< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

45/03/21

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: النواهي / إجتماع الامر و النهي / إشکال الشهيد الصدر علی الجواب الخوئي

 

بيّنّا في الجلسة السابقة إشكال السيد الخوئيّ على دعوى جواز الاجتماع عقلاً وامتناعه عرفاً.

ولكنّ الشهيد الصدر قال في الجواب على إشكاله: إنّ حكم العرف وإن لم يكن معتبراً بالنسبة إلى تعيين المصاديق إلا أنّ العرف يدرك الملازمات والأُمور الواقعيّة أحياناً بنحو مختلف عمّا يدرك بالنظر الدقيق العقليّ، وهذا يتسبّب في اشتمال الدليل على دلالة التزاميّة عرفيّة تكون حجّة؛ فدليل نجاسة الماء القليل المتنجّس والبالغ حدّ الكرّ بماء طاهر، يدلّ عرفاً على نجاسة الماء كلّه، وإن لم يكن مانع عقلاً من بقاء الماء الطاهر المتمّم لكرّيّة الماء المتنجّس على طهارته.

وكذلك فيما نحن فيه فيمكن القول بأنّه من المعقول أن يكون الأمر والنهي متنافرين عرفاً وإن لم يكن بينهما تنافر عقلاً، والدلالة الالتزاميّة العرفيّة لذلك هي نفي دليل كلّ من الوجوب والحرمة للآخر والتعارض بينهما.

فالبحث عن الإمكان والامتناع العرفيّ معقول ونافع وإن اختصّ البحث بالأدلّة اللفظيّة ولم يشمل الأدلة اللبّيّة حيث لم تکن لها دلالة التزاميّة، بينما البحث عن جواز اجتماع الأمر والنهي أو امتناعهما لا يختصّ بما بيّن فيه الأمر والنهي بالدليل اللفظيّ.

ثمّ تابع قائلاً: ومقتضى التحقيق أنّ العقل إذا حكم بجواز اجتماع الأمر والنهي فالعرف يحكم كذلك، لأنّ حكم العقل بالجواز إنّما يكون فيما أمكن اجتماع الحكمين من حيث مباديهما كالحبّ والبغض والإرادة والكراهة، وبما أنّ الإنسان العرفيّ يدرك هذه الحالات بالوجدان، فإذا حكم العقل بالجواز فالإنسان العرفيّ أيضاً يدركه وجداناً ويذعن بالإمكان وعدم الامتناع.[1]

هذا، ولكن لا يمكن الالتزام بدعوى الشهيد الصدر الأُولى، إذ لا يلزم من حكم العرف بالتنافر بين الدليلين وجود التعارض بينهما، إذ العرف وإن كان قادراً على تمييز التنافي بين الحكمين ولكنّه لا يقدر على تحديد منشأ التنافي من أنّه التزاحم أم التعارض، ومن هنا قد يؤثّر وجود المندوحة وعدمها في حكم العرف بوجود التنافي بينما لا دخل لذلك في باب تعارض الأدلّة.

كما أنّ المثال الذي مثّل به للفرق بين حكم العرف وحكم العقل يقبل النقاش، لأنّ العرف أيضاً لا يحكم بنجاسة الماء المتمّم للكرّيّة قبل الامتزاج، كما لا وجه بعد الامتزاج لحكم العقل بإمكان بقاء الماء على طهارته؛ لأنّ مثل هذا الحكم مبنيّ على وجود الاثنينيّة خارجاً بنحو يمكن تقسيم الماء إلى متنجّس سابق ومتمّم للكرّيّة، بينما لا يمكن ذلك بعد الامتزاج، ومعلوم أنّ وجود الاثنينيّة التحليليّة لا يكفي للحكم ببقاء الماء المتمّم للكرّيّة على طهارته.

ودعواه الأخيرة من أنّ ملاكات الأحكام العقليّة مرتكزة لدى العرف وإذا حكم العقل بالجواز فإنّ العرف سيحكم كذلك، فهو صحيح في كثير من الموارد، ولكن فيما نحن فيه فبما أنّ ملاكات مقام الجعل تختلف عن ملاكات مقام الامتثال وحكم العقل متعلّق بمقام الجعل لا الامتثال، والعرف لا يمكنه التمييز نوعاً بين المقامين، فمن الممكن أن يحكم العرف بالامتناع ـ على الرغم من حكم العقل بالجواز في مرحلة الجعل ـ من غير أن يلتفت إلى أنّ الامتناع يعود إلى مقام الامتثال لا الجعل.

وبذلك يمكن قبول دعوى السيّد الخوئيّ، وإن كان إطلاقه مشكلاً في بعض الموارد فيما لم يكن للمفهوم حدود معيّنة عرفاً حيث نضطرّ إلى تعيين تلك الحدود إلى إيكال تعيين المصاديق إلى العرف، كما في الماء المطلق والمضاف.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo