< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

45/07/12

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: النواهي / إجتماع الأمر و النهي / حکم الخروج من مکان الغصبي في حد نفسه

 

بيّنّا في الجلسة السابقة أنّ الحركة عنوان منتزع من النسبة بين كونين.

ومن جهة أُخرى فإنّ التخلّص من الحرام عنوان منتزع من ترك الحرام بعد ارتكابه، وبما أنّ الحركة المنتزعة من النسبة بين الكون في المكان الغصبي والكون في المكان المباح هي مقدّمة لتحقّق عنوان التخلّص من الحرام فيما نحن فيه، فيمكن اعتبارها ذات مطلوبيّة مقدّمية.

علماً بأنّ عنوان التخلّص من الحرام ليس عنواناً متعلّقاً بحكم شرعيّ وإنّما يحكم العقل بلزومه، ولكن يكفي هذا المقدار لأن تكون المقدّمة مطلوبة.

على أنّه لو سلّمنا بأنّ العقل يحكم بلزوم الخروج من المكان المغصوب بسبب ما، فهذا لا يتوافق مع الحرمة الشرعيّة الفعليّة للخروج من المكان المغصوب، لأنّ الشيء الواحد لا يكون متعلّقاً لحكمين متضادّين في وقت واحد وإن اختلف الحاكم فيهما بأن يحكم العقل في أحدهما ويحكم الشرع في الثاني.

فإن قيل: إنّ متعلّق الحكم الشرعي ليس الخروج من المكان المغصوب وإنّما هو التصرّف فيه ويعدّ الخروج من المكان المغصوب من مصاديقه، كما أنّ متعلّق حكم العقل هو لزوم التخلّص من الحرام ويعدّ الخروج من المكان المغصوب مقدّمة له، فيكون له وجوب مقدّميّ عقليّ، وبذلك تكون المسألة من موارد اجتماع الأمر والنهي، وإذا قلنا فيها بالجواز فلا مانع من أن يكون الخروج من المكان المغصوب مصداقاً للحرام الشرعيّ وكذا مصداقاً للواجب العقلي.

فالجواب: أنّه وإن قلنا بجواز اجتماع الأمر والنهي، ولكن هذا الجواز يكون في مرحلة الملاك ولا يمكن في مرحلة الفعليّة القول بفعليّة كلا الحكمين من دون وجود مندوحة، بل يؤدّي عدم المندوحة إلى التزاحم بين الحكمين حيث لا يمكن فعليّة كليهما.

وقد يستشکل في هذا الجواب بأنّ العقل من باب الحكم بلزوم دفع الضرر يحكم باجتناب الحرام وكذا اجتناب الحرام الزائد، فإذا اضطرّ المكلّف في مورد إلى ارتكاب أحد الفعلين المحرّمين، فإنّ عقله يحكم بترك الحرام الأكثر مفسدة ممّا يلزم منه إتيان الحرام الأقلّ مفسدة، ولكنّ ذلك لا يعني الوجوب العقليّ لإتيان الحرام الأقلّ مفسدة.

ونظير ذلك في التزاحم بين واجبين حيث يحكم العقل بلزوم تقديم الواجب الأهمّ الذي هو أقوى ملاكاً، لكنّه لا يعني ثبوت وجوب شرعيّ وعقليّ للواجب الأهمّ.

فلا يكون الخروج من المكان المغصوب واجباً عقلاً حتّى يتزاحم مع الحرمة الشرعيّة للغصب.

ولكن يجاب على هذه العدوى بأنّه وإن كان الخروج من المكان المغصوب حسب هذا الفرض واجباً عقلاً من باب لزوم دفع الضرر، غير أنّه يلزم من حكم العقل بلزوم تقديم ترك البقاء في المكان المغصوب على ترك الخروج منه أن لا يقدر المكلّف على امتثال النهي عن التصرّف في مال الغير بواسطة الخروج من المكان المغصوب، فلا تكون الحرمة الشرعيّة للتصرّف في المكان المغصوب فعليّة في حقّه.

ثمّ إنّ السيّد الخمينيّ دفع الإشكال عن فعليّة وجوب الخروج حسب مبناه المتقدّم في مبحث الخطابات القانونيّة من أنّ فعليّة الحكم بجعله، ولا دخل لقدرة المكلّف فيها[1] ، ولكن تقدّم إشكال المبنى.

أمّا السيّد الخوئي فإنّه يطرح هذا الإشكال بطريقة أُخرى ويقول: إذا حرم الخروج من المكان المغصوب، يلزم التكليف بالمحال، لأنّ الشخص الكائن في أرض مغصوبة إمّا أن يبقى فيها أو يخرج منها ولا يتصوّر له فرض آخر، وقد افترضنا حرمة البقاء في الأرض المغصوبة، فإذا كان الخروج منها حراماً أيضاً فيلزم منه التكليف بما لا يطاق.[2]

وقد يجاب على هذا الإشكال بأنّ متعلّق الحرمة ليس هو عنوان الخروج من الأرض المغصوبة أو البقاء فيها حتّى يلزم منه النهي عن الضدّين اللذين لا ثالث لهما، وإنّما المنهيّ عنه هو عنوان التصرّف في الملك المغصوب ويكون البقاء في الأرض أو الخروج منها من مصاديق التصرّف، وإنّ كون المنهيّ عنه ذا مصاديق لابدّ للمكلّف أن يرتكب أحدها لا يمنع من شمول الحرمة لمصاديق المنهيّ عنه إذا حدثت هذه الحالة بسوء اختيار المكلّف، كما أنّه إذا كان للمأمور به مصاديق لا يقدر المكلّف على إتيان أيّ منها، فإذا نشأ عدم قدرته عن سوء اختياره فهذا لا يوجب سقوط الأمر.

ولكنّه يدفع بأنّ عدم قدرة المكلّف وإن نشأ عن سوء اختياره فهو يمنع من فعليّة التكليف له، وإنّ استحقاقه للعقاب فيما إذا حدثت هذه الحالة بسوء اختياره مستند إلى قاعدة «الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار» ممّا سيأتي بيانه إن شاء الله تعالی.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo