< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

45/04/12

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: المهور/أحکام المهر/شرط الخيار في المهر

ظهر من كلمات القائلين بفساد العقد بسبب شرط الخيار في أصل العقد أنّهم غالباً ما اعتبروا فساد العقد مسبّباً عن مخالفة شرط الخيار ضمن العقد لمقتضى ذات عقد النكاح.

ولكن من المعلوم عدم إمكان الالتزام بهذه الدعوى، لأنّ مقتضى ذات عقد النكاح الدائم ليس إلا الزوجيّة بنحو لا يقصر المقتضي عن استمرارها، وكما تقدّم في نقد دعوى السيد الخوئيّ فشرط الخيار لا يخالف ذلك وإنّما هو بصدد جعل المانع من تأثير المقتضي.

وأمّا لزوم عقد النكاح فهو ليس من مقتضيات ذات عقد النكاح، بل هو مدلول الدليل الشرعيّ.

كما لا يصحّ أيضاً وجود شوب التعبّد في النكاح، على أنّ مجرّد وجود هذا الاحتمال وكذا عدم كون النكاح من العقود المعاوضيّة لا يسبّب مخالفة شرط الخيار في ضمنه لمقتضى ذات العقد.

ومن هنا قال صاحب العروة في الاستدلال على صحّة العقد وعدم بطلانه: «لا فرق بينه وبين سائر الشروط الفاسدة فيه، مع أنّ‌ المشهور على عدم كونها مفسدة للعقد. ودعوى كون هذا الشرط منافياً لمقتضى العقد بخلاف سائر الشروط الفاسدة التي لا يقولون بكونها مفسدة، كما ترى.»[1]

والحقّ ما ذهب إليه صاحب العروة وابن إدريس.

وقد تقدّم في كلمات المحقّق في وجه فساد العقد أنّه إذا فسد الشرط فينتفي رضا المشروط له بالعقد، ولكن تقدّم الجواب على هذه الدعوى سابقاً بما قلناه في نقد كلمات من ذهب إلى فساد العقد بواسطة مخالفة الشرط للكتاب والسنّة.

وأمّا ما قاله السيد الخوئيّ من أنّ شرط الخيار يوجب عدم كون النكاح نكاحاً دائماً، بل يكون مؤقّتاً بأجل غير معلوم فيكون فاسداً، فمعناه أنّ فساد الشرط ناتج عن فساد العقد لا أن ينشأ فساد العقد عن فساد الشرط، وقد تقدّم بيان عدم تماميّة هذه الدعوى بالتفصيل.

فالنتيجة أنّ غاية ما يمكن ادّعاؤه أنّ شرط الخيار ضمن عقد النكاح مخالف للكتاب والسنّة وفاسد، ولكن فساده لا يؤدّي إلى فساد عقد النكاح.

المقام الثاني: شرط الخيار في المهر

يُعلم بناءً على ما تقدّم في جواز الشرط في المهر أنّ شرط الخيار في المهر جائز أيضاً، وقد ادّعى السيد الخوئيّ أيضاً عدم مخالف في المسألة[2] ،وكما تقدّم فهذا كاشف عن جواز كلّ شرط غير مخالف للكتاب والسنّة وغير منافٍ لمقتضى ذات عقد النكاح، وللمشروط عليه أن يأخذ بالخيار في المهر في حال تخلّف المشروط عليه عن الشرط؛ إذ لا خصوصيّة في شرط الخيار حتّى نقتصر في تجويزه على المهر ولا نجيز سائر الشروط، أو لا نعتبر التخلّف عنها سبباً لثبوت حقّ الخيار للمشروط له في المهر.

واستدلّ المحقّق الثاني على جواز شرط الخيار في المهر: «لو شرط الخيار في الصداق صحّ قطعاً، لانتفاء المانع، لأنّ الصداق ليس ركناً في النكاح وإنّما هو عقد مستقلّ بنفسه، والمقصود منه المال، فإذا شرط فيه الخيار صحّ، ولا يبطل الصداق عندنا.

وللعامّة في بطلان الشرط والصداق معاً، وصحّتهما معاً، وصحّة الصداق وبطلان الشرط ثلاثة أوجه.»[3]

ولكن لا تصحّ دعوى كون الصداق عقداً مستقلاً، وإنّما الالتزام بالمهر المسمّى مرتبط بالالتزام بالعقد، ولذلك إذا فسد عقد النكاح فلا يبقى التزام بالمهر المسمّى أيضاً، إلا إذا أُريد أنّ الالتزام بالمهر غير دخيل في ماهيّة عقد النكاح وهذه دعوى صحيحة.

ولكن شرط جماعة معلوميّة نهاية زمان شرط الخيار ضمن العقد، ولا يمكن جعل مثل هذا الخيار من دون تحديده بالزمان.

قال صاحب الجواهر في هذا السياق: «يشترط ضبط مدّته كغيره من العقود، ولا يقدح إطلاق الأصحاب المعلوم بناؤه على ذلك وإن كان ربما احتمل عدم اعتبار ضبطه لذلك، ولأنّه يغتفر فيه من الجهالة ما لا يغتفر في غيره. لكنّ المذهب الأوّل، ولا يتقيّد بثلاثة وإن حكي عن الشيخ أنّه مثّل بها.»[4]

كما قال الشيخ الأنصاري في لزوم تعيين المدّة في شرط الخيار: «يشترط تعيين المدّة، فلو تراضيا على مدّة‌ مجهولة‌ ـ كقدوم الحاجّ‌ ـ بطل بلا خلاف، بل حكي الإجماع عليه صريحاً، لصيرورة المعاملة بذلك غرريّة.

ولا عبرة بمسامحة العرف في بعض المقامات وإقدام العقلاء عليه أحياناً، فإنّ‌ المستفاد من تتبّع أحكام المعاملات عدم رضا الشارع بذلك، إذ كثيراً ما يتّفق التشاحّ‌ في مثل الساعة والساعتين من زمان الخيار فضلاً عن اليوم واليومين...

لا فرق في بطلان العقد بين ذكر المدّة المجهولة ـ كقدوم الحاجّ ـ وبين عدم ذكر المدّة أصلاً ـ كأن يقول: «بعتك على أن يكون لي الخيار» ـ وبين ذكر المدّة المطلقة ـ كأن يقول: «بعتك على أن يكون لي الخيار مدّة» ـ لاستواء الكلّ‌ في الغرر.»[5]

وسندرس هذه الدعوى في الجلسة اللاحقة إن شاء الله.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo