< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

45/03/22

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: المهور / أحکام المهر / شروط النكاح المدّعى فسادها

 

المقام الثاني: شروط النكاح المدّعى فسادها

ادّعى بعض الأصحاب فساد بعض الشروط الواقعة ضمن النكاح، ومستندهم في ذلك أخبار:

منها: صحيحة محمّد بن‌ قيس،‌ عن‌ أبي جعفر(ع): «في رجل‌ تزوّج‌ امرأة‌ وشرط لها إن‌ تزوّج‌ عليها امرأة‌ أو هجرها أو اتّخذ عليها سرّيّة‌ فهي‌ طالق.‌ فقضى في ذلك‌: أنّ‌ شرط الله‌ قبل‌ شرطكم،‌ فإن‌ شاء‌ وفى لها بالشرط، وإن‌ شاء‌ أمسكها واتّخذ عليها ونكح‌ عليها.»[1] [2]

ووجه فساد الشرط فيها أنّه ورد بنحو شرط النتيجة فيما جعل الشرع له سبباً خاصّاً، وكما تقدّم فإنّ هذا المورد يعدّ من موارد فساد الشرط لمخالفته الكتاب والسنّة.

ومنها: حسنة عبدالله بن‌ سنان‌ عن‌ أبي عبدالله(ع)‌: «في رجل‌ قال‌ لامرأته:‌ إن‌ نكحت‌ عليك‌ أو تسرّيت‌ فهي‌ طالق‌. قال‌: ليس‌ ذلك‌ بشيء،‌ إنّ‌ رسول‌ الله(ص)‌ قال:‌ من‌ اشترط شرطاً سوى كتاب‌ الله‌ فلا يجوز ذلك‌ له‌ ولا عليه.»[3] [4]

ووجه الفساد فيها كالرواية السابقة، على أنّ الظاهر من الرواية وقوع الشرط خارج النكاح بنحو الوعد بعد النكاح.

ومنها: موثّقة منصور بن‌ حازم‌ عن‌ أبي عبدالله(ع)، قال: «سألته‌ عن‌ امرأة‌ حلفت‌ لزوجها بالعتاق‌ والهدي‌ إن‌ هو مات‌ لا تتزوّج‌ بعده‌ أبداً، ثمّ‌ بدا لها أن‌ تتزوّج؟‌ قال: تبيع‌ مملوكها، إنّي أخاف‌ عليها السلطان‌ وليس‌ عليها في الحقّ‌ شي‌ء،‌ فإن‌ شاءت‌ أن‌ تهدي‌ هدياً فعلت.‌»[5] [6]

لا علاقة لهذه الرواية بالشرط ضمن النكاح، وإنّما هي في خصوص الحلف بعد تحقّق الزوجيّة، ووجه فساد هذا الحلف هو جعله العتق والهدي جزاءً للحلف بنحو شرط النتيجة.

ومنها: معتبرة محمّد بن‌ قيس‌ عن‌ أبي جعفر(ع)‌: «في الرجل‌ يتزوّج‌ المرأة‌ إلى أجل‌ مسمّى، فإن‌ جاء‌ بصداقها إلى أجل‌ مسمّى فهي‌ امرأته‌ وإن‌ لم‌ يأت‌ بصداقها إلى الأجل‌ فليس‌ له‌ عليها سبيل‌ وذلك‌ شرطهم‌ بينهم‌ حين‌ أنكحوه.‌ فقضى للرجل‌ أنّ‌ بيده‌ بضع‌ امرأته‌ وأحبط شرطهم‌.»[7] [8]

وجه فساد هذا الشرط أيضاً مثل ما مرّ في الرواية الأولى.

ومنها: خبر حمّادة‌ بنت‌ الحسن‌ أُخت‌ أبي عبيدة‌ الحذّاء،‌ قالت‌: «سألت‌ أبا عبدالله(ع)‌ عن‌ رجل‌ تزوّج‌ امرأة‌ وشرط لها أن‌ لا يتزوّج‌ عليها ورضيت‌ أنّ‌ ذلك‌ مهرها؟ قالت:‌ فقال‌ أبو عبدالله(ع):‌ هذا شرط فاسد، لا يكون‌ النكاح‌ إلا على درهم‌ أو درهمين.»[9] [10]

وجه فساد الشرط في هذه الرواية جعل المهر عدم النكاح على الزوجة، وقد تقدّم أنّه ينبغي كون المهر مالاً.

ومنها: خبر محمّد بن مسلم عن أبي جعفر(ع)، قال: «قضى أمير المؤمنين(ع) في امرأة تزوّجها رجل وشرط عليها وعلى أهلها إن تزوّج عليها امرأة وهجرها أو أتى عليها سرّيّة فإنّها طالق، فقال: شرط الله قبل شرطكم، إن شاء وفى بشرطه وإن شاء أمسك امرأته ونكح عليها وتسرّى عليها وهجرها إن أتت سبيل ذلك‌.»[11] [12]

وجه فساد الشرط فيه كالرواية الأولى.

ومنها: خبر زرارة‌: «أنّ‌ ضريساً كانت‌ تحته‌ بنت‌ حُمران،‌ فجعل‌ لها أن‌ لا يتزوّج‌ عليها وأن‌ لا يتسرّى أبداً في حياتها ولا بعد موتها على أن‌ جعلت‌ له‌ هي‌ أن‌ لا تتزوّج‌ بعده‌، وجعلا عليهما من‌ الهدي‌ والحجّ‌ والبدن‌ وكلّ‌ مالهما في المساكين‌ إن‌ لم‌ يف‌ كلّ‌ واحد منهما لصاحبه‌. ثمّ‌ إنّه‌ أتى أبا عبدالله(ع)‌ فذكر ذلك‌ له‌ فقال:‌ إنّ‌ لابنة‌ حمران‌ لحقّاً ولن‌ يحملنا ذلك‌ على أن‌ لا نقول‌ لك‌ الحقّ،‌ اذهب‌ وتزوّج‌ وتسرّ، فإنّ‌ ذلك‌ ليس‌ بشي‌ء‌، وليس‌ شي‌ء‌ عليك‌ ولا عليها، وليس‌ ذلك‌ الذي صنعتما بشي‌ء‌. فجاء‌ فتسرّى وولد له‌ بعد ذلك‌ أولاد.»[13] [14]

وجه فساد الشرط فيه كالرواية الأُولى. على أنّ الظاهر منها أنّ الشرط لم يكن في ضمن عقد النكاح وإنّما اتّفق الزوجان بعد استقرار الزوجيّة بينهما على ما هو أشبه بالوعد. ومن هنا اعتبره الإمام(ع) غير واجب الوفاء ولم يقل بمخالفته للكتاب والسنّة، ولا ينافي ذلك ما إذا لزم الوفاء به لو شرط ذلك ضمن النكاح.

ويؤيّد ذلك روايتان:

1 ـ موثّقة منصور بزرج‌ عن‌ عبد صالح(ع)، قال‌: «قلت:‌ إنّ‌ رجلاً من‌ مواليك‌ تزوّج‌ امرأة‌ ثمّ‌ طلّقها فبانت‌ منه، فأراد أن‌ يراجعها فأبت‌ عليه‌ إلا أن‌ يجعل‌ لله‌ عليه‌ أن‌ لا يطلّقها ولا يتزوّج‌ عليها، فأعطاها ذلك‌، ثمّ‌ بدا له‌ في التزويج‌ بعد ذلك،‌ فكيف‌ يصنع؟‌ قال:‌ بئس‌ ما صنع‌، وما كان‌ يدريه‌ ما يقع‌ في قلبه‌ بالليل‌ والنهار، قل‌ له‌ فليف‌ للمرأة‌ بشرطها، فإنّ‌ رسول‌ الله(ص)‌ قال:‌ المؤمنون‌ عند شروطهم‌.»[15] [16]

2 ـ صحيحة محمّد بن‌ مسلم‌ عن‌ أحدهما(ع): «في الرجل‌ يقول‌ لعبده‌: أعتقتك‌ على أن‌ أُزوّجك‌ ابنتي، فإن‌ تزوّجت‌ عليها أو تسرّيت‌ فعليك‌ مائة‌ دينار. فأعتقه‌ على ذلك‌ وزوّجه‌ فتسرّى أو تزوّج‌. قال:‌ لمولاه‌ عليه‌ شرطه‌ الأوّل.»[17] [18]

كما أنّ إطلاق الرواية التالية أيضاً يدلّ على لزوم الوفاء بالشرط الواقع ضمن النكاح، وهي موثّقة إسحاق‌ بن‌ عمّار عن‌ جعفر عن‌ أبيه(ع):‌ «أنّ‌ عليّ‌ بن‌ أبي طالب(ع) كان‌ يقول‌: من‌ شرط لامرأته‌ شرطاً فليف‌ لها به‌، فإنّ‌ المسلمين‌ عند شروطهم‌ إلا شرطاً حرّم‌ حلالاً أو أحلّ‌ حراماً.»[19] [20]

وكما تقدّم ضمن الأبحاث السابقة، فإنّ الشرط لن يكون مخالفاً للكتاب والسنّة ما لم يكن بصدد التدخّل في الجعل الشرعيّ ولم يکن فعل حرام أو ترك واجب.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo