< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

45/10/20

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: النواهی / اقتضاء النهي لفساد العمل المنهيّ عنه / المراد من المعاملات

 

جرى البحث في المراد من المعاملات في عنوان المسألة، وأنّ المسألة هل تشمل المعاملات بالمعنى الأعمّ أو تخصّ المعاملات بالمعنى الأخصّ؟

وقلنا: إنّ المحقّق الخراسانيّ لا يرى المسألة شاملة إلا للمعاملات بالمعنى الأخصّ بينما يراها الشيخ الطوسي والمحقّق الحلّي جارية في الأعمّ من العقود والإيقاعات.

وقال الشيخ الأنصاري في تصنيف المعاملات: «هو على قسمين: فتارة يكون من الأُمور التي يتصوّر فيها الاتّصاف بالصحّة والفساد ـ كغسل النجاسات والعقود والإيقاعات ـ وأُخرى يكون من الأُمور التي لا تتّصف بهما.

والثاني على قسمين: فإنّه تارة يكون من الأُمور التي يترتّب عليها الآثار الشرعيّة، كالغصب والإتلاف ونحوهما، فإنّه يترتّب عليها الضمان ووجوب الردّ ونحوهما، وتارة لا يكون منها، كشرب الماء مثلاً...

وأمّا المعاملة التي يترتّب عليها الآثار من دون الاتّصاف المذكور فلا كلام فيه، إذ بعد عدم اتّصاف المحلّ بالصحّة والفساد لا وجه للبحث عن اقتضاء النهي للفساد فيه. ولا ينافي ذلك ترتّب الآثار على الإتلاف واليد والجنايات وأسباب الوضوء ونحوها، فإنّها تعدّ من الأحكام المترتّبة على وجود هذه الأسباب في الخارج.

ومنه يعلم خروج ما لا يترتّب عليه الأثر الشرعي وإن ترتّب عليه الأثر العقلي أو العادي، إذ لا يعقل تأثير النهي فيما يترتّب على الشي‌ء عقلاً أو عادة.»[1]

فهو أيضاً لا يرى البحث منحصراً بالمعاملات بالمعنى الأخصّ بل يشمل موارد مثل إزالة النجاسة أيضاً.

ووجّه المحقّق الاصفهانيّ هذه الدعوى قائلاً: لا فرق بين الملكيّة والطهارة من الخبث، لأنّهما إن كانا من الموضوعات الواقعيّة التي تترتّب على أسبابها ـ الأسباب التي كشفها الشارع لنا ببيانه ـ فحرمة السبب في أيّ منهما لا تسبّب عدم ترتّب المسبّب عليه، وإن كانا من الاعتبارات الشرعيّة فإذا كان بين حرمة السبب وعدم إيجاد الاعتبار تلازم في الملكيّة، فالتلازم نفسه موجود في الطهارة من الخبث أيضاً.

ولكنّه قال بعد ذلك في ردّ التوجيه: يمكن التفريق بينهما بأنّه حتّى بناءً على كونهما من الاعتبارات الشرعيّة فمن الممكن أن يدّعى بأنّ الملكيّة أمر تسبيبيّ لا يترتّب على ذات السبب قهراً، والتسبّب القصدي بما أنّه متقوّم بالاعتبار الشرعيّ ـ لأنّ إيجاد الملكيّة تسبيبيّ من جانب المالك ومباشريّ من جانب الشارع ـ فلا معنى لكون هذا الفعل مبغوضاً للشارع، ولكنّ الطهارة من الخبث مترتّبة على الغَسل نفسه لا على جعلها سبباً لإيجاد اعتبار الطهارة من قبل الشارع حتّى تتنافى مبغوضيّتها مع إيجاد ما يتقوّم به المبغوض.[2]

ولكنّه مشكل، حيث إنّ اعتباريّة الملكيّة لا تعني إيجاد المالك سبباً لاعتبار الشارع للملكيّة وإنّما الملكيّة أمر اعتباريّ عقلائيّ لا دخل للشارع في إيجاده، بل المستفاد من الأدلّة الشرعيّة ليس إلا مجرّد إمضاء هذا الاعتبار وعدم ردع الشارع عنه. فإيجاد الملكيّة مثل إيجاد الطهارة من الخبث يتمّ من قبل المالك مباشرة.

على أنّه حتّى لو سلّمنا بأنّ العقود والإيقاعات تأسيسيّة لا إمضائيّة، فإنّ اعتبار الشارع لا يعني قيام الشارع بالاعتبار في كلّ واحد من مصاديق العقود والإيقاعات بعد إيجاد سببه من قبل الشخص، وإنّما المراد أن يوجِد الشارع باعتباره أمراً اعتباريّاً في عالم الاعتبار العقلائيّ، والعمل الصادر من الأشخاص هو إيجاد مصداق من مصاديق ذلك الأمر الاعتباريّ، فلا يحتاج إيجاد المصداق إلى اعتبار شرعيّ.

غير أنّ هذا لا يعني القبول بدعوى الشيخ الأنصاريّ، إذ يرد عليها إشكالات أُخرى سنتعرّض إلى بيانها في الجلسة القادمة إن شاء الله.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo