« قائمة الدروس
بحث الأصول الأستاذ سید علي الموسوي اردبیلي

46/10/21

بسم الله الرحمن الرحیم

الاستدلال الثاني ونقده/ مفهوم الوصف/المفاهيم

الموضوع: المفاهيم/ مفهوم الوصف/ الاستدلال الثاني ونقده

 

ذكرنا في الجلسة السابقة الاستدلال الأوّل للقائلين بعدم إفادة الوصف للمفهوم.

الاستدلال الثاني: كما تقدّم في الأبحاث التمهيديّة، ذهب المحقّق العراقي إلى أنّ العلّيّة الانحصاريّة لكلّ من قيود القضيّة بالنسبة إلى الحكم المذكور فيها أمر لا يمكن إنكاره، وجعل الملاك الوحيد في إفادة القيد للمفهوم هو أنّه هل تدلّ القضيّة على تعليق سنخ الحكم عليه أم شخص الحكم؟ واعتبر أنّه يمكن إثبات دلالتها على سنخ الحكم بالتمسّك بإطلاقها.

ولهذا قال في مقام الاستدلال على وجود مفهوم للشرط ونفيه عن الوصف: «إنّ طبع القضيّة باقتضاء ذاتها ليس إلا ترتّب الحكم مهملة على موضوعه.

ولكن لو كان في البين جهة زائدة عن ربط الحكم بموضوعه ـ كما في المقام من حيث اقتضاء أداة الشرط ربط الحكم بشرط زائداً [على‌] ربطه بموضوعه ـ فهل القضيّة في هذه الجهة الخارجة عن مدلولها أيضاً [تقتضي‌] إهمال الجزاء أو [لا تقتضيه‌]، بل مقتضى مقدّمات الحكمة تعليق إطلاق حكمه الملازم لتجريده عن هذه الجهة؟

أمكن أن يقال: إنّ أصالة الإطلاق [تقتضي‌] التجريد من هذه الجهة ويبقى حيث الإضافة إلى الموضوع على طبعه [الأوّلي‌] في القضايا الظاهرة نوعاً في [إهمال‌] المحمول من حيث الإضافة إلى موضوعه.

وبعبارة أُخرى نقول: إنّ ظهور القضايا نوعاً في إهمال المحمول بالنسبة إلى موضوعه مانع عن الأخذ بأصالة الإطلاق في مثله، ولكن ذلك لا يمنع عن الأخذ بأصالة الإطلاق في سائر الجهات.

وبهذه العناية أيضاً نقول بالمفهوم في الغاية وأداة الحصر. وأمّا التوصيف فحيث إنّه من شؤون الموضوع وكان نسبة الحكم إليه كنسبته إلى ذات موضوعه، صار منشئاً للتشكيك في أصالة الإطلاق إلى حيث إضافة الحكم إليه، إذ كان لدعوى اقتضاء طبع القضيّة إهمال الحكم بالإضافة إلى موضوعه بجميع شؤونه كمال مجال.»[1]

وقال في موضع آخر في هذا الشأن: «توهّم أنّ التوصيف أيضاً جهة زائدة عمّا يقتضيه طبع القضيّة من الاحتياج إلى محمول وموضوع وأنّ ما هو مقتضى طبع الكلام من الإهمال إنّما هو بالنسبة إلى ما به قوام كلاميّة الكلام، والأوصاف جهة زائدة عنها، ولا مانع حينئذٍ من الأخذ بالإطلاق والتجريد في الأوصاف أيضاً.

بل ربّما يدّعى أيضاً في كليّة الأوصاف بأنّ الوصف مشعر بالغلبة، وأنّ غرضه أنّ نسبة الحكم إلى الوصف بنسبة أُخرى زائدة عن نسبة الحكم إلى موضوعه، فلا بأس حينئذٍ بالتفكيك بينهما من حيث الإهمال والإطلاق كسائر القضايا الشرطيّة.

مدفوع: بأنّ مجرد خروج الأوصاف عمّا به قوام كلاميّة الكلام لا يقتضي اختلاف نسبة المحمول إلى ذات الموضوع أو وصفه، بل نسبة المحمول إلى الموصوف بالوصف نسبة واحدة شخصيّة وأنّ اختلافها إلى الذات أو الوصف ليس إلا [تحليليّاً عقليّاً]، وإلا ففي الخارج ليس إلا شخص نسبة واحدة، والعرف يأبى عن التفكيك في هذه النسبة الشخصيّة من حيث التجريد وعدمه في هذا الموضوع الشخصي الخارجي لمحض اختلافهما تحليلاً.

ومن هنا ظهر أنّ إشعاره بالعلّيّة لا يوجب تغيير النسبة بين الذات ووصفه خارجاً، ومع عدم اختلافهما في الخارج لا يبقى مجال للتفكيك بينهما من حيث الإطلاق والتقييد كما هو ظاهر.»[2]

لكن يشكل على هذه الدعوى بما يلي:

أوّلاً: كما ذكرنا سابقاً، فإنّ دعوى كون جميع القيود المذكورة في القضيّة ذات علّيّة انحصاريّة للحكم ليست صحيحة.

ثانياً: ليس لإهمال الحكم بالإضافة إلی موضوعه معنىً محصّل، لأنّ الإطلاق بمعنى «رفض القيود» لا «جمع القيود» حتّى يدّعى أنّ القيد إذا لم يكن ملحوظاً لدى المتكلّم حين بيان القضيّة فمعناه أنّ الحكم مهمل بالنسبة إلى ذلك القيد.

وسنطرح بقيّة الإشكالات على دعوى المحقّق العراقي في الجلسة القادمة، إن شاء الله.


logo