< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

44/08/13

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: الواجب الکفائي / تعريف المسألة / دعوي المحقّق النائينيّ والسيّد الخوئيّ

 

تابع المحقّق الاصفهانيّ الإشكال على دعوى المحقّق الخراسانيّ فقال:

أوّلاً: هذه الدعوى إنّما تتمّ إذا كان الأقلّ دخيلاً في تحصيل الغرض بشرط عدم الزيادة؛ لأنّ الغرض إذا ترتّب على وجود الأقلّ ولو متّصلاً بوجود الزائد عليه ممّا يسبّب تحصيل الأكثر، ففي هذه الصورة يتحصّل الغرض بتحقّق الأقلّ ولو في ضمن الأكثر؛ لأنّ الاشتداد يقتضي تحصيل فرد من الطبيعة في كلّ آنٍ، ولا منافاة بين حصول فرد من الطبيعة واستمرار وجودها. وبعبارة أُخرى فإنّ استمرار الطبيعة يسبّب إيجاد فرد من الطبيعة في كلّ آنٍ بنحو الضعف أو التوسّط أو الشدّة من غير أن يتخلّل العدم فيه أو يلزم تبدّل التشخّصات.

وثانياً: فإنّ هذا التقرير لا ينطبق على الأوامر التخييريّة الشرعيّة؛ لأنّ التشكيك في الوجود أو الماهيّة لا يجري في جميع المقولات وإنّما يختصّ ببعضها، ناهيك عن جريانه في الأُمور الاعتباريّة.[1]

أقول: أمّا إشكاله الأوّل ففي محلّه، لأنّ الأقلّ إذا حصّل الغرض لا بشرط، فوجوده في ضمن الأكثر أيضاً محصّلٌ للغرض، وفي هذه الصورة لا وجه لوجوب الزائد عليه على الرغم من أنّ هذا الإشكال إنّما يرد في ما كان وجود الأكثر تدريجيّاً لا دفعيّاً. وما ذكره الشهيد الصدر في دفع الإشكال من أنّه مادام وجود الواحد مستمرّاً، فليس مستقلاً، وإلا لزم حصر اللامتناهي بالفعل بين وجودات محصورة[2] فغير صحيح، لأنّ استمرار الوجود يؤدّي إلى حصول موجود في الخارج في كلّ آن، بحيث لو اعتبرنا الأقلّ لا بشرط أمكن انطباق ذلك الموجود على الأقلّ، ولا يلزم منه حصر اللامتناهي بين محصورات.

وأمّا الإشكال الثاني للمحقّق الاصفهانيّ فغير وارد؛ إذ كما تقدّم في المركّبات التي تقع متعلّقاً للأوامر الشرعيّة، فإنّ الاعتباري هو تركيبها، وأمّا أجزاؤها فهي أُمور متأصّلة.

وأمّا حسب المقام الثاني ـ أي كون وجود الأقلّ غير مشروط بالزائد ـ فهذا وإن رفع إشكال التخيير بين الأقلّ والأكثر، ولكن يلزم منه نفي نسبة الأقلّيّة والأكثريّة بين الفردين؛ لأنّ الأقلّ بشرط عدم الزائد يباين الأكثر وإن كان بينهما بحسب النظرة العرفيّة نسبة الأقلّية والأكثريّة، كصلاة القصر المقيّدة بعدم الزيادة بعد الركعتين، فهي تباين صلاة التمام، وإن كان العرف يراهما من قبيل الأقلّ والأكثر. كما أنّ النسبة هي التباين في فرض الوجود الدفعيّ للأقلّ والأكثر.

فنتيجة الكلام أنّه إذا لوحظت المسألة بالدقّة العقليّة، لم يمكن التخيير بين الأقلّ والأكثر، وأمّا إذا لوحظت بالمسامحة العرفيّة أمكن ذلك في بعض الصور.

 

الواجب الكفائيّ

لا إشكال في أنّ بعض الواجبات الشرعيّة عينيّة وبعضها كفائيّة.

توضيحه ـ كما تقدّم في مستهلّ مبحث الأوامر ـ أنّ الأمر يدلّ على طلب المطلوب من المطلوب منه، وكما للمطلوب ومتعلّق الأمر مدخليّة في تحقّق الأمر، فكذلك المطلوب منه والمكلّف أيضاً دخيلان فيه، ولن يتحقّق الأمر من غير وجود من يتوجّه الخطاب إليه.

كما لا إشكال في أنّ الخطاب في الواجبات العينيّة يتوجّه إلى آحاد المكلّفين، بمعنى أنّ القضيّة الواحدة تنحلّ بعدد المكلّفين، وبالنتيجة يتوجّه إلى كلّ مكلّف خطاب خاصّ به.

ولكن بالنسبة إلى الواجبات الكفائيّة، فقد اختلف الأعلام في كيفيّة مخاطبة المكلّفين.

فذهب المحقّق النائينيّ إلى أنّ الأمر في الأوامر الكفائيّة يتعلّق بصرف وجود المكلّفين.[3]

وقال السيّد الخوئيّ في توضيح مبنى أُستاذه: إنّ المراد من توجّه الأمر إلى صرف وجود المكلّفين هو توجّهه إلى أحدهم لا على التعيين، كما أنّ متعلّق التكليف قد يكون مطلق وجود الطبيعة ممّا ينتج عنه لزوم الإتيان بجميع أفراد الطبيعة، وقد يكون صرف وجودها المستلزم لسقوط التكليف بإتيان فرد واحد من أفرادها.[4]


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo