47/04/21
بسم الله الرحمن الرحیم
إشکال صاحب الجواهر علی مدعی المحقق – رأی الاستاذ في المسألة/ النفقات /النکاح
الموضوع: النکاح / النفقات / إشکال صاحب الجواهر علی مدعی المحقق – رأی الاستاذ في المسألة
كنّا قد عرضنا في الجلسة السابقة استدلالات الشهيد الثاني وكاشف اللثام على القول بعدم وجوب نفقة الزوجة في فرض صغر الزوج، كما بيّنّا إشكال الشهيد الثاني على تلك الاستدلالات.
وقد قال صاحب الرياض أيضاً في ردّ مدّعى استحقاق الزوجة للنفقة في هذا الفرض ما نصّه: «المناقشة فيه بعد ما ذكرناه واضحة، بل وأعلامها هنا لائحة؛ لكون الدالّة عليها خطابات وتكاليف لا يمكن صرفها إلى الصغير، وصرفها إلى الولي مدفوع بالأصل، مع استلزامه إمّا حصرها فيه أو استعمالها في متغايرين.»[1]
وقال صاحب الجواهر أيضاً في الإشکال علی دعوی المحقّق: «فيه: منع تحقّق التمكين بدون التمكّن، ولو سلّم ـ على أنّ الثابت اشتراطه بذل نفسها وعدم المانع من قبلها ـ فقد يقال: إنّه يشكّ في شمول الأدلة لذلك، ضرورة ظهورها باعتبار أنّها خطابات وتكاليف في غير الصغيرة، وصرفها إلى الولي مدفوع بالأصل، بل قيل: إنّه مستلزم إمّا حصرها فيه أو استعمالها في متغايرين.
ولذا كان قول الشيخ هو المتّجه كما اعترف به كشف اللثام والرياض ومحكي نهاية المرام، كما أنّ منه يعلم عدم الوجه في تفريعه على اشتراط التمكين، لما عرفت من خروج هذا الموضوع عن المنساق من الأدلّة، فيبقى أصل البراءة سالماً عن المعارض، نحو ما سمعته في الصغيرة.»[2]
أقول: الحقّ في هذه المسألة مع القائلين بوجوب النفقة، وذلك لوجوه:
الأوّل: تقدّم أنّ التمكين ليس شرطاً في وجوب النفقة، بل النشوز هو المانع منها، فمع عدم تحقّق النشوز من قبل الزوجة لا يبقى ما يمنع وجوب نفقتها.
الثاني: حتّى على القول باشتراط التمكين في وجوب النفقة، فإنّ الزوجة ممكّنة، وتمكينها لا يتوقّف على قدرة الزوج على الاستمتاع بها؛ وإلا للزم القول بعدم صدق التمكين في كلّ مورد تعذّر فيه الاستمتاع من جانب الزوج، كالمقطوع الذكر، أو العنّين، أو المغمى عليه ونحو ذلك، وهو ممّا لا يقول به أحد.
وبعبارة أُخرى: وإن كان التمكين من المفاهيم ذات الإضافة التي لا تصدق إلا بلحاظ الطرف المقابل بحيث لا يمكن توصيف المرأة بالتمكين مع الغضّ عن وجود رجل في مقابلها، إلا أنّ صدق التمكين يتوقّف على مجرّد وجود طرف يكون ذا قابليّة ذاتيّة للاستمتاع، ولا يشترط فيه أن تكون هذه القابليّة فعليّة.
بل لو سلّم أنّ صغر الزوج يقتضي عدم وجود مقتضٍ للاستمتاع فيه ـ بخلاف سائر الموارد التي ذكرت، كالعنّة أو القطع أو الإغماء، حيث يكون الامتناع فيها ناشئاً عن وجود المانع مع ثبوت المقتضي ـ فلم يصدق في الزوج الصغير أنّ الزوجة مكّنته من نفسها لكونه بمنزلة الجماد من هذه الجهة، غير أنّ ذلك لا يوجب رفع وجوب نفقتها عليه، إذ مع عدم أهليّة الزوج للاستمتاع لا معنى لتوجّه الأمر بالتمكين إلى الزوجة أصلاً.
وبناءً عليه لا يوجد ما يصلح لتخصيص عموم الأدلّة الدالّة على وجوب نفقة الزوجة على زوجها، فتبقى على عمومها ويحكم بوجوب نفقة الزوجة على الزوج في فرض صغره.
الثالث: إنّ صغر الزوج لا يوجب عدم توجّه أمر النفقة إليه، لأنّ الصغر إنّما يمنع من توجّه الأحكام التكليفيّة إلی الصغير، ولا يمنع من توجّه الأحكام الوضعيّة نحوه.
وأمّا القول بأنّه لا دليل على توجّه أمر النفقة إلى الولي، أو أنّ ذلك يقتضي أن يتوجّه الأمر بالنفقة إمّا إلى الولي فقط أو إلى الاثنين معاً، فهو دعوىً غريبة، إذ لا فرق بين المقام وبين سائر الموارد الماليّة التي يتوجّه فيها الحكم إلى الصغير ويقوم الوليّ بامتثاله عنه من باب الولاية عليه.
فكما أنّه لو توجّه ضمان مالي إلى الصغير، فإنّ الأمر المتوجّه إليه هو الأمر بجبران الخسارة، بينما الأمر المتوجّه إلى الولي هو امتثال ذلك الأمر الصادر في حقّ الصغير من جهة ولايته عليه، كذلك الحال في أمر النفقة.
الرابع: إنّ القول بعدم شمول أدلّة النفقات للزوج الصغير دعوىً بلا وجه، إذ لا دليل على اختصاص تلك الأدلّة بالزوج الكبير والزوجة الكبيرة، كما تبيّن في الفرع السابق.
وعليه فلا وجه للقول بعدم وجوب نفقة الزوجة على الزوج في هذا الفرض.