< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

45/03/29

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: النواهي / إجتماع الامر و النهي / مقام الثبوت

 

المقام الأوّل: مقام الثبوت

تبع السيّد الخوئيّ أُستاذه الميرزا النائينيّ[1] بالإشكال على أصل دعوى المحقّق الخراسانيّ من أنّ وجود التعارض بين الدليلين يلزم منه وجود المقتضي لكلّ منهما في مورد الاجتماع، فقال: إنّ التعارض والتزاحم بين الأدلّة ليس ممّا يبتني على قول الإماميّة بتبعيّة الأحكام للملاكات الواقعيّة، بل حتّى بناءً على رأي الأشاعرة المنكرين للتبعيّة، فيمكن للأدلّة أن تتعارض أو تتزاحم مع بعضها، فلا يصحّ دعوى بناء مسألة اجتماع الأمر والنهي على تبعيّة الأحكام للمصالح والمفاسد الذاتيّة.[2]

ولكن ـ كما قال الشهيد الصدر[3] أيضاً ـ فمن الواضح أنّ مراد المحقّق الخراسانيّ من المناط والملاك في الكلام المتقدّم، ليس المصالح والمفاسد الذاتيّة لمتعلّقات الأحكام حتّى يشكل عليه بذلك، بل المراد هو كلّما يؤخذ مبنى لصدور الحكم وجعله وإن كان ذلك أمراً يعود إلى الشارع نفسه، بداهة أنّ المعلول لا يصدر من دون علّة، والاختلاف بين الأشاعرة وغيرهم إنّما هو في تبيين علّة جعل الأحكام لا في أصل وجود العلّة للجعل.

وأضاف السيد الخوئيّ إشكالاً آخر على بيان المحقّق الخراسانيّ فقال: حاصل دعواه أنّه لو علمنا أنّه لا مقتضي إلا لأحد الحكمين في محلّ الاجتماع، فالمسألة من باب التعارض، وإذا أحرزنا وجود المقتضي لكليهما، فهي من باب التزاحم بين المقتضيين؛ بينما يکون التزاحم إمّا بين ملاكات الأحكام أو بين الأحكام نفسها، والتزاحم بين الملاكات يعود إلى مقام الجعل وترجيحها بيد الشارع، لأنّها يلحظ فيها الجهات الواقعيّة، فترجّح بعضها على بعض، وليس للمكلّف طريق إلى كشف تلك الجهات.

فإذا كان مراده من التزاحم بين المقتضيين هذا النحو من التزاحم، فيجب القول بأنّ هذا التزاحم خارج عن محلّ الكلام وترجيحه بيد المولى ولا يُرجع فيها إلى مرجّحات باب التزاحم. وإذا كان المراد هو التزاحم بين الدليلين في مرحلة الاقتضاء، فهو ناشئ عن التنافي بين الحكمين في مرحلة الفعليّة المسبّب عن عدم قدرة المكلّف على الجمع بينها في مقام الامتثال، ولا علاقة له بتزاحم الملاكين.[4]

والإشكال وارد على ظاهر دعوى المحقّق الخراسانيّ ومن غير الصحيح أن يدّعى أنّه إذا قلنا بامتناع اجتماع الأمر والنهي، فإذا وجد المقتضي لكلا الحكمين، فالقائم بينهما تزاحم لا تعارض.

ولاتّضاح إشكال الدعوى ينبغي الالتفات إلى أنّ البحث عن جواز اجتماع الأمر والنهي وامتناعه ليس متعلّقاً بمقام فعليّة الحكمين، إذ من المعلوم أنّ الفعل الخارجيّ الواحد لا يمكنه حال التنجّز أن يتعلّق به الطلب والزجر معاً، للزوم اجتماع النقيضين منه، وهذا ليس محلّ الخلاف والإشكال ولو قلنا أن تعدّد العنوان يوجب تعدّد المعنون، إذ لا إشكال في التلازم الوجودي بين المعنونين حتّى بناءً على تعدّد المعنون، ومعلوم أنّه لا يمكن الأمر الفعليّ بالملزوم والنهي الفعليّ عن اللازم، بل النزاع في تعدّد المعنون بتعدّد العنوان إنّما هو متعلّق بتعدّد الملحوظ في مقام الجعل، بمعنى أنّه لو كان للفرد حيثيّتان وكان معنوناً بعنوانين، فهل يسبّب ذلك أن يختلف لحاظه بالعنوان الأوّل عن لحاظه بالعنوان الثاني، أو أنّ تعدّد العنوان لا يوجب تعدّد الملحوظ؟

فالبحث عن جواز اجتماع الأمر والنهي وامتناعه معناه أنّه هل يمكن لحاظ متعلّق الأمر في مقام الجعل بحيث يشمل أفراد مصاديق متعلّق النهي أيضاً، أم أنّه ينبغي للعنوان الذي تعلّق به الأمر أن يفتقد مثل هذه الأفراد؟

فنظراً إلى هذه المقدّمة، يقال في توجيه كلام المحقّق الخراسانيّ الأوّل أنّه أراد من اشتراط وجود المقتضي للدليلين ثبوتاً في مورد الاجتماع لجريان مسألة اجتماع الأمر والنهي أنّ وجود الموضوع للمسألة يحتاج إلى وجود ملاك الوجوب والتحريم في مورد الاجتماع، وإلا فمن دون وجود هذا الشرط، فلن يوجد مقتضٍ للاجتماع حتّى يبحث عن جوازه أو امتناعه.

وبعبارة أُخرى ينبغي أن يكون مورد الاجتماع بحيث إذا لم تشمله الحرمة لأيّ سبب كان ـ مثل أن يقول المولی: «لا تغصب إلا دار زيد» ـ أن لا يقصر شمول الوجوب لذلك الفرد من حيث المقتضي، وكذا العكس.

فإذن ليس المراد من اشتمال الحكمين للملاك والمناط أن يوجد الملاك لكليهما بالفعل، وإنّما المراد منه أن يوجد المقتضي للجمع بين الحكمين في مورد الاجتماع، وهذا متوقّف على عدم قصور كلّ منهما من حيث المقتضي لشمول مورد الاجتماع في فرض عدم الحكم الآخر، وإن لم يثبت هذا الاجتماع بسبب وجود المانع، أي امتناع اجتماع الأمر والنهي عقلاً.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo