقتصر فی ذکر المستند بصحیحة ابن سنان فقط لکن کما فی الحدائق ره هناک ثمانیة من الروایات تصلح للاستدلال بها لاثبات القول الثالث ، و بعض هذه النصوص تامة دلالة و سندا لاثبات المدعی .

لکنه لابد من البحث في انه هل یمکن اثبات القول الثالث استنادا الی هذه الروایات و هل یمکن الاستناد اليها فی رفع الید عن ادلة قول المشهور الذی جعل منتهی وقت المغرب منتصف اللیل علی نحوالاطلاق او لا یمکن ذلک ؟

تقدم ان صاحب الحدائق ره بعد ما سرد الروایات الدالة علی مختار صاحب المدارک ره قد ادعی عدم امکان الالتزام و الاستدلال بهذه الروایات حیث قال : الظاهر عندي ان هذه الاخبار انما خرجت مخرج التقية فلا تصلح للاعتماد عليها في تأسيس حكم شرعي .و قد ذکر وجوها خمسة فی المنع عن هذه الاخبار الثمانیة المستدل بها علی القول الثالث .

الوجه الاول : هو ان مفاد هذه النصوص یخالف ظاهر الکتاب المجید و القاعدة العامة فی حجیة الروایات انه لابد من عرضها علی الکتاب فان وافقته فهو و ان خالفت الکتاب فیضرب بها عرض الحائط ، فان الایة الشریفة فی سورة الاسراء «أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ وَ قُرْآنَ الْفَجْرِ» جعلت المنتهی للمغرب منتصف اللیل بعد ضمّ الروایات المفسّرة للایة نظیر صحیحة زرارة قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ ع عَمَّا فَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مِنَ الصَّلَاةِ- فَقَالَ خَمْسُ صَلَوَاتٍ فِي اللَّيْلِ وَ النَّهَارِ- فَقُلْتُ هَلْ سَمَّاهُنَّ اللَّهُ وَ بَيَّنَهُنَّ فِي كِتَابِهِ قَالَ نَعَمْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِنَبِيِّهِ ص أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ وَ دُلُوكُهَا زَوَالُهَا- وَ فِيمَا بَيْنَ دُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ أَرْبَعُ صَلَوَاتٍ- سَمَّاهُنَّ اللَّهُ وَ بَيَّنَهُنَّ وَ وَقَّتَهُنَّ- وَ غَسَقُ اللَّيْلِ هُوَ انْتِصَافُهُ- ثُمَّ قَالَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى وَ قُرْآنَ الْفَجْرِ- إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً فَهَذِهِ الْخَامِسَةُ- الحدیث . [1]

فقال صاحب الحدائق ره : وجه الدلالة ما ورد عن أصحاب البيت الذي نزل ذلك القرآن فيه فهم‌ اعرف الناس بظاهره و خافيه من ان هذه الآية قد جمعت الأوقات كلها ‌ فروى المشايخ الثلاثة و العياشي في تفسيره بأسانيدهم الصحيحة عن الباقر (عليه السلام) هذه الصحیحةَ .[2]

الوجه الثانی : ان هناک روایات فی اعداد الفرائض الیومیة و بيان انها منتشرة علی اوقات اللیل و النهار و لیس فی تلک الروایات تلویح علی ان منتهی المغرب و العشاء هو طلوع الفجر فضلا عن التصریح به حیث قال فی الحدائق : (الثاني) ان الاخبار الواردة في الأوقات على تعددها و انتشارها لم يتضمن شي‌ء منها الإشارة الى هذا الوقت فضلا عن التصريح به و قد عرفت و ستعرف اشتمالها‌ على جملة الأوقات اختياريها و ضروريها، و غاية ما دلت عليه بالنسبة إلى العشاءين امتدادهما الى الانتصاف و هو غاية الاضطرار أو الأجزاء، فلو كان هنا وقت آخر لأشير إليه في شي‌ء منها .[3]

الوجه الثالث : ان هذه الاخبار کما هی مخالفة لظاهر الکتاب موافقة لمذهب العامة حیث انه لا خلاف عندهم علی اصل امتداد وقت المغرب الی طلوع الفجر فی بعض التقادیر و ان کان فیهم الخلاف فی جهات ذلک و عليه تکون هذه الروایات الثمانیة موافقة لمذهب العامة ولايمکن الاخذ بها . حیث قال فی الحدائق :« (الثالث) انه من القواعد المقررة و الضوابط المأثورة المعتبرة عن أهل البيت (عليهم السلام) عرض الاخبار عند الاختلاف بل مطلقا على مذهب العامة و الأخذ بخلافه و الاخبار التي قدمناها مع مخالفتها لظاهر القرآن كما عرفت موافقة لمذهب العامة لأن ذلك مذهب أئمتهم الأربعة على اختلاف بينهم في ذلك، فبعض منهم جعل هذا الوقت وقتا للمضطر كما ذهب اليه المحقق و السيد السند و من تبعهما، و حكى هذا القول في المعتبر عن الشافعي و احمد و بعضهم جعله وقتا للمختار، و نقله في المعتبر عن أبي حنيفة و مالك و نظير هذه الروايات التي أسلفناها في الحائض قد ورد ايضا من طريقهم من امتداد وقتها الى قبل الغروب بيسير جدا بالنسبة إلى الظهرين و الى قبل الفجر بيسير بالنسبة إلى العشاءين، قال في المعتبر: قال الشافعي و مالك و احمد إذا طهرت قبل الغروب لزمها الفريضتان، و لو طهرت قبل الفجر لزمها المغرب و العشاء... .[4]

الوجه الرابع : انه یمنع عن الالتزام بهذه الروایات الدالة علی القول الثالث الروایات المتضمنة لذم النائم عن الصلاة الی منتصف اللیل و انّ علیه صیام ذلک اليوم عقوبة علی التأخیر ففی الحدائق : « (الرابع)- الأخبار الدالة على ذم النائم عن صلاة العتمة إلى الانتصاف و امره بالقضاء بعد الانتصاف و امره بصيام ذلك اليوم عقوبة و امره بالاستغفار، فمن ذلك الخبر المتقدم نقله عن العياشي في الوجه الأول، و منها‌ ما رواه الصدوق مرسلا عن ابي جعفر (عليه السلام) قال: «ملك موكل يقول من بات عن العشاء الآخرة الى نصف الليل فلا أنام الله عينه» و رواه في كتاب العلل مسندا في الصحيح عندي عن صفوان ابن يحيى عن موسى بن بكر عن زرارة عن ابي جعفر (عليه السلام) إلا ان فيه «من نام عن العشاء»و هو أظهر. و روى الشيخ بسنده الى ابي بصير عن ابي عبد الله (عليه السلام) في حديث قال: «و أنت في رخصة الى نصف الليل و هو غسق الليل فإذا مضى الغسق نادى ملكان: من رقد عن صلاة المكتوبة بعد نصف الليل و هو غسق الليل فإذا مضى الغسق نادى ملكان: من رقد عن صلاة المكتوبة بعد نصف الليل و هو غسق الليل فإذا مضى الغسق نادى ملكان: من رقد عن صلاة المكتوبة بعد نصف الليل فلا رقدت عيناه» و نحوه في كتاب المجالس و كتاب المحاسن.

و في الموثق عن الحلبي عن ابي عبد الله (عليه السلام) قال: «العتمة إلى ثلث الليل أو الى نصف الليل و ذلك التضييع» و روى الصدوق في الفقيه مرسلا قال: «و روى في من نام عن العشاء الآخرة الى نصف الليل انه يقضي و يصبح صائما عقوبة و انما وجب ذلك لنومه عنها الى نصف الليل»و في الصحيح عن عبد الله بن مسكان رفعه الى ابي عبد الله (عليه السلام) قال: «من نام قبل ان يصلي العتمة فلم يستيقظ حتى يمضي نصف الليل فليقض صلاته و يستغفر الله» و في الصحيح عن عبد الله بن المغيرة عن من حدثه عن ابي عبد الله (عليه السلام) «في رجل نام عن العتمة فلم يقم إلا بعد انتصاف الليل؟ قال يصليها و يصبح صائما» و قد ذهب الى وجوب الصوم هنا المرتضى (رضي الله عنه) مدعيا الإجماع عليه‌و تبعه العلامة، و هو الظاهر من الصدوق في الفقيه حيث رواه و ذكر وجوب ذلك ... .[5]

الوجه الخامس : ان مقتضی القول الثالث ثبوت ثلاثة اوقات فی المغرب وقت الفضیلة و هو ذهاب الشفق و وقت الاجزاء بان یمتد للمختار اصل الوقت الی منتصف اللیل و ان انصرم وقت الفضیلة والوقت الثالث امتداده للمضطر الی طلوع الفجر بینما الاخبار المستفیضة تدل علی ثبوت وقتین لکل صلاة فالقول الثالث یخالف الروایات المستفیضة الدالة علی ان لکل صلاة وقتین .

فان قلت دفاعا عن صاحب المدارک الوقت الاول (ذهاب الشفق) وقت الفضیلة و الوقت الثانی وقت الاجزاء و الوقت الثالث وقت الاضطرار اجاب صاحب الحدائق عنه بان جعل الثاني للاجزاء و الثالث للاضطرار خارج عما تقرر في الاخبار في سائر الأوقات، إذ وصف الثاني بكونه وقت اجزاء كما هو المشهور أو وقت اضطرار كما هو القول الآخر يرجع الى أمر واحد و التغاير انما هو بالاعتبار لا انهما وقتان متعددان.

اذن لا یمکن اثبات القول الثالث لاستلزامه ثبوت ثلاثة اوقات فی المغرب لمخالفته للاخبار المستفیضة و هذه وجوه خمسة ذکرها فی الحدائق و قال فی اخر کلامه : و بالجملة فما ذكروه مجرد تخريج لما توهموه من العمل بظواهر‌ هذه الأخبار و سموه بهذه التسمية. و الله العالم .[6]

هل هذه الوجه الخمسة تامة او لابد من الالتزام بما اختاره المحقق و صاحب المدارک « رهما » .

ان عدّة من الاعلام من المحققین و منهم السيد الحکيم والسید الخوئی رهما ادعوا تمامیة مستندات قول المحقق و صاحب المدارک سندا و دلالة و انه لامناص من الالتزام بها .

فلابد من البحث فی ان الوجوه الخمسة التی ذکرها صاحب الحدائق فی المنع عن هذه الروایات الثمانیة (التي بعضها معتبرة دلالة و سندا )هل هی تامة ام لا ؟

اما الوجه الاول : وهو ان مفاد هذه النصوص الثمانیة مخالف للکتاب ، فیلاحظ علیه بان الایة جعلت المنتهی منتصف اللیل حتی للمغرب و هذه الروایات الثمانية جعلت المنتهی للمعذورين طلوع الفجر فبالنظر البدوی یوجد التنافی بینهما لکن هل هذا التنافی بینهما یکون من قبیل التنافی بالتباین الکلي او بالعموم من وجه، او انه من قبیل النص و الظاهر و الخاص و العام الذی یمکن الجمع العرفی بینهما ؟. و حيث ان دلالةالایة علی ان منتهی وقت المغرب منتصف اللیل تکون بالاطلاق لکن دلالة الروايات الثمانية علی ان منتهی وقت المغرب للمضطر منتصف اللیل تکون بالصراحة و النصوصیة فلاتکون مخالفة الروایات الثمانیة الدالة علی امتداد وقت المغرب للمضطر الی طلوع الفجر للایة مخالفة بالتباین بل هی مخالفة تصلح للجمع و التوفیق العرفی بینهما .

نعم روایة عبید بن زرارة التی کانت مستندا للقول الثانی( الذی حدّد منتهی وقت المغرب طلوع الفجر مطلقا ) تخالف الکتاب بالتباین بخلاف باقي الروایات المستدل بها علی القول الثالث کصحیحة ابن سنان و موثقة ابن سنان و صحيحة ابی بصیر اذن لم یتم الوجه الاول الذی ذکره صاحب الحدائق فی المنع عن الروایات الثمانیة .

 


[1] - الوسائل الباب2 من ابواب اعداد الفرائض ح1.
[2] - الحدائق ج6 ص183-184.
[3] - نفس المصدر ص184-185.
[4] - نفس المصدر ص185.
[5] - نفس المصدر ص187-188.
[6] - نفس المصدر ص188-189.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo