< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

45/03/25

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: النواهي / إجتماع الامر و النهي / مدخليّة القول بتعلّق الأحكام بالطبائع أو الأفراد

 

المطلب السادس: مدخليّة القول بتعلّق الأحكام بالطبائع أو الأفراد في المسألة

يقول المحقّق الخراسانيّ: ظنّ جماعة أنّ النزاع في جواز اجتماع الأمر والنهي أو امتناعه مبنيّ على القول بتعلّق الأحكام بالطبائع؛ إذ لا إشكال في امتناع الاجتماع فيما إذا كان يتعلّق بالأفراد، إذ من البديهيّ أنّ الواحد الشخصي لا يمكن تعلّق حكمين متضادّين به وإن كان ذا وجهين.

وظنّ آخرون أنّ القول بإمكان اجتماع الأمر والنهي مبنيّ على تعلّق الأحكام بالطبائع، والقول بالامتناع مبنيّ على تعلّقه بالأفراد.

ثمّ أشكل على الدعويين قائلاً: إذا سلّمنا بأنّ تعدّد الوجوه كافٍ لرفع محذور اجتماع الضدّين، فلن يضرّ حينئذٍ الاتّحاد بحسب الوجود والإيجاد وإن قلنا بتعلّق الأحكام بالأفراد، لأنّ الموجود الخارجيّ ذا الوجهين كما يعدّ من الطبيعتين، فهو محلّ اجتماع الفردين الموجودين بوجود واحد أيضاً. وإذا لم نعتبر تعدّد الوجوه كافياً لرفع المحذور، فلن ترتفع المشكلة حتّى لو قلنا بتعلّق الأحكام بالطبائع، لأنّ الطبيعتين شيء واحد من حيث الوجود، ومتّحدان في الخارج.[1]

والواقع أنّ دعوى القائلين بدخل تعلّق الأحكام بالأفراد أو الطبائع في المسألة راجعة إلى أنّه لو تعلّقت بالأفراد، لزم منه أن يكون لجميع مميّزات الفرد الخارجيّ وخصائصه دخل في متعلّق أمره ونهيه، وبالنتيجة فإنّ الأمر يتعلّق بمتعلّقه من الجهة التي تعلّق به النهي، ومعلوم أنّ الجهة الواحدة لا يمكنها أن تكون دخيلة في المحبوبيّة والمبغوضيّة معاً.

وجواب المحقّق الخراسانيّ على هذه الدعوى مبنيّ على أنّه حتّى مع القول بتعلّق الأحكام بالأفراد، فإنّ المميزات والخصائص الخارجيّة لن تكون دخيلة في تعلّق الحكم بمتعلّقه، وإنّما يلزم من إيجاد متعلّق الحكم في الخارج أن توجد تلك المميّزات والخصائص في ضمنه. فمثلاً عندما يتعلّق الأمر بالصلاة، فعلى الرغم من أنّ تقيّده بالمكان والزمان ملحوظ في متعلّق الأمر ـ بناءً على تعلّقه بفرد الصلاة لا بطبيعتها ـ ولكن لا يلزم من ذلك تعلّق الأمر بالصلاة مقيّداً بكونها في مكان مغصوب معيّن، وإنّما يؤخذ تقيّدها بكلّيّ المكان، فلا وجه لفرض تعلّق الأمر بالصلاة مقيّداً بوقوعها في مكان مغصوب. والحاصل أنّه إذا سلّمنا بتعدّد المعنون بتعدّد العنوان، فيمكن ادّعاء أنّ وقوع الصلاة في المكان معنون واحد والغصب معنون آخر، والأوّل متعلّق الأمر والثاني متعلّق النهي، وإن كانا في الخارج موجودين بوجود واحد.

والحقّ ما ذهب إليه المحقّق الخراساني في أصل الدعوى ـ أي عدم مدخليّة القول بتعلّق الأحكام بالطبائع أو بالأفراد في المسألة ـ إذ كما تقدّم في البحث عن تعلّق الأمر بالطبائع، فإنّ تعلّق الأحكام بالطبائع والأفراد يعود إلى شيء واحد في الحقيقة، على أنّ الذين قالوا بتعلّق الأحكام بالطبائع لم يريدوا أنّ الطبيعة متعلّق للأحكام بما هي هي، كما أنّ القائلين بتعلّق الأحكام بالأفراد أيضاً لا يقصدون كون الموجود الخارجي متعلّقاً للحكم، لأنّ كلا المبنيين فاسدان ولا يمكن الالتزام بهما.

وقد تقدّم سابقاً أنّ الطلب المتعلّق بالطبيعة كما يمكنه أن يتعلّق بحصّة معيّنة منها فتكون القضيّة حينئذٍ خارجيّة، فكذلك بحصّة غير معيّنة من حصصها فتكون القضيّة حقيقيّة، ومعلوم أنّ البحث في اجتماع الأمر والنهي متعلّق بالقضايا الحقيقيّة، أمّا الخارجيّة فإذا كانت الجهة المنهيّ عنها دخيلة في الحصّة المطلوبة، فلا وجه للبحث عن إمكان اجتماع الأمر والنهي، لأنّ الجهة المبغوضة لا يمكنها أن تكون دخيلة في المحبوبيّة.

ولكنّ الذي يؤدّي إلى الإشكال في كلام المحقّق الخراسانيّ هو أنّه قال: إذا قلنا برفع التضادّ بواسطة تعدّد المعنون بتعدّد العناوين، فلن يؤدّي الاتّحاد بحسب الوجود والإيجاد إلى إشكال فيه، بينما ـ كما سيأتي فيما بعد في الإشكال على محقّق النائينيّ ـ إذا قلنا بتعدّد المعنون بعدد العناوين، فلن يوجد اتّحاد بين متعلّق الأمر ومتعلّق النهي من حيث الوجود والإيجاد وإنّما يكون بينهما تلازم.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo