« قائمة الدروس
بحث الفقه الأستاذ سید علي الموسوي اردبیلي

47/04/12

بسم الله الرحمن الرحیم

 إشکال صاحب الجواهر علی مدّعى الشهيد الثاني/ النفقات /النکاح

الموضوع: النکاح / النفقات / إشکال صاحب الجواهر علی مدّعى الشهيد الثاني

 

فيما يتعلّق بمدّعى الشهيد الثاني حول جريان الأصل في المسألة، فإنّ صاحب الجواهر بعد أن وجّه كلامه استناداً إلى إطلاق الأدلّة الدالّة على وجوب النفقة ودفع دعوى الإجمال فيها، أعقب ذلك بالإشكال على هذا المطلب قائلاً: «قد يقال: إن ظاهر النصوص المشتملة على بيان حقّ الزوج على الامرأة ـ وأنّ منه: «أن تطيعه ولو كانت على ظهر قتب» و«أن تلبس أحسن ثيابها، وتتطيّب بأحسن طيبها، وتعرض نفسها عليه كلّ غدوة وعشيّة» و«أن لا تخرج من بيته بغير إذنه» وغير ذلك ممّا اشتملت عليه النصوص التي هي وإن كانت خالية عن ذكر اعتبار ذلك في النفقة، إلا أنّه قد يستفاد ذلك ممّا دلّ على سقوط نفقتها بخروجها من بيته بغير إذنه ونشوزها الذي هو مخالفة ما تضمّنته النصوص الأَُولى المشتملة على بيان حقّه عليها ـ كون النشوز مسقطاً باعتبار تفويته الشرط الذي هو وجوب طاعتها وعرضها نفسها عليه، وعدم خروجها من بيته بغير إذنه، لا أنّه مانع لوجوب النفقة الذي كان سبب وجوبها العقد مجردا، كما هو واضح بأدنى التفات.

بل ربما يشم من قوله تعالى: ﴿الرِّجٰالُ‌ قَوّٰامُونَ‌ عَلَى النِّسٰاءِ‌﴾[1] ما يشبه معاوضة الاستمتاع بالإنفاق على نحو ما ورد من الإنفاق على الدابّة عوض ما يستوفيه من منافع ظهرها، كما أنّه يشمّ من نصوص بيان حقّ كلّ منهما على الآخر مقابلة كلّ منهما لصاحبه.

نعم، الإنصاف أنّ هذا المعنى المستفاد من النصوص المزبورة ليس هو اعتبار مطلق التمكين الذي فرّعوا عليه الفروع، المتّجه ـ بناءً عليه ـ سقوط النفقة لمن لم تمكّن من ذلك ولو لعذر شرعي، ضرورة عدم مدخليّة العذر شرعاً في صدق انتفائه المقتضي لانتفاء مشروطه وإن كان لا إثم عليها به، لأنّ الفرض معذوريّتها شرعاً.

فالمتّجه حينئذٍ اعتبار الطاعة التي يكون عدمها نشوزاً في وجوب الإنفاق، وهو لا يكاد ينفكّ عن عدم النشو فلا يتّجه الفرق بين القول بكون التمكين شرطاً وبين القول بكون النشوز مانعاً بعد فرض إرادة ما ذكرناه من التمكين على الوجه المزبور الذي مرجعه إلى اتّحاد مصداق المراد من مفهوم التمكين وعدم النشوز بالنسبة إلى وجوب الإنفاق.

فاتّفاق صدق عدم النشوز في بعض الأفراد التي لا يتحقّق فيها مصداق التمكين غير قادح بعد فرض عدم الاكتفاء بمثله في الإنفاق كما في الصغيرة، كما أنّه لا يقدح عدم صدق التمكين في بعض الأفراد التي لا نشوز فيها باعتبار العذر شرعاً أو عقلاً المانع عن الاستمتاع في وجوب الإنفاق الذي فرضنا كفاية صدق عدم التقصير من الامرأة فيما وجب عليها من حقوق الزوج فيه، والفرض تحقّقه.»[2]

والحقيقة أنّ ما ادّعاه مبنيّ على ما تقدّم منه سابقاً وقد ذكرنا أنّ الإشكال فيه هو وقوع الخلط بين مقام الثبوت ومقام الإثبات.

وعلى هذا الأساس يمكن في الإشكال على كلامه أن يقال: إنّ ما تفيده النصوص التي استند إليها لا يزيد على مانعيّة النشوز لوجوب النفقة، وأمّا دعوى أنّ عدم النشوز يلازم ثبوتاً الطاعة والانقياد والتمكين، فلا ارتباط لها بمقام الإثبات؛ إذ كما تقدّم فإنّ إثبات انتفاء أحد الملازمين بالأصل لا يقتضي إثبات وجود الملازم الآخر إلا على نحو مثبت.

وأمّا ما ادّعاه من دلالة الآية الشريفة على وجود العوضيّة بين النفقة وطاعة الزوج، فالإشكال فيه أنّا قد بيّنّا سابقاً أنّ مفاد الآية الشريفة ليس إخباراً في مقام الإنشاء، بل هو إخبار عن أمر تكويني وطبعي.

وسنتابع بقيّة البحث في الجلسة القادمة إن شاء الله تعالى.

 


logo