< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

45/07/09

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: النواهي / إجتماع الأمر و النهي / العلم بإمکان التخلّص من الحرام قبل انقضاء الوقت

 

قال صاحب الجواهر في دعوى لزوم الاقتصار على أقلّ مقدار من التصرّف في الفرض المذكور: «من الغريب ما صدر من بعض متفقّهة العصر ـ بل سمعتُه من بعض مشايخنا المعاصرين ـ من أنّه يجب على المحبوس الصلاة على الكيفيّة التي كان عليها أوّل الدخول إلى المكان المحبوس فيه، إن قائماً فقائم وإن جالساً فجالس، بل لا يجوز له الانتقال إلى حالة أُخرى في غير الصلاة أيضاً، لما فيه من الحركة التي هي تصرّف في مال الغير بغير إذنه، ولم يتفطّن أنّ البقاء على الكون الأوّل تصرّف أيضاً لا دليل على ترجيحه على ذلك التصرف، كما أنّه لم يتفطّن أنّه عامل هذا المظلوم المحبوس قهراً بأشدّ ما عامله الظالم، بل حبسه حبساً ما حبسه أحد لأحد، اللهمّ إلا أن يكون في يوم القيامة مثله، خصوصاً وقد صرّح بعض هؤلاء أنّه ليس له حركة أجفان عيونه زائداً على ما يحتاج إليه، ولا حركة يده أو بعض أعضائه كذلك، بل ينبغي أن تخصّ الحاجة في التي تتوقّف عليها حياته ونحوها ممّا ترجّح على حرمة التصرّف في مال الغير، وكلّ ذلك ناشٍ عن عدم التأمّل في أوّل الأمر والأنفة عن الرجوع بعد ذلك[1]

وتبيّن ممّا تقدّم أنّ أصل الدعوى وإن أمكن الالتزام بها في خصوص عدم لزوم الاقتصار على أقلّ مقدار من التصرّف وإمكان الصلاة على النحو المعمول عادة، غير أنّه يمكن المناقشة في تعليله من أنّ كلّ حضور في المكان المغصوب فهو تصرّف فيه، ولا وجه لترجيح حالة على أُخرى.

الحالة الثانية: أن يعلم المكلّف قبل انقضاء وقت العبادة بإمكان التخلّص من الحرام.

إذا علم المكلّف قبل انقضاء وقت الصلاة بإمكان الخروج من المكان المغصوب، فهل يحقّ له مع ذلك الصلاة هناك؟

يقول السيّد الخوئي: بناءً على قولنا بعدم تحقّق تصرّف زائد من حيث الركوع والسجود وأمثالهما، فلا إشكال في صلاته، لأنّ الصلاة لا تؤدّي إلى تصرّف زائد منهيّ عنه في المكان المغصوب، وأمّا بناءً على ما ذهب إليه الميرزا النائينيّ من لزوم إتيان الركوع والسجود إيماءً في المكان المغصوب، فبما أنّ التكليف بالإيماء إنّما يُفرض على المكلّف فيما إذا لم يمكنه إلى آخر الوقت أن يأتي بهما على النحو المعمول عادة، ففي الفرض المذكور لا يحقّ له الصلاة في المكان المغصوب وعليه الصبر لإتيان الصلاة على النحو المعمول في مكان مباح بعد الخروج من المحلّ المغصوب.[2]

ولكن مقتضى التحقيق عدم إمكان تصحيح الصلاة في المكان المغصوب لا على رأي السيّد الخوئيّ ولا مبنى الميرزا النائينيّ، لأنّ إباحة المكان من شروط صحّة الصلاة وسقوط الشرط عن الاعتبار إنّما يكون فيما إذا لم يمكن مراعاته في وقت الصلاة كلّه، وفي فرض عِلم المكلّف بأنّه سيتمكّن من إتيان الصلاة في جزء من الوقت مع مراعاة الشرط، فلا وجه للقول بعدم لزوم مراعاة الشرط وصحّة الصلاة في مكان مغصوب وإجزائها.

فإن قيل: كان المدّعى جواز التصرّفات المتعارفة في المكان المغصوب بناءً على حديث الرفع، والصلاة من التصرّفات المعمولة والمتعارفة، فيجب الالتزام بجوازها في المكان المغصوب، وحينئذٍ لا وجه لفسادها.

فالجواب: أنّ كون الصلاة تصرّفاً متعارفاً متوقّف على أن لا يمكن إتيانها في غير المكان المغصوب في وقت الصلاة بكامله، وإذا افترض إمكان إتيان المكلّف بالصلاة في غير المغصوب، لم يمكن اعتبار الصلاة في المكان المغصوب من التصرّفات المتعارفة. كما إذا وجبت الرياضة اليوميّة على شخص حفظاً لصحّته، فإذا سجن طول اليوم في مكان مغصوب، فيمكن اعتبار الرياضة من الأُمور المتعارفة التي يجوز القيام بها في المكان المغصوب، وأمّا إذا سجن بعض مدّة اليوم فقط وعَلِم أنّه سيطلق سراحه في باقي المدّة، فلا يجوز له الرياضة، بل عليه تأخيرها والقيام بها في مكان مباح.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo