< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

45/05/04

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: المهور / أحکام المهر / لو کان الصداق تعليم سورة

 

أمّا تكملة ما يرد على كلام العلامة وكاشف اللثام فهو كما يلي:

ثالثاً: الفرق بين الجارية التي نحلت ثمّ عادت إلى وضعها الأوّل و بين مورد المسألة ليس من حيث كون التغيير اختياريّاً أو غير اختياريّ، بل ربّما قد تفعل الزوجة اختياراً بالجارية ما تنحل به، وإنّما الفرق يكون من حيث الصدق العرفيّ، بمعنى أنّ سمن الجارية أو نحولها لا يسبّب حكم العرف بتلف عين المهر، بينما يحكم العرف بذلك فيما نحن فيه بزوال الصورة.

ورابعاً: لا وجه فيما وجب دفع القيمة لاحتساب بدل المادة مثليّاً وبدل الصورة قيميّاً، لأنّ العرف لا يقول بمثل هذا التمييز ويرى العين شيئاً واحداً، والتمييز بين المادة والصورة إنّما يكون بالدقّة العقليّة.

وخامساً: لا يُطرح هنا بحث الربا المعاوضيّ حتّى يلزم دفع البدل من غير الجنس، لأنّ ردّ البدل ليس معاوضة.

قال المحقّق الحلّي: «السادسة عشرة: لو أصدقها تعليم سورة، كان حدّه أن تستقلّ بالتلاوة ولا يكفي تتبعّها لنطقه. نعم، لو استقلّت بتلاوة الآية ثمّ لقّنها غيرها فنسيت الأُولى، لم يجب عليه إعادة التعليم.

ولو استفادت ذلك من غيره، كان لها أُجرة التعليم، كما لو تزوّجها بشيء وتعذّر عليه تسليمه.»[1] .

هذه المسألة أيضاً من المسائل التي تقدّم بعض أحكامها فيما سبق، وكان الأنسب أن يطرحها المحقّق إلى جانب الأحكام السابقة.

قال الشهيد الثاني في توضيح الشطر الأوّل من كلام المحقّق: «حدّه أن تستقلّ‌ بتلاوته صحيحاً بغير مرشد، فلا يكفي تتبّعها لنطقه، لأنّ ذلك لا يعدّ تعلّماً عرفاً.

ثمَّ‌ المعتبر استقلالها بجملة منها يصدق عليها عرفاً اسم التعلّم للقرآن، فلا يكفي استقلالها بنحو الكلمة والكلمتين قطعاً، لأنّ ذلك لا يعدّ تعلّماً. ويظهر من المصنّف وجماعة الاكتفاء بالآية، فلو استقلّت بها برئت ذمّته منها، فلو اشتغلت بغيرها فنسيتها لم يجب عليه إعادة التعليم. واعتبر بعضهم ثلاث آيات مراعاةً لما يحصل به الإعجاز، وأقلّه سورة قصيرة تشتمل على ثلاث آيات كالكوثر.

والأجود الرجوع إلى العرف، لعدم تقديره شرعاً. وكون الإعجاز يتعلّق بثلاث آيات لا يستلزم نفي التعليم عمّا دونها. ولأنّ الآيات تختلف بالطول والقصر، ففيها ما يزيد على ثلاث آيات قصيرة ويحصل بها الإعجاز، وفيها ما لا يصدق معه التعلّم عرفاً ك‌ـ ﴿مُدْهامَّتانِ﴾[2] ﴿وَأُلْقِیَ‌ السَّحَرَةُ‌ ساجِدِينَ﴾[3] .

ثمّ‌ إن كان شرطها التعلّم عن ظهر القلب، اشترط ثبوته فيه وتكرّره على وجه يصدق عليه اسم الحفظ عرفاً، فلا يكفي قرائته عن ظهر القلب مرّة، ولا تكرار قدر يسير كذلك. وإن كان المراد التدرّب على قراءته من المصحف اعتبر استقلالها به بنفسها كذلك.

ثمّ‌ إن كان العرف منضبطاً حمل عليه، وإلا وجب ضبطه على وجه يرفع الإبهام.

هذا إن كان المعقود عليه آيات متعدّدة، فلو كان آية أو آيتين فلا إشكال في الاكتفاء بالاستقلال به.»[4]

والحقّ هنا ما ذهب إليه الشهيد الثاني، فالملاك في تعليم القرآن أو حفظه هو العرف ولا تعبّد هنا لكي يجب اتّباعه.

والمراد من قوله: «تتبّعها لنطقه» هو أن تلفظ الزوجة كلّ كلمة من الألفاظ التي يتلفّظها الزوج عقيب تلفّظه.

وأمّا بالنسبة إلى ما إذا تعلّمت الزوجة من شخص آخر قبل تعليم الزوج إيّاها الذي قال المحقّق فيه بوجوب إعطاء الزوج أُجرة التعليم للزوجة لأنّه مثل ما تعذّر فيه تسليم العين، فقد يخطر إلى البال إشكال وهو أنّه ينبغي التفريق بين ما إذا كان تعلّم الزوجة من غير الزوج بسوء اختيارها، وبين ما إذا كان بسبب امتناع الزوج من التعليم، فإنّ زوال المحلّ في الأوّل يكون بفعل الزوجة ولا يستند إلى الزوج، كما لو تعذّر تسليم العين بفعل المالك.

ولكن ذهب بعض ـ كالشهيد الثاني وصاحب الجواهر[5] [6] ـ إلى أنّه يجب على الزوج دفع أُجرة التعليم إلى الزوجة حتّى فيما إذا كان الزوج مستعدّاً للتعليم ولم تقبل الزوجة بالتعلّم منه فذهبت إلى غيره.

ولكن لا وجه لهذه الدعوى، ومن هنا قال الشيخ الأنصاريّ في كتاب النكاح: «لو بذل الزوج التعليم وتعلّمت الزوجة من غيره، يمكن القول بأنّها فوّتت المهر على نفسها، كما لو أمهرها منفعة عين بذلها لها فلم تستوف المنفعة.»[7]

غير أنّه يمكن الإشكال على تنظير الشيخ فيقال: إذا كانت المهر منفعة العين، فما يجب على الزوج هو تسليم العين لا استيفاء المنفعة للزوجة، فإذا سلّم الزوج العين فقد أدّى ما عليه، بينما فيما نحن فيه فالواجب على الزوج هو التعليم الذي لم يحصل. فمن الأولى تنظير ما نحن فيه بما تقدّم منّا، أو أن يقال في تنظير الشيخ أنّ الزوجة تهاونت في استلام العين لاستيفاء منفعتها.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo