< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

45/06/17

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: المهور / التنازع في المهر / ما اختلف في ترجيح الظاهر فيه على الأصل أو العكس

 

قال الشهيد الثاني في متابعة حديثه: « القسم الرابع: ما اختلف في ترجيح الظاهر فيه على الأصل أو العكس

وهو أُمور:

منها: غُسالة الحمّام، وهو الماء المنفصل عن المغتسلين فيه الذي لا يبلغ الكثرة حال الملاقاة. والمشهور بين الأصحاب الحكم بنجاسته عملاً بالظاهر، من باب مباشرة أكثر الناس له بنجاسة. ومستنده مع ذلك رواية مرسلة ضعيفة السند عن الكاظم(ع).

وقيل: يرجّح الأصل، لقوّته، مع معارضة تلك بأُخرى مرسلة مثلها عنه(ع) بنفي البأس عمّا يصيب الثوب منها؛ وهذا هو الظاهر.

ومنها: طين الطريق إذا غلب على الظنّ نجاسته، فإنّ الظاهر يشهد بها والأصل يقتضي الطهارة.

والمشهور: الحكم بطهارته، لكن ذهب العلامة في النهاية إلى العمل بالظنّ الغالب هنا عملاً بالظاهر...

ومنها: لو اختلف المتعاقدان ببيع وغيره في بعض شرائط صحّته، كما لو ادّعى البائع أنّه كان صبيّاً أو غير مأذون له أو غير ذلك وأنكر المشتري، فالقول قوله على الأقوى وإن كان الأصل عدم اجتماع الشرائط، عملاً بظاهر حال المسلم من إيقاعه العقد على وجه الصحّة. وكذا القول في الإيقاعات...

ومنها: اختلاف الزوجين في أصل المهر ولا بيّنة، فإنّ‌ الأصل يقتضي براءة ذمّته ممّا زاد عمّا يعترف به، والظاهر يشهد لها بمهر المثل. وفي ترجيح أيّهما خلاف، فالمشهور تقديم قول الزوج.

والأقوى عندي التفصيل...

ومنها: إذا خلا بامرأته خلوة تامّة، ثمّ اختلفا في الدخول فأنكره، تعارض هنا الأصل وهو عدم الدخول، والظاهر وهو الدخول بالحليلة عند الخلوة بها أوّلاً. وقد اختلف الأصحاب في تقديم أيّهما، والأشهر تقديم قوله عملاً بالأصل...»[1]

أقول: كما أسلفنا فإنّه لم يوضّح المبنى الذي بحسبه يقدّم الأصل على الظاهر وعكسه، واقتصر على ذكر الموارد التي قدّم الأصحاب أحدهما على الآخر أو اختلوا فيه من دون بيان مبنى التقديم.

ولذلك سنحاول فيما يلي أن نجد مبنىً لهذا الموضوع إن شاء الله.

ولدراسة المسألة ينبغي الإشارة بدواً إلى عدّة أُمور:

1 ـ المراد من الظاهر في هذه المسألة هو ظاهر الحال لا ظاهر اللفظ، إذ بعد القول بحجّيّة ظهورات الأدلّة الشرعيّة اللفظية ـ سواء الموجود منها في الكتاب أو في السنّة ـ فلا إشكال في تقديم هذا الظهور على الأصل ويكون ذلك من باب تقديم الدليل الاجتهاديّ على الدليل الفقاهتيّ.

ولكن لا يختلف معنى الظهور في الظهور اللفظي والظهور المستند إلى القرائن الحاليّة والمقاميّة، والمراد فيهما حصول الظنّ من اللفظ أو القرائن اللفظية أو المقاميّة بحيث لا يعتنى باحتمال خلافه. كما أنّ المراد من عدم الاعتناء باحتمال الخلاف هو أنّ نوع الأشخاص لا يعتنون بمثل هذا الاحتماللإ لا أنّ المكلّف نفسه لا يعتني به، لأنّ المكلّف قد يكون لسذاجته لا يعتني باحتمال الخلاف الذي يعتنى به عادة، أو يعتني باحتمال الخلاف الذي لا يعتنى به نوع الإنسان وذلك لأنّه يعاني من الوسواس، وهذا لا يشكّل ظهوراً ولا يمنع من انعقاد الظهور. إذن يلزم في انعقاد الظهور وجود ظنّ نوعيّ بنحو لا يعتنى باحتمال خلافه نوعاً وإن لم يتكوّن ظنّ شخصيّ للشخص.

فيعلم من ذلك عدم صحّة ما ورد في كلمات بعض الأصحاب من أنّ تقديم الظاهر على الأصل مبنيّ على القول بحجّية مطلق الظنّ[2] ، لأنّ القائلين بحجّيّة مطلق الظنّ يعتبرون الظنّ الشخصيّ حجّة ووجود الظنّ الشخصي لا يعني بالضرورة وجود ظهور عرفيّ. على أنّ مجرّد وجود الظنّ ولو نوعاً ـ كما تقدّم ـ لا يسبّب انعقاد الظهور.

2 ـ ليس تقديم الظاهر على الأصل أو عكسه من باب تقديم أحد الدليلين المتعارضين على الآخر في مقام التعارض، وإنّما من باب أنّه هل يمكن إلحاق الظاهر بالعلم حتّى يرفع موضوع الأصل ـ أي الشكّ ـ أو أنّه لا دليل على هذا الإلحاق والمقتضي لجريان الأصل موجود بوجود الشكّ ولو في حال وجود ظاهر الحال.

وبعبارة أُخرى فإنّ بحثنا في المقام هو أنّ ظاهر الحال هل هو حاکم أو وارد على الأصل أم لا؟

وسنبيّن بقيّة الموضوع في الجلسة اللاحقة إن شاء الله.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo