< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

45/03/23

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: المهور / أحکام المهر / الشروط فی ضمن عقد النكاح

 

تقدّم في الجلسة السابقة وجوب الوفاء بالشرط الذي ليس بصدد التدخّل في الجعل الشرعيّ ولا يُلزم فعل حرام أو ترك واجب.

ولكن ورد في رواية أخرى ما هو ظاهر في خلاف ذلك، وهي خبر زرارة‌، قال‌: «سئل‌ أبو جعفر(ع) عن‌ المهاريّة‌ يشترط عليها عند عقدة‌ النكاح‌ أن‌ يأتيها متى شاء‌ كلّ‌ شهر وكلّ‌ جمعة‌ يوماً ومن‌ النفقة‌ كذا وكذا؟ قال:‌ ليس‌ ذلك‌ الشرط بشي‌ء‌، ومن‌ تزوّج‌ امرأة‌ فلها ما للمرأة‌ من‌ النفقة‌ والقسمة‌، ولكنّه‌ إذا تزوّج‌ امرأة‌ فخافت‌ منه‌ نشوزاً أو خافت‌ أن‌ يتزوّج‌ عليها أو يطلّقها، فصالحته‌ من‌ حقّها على شي‌ء‌ من‌ نفقتها أو قسمتها، فإنّ‌ ذلك‌ جائز لا بأس‌ به‌.»[1] [2]

قال العلامة المجلسي: «يمكن حمل الخبر... على الكراهة، لأنّه إذا جاز الصلح على إسقاطهما، لا يبعد جواز اشتراطه في العقد.»[3]

ولكنّ الأفضل أن يحمل هذا الخبر على المورد الذي يشترط في العقد عدم حقّ القسم للزوجة وكذا عدم استحقاقها النفقة بالقدر المتعارف، ووجه فساد الشرط فيه أنّه بصدد التدخّل في الجعل الشرعيّ، ويؤيّده أيضاً أنّ الإمام(ع) قال في توجيه فساد الشرط: إنّ حقّ القسم والنفقة ثابت للزوجة شرعاً بعد النكاح.

ولكنّ الذي ذكره الإمام(ع) في خصوص جواز المصالحة بعد النكاح، فالواقع أنّه ليس إلا إعراضاً عن إعمال الحقّ في مقام العمل، وهو ـ كما قال العلامة المجلسي ـ كما يمكن بالمصالحة بعد النكاح فكذلك يمكن بالشرط ضمن النكاح.

وهناك روايتان تؤيّدان ذلك:

1 ـ خبر عبدالرحمن‌ بن‌ أبي عبدالله‌ عن‌ أبي عبدالله(ع)، قال: «سألته‌ عن‌ رجل‌ تزوّج‌ امرأة‌ وشرط عليها أن‌ يأتيها إذا شاء‌ وينفق‌ عليها شيئاً مسمّى كلّ‌ شهر؟ قال:‌ لا بأس‌ به‌.»[4] [5]

2 ـ موثّقة زرارة‌، قال‌: «كان‌ الناس‌ بالبصرة‌ يتزوّجون‌ سرّاً فيشترط عليها أن‌ لا آتيكِ إلا نهاراً ولا آتيكِ‌ بالليل‌ ولا أَقسم‌ لكِ.‌ قال‌ زرارة: وكنت‌ أخاف‌ أن‌ يكون‌ هذا تزويجاً فاسداً، فسألت‌ أبا جعفر(ع) عن‌ ذلك‌، فقال: لا بأس‌ به ـ يعني التزويج ـ‌ إلا أنّه‌ ينبغي أن‌ يكون‌ هذا الشرط بعد النكاح‌، ولو أنّها قالت‌ له‌ بعد هذه‌ الشروط قبل‌ التزويج:‌ «نعم‌» ثمّ قالت‌ بعدما تزوّجها: «إنّي لا أرضى إلا أن‌ تقسم‌ لي وتبيت‌ عندي» فلم‌ يفعل،‌ كان‌ آثماً.»[6] [7]

فهاتان الروايتان ـ خاصّة موثّقة زرارة ـ ظاهرتان في أنّ المشروط ليس عدم استحقاق المرأة شرعاً للقسم والنفقة وإنّما إعراضها عن هذا الحقّ وهذا ما جوّزه الإمام(ع). وأمّا الذي ورد ذيل موثّقة زرارة من أنّه ينبغي أن يكون بعد النكاح، فهو عين ما تقدّم سابقاً من أنّ التوافق الواقع بعد العقد بين الطرفين، لا يلزم الوفاء به ما لم يبتن عليه العقد.

كما يمكن تأييد وجه فساد الشرط في هذه الموارد برواية أخرى وهي صحيحة محمّد بن قيس عن‌ أبي جعفر(ع)‌، قال: «قضى عليّ(ع) في رجل‌ تزوّج‌ المرأة‌ وأصدقها‌ واشترطت‌ أنّ‌ بيدها الجماع‌ والطلاق‌. قال‌: خالفت‌ السنّة‌ وولّت‌ الحقّ من ليس‌ بأهله. قال: فقضى أنّ‌ علی الرجل النفقة‌ وبيده‌ الجماع‌ والطلاق، وذلك‌ السنّة.»[8] [9]

إنّ لهذه الصحيحة ظهوراً تامّاً في أنّ الشرط إذا تدخّل في الجعل الشرعيّ وأعطى الحقّ إلى غير صاحب الحقّ شرعاً، فهو خلاف الكتاب والسنّة وفاسد.

وعليه يمكن توجيه حمل خبر زرارة بقرينة هذه الصحيحة.

فإذن يمكن ادّعاء أنّه لو شرط ضمن النكاح أن لا يحقّ للرجل أن يتزوّج أُخرى أو يأخذ جارية، فالشرط مخالف للكتاب والسنّة وفاسد، وأمّا إذا شرط أن لا يتزوّج الرجل عليها ولا يأخذ جارية، فالشرط صحيح ويجب الوفاء به.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo