< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

45/07/18

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: المهور / التنازع في المهر / نزاع الزوجين في الوصف

 

تقدّم في كلمات المحقّق أنّ الزوجين إذا تنازعا في الوصف أيضاً فإنّ قول الزوج هو المقدّم، وفي سبيل توجيه كلام المحقّق، حمل صاحب الجواهر ذلك على ما كان الاختلاف في وصف زائد، بمعنى أنّ نوع المهر كان متّفقاً عليه واختلفا على وصف زائد، حيث يكون تقديم قول الزوج لموافقة كلامه لأصل البراءة.

وأمّا إذا اختلفا في الوصف بنحو ادّعى أحدهما وصفاً والآخر وادّعى الآخر وصفاً غيره بحيث كانت تسبّب هذه الأوصاف اختلافاً في القيمة فإنّ المورد من موارد التحالف.

ثمّ قال في بيان نتيجة التحالف: «فيفسخ الالتزام بالوصف خاصّة مع فرض صحّة العقد بدونه، وإلا فسد المهر ورجع إلى مهر المثل، لانفساخ المسمّى حينئذٍ بالتحالف.»[1]

أمّا الشهيد الثاني فإنّه ذهب إلى التحالف مطلقاً في موارد الاختلاف في الوصف وقال: «لو قيل بالتحالف على تقدير الاختلاف في الصفة ـ لأنّ كلاً منهما ينكر ما يدّعيه الآخر، خصوصاً مع تصريح كلّ‌ منهما بكون ما يدّعيه هو الذي وقع عليه العقد ـ كان وجهاً، فيثبت مهر المثل، إلا أن يزيد عمّا تدّعيه المرأة أو ينقص عمّا يدّعيه الزوج.»[2]

ولكن الحقّ ما ذهب إليه صاحب الجواهر، حيث ينبغي التفصيل في موارد الاختلاف، وإن لم يصحّ ما ذكره شرطاً للتحالف من أن يكون الاختلاف في الوصف بحيث يؤدّي إلى اختلاف قيمة المهر، بل يكفي في لزوم التحالف أن تتعلّق الأغراض بأوصاف مختلفة، حتّى لو لم يؤدّ اختلاف الأغراض إلى اختلاف القيمة.

 

قال المحقّق الحلّي: «تفريع: لو دفع قدر مهرها فقالت: «دفعتَه هبة» فقال: «بل صداقاً»، فالقول قوله، لأنّه أبصر بنيّته»[3]

إذا اتّفق الزوجان على أنّ الزوج دفع إلى الزوجة مالاً بمقدار مهرها وادّعت الزوجة أنّ المدفوع إليها كان هبة ولم يكن مهرها وادّعى الزوج أنّه كان مهرها، فمن المدّعي ومن المنكر في هذه الدعوى؟

قال المحقّق الحلّي بأنّ الزوجة مدّعية في هذه الدعوى والوجه في ذلك أنّ النية ممّا لا يعرفها إلا من دفع المال، فإذا ادّعى الزوج أنّه أعطاها إيّاه بنيّة دفع المهر، فعلى الزوجة أن تقيم بيّنة على مدّعاها، وإلا قُدّم قول الزوج بيمينه.

والواقع أنّ المسألة مبنيّة على أن الأُمور الخفيّة التي لا يمكن إقامة البيّنة عليها، إذا ادّعي فيها ما يخالف دعوى صاحب الأمر الخفيّ، فعلى المدّعي أن يقيم بيّنة على دعواه.

ولكن الشيخ في المبسوط فصّل في المسألة وقال: «إن اتّفقا على أنّها قبضته مطلقاً ـ وهو أن يدفع إليها فقبضت ـ وهما شاكّان، أو قال: «خذي هذه»، فإن قالت: «أعطيتني هديّة» وقال: «بل مهراً» فالقول قوله ولا يمين، لأنّه ما لم ينطق بالهبة أو الهديّة لا يكون هديّة وإن اعتقده ونواه، فلا معنى لإحلافه.

وإن اختلفا فقالت: «قلت لي: خذي هذه هديّة» أو قالت: «هبة» وقال: «بل قلت خذيها مهراً»، فالقول قول الزوج بكلّ حال.»[4]

ونظيره عن العلامة في قواعده.[5]

وقد أشكل الشهيد الثاني على دعوى المحقّق قائلاً: «إن كانت دعواها عليه أنّه نوى بالدفع الهبة من غير أن يتلفّظ بما يدلّ‌ عليها، فالقول قوله بغير يمين، لأنّه لو اعترف لها بما تدّعيه لم تتحقّق الهبة إلا بانضمام لفظ يدلّ‌ عليها، فلا يفتقر إلى اليمين.

وإن ادّعت تلفّظه بما يدلّ‌ على الهبة، فالقول قوله مع اليمين، لأصالة العدم، ولأنّه منكر.

وتعليل المصنّف بكونه أبصر بنيّته يدلّ‌ على القسم الأوّل، لأنّ مرجعه إلى دعوى النيّة، ومعه لا يحتاج إلى التعليل بكونه أبصر بنيّته، لأنّه لو صرّح بالنيّة لم يكف في الحكم بكونه هبة، بل لابدّ من انضمام اللفظ الدالّ‌ عليه، كقوله: «خذيه هبة» أو «هديّة» ونحو ذلك.

ولو أراد به القسم الثاني أو ما يشمل الأمرين ـ كما يقتضيه إطلاق اللفظ لولا التعليل ـ لم يحسن التعليل أيضاً، لأنّه إن وقع منه لفظ يدلّ‌ على الهبة أو الصداق، حكم عليه به ظاهراً وإن لم تعلم نيّته، وإن لم يقع منه لفظ يدلّ‌ عليه، لم تكف النيّة.

والظاهر أنّ المصنّف حاول الجمع بين الحكمين ـ كما فعله في المبسوط والقواعد ـ لكنّ التعليل لا يجري عليهما، بل يمكن جريانه على قسم ثالث بأن يكون قد عبّر بلفظ يحتمل الهبة وغيرها، كقوله: «خذي هذا» أو «هذا لك» أو «أعطيتك هذا» ونحو ذلك من الألفاظ غير الصريحة في الهبة، فإنّه لا يحكم بها إلا مع انضمام.»[6]

وسنوضّح كلمات الأعلام ونقدها في الجلسة القادمة إن شاء الله.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo