< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

44/07/23

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: النسخ / دلالة الدليل الناسخ أو المنسوخ على بقاء الجواز / الأقوال

 

المقام الثاني: دلالة الدليل الناسخ أو المنسوخ على بقاء الجواز

قال المحقّق الخراساني فيه: لا يدلّ أيّ من دليلي الناسخ أو المنسوخ على الجواز بالمعنى الأعمّ أو الأخصّ بعد النسخ، كما لا دلالة لهما على ثبوت حكم آخر من الأحكام، ضرورة أنّه يمكن إثبات كلّ من الأحكام الأربعة بعد رفع الوجوب، ولا يدلّ الدليل الناسخ أو المنسوخ على تعيين واحد من الأحكام بأيّ قسم من أقسام الدلالة.[1]

لكن ما يمكن الاستدلال به على بقاء الجواز هو أنّ وجوب الفعل يتضمّن جوازه، وبالنتيجة إذا رفع الوجوب، فلا وجه بعدئذٍ لرفع الجواز، فيمكن للدليل المنسوخ أن يدلّ على الجواز بالدلالة التضمنيّة.

ويردّه أنّ الوجوب أمر بسيط، والدليل الدالّ عليه ليست فيه دلالة تضمنيّة على الجواز، فلا وجه لهذه الدعوى.

على أنّه لو سلّمنا بتضمّن الوجوب للجواز فإنّ تماميّة الاستدلال متوقّفة على إمكان بقاء الدلالة التضمّنية مع انتفاء الدلالة المطابقيّة وهو مرفوض، إذ النسبة بين المدلول التضمّني والمطابقيّ نسبة الجزء والكلّ، ودلالة الدليل على الجزء تتبع دلالته على الكلّ وليست مستقلّة عنه، فإذا انتفت الدلالة المطابقيّة فالتضمّنية منتفية أيضاً.

كما أنّه لو صرفنا النظر عن ذلك، فبقاء الدلالة التضمّنية ـ كما قال به السيد الروحانيّ أيضاً[2] ـ إنّما يمكن إذا جاز وجود الجزء مستقلاً عن الكلّ، لا فيما لم يجز فيه ذلك ـ في مثل الطبائع التي تتركّب من الجنس والفصل بالتحليل الذهنيّ ـ ومن هذا القبيل تركيب الوجوب لو فرض مركّباً، إذ لم يقل أحد باشتمال الوجوب لجزئين حقيقيّين بعنوان المطلوبيّة وعدم الرضا بالترك، بل غاية ما قيل في التركيب هو التحليل الذهنيّ.

اللهمّ إلا إذا قلنا في المركّبات التحليليّة أيضاً بإمكان بقاء الجزء مع انتفاء الكلّ، فادّعي على سبيل المثال بقاء حيوانيّة إنسان خاصّ بانتفاء النطق فيه.

واستدل المحقّق العراقي في بيان آخر على بقاء الجواز أنّه کما في مقام التعارض بين دليلين أحدهما يدلّ على جواز الترك والآخر على الوجوب العمليّ، نحمل الدليل الثاني على الاستحباب، فهاهنا أيضاً يمكن القول بأنّ غاية ما يدلّ عليه الدليل الناسخ هو رفع اليد عن الوجوب، فيمكن التمسّك بظهور الدليل المنسوخ في مطلق الرجحان، فيكون الاستحباب تامّاً بذلك.

ثمّ قال في الإشكال عليه: الجمع بين الدليلين بالنحو المذكور إنّما يمكن إذا لم يكن أحد الدليلين حاكماً على الثاني، وإلا لوجب رفع اليد عن الدليل المحكوم وإن كان أقوى ظهوراً، وبما أنّ الدليل الناسخ ناظر إلى الدليل المنسوخ فيكون حاكماً عليه.

إلا إذا أشكل على أصل حكومة الدليل الناسخ على الدليل المنسوخ ويقال بأنّ الدليل المنسوخ يتعارض مع أصل حكومة الدليل الناسخ ويقيّده في خصوص جهة الإلزام، وفي هذه الصورة إذا كان ظهور الدليل المنسوخ في مطلق الرجحان أقوى من ظهور الدليل الناسخ في رفع جميع مراتب المطلوبيّة، فغاية ما يرفعه الدليل الناسخ هو رفع إلزام الدليل المنسوخ.

غير أنّه إذا ادّعي أنّ ظهور الدليل الناسخ في رفع جميع مراتب الحكم أقوى من دلالة الدليل المنسوخ، فلا مجال في هذه الصورة للأخذ بالدليل المنسوخ في بقاء الرجحان، ولكن إذا كان الدليل الناسخ مجملاً في نفسه ومردّداً بين رفع خصوص جهة الإلزام ورفع الحكم بجميع مراتبه ولم نر ذلك موجباً لسراية الإجمال إلى الدليل المنسوخ، فيمكن الرجوع إلى الدليل المنسوخ إثباتاً لمطلق الرجحان.[3]


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo