< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

45/04/23

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: المهور / أحکام المهر / جواز عفو الولی و الوکيل عن المهريّه

 

بعدما تبيّن أنّ للوليّ القهريّ والوكيل حقّاً في الجملة للعفو عن حقّ الزوجة في نصف المهر، يطرح السؤال التالي بأنّه أو عن جزء منه فقط؟

تقدّم في كلمات المحقّق أنّ حقّهما في العفو مختصّ بجزء من حقّ الزوجة ولا يحقّ لهما العفو عن كلّه، وقال الشيخ في المبسوط: «إنّ أصحابنا رووا أنّ له أن يعفو عن بعضه وليس له أن يعفو عن جميعه.»[1]

وقد استظهر كاشف اللثام الإجماع في المسألة من كلام الشيخ وآخرين من الأصحاب وقال: «يظهر الاتّفاق عليه من المبسوط والتبيان[2] ومجمع البيان[3] وفقه القرآن[4] للراوندي.»[5]

وتستند هذه الدعوى إلى الروايات التالية:

1 ـ صحيحة رِفاعة، قال: «سألت أبا عبدالله(ع) عن الذي بيده عقدة النکاح؟ فقال: الوليّ الذي يأخذ بعضاً ويترك بعضاً، وليس له أن يدع کلّه.»[6] [7]

ونقل العيّاشي في تفسيره خبرين عن رفاعة بالمضمون نفسه مرسلاً.[8]

2 ـ مرسلة ابن أبي عمير عن غير واحد من أصحابنا عن أبي عبدالله(ع): «...متى طلّقها قبل‌ الدخول‌ بها، فلأبيها أن‌ يعفو عن‌ بعض‌ الصداق‌ ويأخذ بعضاً، وليس‌ له‌ أن‌ يدع‌ كلّه،‌ وذلك‌ قول‌ الله‌ عزّ وجلّ‌: ﴿إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِی بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ﴾[9] ، يعني: الأب‌ والذي توكّله‌ المرأة‌ وتولّيه‌ أمرها من‌ أخ‌ أو قرابة‌ أو غيرهما.»[10] [11]

وفي قبال هاتين الروايتين، هناك أخبار تدلّ على أنّه يحقّ للذي بيده عقدة النكاح أن يعفو عن كامل الحق:

منها: خبر محمّد بن مسلم عن أبي جعفر(ع): «في قوله: ﴿إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِی بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ﴾[12] الذي يعفو عن الصداق أو يحُطّ بعضه أو كلّه.»‌[13] [14]

وروى العيّاشي رواية أُخرى مثيلة لهذه عن زرارة وحمران ومحمّد بن مسلم عن الإمام الباقر(ع) والإمام الصادق(ع).[15]

على أنّه لا وجه لعدم إمكان العفو عن جميع حقّ الزوجة في صورة وجود مصلحة فيه، أو فيما إذا وكّلت الزوجة أحداً أن يهب جميع مهرها من قبلها أو يبرئ كلّ ذمّة الزوج.

فإذن ينبغي حمل هذه الروايات على مورد فقدان هبة الكلّ للمصلحة أو عدم إعطاء الزوجة مثل هذه الوكالة لوکيلها، ومع ذلك فإنّ صاحب الجواهر يقول في الإشكال على هذا الحمل: «فيه: أنّ محلّ البحث العفو من حيث كونه عفواً مع قطع النظر عن أمر خارج عنه، ولا ريب في عدم جوازه من الولي في غير المقام، لكونه تضييع مال المولّى عليه.»[16]

ولكنّ الإشكال غير وارد، إذ لا يحتمل أن تكون الروايات بصدد بيان أنّ الولي يحقّ له العفو ولو من دون مراعاة مصلحة المولّى عليها، بل من المعلوم أنّ عفو الوليّ في هذا المورد أيضاً متوقّف على وجود المصلحة فيه للمولّى عليها، وعليه فقد قلنا: إنّه ليس المراد ممّن بيده أمر النكاح مجرّد الوليّ القهريّ فحسب، بل الموكّل من قبل الزوجة بنحو تشمل دائرة وكالته هذا المورد أيضاً.

ولذلك قال ابن إدريس في السرائر: «الذي يقوى في نفسي ويقتضيه أُصول المذهب ويشهد بصحّته النظر والاعتبار والأدلّة القاهرة والآثار، أنّ الأب أو الجدّ من قبله مع حياته أو موته إذا عقدا على غير البالغ، فلهما أن يعفوا عمّا تستحقّه من نصف المهر بعد الطلاق.»[17]

وقال ابن سعيد أيضاً في الجامع للشرائع: «لمن بيده عقدة النكاح العفو بعد الطلاق قبل الدخول عن الباقي للمصلحة.»[18]

وقال العلامة في المختلف: «التحقيق أن نقول: الزوجة إن كانت صغيرة، كان وليّ‌ أمرها الأب أو الجدّ له، ولهما العفو عن جميع النصف وبعضه مع المصلحة في ذلك.»[19]

وبالنسبة إلى صحيحة رفاعة يمكن القول بأنّ تعبير «ليس له أن يدع کلّه» فيه يمكن أن يعني أنّ الوليّ لا يحقّ له العفو عن كلّ المهر، لأنّ نصفه موهوب من قبل الشارع وليس للزوجة حقّ فيه، بل يقتصر حقّها على نصف المهر، وهذا المعنى خلاف ظاهر الرواية ولا يتناسب مع التعبير الوارد في مرسلة ابن أبي عمير: «يعفو عن‌ بعض‌ الصداق‌ ويأخذ بعضاً».


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo