< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

45/10/19

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: المهور / القسم والنشوز والشقاق / وجوب المضاجعة و عدم وجوب المواقعة

 

قلنا في الجلسة السابقة أنّ مقتضى التحقيق في المسألة كون اختيار ترتيب تقسيم الليالي بين الزوجات بيد الزوج.

ويظهر بما تقدّم إشكال مقالة صاحب الجواهر أيضاً فيما إذا كان للرجل زوجة واحدة، حيث قال: «ظاهرهم عدم الحاجة في القرعة للواحدة وإن قلنا بوجوب القسم ابتداءً، لتعيين ليلتها من الأربع مع فرض التشاحّ مع الزوج، ولعلّه لوجوب تعيين الأُولى منهنّ لها في الفرض، لكونها ذات حقّ تطالب من هو متمكّن منه.

ودعوى: أنّه واحدة من الأربع لا الأُولى منهنّ، فإنّ له أن يتزوّج في تلك الليلة من يزاحمها فيها.

يدفعها: وضوح الفرق بين وجود المزاحم وعدمه، كدعوى أنّه هو المزاحم لأنّ الزائد له، ضرورة عدم كون المراد من كون الفاضل له أنّه حقّ له، فإنّه لا يتصوّر استحقاقه على نفسه، بل المراد منه عدم استحقاق أحد عليه، فلا يتصوّر كونه مزاحماً لمن له حقّ عليه.»[1]

فإشكاله أنّه على الرغم من عدم المزاحمة بين حقّ الزوج وحقّ الزوجة، ولكن ذلك لا يستلزم وجوب المبيت عندها في الليلة الأُولى، فمقتضى الأخبار أنّه لا حقّ للزوجة غير أن يبيت لديها ليلة من أربع ليال كما تقدّم، ولا يستفاد منها فوريّة أداء الحقّ، بل ظاهر الروايات المستفاد من إطلاقها المقاميّ أنّه لا فوريّة. وإن أُشكل على الأخذ بإطلاق الروايات، فمع الشكّ في فوريّة أداء الحقّ على الزوج أو عدمها يمكن التمسّك بالبرائة لدفع الفوريّة.

المطلب الثالث: وجوب المضاجعة وعدم وجوب المواقعة

ما المراد من حقّ القسم؟ وهل يجب على الزوج أن يواقع الزوجة في الليلة التي يبيت عندها؟ وإذا لم تجب المواقعة ابتداءً، فإن واقع إحدى الزوجات في ليلتها، فهل يجب عليه أن يواقع سائر الزوجات في لياليهنّ؟ وإذا لم تجب المواقعة مطلقاً، فما معنى المبيت الواجب على الزوج وما شروطه؟

إنّ الذي ورد في الأخبار الدالّة على وجوب حقّ القسم لا يزيد على استحقاق المرأة ليلة من كلّ أربع ليال، أمّا أن تجب المواقعة على الزوج فهو ممّا لم يرد فيه دليل، بل وجوب المواقعة على الزوج ـ بناءً على مشهور الأصحاب ـ مرّة في أربعة أشهر، مع أنّا لا نرضى بهذا القول حيث نراه مختصّاً بما إذا لم يقدر الزوج على أكثر منه لمرض أو عذر آخر، وإلا فعليه أن يراعي معاشرة الزوجة بالمعروف.

والحاصل أنّه مع الشكّ في تكليف الزوج بالمواقعة أو عدمه، يمكن نفيه تمسّكاً بأصالة البراءة.

بل حتّى إذا واقع الزوج زوجةً في ليلة، فلا وجه لوجوب مواقعة البواقي في لياليهنّ، إذ ـ كما تقدّم ـ لا دليل على وجوب مراعاة المساواة والعدل بين الزوجات في جهات من هذا القبيل، والآية الشريفة على ما ورد في الأخبار تخصّ لزوم مراعاة العدل من حيث النفقة.

على أنّه ورد في خبر إبراهيم الكرخيّ: «سألت أبا عبدالله(ع) عن رجل له أربع نسوة فهو يبيت عند ثلاث‌ منهنّ في لياليهنّ ويمسّهنّ، فإذا بات عند الرابعة في ليلتها لم يمسّها، فهل عليه في هذا إثم؟ قال: إنّما عليه أن يبيت عندها في ليلتها ويظلّ عندها صبيحتها، وليس عليه أن يجامعها إذا لم يرد ذلك.»[2] [3]

وقال المجلسيّ في روضة المتّقين في خصوص سنده: «جهله غير مضرّ، لصحّته عن الحسن وانجباره بالشهرة.»[4]

ومراده من الحسن هو «الحسن بن محبوب» الذي رواه عن إبراهيم الكرخيّ ويعدّ من أصحاب الإجماع.

لكن يرد عليه أوّلاً: أنّ صحّة روايات أصحاب الإجماع غير مقبولة عندنا، إذ قلنا فيما مضى أنّ ظاهر دعوى: «أجمعت الإصابة علی تصحيح ما يصحّ منهم» هو أنّ الإماميّة قبلت بأنّ أصحاب الإجماع لا يروون ما داموا لا يثقون بصدور الرواية عن الإمام(ع) ولو بالقرائن، فنقلهم للروايات يرادف وثوقهم الخبريّ بالرواية ولو لم يكن هناك وثوق مُخبريّ به. بينما لا تشمل أدلة حجّيّة خبر الواحد هذا المورد، وإذا لم يكن وثوق مُخبريّ، فإنّ مجرّد اطمئنان أحد الروات بصحّة صدور الرواية حسب القرائن التي وجدها، لا يُلزمنا بالأخذ التعبّديّ بها. هذا، وأمّا إذا اطمأنّ أحد بذلك وتحصّل له وثوق خبريّ، فله أن يأخذ به من هذا الباب.

وثانياً: لا يُعلم استناد فتوى المشهور إلى هذه الرواية حتّى يسبّب ذلك تصحيح جهة صدورها.

فغاية الأمر في التمسّك بالرواية أن يكون من باب تأييد أصالة البراءة.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo