< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

45/07/02

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: المهور / التنازع في المهر / الشک في صحة المعاملة - فروض جريان اصالة الصحة

 

ذكرنا في الجلسة السابقة أنّ الذي يُشَكّ في صحّة المعاملة من حيث فعله، إذا ادّعى فساد العمل فلا يصحّ التمسّك بأصالة الصحّة لتصحيح معاملته.

وقد يقال: على فرض صحّة هذه الدعوى، فكلّما باع أحد مالاً إلى مشترٍ، فله أن يقوم بعد المعاملة لسبب ما ـ مثل أن يزيد ثمن مورد المعاملة بعدها بنسبة عالية ـ وبالتعاون مع شخص ثالث بادّعاء أنّ الذي باعه كان لشخص ثالث ولم يكن من ماله، وفي هذه الحالة يقدّم قوله على قول المشتري، بينما لا يمكن الالتزام بذلك. أو يجوز لأحد طرفي المعاملة بعدها أن يدّعي أنّه لم يكن يقصد هذه المعاملة جدّاً، فبناءً على عدم جريان إصالة الصحّة في هذه الموارد، يقدّم قوله ولو باليمين.

فالجواب: أنّ عدم إمكان الالتزام بهذا الرأي إنّما ينحصر فيما وجد حين المعاملة أمارة على ملكيّة البائع كاليد، حيث إذا ادّعى أحد بعد المعاملة خلاف تلك الأمارة، عليه أن يقيم بيّنة على دعواه ولو كان ذا يد، وأمّا إذا لم توجد مثل هذه الأمارة حين المعاملة، فلا إشكال في تقديم قول المدّعي للفساد. كما أنّ سبب تقديم قول الطرف الآخر فيما إذا ادّعی عدم القصد الجادّ للمعاملة هو الأصل العقلائيّ الدالّ على وجود قصد جادّ لفاعل كلّ عمل اختياريّ إلا إذا ثبت خلافه.

فإن قيل: إنّ أماريّة اليد على الملكيّة أو الأصل العقلائي المذكور إنّما يمكن التمسّك بهما فيما لم يدّع ذو اليد أو الفاعل عدم الملكيّة أو عدم القصد الجادّ، وإلا لم تكن اليد أمارة على الملكيّة، ولا العقلاء يجرون الأصل المذكور في مثل هذه الموارد.

فيجاب: بأنّ ذلك إنّما يجري فيما إذا أقرّ ذو اليد حين صدور الفعل بعدم الملكيّة أو نصب الفاعل قرينة دالّة على عدم القصد الجادّ، وإلا فبعد صدور الفعل منهما وترتّب الأثر عليه فلا تُسمع دعوى عدم الملكيّة أو عدم القصد الجادّ إلا بالنسبة إلى الآثار العائدة على المُقرّ.

فبالنظر إلى ما ذكر إلى الآن، يمكن افتراض عدّة فروض لجريان أصالة الصحّة:

1 ـ اتّفاق طرفي المعاملة على صحّة أركانها ـ أي الفاعل والمورد ـ ووجود جميع الشروط وعدم جميع الموانع.

ففي هذه الصورة، إذا شكّ شخص ثالث في وجود شرط أو عدم مانع ولم يَعُد شكّه إلى ركنيّة أركان المعاملة، فله أن يتمسّك بأصالة الصحّة، ولكن لا يمكن التمسّك بها فيما إذا لم تحرز تماميّة أركان المعاملة عرفاً وشرعاً.

2 ـ توافق طرفي العقد على عدم تماميّة أركان المعاملة عرفاً أو شرعاً أو عدم شرط أو وجود مانع.

فلا إشكال في هذه الحالة في عدم جواز تمسّك شخص ثالث بأصالة الصحّة.

3 ـ دعوى عدم تماميّة الركنيّة العرفيّة أو الشرعيّة في أركان المعاملة من قبل أحد طرفي المعاملة، وشكّ الطرف الآخر فيه على الرغم من عدم إحراز الشاكّ لها حين العقد.

فلا يمكن التمسّك بأصالة الصحّة في هذه الصورة لا للشاكّ ولا لشخص ثالث.

4 ـ دعوى عدم تماميّة الركنيّة العرفيّة أو الشرعيّة لأركان المعاملة من قبل أحد طرفي المعاملة وشكّ الآخر فيه على الرغم من إحراز الشاكّ له حين العقد بإقرار أو أمارة أو بيّنة أو ما شاكلها.

ففي هذه الحالة وإن لم يمكن التمسّك بأصالة الصحّة، ولكن بالنظر إلى إحراز تماميّة الركنيّة العرفيّة والشرعيّة لأركان المعاملة حين العقد، فعلى مدّعي الفساد إقامة البيّنة.

ولكن إذ تنازع الطرفان على أصل إحراز هذه القابليّة حين العقد أو عدم إحرازها، فعلى مدّعي إحراز القابليّة حين العقد أن يُثبت دعواه، إلا إذا استند إحراز القابليّة إلى ظاهر الحال حيث يُقدّم قول مدّعي إحراز القابليّة.

5 ـ أن يتّفق طرفا المعاملة على تماميّة الركنيّة العرفيّة والشرعيّة لأركانها ويختلفا في وجود الشرط أو فقدان المانع لصحّة العقد، ممّا يتصوّر على نحوين:

أ ـ أن يدّعي مدّعي الفساد أنّ فقدان الشرط أو وجود المانع يعود إلى فعل الطرف المدّعي للصحّة.

فيجوز في هذه الصورة أن يتمسّك بأصالة الصحّة، سواء للطرف الآخر من المعاملة ـ في حالة شكّه ـ أو لشخص ثالث.

ب ـ أن يدّعي مدّعي الفساد أنّ فقدان الشرط أو وجود المانع يعود إلى فعله الصادر عنه، ولا يمكن إحراز وجود الشرط أو عدم المانع بأيّ حال.

ففي هذه الصورة لا يجوز التمسّك بأصالة الصحّة، لا للطرف الآخر للعقد ولا لثالث.

وبعد بيان هذه المباحث التمهيديّة، نتناول في الجلسة القادمة طرح مسائل الشرائع في منازعات المهر إن شاء الله.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo