< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

45/06/10

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: النواهي / إجتماع الأمر و النهي / قول المحقّق الخراسانيّ في توضيح العبادات المكروهة

 

تحدّثنا في الجلسة الماضية عن الاستدلال الثاني للميرزا القمّي على جواز اجتماع الأمر والنهي.

وقد أجاب المحقّق الخراساني عن هذا الاستدلال قائلاً: إجمال الجواب على الدعوى أنّه لمّا ثبت المحذور العقلي من اجتماع الأمر والنهي، فإذا کان للحكم ظهور على خلافه، وجب تأويل الحكم لأن لا يتعارض مع الدليل العقلي.

على أنّ الظاهر من الموارد المذكورة أنّ حكمين اجتمعا على عنوان واحد فيهما، مع أنّ الذي ادّعى جواز اجتماع الأمر والنهي فغاية ما قال به جواز الاجتماع فيما تعلّق كلّ من الحكمين بعنوان غير عنوان الحكم الآخر لا أن يتعلّقا بعنوان واحد. إذن لا مناص للميرزا القمّي من التأويل في هذه الموارد، خاصّة فيما إذا لم تكن مندوحة، كالعبادات المكروهة التي لا بديل لها.[1]

ثمّ إنّ الإشكال الأوّل الذي أورده الآخوند على الميرزا القمّي إشكال مبنائي، أي أنّ الميرزا لا يقول بتماميّة أدلّة امتناع اجتماع الأمر والنهي حتّى يورد عليه بذلك، بل يراها دالّة على عدم تماميّة الاستدلال على امتناع الاجتماع.

وأمّا إشكاله الثاني على دعوى صاحب القوانين فهو وارد ولا علاقة لمبحث العبادات المكروهة في أكثر أقسامها بمبحث اجتماع الأمر والنهي، بل الأنسب أن تُبحث عنه في عنوان النهي عن العبادة، ولكن بما أنّ الأصحاب غالباً ما طرحوا البحث في هذا المقام، فنحن نتطرّق إليه تبعاً لهم.

يقول المحقّق الخراسانيّ في توضيح العبادات المكروهة: إنّ العبادات المكروهة على ثلاثة أقسام:

القسم الأول: العبادات التي تعلّق النهي بعنوانها وذاتها ولا بديل لها، كصيام يوم عاشوراء والنوافل المبتدئة ـ أي النوافل التي ليس لها وقت معيّن ويمكن إتيانها في أيّ وقت من الليل والنهار ـ في بعض أوقات النهار، مثل صلاة النافلة ما بين صلاة الصبح إلى طلوع الشمس، أو ما بين صلاة العصر إلى غروب الشمس.

القسم الثاني: العبادات التي تعلّق النهي بها بالنحو الأوّل ولها بديل، كالصلاة في الحمّام.

القسم الثالث: العبادات التي لم يتعلّق النهي بذواتها، وإنّما بشيء مجتمع معها وجوداً، أو ملازم لها خارجاً، كالنهي عن الصلاة في موضع التهمة، بناءً على اعتبار كون النهي بسبب اتّحاد الصلاة مع الحضور في موضع التهمة.[2]

ولكن للشيخ تصنيف آخر أدقّ، حيث قال: «إنّ العبادات المكروهة على أقسام:

فتارة: يكون المنهيّ عنه أخصّ من المأمور به مع وجود البدل له من جنسه، كالصلاة في الحمّام. وتارة: لا يكون لها بدل من جنسه‌، كالصوم في السفر... وتارة: يكون المنهي عنه أعمّ من وجه من المأمور به مع اتّحادهما في الصدق في الخارج، كاستعمال الماء المشتبه في الوضوء والصلاة في بيوت الظالمين.»[3]

وسنذكر وجه أدقّيّة بيان الشيخ بعد بيان توجيه القسم الأوّل من العبادات المكروهة إن شاء الله، على الرغم من أنّ تعبيره «مع اتّحادهما في الصدق في الخارج» ليس تعبيراً دقيقاً وينبغي استبداله بعبارة: «مع تلازم مصداقيهما وجوداً».

غير أنّه يرد على كلا التقسيمين أنّ تقسيم العبادات إلى عبادات بلا بدل وعبادات ذوات بدل، ليس له معنى محصّل، حيث لا فرق بين الصيام حال السفر أو النوافل المبتدئة في بعض أوقات النهار وبين الصلاة في الحمّام من جهة وجود البدل لها.

إلا إذا قيل أنّ المراد من وجود البدل هو وجوده من حيث الزمان، أي أنّه في الفرض الأوّل ليس للعبادة في نفس الوقت بدل غير مكروه، فجميع أفرادها مكروهة في ذلك الوقت، ولكن في الفرض الثاني يمكن إتيان العبادة في نفس الوقت بنحو غير مكروه.

غير أنّ هذا التوجيه لا يغيّر في المسألة شيئاً.

إن قيل: لا بدل للصيام مقيّداً بإتيانه في يوم عاشوراء.

فالجواب: أنّه لا بدل أيضاً للصلاة مقيّدة بإتيانها في الحمّام، وإذا اعتبرنا الإتيان يوم عاشوراء قيداً للصيام، علينا أن نعتبر الكون في الحمّام أيضاً قيداً للصلاة، وإن لم نقل بالقيديّة كان ينبغي أن لا نقول بها في أيّ واحد منهما.

وللكلام تتمّة نطرحها في الجلسة القادمة إن شاء الله.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo