46/05/22
بسم الله الرحمن الرحیم
فعلية الاستفهام في الجملة الشرطية - استدلال الشهيد الصدر على أنّ أداة الشرط تفيد الترتّب/ مفهوم الشرط/المفاهيم
الموضوع: المفاهيم/ مفهوم الشرط/ فعلية الاستفهام في الجملة الشرطية - استدلال الشهيد الصدر على أنّ أداة الشرط تفيد الترتّب
يشكل توجيه الشهيد الصدر لفعليّة الاستفهام في الجمل الشرطيّة التي ورد الاستفهام فيها على الجزاء أنّه ـ كما تقدّم في كلماته أيضاً ـ إذا شمل الجزاء استفهاماً فإنّ الذي يعدّ جزاءً هو مدخول الاستفهام والاستفهام بنفسه ليس دخيلاً في الجزاء، بل الاستفهام الفعليّ إمّا أن يتمّ عن الجزاء المترتّب على الشرط أو عن أصل الترتيب. وأمّا الذي ذكره نقضاً لهذا المعنى فغير تامّ، إذ لا يلزم في تغيير صورة الجملة الشرطيّة بقاء الألفاظ على حالها، بل كما في جملة: «إن جاءك زيد فأكرمه» نقول بأنّها بمعنی: «وجوب إكرامك لزيد مترتّب على مجيئة عندك»، فإن جملة «إن جاء زيد فكيف حالك؟» أيضاً في حكم أن يقال: «أستفهم عن حالك المترتّب على مجيء زيد؟».
وعليه فلا وجه للتفريق بين المدلول التصوّري والتصديقي للجملة بأن نعتبر الاستفهام عن المعلّق أو التعليق في مجرّد المدلول التصديقي مستنداً إلى وجود قرينة.
وتابع الشهيد الصدر كلامه وقال في مقام الاستدلال على أنّ أداة الشرط تفيد نسبة بين الشرط والجزاء وترتّب الجزاء على الشرط: أنّه لا إشكال في أنّ جملة الشرط قبل ورود أداة الشرط عليها تكون بنحو يصحّ السكوت عليها، ولكن بمجرّد أن تدخلها أداة الشرط فلا يصحّ السكوت عليها بعدئذٍ، وهذا لا يمكن توجيهه إلّا بناءً على القول بإفادة أداة الشرط لنسبة بين الشرط والجزاء، وأمّا بناءً على دعوى المحقّق الإصفهاني فإنّه غير وجيه.
ثمّ قال في بيان هذه الدعوى: الاحتمالات التي قد يوجّه بها عدم صحّة السكوت على جملة الشرط بعد دخول أداة الشرط عليها أمران:
1 ـ إنّ أداة الشرط تبدّل النسبة التامّة بين الفعل والفاعل في جملة الشرط إلى نسبة ناقصة، وعليه فإنّ النسبة الموجودة بين الفعل والفاعل بعد دخول أداة الشرط تختلف عن النسبة بينهما قبله، كالنسبة بين «جاء زيد» و«مجيء زيد»، وبهذا الاعتبار لا يصحّ السكوت على جملة الشرط بعد دخول أداة الشرط عليها وإن جاز السكوت عليها قبله.
وهذا الاحتمال يتلائم معه مبنى المشهور كما يتناسب معه مبنى المحقّق الإصفهاني.
2 ـ إنّ النسبة التامّة بين الفعل والفاعل في جملة الشرط قبل ورود أداة الشرط عليها تبقى على حالها بعد دخولها عليها، وعدم جواز السكوت عليها بعد دخولها عليها إنّما هو لأنّ معنى هذه الأداة من سنخ يُنتظر منه بيان شيء زائد على الشرط، وعليه فإنّ جملة الشرط وإن كانت كاملة من دون الجزاء غير أنّ معنى أداة الشرط لا يكتمل إلّا بمجيء الجزاء.
وهذا الاحتمال لا يتناسب إلّا مع مبنى المشهور دون مبنى المحقّق الإصفهاني، لأنّ مجرّد تسبيب أداة الشرط لوقوع جملة الشرط موقع التقدير والفرض، لا يستلزم عدم جواز السكوت عليها والحاجة إلى تتميم الكلام.
وأمّا الذي يمكن الالتزام به من بين هذين الاحتمالين هو خصوص الثاني منهما، لأنّ جملة الشرط ذات مدلول تصديقي، وهذا ممّا التزم به المحقّق الإصفهاني أيضاً، حيث إنّه عندما يدّعي أنّ أداة الشرط تجعل الجملة في موضع الفرض والتقدير، فالمراد أنّها تكشف عن ثبوت الفرض والتقدير في ذهن المتكلّم لا أن يُفرض دلالتها على مفهومهما على نحو الدلالة التصوّريّة، وحيث إنّ المدلول التصديقيّ لا يثبت إلّا في النسبة التامّة دون الناقصة كما تقدّم في البحث عن المركّبات التامّة والناقصة، فهذا يكشف عن أنّ النسبة في الجملة الشرطيّة تبقى تامّة بعد دخول أداة الشرط عليها ممّا يعني أنّ الاحتمال الأوّل غير صحيح، فلا يبقى إلّا الاحتمال الثاني وقد تقدّم أنّه لا يناسب مبنى المحقّق الإصفهاني ويؤيّد مبنى المشهور.
على أنّ مبنى المشهور مطابق للوجدان أيضاً.[1]
وسيأتي نقد كلامه في الجلسة القادمة إن شاء الله.