< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

45/06/17

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: النواهي/إجتماع الأمر و النهي/الإشکال في حمل النهي على النهي الإرشاديّ

 

ذكرنا في الجلسة السابقة أربعة إشكالات ممّا يرد على كلام المحقّق الخراسانيّ.

أمّا الإشكال الخامس في كلامه فهو أنّ حمل النهي على النهي الإرشاديّ إذا كان بسبب دعوى أنّ المولى لا يريد بنهيه إلا إرشاد المكلّف إلى وجود مصلحة في نقيض الفعل العباديّ من دون أن يطلب منه ذلك النقيض حتّى يرتفع إشكال طلب النقيضين، فيرد عليه أنّه لا وجه لعدم الطلب المولوي من المكلّف مع وجود المصلحة في نقيض الفعل العباديّ وتماميّة المقتضي وعدم المان

فإن قيل: إنّ المصلحة الموجودة في الفعل العباديّ تمنع من تعلّق الطلب المولوي بنقيضه.

فالجواب أنّ المفروض في هذا التوجيه هو رجحان مصلحة الترك على مصلحة الفعل، ومعلوم أنّ المصلحة المرجوحة لا تمنع من طلب المصلحة الراجحة.

وقد أورد الميرزا النائينيّ إشكالاً آخر على استدلال المحقّق الآخوند وقال: «إنّ الفعل والترك إذا كان كلّ منهما مشتملاً على‌ مقدار من المصلحة، فبما أنّه يستحيل تعلّق الأمر بكلّ من النقيضين في زمان واحد، يكون المؤثّر في نظر الآمر إحدى المصلحتين على تقدير كونها أقوى من الأُخرى، وتسقط كلتاهما عن التأثير على تقدير التساوي، لاستحالة تعلّق الطلب التخييري بالنقيضين، لأنّه من طلب الحاصل، وعليه يستحيل كون كلّ من الفعل والترك مطلوباً بالفعل.

وبالجملة اشتمال كلّ من الفعل والترك على المصلحة يوجب تزاحم الملاكين في تأثيرهما في جعل الحكم على طبق كلّ منهما، لاستحالة تأثيرهما في زمان واحد في طلب النقيضين تعييناً أو تخييراً...

نعم، إذا كان كلّ من الضدّين اللذين لهما ثالث مشتملاً على مصلحة إلزاميّة أو غير إلزاميّة، لم يكن مانع من تعلّق الأمر بكلّ منهما تخييراً، والفرق بينهما وبين النقيضين أو الضدّين اللذين ليس لهما ثالث، ظاهر لا يكاد يخفى‌.»[1]

غير أنّ المحقّق الخوئيّ أجاب عن إشكاله بأنّه لو ادّعي أنّ المصلحة تتحقّق في مطلق الفعل والترك في الخارج، فإنّ إشكال المحقّق النائينيّ وجيه، ولكن ذلك لم يدّع فيما نحن فيه، بل المصلحة موجودة في حصّة خاصّة من الفعل ـ أي الفعل العبادي المقرون بقصد القربة ـ فلا تكون العلاقة بين الفعل والترك من قبيل الضدّين اللذين لا ثالث لهما، بل يكون لهما فرد ثالث وهو الفعل بلا قصد قربة ممّا لا مصلحة في فعله ولا في تركه، إذن لا مانع من جعل الحكم للفعل والترك بهذا النحو، وغاية ما ينتج عنه هو التزاحم في مقام الامتثال ممّا يتمّ معاملته معاملة التزاحم بين عبادتين مستحبّتين.[2]

ولكن يرد على هذا الجواب أنّ الترك والفعل ليسا ضدّين حتّى يخرجا عن نسبة الضدّين اللذين لا ثالث لهما بواسطة وجود شقّ ثالث ويرتفع المحذور، بل الترك نقيض الفعل، سواء كان المراد مطلق الفعل أو حصّة خاصّة منه.

إلا أن يدّعى أنّه كما أنّ المصلحة تكون في حصّة خاصّة من الفعل لا مطلقه، فالمصلحة في الترك أيضاً في حصّة خاصّة منه ـ أي الترك المقارن لقصد القربة ـ لا مطلق الترك، وفي هذه الصورة يكون إشكال الدعوى ما تقدّم في الإشكال على بيان المحقّق الاصفهانيّ.

ولورود الإشكالات المذكورة على هذا التوجيه، ذكر الميرزا النائينيّ توجيهاً آخر لهذا القسم من المكروهات.

فقال في بيان توجيهه: ما يبدو من الإشكال في اتّصاف العبادة بالكراهة في هذا القسم هو تصوّر أنّ متعلّق الأمر والنهي شيء واحد مع أنّه ليس كذلك، بل الأمر يتعلّق بذات العبادة والنهي التنزيهي متعلّق بالتعبّد بهذه العبادة، وبما أنّ النهي التنزيهيّ يتضمّن الترخيص في الإتيان بمتعلّقه أيضاً، فالتعبّد بتلك العبادة جائز وصحيح.[3]

غير أنّ السيّد الخوئيّ أورد إشكالات على هذا التوجيه ممّا سنبيّه في الجلسة القادمة إن شاء الله.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo