< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

45/04/28

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: النواهي / إجتماع الامر و النهي / إشکال علی كلام المحقّق العراقي

 

تبيّن ممّا ذكر في الإشكال على دعوى الشيخ ما يرد على كلام المحقّق العراقي، إذ لو قبلنا بأنّ المفسدة الموجودة في المنهيّ عنه دخيلة في المقتضي لشمول الأمر له، فلا معنى حينئذٍ لدعوى أنّ هذا الدخل إنّما يكون في فرض تنجّز النهي ويرتفع بجهل المكلّف به، إذ يلزم منه التصويب كما تقدّم في كلام الشيخ أيضاً.

وأمّا تأثير المصلحة الموجودة في الفعل في فرض عدم تنجّز حرمته في الحُسن الفاعلي وإمكان التقرّب به، فهذه دعوىً عجيبة، إذ لا تأثير بين الحسن الفعلي والفاعليّ على بعضهما، بل إنّ قصد القربة بالعمل يحتاج إضافة إلى الحسن الفاعليّ إلى الحسن الفعليّ أيضاً، ومن هنا فإنّ العمل ما لم يكن له ملاك العبادة في حدّ نفسه ولم يتعلّق به أمر عباديّ ـ وإن كان ذا مصلحة في الجملة ـ فإذا أتى به المكلّف بقصد التقرّب ظنّاً منه بأنّه أمر عباديّ، فلا يمكن ادّعاء أنّ الحسن الفاعليّ تسبّب بجعل العمل عباديّاً، وإن استحقّق الفاعل ثواباً من باب الانقياد. فمثلاً لو جهل الشخص كون الصوم منهيّاً عنه حال السفر وظنّ وجود الأمر به حتّى حال السفر فأتى بقضاء صوم، فلا يمكن القول بصحّة عمله وإجزائه، حتّى لو أحرزنا أنّ للصوم حال السفر جهات مصلحة لكنّها مغلوبة لجهة المفسدة.

وكذلك لو قلنا بأنّ فعلاً ما مغضوب للمولى لغلبة جهات المفسدة فيه، فليس متعلّقاً لأمر عبادي، فلا يمكن ادّعاء أنّ المكلّف إذا جهل مبغوضيّته وأتى به بداعي جهات المصلحة المغلوبة فيه، فقد أتى بعمل عبادي.

وكذا ما ذكره من أنّ أحد أنحاء قصد القربة هو الإتيان بالعمل بداعي التوصّل إلى غرض المولى، فإنّه لا يرفع الإشكال فيما نحن فيه، وإن أمكن تصحيح إتيان المهمّ العباديّ به عند تزاحم الأهمّ والمهمّ، إذ كما قاله في بيان الإشكال على الاستدلال ـ وسلّم به هو أيضاً ـ فإنّ عدم إمكان قصد التقرّب بالفعل المنهيّ عنه إنّما هو لعدم وجود المقتضي فيه للتقرّب به إلى المولى، وهذا لا يتناسب مع إتيان العمل بداعي التوصّل إلى غرض المولى، لأنّ جهل المكلّف ونسيانه لا يسبّبان امتلاك الفعل لملاك يمكن تحصيل غرض المولى به، حتّى وإن كان ذا حسن فاعليّ.

وقد ذكر السيد الخوئيّ في إشكال آخر على دعوى المحقّق الخراساني: أنّه يلزم من دعوى المحقّق الخراسانيّ أن يكون علم المكلّف وجهله دخيلاً في فعليّة الأحكام، بينما تؤدّي هذه الدعوى إلى التصويب والانقلاب وهو باطل عند العدليّة، وفعليّة الأحكام بناءً على هذه النظريّة لا تتبع إلا فعليّة موضوعات تلك الأحكام وتحقّقها في الخارج.[1]

ولكنّ الظاهر أنّ الإشكال قائم على الاختلاف بين مقام الفعليّة ومقام التنجّز، بمعنى أنّ مقام الفعليّة هو المقام الذي أُبلغ فيه الحكم وتحقّق موضوعه في الخارج، وأمّا مقام التنجّز فهو المقام الذي لا عذر للمكلّف لعدم العمل بالمأمور به، ومعلوم أنّه بناءً على هذا المبنى فإنّ دخل علم المكلّف وجهله في مرحلة الفعليّة يعني دخله في موضوع الحكم ممّا يؤدّي إلى التصويب.

ولكن بناءً على مبنى المشهور الذي لا يفرّق بين مرحلة الفعليّة والتنجّز، فإنّ مرحلة الفعليّة هي التي يتحقّق فيها موضوع الحكم خارجاً ولا عذر للمكلّف في الإتيان بالتكليف، فدخل العلم والجهل في مرحلة الفعليّة على هذا الأساس لا يمتّ إلى التصويب بصلة؛ وهذا هو مراد المحقّق الخراسانيّ أيضاً.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo