< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

45/06/26

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: المهور / التنازع في المهر / إشکال المحققّ الخوئیّ علی إستدلال الشيخ الاعظم

 

يقول السيد الخوئيّ في متابعة إشكالاته على ما ذكره الشيخ الأعظم: «ثمّ إنّ الشيخ بعد ما التزم بجريان أصالة الصحّة ولو مع الشكّ في القابلية ذكر أنّه... على فرض تسليم اعتبار إحراز القابليّة، يكفي إحراز قابليّة أحد الطرفين..‌.

ولا يمكن المساعدة عليه‌ بعد اعتبار إحراز القابليّة كما هو المختار، فإنّ صحّة كلّ شي‌ء بحسبه، وصحّة الجزء عبارة عن كونه قابلاً للجزئيّة، ولا يثبت بها وجود الجزء الآخر ولا صحّته، فصحّة الإيجاب عبارة عن كونه بحيث لو انضمّ إليه القبول لكان العقد المركّب منهما مؤثراً قبالاً لفساده، فجريان أصالة الصحّة في الإيجاب لا يثبت وجود القبول ولا صحّته.»[1]

والحقّ في المسألة ما ذهب إليه القائلون بالقول الأوّل ولا يمكن الالتزام بما ذكره الشيخ الأعظم، إذ مادامت أركان المعاملة غير تامّة فلا وجه لتصحيحها ـ بمعنى ترتيب الأثر عليها ـ بأصالة الصحّة، على أنّه لم تحرز سيرة في موارد الشكّ في أركان المعاملة.

ولا يرد على المحقّق الكركيّ ما أورده الشيخ الأعظم من أنّ المراد من وجود المعاملة إذا كان وجودها شرعاً، فهو عين ترتّب الأثر عليها، وإن كان وجودها عرفاً فهذه المعاملة موجودة عرفاً حتّى مع الشكّ في الشروط الشرعيّة بل ومع العلم بانتفاء تلك الشروط، إذ مراد المحقّق الكركيّ من كلامه هو أنّه إذا شكّ عرفاً في وجود ما يعتبره العرف من أركان المعاملة مع ملاحظة الشروط التي اعتبرها الشارع في الأركان العرفيّة للمعاملة، فلا يمكن التمسّك بأصالة الصحّة ولن يكون إحراز وجود الأركان عين ترتّب الأثر على المعاملة، لأنّ ترتّب الأثر عليها يحتاج فضلاً عن وجود الأركان إلى شروط أُخرى لا علاقة لها بأركان المعاملة.

والإشكال الآخر الوارد على دعوى الشيخ من تصحيح العمل المشكوك لأحد أطراف المعاملة بالتمسّك بظاهر الحال في فعل الطرف المقابل، فهو ما أشار إليه السيّد الخوئي في كلماته، على أنّه لا يُعلم مراده من أنّه يظهر منه أنّ الطرف الآخر لم يقم بتصرّف فاسد، فإن أُريد به التمسّك بظاهر الحال، فهو غير موجود في جميع الموارد، وحتّى على فرض وجوده فلا عبرة به من دون الاطمئنان الشخصي بمفاده كما تقدّم، وإن كان المراد منه أنّه يحكم بعدم التصرّف الفاسد للطرف المقابل من باب حمل فعل المسلم على الصحّة، فيشكل عليه أوّلاً: بأنّ أصالة الصحّة لا تجري فقط في المعاملات التي يقوم بها المسلم، وثانياً: بأنّ حمل فعل المسلم على الصحّة لا يثبت عدم فساد المعاملة.

نعم، إنّ ما مثّل به السيّد الخوئي من أنّه لا سيرة للتمسّك بأصالة الصحّة فيما إذا شكّ في وكالة طرف المعاملة عن المالك وأنّ العقلاء لا يقدمون على مثل هذه المعاملة، خروج عن محلّ الكلام، لأنّ أصالة الصحّة إنّما تجري بعد وقوع المعاملة ولا وجه للتمسّك بها قبله، فالأفضل أن يمثّل بأنّه إذا تبيّن بعد المعاملة أنّ البائع ليس مالكاً وشكّ في أنّه هل يملك وكالة من المالك لبيع ماله أم لا، فلا سيرة على التمسّك بأصالة الصحّة.

غير أنّ السيّد الروحانيّ أشكل على استدلال السيّد الخوئي وقال: «للمناقشة فيما ذكره مجال، فإنّ السيرة قائمة على إجراء أصالة الصحّة في الموارد التي لا يكون هناك أصل أو أمارة يستند إليها، كالشكّ في البلوغ، أو الرشد، أو في مجهوليّة العوضين، أو زيادة أحدهما على الآخر في المعاملة الربويّة، أو وقوع الطلاق في أيّام الطهر، أو حضور عدلين عند إنشائه، وغير ذلك ممّا لا طريق إلى إثباته من يد أو غيرها. واليد إنّما تثبت المالكيّة، أمّا بلوغ البائع أو رشده فلا تقتضي شيئاً منهما، فلا وجه لما ذكره من أنّ قابليّة الفاعل تحرز بقاعدة اليد. مع أنّ الشكّ لا ينحصر في قابليّة الفاعل، إذ قد يكون في قابليّة المورد.

وأمّا ما ذكره من النقض فهو لا يدلّ على المدّعى من جهتين:

الأُولى: إن استناد العقد أو الإيقاع إلى المالك ممّا هو مأخوذ في موضوع أصالة الصحّة، لأنّ مفاد أصالة الصحّة مفاد: «أوفوا» في قوله تعالى: ﴿أَوْفُوا بِالْعُقُودِ﴾ [2] ، وظاهر أنّه قد أُخذ في موضوع الوفاء استناد العقد إلى المالك كما أُخذ في موضوعه العقد، لظهور الكلام في ذلك عرفاً بحيث لا يكون ما يدلّ على عدم نفوذ بيع غير المالك مخصّصاً لعموم: «﴿أَوْفُوا بِالْعُقُودِ﴾».

وعليه فعدم جريان أصالة الصحّة إنّما هو لأجل عدم إحراز موضوعها وهو العقد المستند إلى المالك، لا من جهة قيام السيرة على عدم جريانها عند الشكّ في القابليّة.»[3]

وسنطرح في الجلسة القادمة تكملة كلام السيّد الروحاني إن شاء الله.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo