< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

45/07/23

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: المهور / التنازع في المهر / لا توجد قرائن على عدم تحقّق الدخول

الصورة الثانية: لا توجد قرائن على عدم تحقّق الدخول

ذهب المحقّق الحلّي في هذه الصورة إلى أنّ المقدّم هو قول المنكر للمواقعة، ودليل أنّ المواقعة خلاف الأصل.

غير أنّ الشيخ قال في النهاية: «متى خلا الرجل بامرأته فأرخى الستر ثمّ طلّقها، وجب عليه المهر على ظاهر الحال، وكان على الحاكم أن يحكم بذلك وإن لم يكن قد دخل بها، إلا أنّه لا يحلّ‌ للمرأة أن تأخذ أكثر من نصف المهر ما لم يدخل بها. فإن أمكن الزوج إقامة البيّنة على أنّه لم يدخل بها ـ مثلاً أن تكون المرأة بكراً فتوجد على هيئتها ـ لم يلزمه أكثر من نصف المهر.»[1]

وقال في الخلاف: «إذا طلّقها بعد أن خلا بها وقبل أن يمسّها، اختلف الناس فيه على ثلاثة مذاهب:

فذهبت طائفة إلى أنّ وجود هذه الخلوة وعدمها سواء، فيرجع إليه نصف الصداق ولا عدّة عليها؛ وهو الظاهر من روايات أصحابنا...

وذهبت طائفة إلى أنّ الخلوة كالدخول، يستقرّ بها المسمّى ويجب عليها العدة؛ وبه قال قوم من أصحابنا وروي ذلك في أخبار من طريق أصحابنا...

وذهبت طائفة إلى أنّها إن كانت خلوة تامّة، فالقول قول من يدّعي الإصابة...

فنقول: القول قول من يدّعي الإصابة...

دليلنا: قوله تعالى: ﴿وَ إِنْ‌ طَلَّقْتُمُوهُنَّ‌ مِنْ‌ قَبْلِ‌ أَنْ‌ تَمَسُّوهُنَّ‌ وَ قَدْ فَرَضْتُمْ‌ لَهُنَّ‌ فَرِيضَةً‌ فَنِصْفُ‌ ما فَرَضْتُمْ﴾[2] ولم يستثن الخلوة، فيجب حملها على عمومها.

ووجه الدلالة من الآية أنّه لا يخلو من أن يكون المسيس عبارة عن اللمس باليد أو عن الخلوة أو عن الوطء، فبطل أن يراد به اللمس باليد، لأنّ ذلك لم يقل به أحد ولا اعتبره. وبطل أن يراد به الخلوة، لأنّه لا يعبّر به عن الخلوة لا حقيقة ولا مجازاً، ويعبّر به عن الجماع بلا خلاف، فوجب حمله عليه...

وأيضا روايات أصحابنا قد ذكرناها في ذلك في الكتاب المذكور وبيّنّا الوجه فيما يخالفها.

وأيضاً الأصل براءة الذمّة، فمن أوجب جميع المهر على الرجل والعدّة على المرأة بالخلوة، فعليه الدلالة.»[3]

ورأى ابن إدريس تعارضاً في عبارتي الشيخ فقال: «الذي ذهب إليه رحمه الله في مسائل الخلاف هو الصحيح والحقّ الصريح، للأدلّة التي استدلّ بها، فإنّها أدلّة مرضيّة لا اعتراض عليها، وما ذكره في نهايته أورده إيراداً لا اعتقاداً من طريق أخبار الآحاد، وأخبار الآحاد لا تترك لها الأدلّة القاطعة للأعذار.»[4]

ولكن لا تعارض بين مقالة الشيخ في النهاية ودعواه في الخلاف، لأنّ مقالة النهاية في مقام النزاع ومن البحث في مقام الإثبات، بينما كلامه في الخلاف ناظر إلى مقام الثبوت، ولذلك صرّح في النهاية بأنّ المرأة إذا كانت عالمة بعدم تحقّق المواقعة فليس لها أن تأخذ كامل المهر وتُقبل بيّنة الرجل على عدم الدخول، ولكنّه افترض في الخلاف في بداية المسألة ما إذا لم يتحقّق الدخول وقال عند البحث إثباتاً : «نقول: القول قول من يدّعي الإصابة».

فالحقّ ـ كما تقدّم في نقل الأخبار الدالّة على ثبوت كامل المهر بالخلوة ـ أنّ الخلوة وإن لم تسبّب ثبوتاً استحقاق الزوجة لكامل المهر ولكن في مقام الإثبات إذا خلا الزوج بالزوجة بحيث ظهر منه عرفاً تحقّق الدخول، فهذا يسبّب تقديم قول مدّعي الدخول، وهو ـ حسب ما تقدّم في موضوع تقديم ظاهر الحال على الأصل ـ مطابق للقاعدة وليس مخالفاً لها.

هذا، ولكن صاحب الجواهر حمل الأخبار الدالّة على ثبوت كامل المهر بالخلوة على التقيّة لموافقتها قول بعض العامّة[5] ، ولكنّه غير وجيه، لأنّ الشاهد على الجمع بين الأخبار بالنحو المتقدّم موجود في الأخبار نفسها.

ويؤيّده ما ذكره الشيخ في التهذيب حيث قال: «إنّ‌ ابن‌ أبي عمير رحمه‌ الله‌ يقول:‌ إنّ الأحاديث قد اختلفت في ذلك، فالوجه في الجمع بينها على الحاكم‌ أن‌ يحكم‌ بالظاهر ويلزم الرجل‌ المهر كلّه‌ إذا أرخى الستر، غير أنّ‌ المرأة‌ لا يحلّ‌ لها فيما بينها وبين‌ الله‌ أن‌ تأخذ إلا نصف‌ المهر.

وهذا وجه‌ حسن ولا ينافي ما قدّمناه،‌ لأنّا إنّما أوجبنا نصف‌ المهر مع‌ العلم‌ بعدم‌ الدخول‌ ومع‌ التمكّن‌ من‌ معرفة‌ ذلك،‌ فأمّا مع‌ ارتفاع‌ العلم‌ وارتفاع‌ التمكّن‌ فالقول‌ ما قاله‌ ابن‌ أبي عمير.»[6]

فالحاصل أنّه في دعوى تحقّق الدخول، إن وُجد ظاهر حال موافق لقول مدّعي الدخول فهو المقدّم، وإلا قُدّم قول مدّعي عدم الدخول.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo