< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

44/03/07

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: کتاب النکاح/ العیوب - التدلیس/ احكام العيوب – تبیین معنی التدلیس

 

إذا كان في كلّ من الزوجين عيب موجب لفسخ الآخر، كان لكليهما حقّ الفسخ، لإطلاق الأدلّة.

إلا أنّه أشكل جماعة في ثبوت حقّ الفسخ في صورة عنن الزوج وابتلاء الزوجة بالعفل أو القرن أو الرتق، والإشكال ناشئ عن مناط حقّ الفسخ وهو اجتناب الضرر، بينما الفرض أنّ الضرر المتوجّه لکلّ من الزوجين هاهنا مستند إليه نفسه لا إلی الآخر[1] .

لكنه مخالف لإطلاق الأدلّة ولا دليل على أنّ كلّ الملاك في المسألة هو اجتناب تضرّر من له الحق.

ثمّ إذا طلّق الزوج زوجته من غير علم بعيبها ـ رجعيّاً أو بائناً ـ فهل له الأخذ بالخيار وفسخ النكاح لاحقاً؟

قال صاحب الجواهر: «لو طلّق قبل الدخول ثمّ علم بالعيب، لم يسقط عنه ما وجب بالطلاق، ولا فسخ له هنا لعدم الزوجيّة، بل وكذا بعده حتّى في الرجعيّة لذلك أيضا، مع احتماله فيها، لبقاء العلقة، فيفيد حينئذ تعجيل البينونة، وحلّ الخامسة، والأخت، وانقطاع الإرث، ونفقة العدّة. وليس له الرجعة ثمّ الفسخ بالعيب، لكونها بعد العلم به رضا به. نعم، لو لم يعلم إلا بعد الرجعة كان له الفسخ بلا إشكال.»[2]

والحقّ أنّه لا وجه لتأثير الفسخ بعد الطلاق، لأنّه إمّا متوقّف على اعتبار الطلاق بلا أثر في صورة جهل الزوج بعيب الزوجة، وهو ممّا لا دليل عليه، وإمّا أن نعتبر للزوج في هذه الصورة حقّ فسخ الطلاق، وهو ممّا لا دليل على مشروعيّته، وإمّا أن تكون صحّة الطلاق مشروطة بعدم الفسخ اللاحق من قبيل الشرط المتأخّر، وهو أيضاً لا دليل عليه، وبانتفاء جميع الفروض المذكورة، فلا إشكال في البينونة بالطلاق، والنتيجة أن لا يكون للفسخ موضوع بعد.

أمّا ما احتمله صاحب الجواهر من جواز أن يفسخ الزوج النكاح في الطلاق الرجعيّ بدليل بقاء العلقة الزوجيّة، فغير مقبول، لأنّ الأدلة المتقدّمة لا إطلاق فيها يساعد على شمول هذه الحالة، بل جميع تلك الأدلّة ناظرة إلى فسخ النكاح في الوقت الذي كانت العلقة الزوجية قائمة بشكل تامّ.

وأخيراً ـ كما قاله صاحب الجواهر أيضاً ـ إذا رجع الزوج إلى زوجته مع العلم بعيبها في العدّة الرجعيّة، فهذا كاشف عن رضاه ببقاء الزوجيّة، فلا يحقّ له الفسخ بعدئذٍ، لكن إذا كان رجوعه في زمان عدم العلم بالعيب، ثمّ علم به بعد الرجوع، فلا إشكال في بقاء حق الفسخ.


قال المحقّق الحلّي: «المقصد الثالث: في التدليس وفيه مسائل:

الأولی: إذا تزوّج امرأة على أنّها حرّة فبانت أمة، كان له الفسخ ولو دخل بها. وقيل: العقد باطل، والأوّل أظهر. ولا مهر لها مع الفسخ قبل الدخول، ولها المهر بعده. وقيل: لمولاها العشر أو نصف العشر ويبطل المسمّى، والأوّل أشبه.

ويرجع بما اغترمه من عوض البضع على المدلّس، ولو كان مولاها دلّسها قيل: يصحّ وتكون حرّة بظاهر إقراره، ولو لم يكن تلفّظ بما يقتضي العتق لم تعتق ولم يكن لها مهر.

ولو دلّست نفسها كان عوض البضع لمولاها ويرجع الزوج به عليها إذا أعتقت ولو كان دفع إليها المهر استعاد ما وجد منه وما تلف منه يتبعها به عند حرّيّتها.»[3]

قال في لسان العرب: «الدَلَس، بالتحريك: الظلمة. وفلان لا يدالس ولا يوالس: أي لا يخادع ولا يغدر. والمدالسة: المخادعة. وفلان لا يدالسك ولا يخادعك ولا يخفي عليك الشيء، فكأنّه يأتيك به في الظلام.

وقد دالس مدالسة ودِلاسا ودلّس: في البيع وفي كلّ شيء، إذا لم يبيّن عيبه، وهو من الظلمة. والتدليس في البيع: كتمان عيب السلعة عن المشتري؛ قال الأزهري: ومن هذا أُخذ التدليس في الإسناد وهو أن يحدّث المحدّث عن الشيخ الأكبر وقد كان رآه إلا أنّه سمع ما أسنده إليه من غيره من دونه، وقد فعل ذلك جماعة من الثقات.

والدُلسة: الظلمة... ويقال: دلّس لي سلعة سوء. واندلس الشيء: إذا خفي. ودلّستُه فتدلّس وتدلّستُه: أي لا تشعر به... والتدليس: إخفاء العيب...»[4]

يستفاد منه أنّ التدليس في اللغة يصدق على كلّ ما فيه عيب لا ينبغي بمقتضى المقام أن يوجد فيه العيب، فيتمّ إخفاء العيب بنحو لا يطّلع الطرف المقابل على وجوده، فيحسبه خالياً من العيب، سواء صرّح بعدم وجود العيب، أو أخفي بنحو لا يمكن كشفه.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo