46/07/19
بسم الله الرحمن الرحیم
وجوب الإرضاع على الأُمّ و عدمه/ أحکام الإرضاع /أحکام الأولاد
الموضوع: أحکام الأولاد/ أحکام الإرضاع / وجوب الإرضاع على الأُمّ و عدمه
قال المحقّق الحلّي: «وأمّا الرضاع، فلا يجب على الأُمّ إرضاع الولد، ولها المطالبة بأُجرة إرضاعه، وله استيجارها إذا كانت بائناً. وقيل: لا يصحّ ذلك وهي في حباله، والوجه الجواز.
ويجب على الأب بذل أُجرة الرضاع إذا لم يكن للولد مال، ولأُمّه أن ترضعه بنفسها أو بغيرها ولها الأُجرة.»[1]
أهمّ المسائل في الرضاع سببيّته للتحريم ممّا تقدّم تفصيله.
ولكن بقيت مسائل منه نتناول ذكرها هنا إن شاء الله.
المسألة الأُولى: وجوب الإرضاع على الأُمّ وعدمه
ادّعى صاحب الجواهر عدم الخلاف على عدم وجوب إرضاع الأُمّ للطفل[2] ، ولكن صاحب المسالك يقول: «عدم وجوب إرضاع الولد على الأُمّ مشروط بوجود الأب، أو وجود مال للولد، ووجود مرضعة سواها، وقدرته على دفع الأُجرة إليها، أو تبرّعها، وإلا وجب عليها إرضاعه كما يجب عليها الإنفاق عليه حيث يكون الأب مفقوداً أو معسراً.
فإذا اجتمعت هذه الشرائط لم يجب عليها، بل يتعلّق التكليف بالأب كما يجب عليه الإنفاق عليه إن لم يكن للولد مال، وإلا استأجر عليه من ماله.»[3]
وعليه فإنّ البحث عن وجوب إرضاع الطفل على الأُمّ أو عدمه بحثٌ عن وجوبه أو عدم وجوبه في حدّ نفسه ومن جهة كونها أُمّاً فقط، وإلا فمن المعلوم أنّه يجب عليها الإرضاع في بعض الظروف لأُمور عارضة، كما قد يجب على غير الأُمّ أيضاً في ظروف أُخرى.
والأدلّة التي يمكن استفادة الحكم منها من الآيات والروايات هي:
1 ـ ﴿أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّىٰ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكـُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَىٰ﴾.[4]
وجه الاستدلال بالآية الشريفة أنّه تعالى أمر فيها بوجوب دفع الأُجرة على الأب في صورة الإرضاع، وهذا دليل على عدم وجوب الإرضاع على الأُمّ، لعدم جواز أخذ الأُجرة على الواجبات.
ولكن قد يشکل على هذا الاستدلال بأنّ الآية المذكورة تخصّ المطلّقة وغاية ما يستفاد منها أنّ المطلّقة لا يجب عليها إرضاع الطفل، وأمّا عدم وجوب الإرضاع على الأُمّ مطلقاً فلا يستفاد منها.
قال الشيخ في التبيان: «أمر من الله تعالى بأنّ الأُمّ المطلّقة متى ولدت ورغبت في رضاع ولدها، كان على الأب أُجرة الرضاع أُجرة المثل.»[5]
أمّا الشهيد الثاني فإنّه يرى عبارة: ﴿فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكـُم﴾ أيضاً دليلاً على عدم وجوب الإرضاع على الأُمّ، إذ في صورة وجوبه لم يكن وجه لبيان الشرطيّة، والشرطيّة ظاهرة في اختيار الأُمّ في الإرضاع وعدمه.[6]
والحال أنّ بيان موضوع الحكم بجملة شرطيّة لا يدلّ على عدم وجوبه، والظهور المزعوم لا يمكن الالتزام به، حيث قد يقال مثلاً: «إذا أتيت بواجباتك الدينيّة فسيكافئك الله».
وسندرس بقيّة الأدلّة في الجلسات اللاحقة إن شاء الله.