< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

45/05/08

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: النواهي / إجتماع الأمر و النهي / تعلّق الحكم الشرعيّ بالموجود الخارجيّ

 

المقدّمة الثانية: تعلّق الحكم الشرعيّ بالموجود الخارجيّ

قال المحقّق الخراسانيّ في بيان هذه المقدّمة: إنّ من البديهيّ أنّ متعلّق الأحكام هو فعل المكلّف وما يصدر منه خارجاً ويكون هو فاعله، لا الاسم الموضوع على ذلك الفعل ولا العنوان المنتزع منه بحيث لو لم ينتزع هذا العنوان تصوّراً واختراعاً من قبل المنتزع، لم يكن بإزائه شيء في الخارج، مثل الملكيّة والزوجيّة والرقّيّة والحرّية والغصبيّة وأمثالها، ضرورة أنّ البعث لا يكون نحو هذه الأُمور وأنّ الزجر لا يكون عنها، بل العناوين آلات لملاحظة متعلّقاتها والإشارة إلى تلك المتعلّقات بالمقدار الذي يفي بالغرض الموجود في المتعلّقات.[1]

وقال السيّد الخوئيّ في بيان دعوى المحقّق الخراسانيّ وتأييده: إنّ العناوين التي تتعلّق بها الأحكام، عناوين مشيرة إلى أفعال المكلّفين الخارجيّة، والمتعلّق الحقيقي للأحكام هي أفعال المكلّفين الخارجيّة.[2]

ولكن بالنظر إلى ما تقدّم منّا من أنّ متعلّق الأوامر هي الطبائع لكن لا بما هي هي، بل بوجوداتها الخارجيّة، يتّضح إشكال دعوى المحقّق الخراسانيّ.

توضيحه: أنّه لمّا تعلّق الحكم بطبيعة ما، فهذا يكشف عن أنّ الواجد للمصلحة أو المفسدة هي الطبيعة التي تعلّق بها الحكم، ولكن بما أنّ الطبيعة بما هي هي ليست إلا هي وعليه فلا يمكن اشتمالها على مصلحة أو مفسدة، فالواقع أنّ واجد المصلحة أو المفسدة هي أفراد تلك الطبيعة في الخارج، ولكن قد تكون الأفراد الخارجيّة ذات حيثيّات عديدة، وتكون من كلّ حيثيّة فرداً من أفراد طبيعة ما، وعندما يتعلّق الحكم بطبيعة، يُعلم أنّ كلّ فرد من الأفراد الخارجيّة لتلك الطبيعة ذو مصلحة أو مفسدة ملزمة من حيث إنّه فرد لتلك الطبيعة، وإن كان من حيثيّات أُخرى واجداً لمصالح أو مفاسد أُخرى لم تلحظ تلك الحيثيّات في تعلّق الأمر بتلك الطبيعة.

فتعلّق الحكم بالطبيعة على نحو القضيّة الحقيقيّة لا يعني أنّ الطبيعة ليست إلا آلة للحاظ الأفعال الخارجيّة، إذ ـ كما قلنا سابقاً ـ الطبيعة ليست مرآة لأفرادها، وإنّما الوجه في تعلّق الحكم بالطبيعة هو أنّ كلّ فرد من أفرادها في الخارج واجد للملاك اللازم لترتّب الحكم من حيث أنّه فرد تلك الطبيعة.

فيتّضح الفرق بين هذا البيان وبين ما ذكره الآخوند في أنّه لو كان متعلّق الأوامر نفس الأفعال الصادرة عن المكلّفين خارجاً، فعلى الشارع عندما يريد توجيه أمر للمكلّف أن يلحظ جميع جوانب الأفعال الخارجيّة، وأن يحكم بوجوب الفعل فيما غلبت المصالحُ المفاسدَ فبلغت حدّ الإلزام عند ملاحظة جميع المصالح والمفاسد المترتّبة عليه من مختلف الجهات، بينما بناءً على ما قلناه فإنّ الشارع لا يلحظ لترتيب حكم الوجوب على الطبيعة إلا المصالح والمفاسد المترتّبة على فعل المكلّف من حيث الطبيعة المذكورة، ولا ينظر إلى المصالح والمفاسد التي قد تترتّب على الفعل الخارجيّ من حيثيّات أُخرى.

فمثلاً عندما يأمر الشارع بالصلاة فبناءً على أنّ أمره بالطبيعة يتعلّق بوجودها الخارجيّ، فإنّه لا يلحظ إلا المصالح والمفاسد التي قد تترتّب على فعل المكلّف من الحيثيّة الصلاتيّة، ويأمر بها بعد لحاظ أنّ مصالح عمله من هذه الحيثية غالبة على مفاسده بالغةً حدّ الإلزام، من دون أن يلحظ أنّ فعل المكلّف قد يكون مصداقاً لطبيعة أُخرى كالغصب أيضاً فيترتّب عليه مفسدة من تلك الجهة.

وأمّا بناء على دعوى المحقّق الخراساني فإنّ أمر الشارع بالصلاة لا يشمل مختلف مصاديقه من أفعال المكلّف إلا حيث يلاحظ الشارع جميع المصالح والمفاسد المترتّبة على الفعل الخارجيّ للمكلّف ـ ولو من حيثيّات أُخرى غير الصلاة ـ فإذا غلبت مصلحة الصلاة على الرغم من تلك المصالح والمفاسد بالغةً حدّ الإلزام، فإنّ أمر الشارع حينئذٍ يشمل تلك المصاديق أيضاً.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo