< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

44/03/27

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: التدليس/الغرر/دليل قاعدة الغرور – بناء العقلاء

قد يشكل في دلالة معتبرة إسماعيل بن جابر فيقال: ما ورد فيها هو رجوع موالي الوليدة إلى الغارّ وهذا يختلف عمّا نحن بصدد بيانه من بيان رجوع المغرور إلى الغارّ، فلا يصحّ الاستناد إليها فيما نحن فيه.

والجواب أنّ التعليل في الرواية بأنّه لمّا خادع المزوّج فعليه أن يدفع المال إلى الموالي، فالمفهوم منه أنّ وجه رجوع الموالي إلى المزوّج أنّه على الرغم من كون المزوّج هو المتلِف لمنفعة الأمة وأنّه يجب أن يطالب بالعوض بمقتضى القواعد، ولكن بما أنّ للزوج بعد دفع قيمة الولد إلى الموالي أن يرجع إلى المزوّج لخدعته ويطالبه بالمال الذي دفعه إلى الموالي، فللمزوّج أن يدفع القيمة إلى الموالي مباشرة من دون توسيط الزوج. ويؤيّده أن ما ورد في الرواية ليس حقّ الموالي لمطالبة القيمة من المزوّج، بل وجوب دفع القيمة للموالي على المزوّج، وهو يناسب استقرار الضمان على عهدة الغارّ من غير أن يثبت حقّ للمتضرر في الرجوع البدويّ إلى الغارّ وهو المطابق لمقتضى قاعدة الغرور.

ويدلّ على هذا الوجه أنّه لو لم نقل بذلك، لوجب القول بأنّ خدعة المزوّج تؤدّي إلى أقوائيّة السبب عن المباشر، وبالنتيجة للموالي أن يرجع إليه لقاعدة التسبيب، والحال أنّه لا وجه لهذه الدعوى ولا يمكن اعتبار مجرّد الخدعة سبباً لأقوائيّة السبب عن المباشر عرفاً.

وأما لو ادّعي أنّ المزوّج بما أنّه غاصب فيحقّ للموالي الرجوع إليه، فأوّلاً: هذا لا يناسب التعليل المذكور ـ إذ يجب أن يستند رجوع الموالي إلى المزوّج إلى يده العدوانيّة لا خداعه في حقّ الزوج ـ وثانياً: بالنسبة إلى النماءات المنفصلة التي لم تكن تحت يد الغاصب وأُتلفت على يد غيره، فلا وجه لضمان الغاصب بسبب قاعدة اليد.

وستأتي تتمّة کلام حول جواز رجوع المغرور إلی الغارّ بعد رجوع صاحب المال إليه ومطالبته دفع الخسارة إليه في المسألة الأخيرة من مسائل التدليس.

ومنها: حسنة أو موثّقة أبي بصير عن أبي عبدالله(ع): «في امرأة‌ شهد عندها شاهدان‌ بأنّ‌ زوجها مات‌ فتزوّجت‌ ثمّ‌ جاء‌ زوجها الأوّل‌؟ قال: لها المهر بما استحلّ‌ من‌ فرجها الأخير، ويضرب‌ الشاهدان‌ الحدّ ويضمّنان‌ المهر بما غرّا الرجل‌ ثمّ‌ تعتدّ وترجع‌ إلى زوجها الأوّل‌.»[1] [2]

وهي تدل بوضوح على علّيّة الغرور لضمان الغارّ.

بناء العقلاء

إنّ ما ورد من روايات في خصوص الضمانات فهو في الواقع إمضاء لسيرة العقلاء في ضماناتهم وليس تأسيساً، فكما أنّ الإتلاف واليد موجبان للضمان عند العقلاء والشارع قد أمضى بالأدلّة الشرعية سببيّتهما للضمان، فالمدّعى أنّ الغرور أيضاً من أسباب الضمان عندهم، وما ورد من الأدلّة ليس إلا إمضاء لهذه السيرة.

بل حتّى بناءً على عدم قبول دلالة هذه الأخبار على إمضاء سيرة العقلاء، فمجرّد عدم صدور مانع ورادع شرعيّ عن العمل بهذه السيرة يكفي لاعتبارها وحجيّتها.

لكن يجب الالتفات إلى أنّ حكم العقلاء بالضمان من حيث التسبيب يختلف عن حكمهم به من حيث الغرور، إذ ـ كما تقدّم في كلمات الشيخ الأعظم أيضاً ـ فإنّ الحكم بالضمان في المورد الأوّل يناط بأقوائيّة السبب عن المباشر عرفاً بنحو يعتبر المباشر في حكم الآلة وبلا اختيار، فينسب ما صدر منه من فعل إلى السبب عرفاً، وبالنتيجة يرجع المتضرّر إلى السبب مباشرة ولا يحقّ له الرجوع إلى المباشر. والحال أنّه في مبحث الضمان من حيث قاعدة الغرور، ينسب الفعل الصادر من المغرور إليه نفسه وإذا تضرّر أحد من هذه الجهة، فليس له الرجوع إلى الغارّ بل عليه أن يرجع إلى المغرور، والرجوع إلى الغارّ من حقّ المغرور.

وبعبارة أُخرى فبناءً على قاعدة الغرور، الوحيد الذي يحقّ له الرجوع إلى الغارّ هو المغرور المتضرّر.

إذن لو قيل في بعض الموارد أنّ للمتضرر أن يرجع إلى الغارّ فليس ذلك من باب قاعدة الغرور، وإنّما يجب البحث عن مستند آخر له مثل قاعدة التسبيب أو اليد وأمثالها.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo