< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

44/05/18

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: مسألة الضد / الضد العام / المقدمة الثالثة

 

تقدّمت في الجلسة السابقة المقدّمة الأُولی والثانية من المقدّمات التي رتّب عليها الميرزا النائيني استدلاله لإمکان الأمر الترتّبي.

المقدمة الثالثة
: لا تقدّم ولا تأخر زمنيّاً بين وجود آخر جزء الموضوع وشرط الحكم وفعليّة الخطاب وإن كان بينهما تقدّم رتبيّ. كما أنّ زمن الامتثال وزمن الخطاب واحد، وأوّل وقت يمكن فيه الامتثال فهو أوّل زمان توجّه الخطاب.

إذن هناك وحدة بين زمن تحقّق شرط الأمر بالأهمّ وزمن فعليّة خطابه وزمن امتثاله أو عصيانه ـ وهو شرط الأمر بالمهمّ ـ كما أنّ الأمر بالمهمّ أيضاً يتّحد فيه زمن تحقّق شرط الأمر بالمهمّ والفعليّة والامتثال أو العصيان.

فنظراً لما تقدّم، يتّضح الجواب عن عدّة إشكالات:

الإشكال الأوّل: يتّحد عصيان الأمر بالأهمّ وزمان امتثال الخطاب بالمهمّ، فينبغي أن يفرض أنّ خطاب المهمّ مقدّم على زمان امتثاله، وهذا يسلتزم الالتزام بالشرط المتأخّر والواجب المعلّق وهما غير مقبولان.

جواب الإشكال: فضلاً عن إمكان المناقشة في أصل المبنى من لزوم تقدّم الخطاب على الامتثال زمنيّاً، الالتزام بلزوم تقدّم الخطاب لا يختصّ الخطاب الترتّبي، بل على فرض التماميّة فهو جارٍ في جميع الواجبات الموسّعة والمضيّقة.[1] إذن فما يوجب دفع إشكال الالتزام بالشرط المتأخّر والواجب المعلّق في غير هذا المقام، من شأنه أن يرفع الإشكال هاهنا أيضاً.

الإشكال الثاني: إنّ شرط الأمر بالمهمّ، إمّا أن يكون عصيان الأمر المهمّ أو كون المكلّف بحيث يصدر منه العصيان فيما بعد، والفرض الأوّل وإن كان لا يلزم منه طلب الجمع بين الضدّين ـ لأنّ الأمر بالمهمّ حسب الفرض، متوقّف على تحقّق عصيان الأمر بالأهمّ خارجاً ومرور الزمان الذي يمكن امتثال الأمر بالأهمّ فيه ـ ولكن حدوث الأمر بالمهمّ بعد سقوط الأمر بالأهمّ فهو مخالف لفرض الخطاب الترتّبي، إذ من البديهيّ أنّه لا إشكال في طلب أحد الضدّين بعد سقوط طلب الضدّ الآخر حتّى يراد تصحيحه بالخطاب الترتّبي.

وبناءً على الفرض الثاني، فإنّ وجود الخطاب المهمّ قبل زمن عصيان الأمر بالأهمّ يستلزم طلب الجمع بين الضدّين، لأنّ الفرض هنا أنّ خطاب الأهمّ مطلق وفعليّ، وفعليّته تزامنت مع خطاب المهمّ بسبب تحقّق شرطه.

جواب الإشكال الثاني: نختار من بين الفرضين المذكورين، الفرض الأوّل ونعتقد عدم ورود الإشكال عليه، فدعوى أنّ الالتزام بمثل هذا الشرط في خطاب المهمّ يستلزم تأخّر طلب المهمّ عن عصيان الأمر بالأهمّ إنّما تصحّ إذا اعتبرنا تأخّر زمن الخطاب عن زمن تحقّق شرطه ضروريّاً، ولكن بناءً على ما تقدّم من أنّ الخطاب مقارن لوجود الشرط زماناً، فإنّ الأمر بالمهمّ يصبح فعليّاً في الوقت الذي يتحقّق فيه عصيان الأمر بالأهمّ من غير وجود تقدّم وتأخّر خارجيّ بينهما، وظرف وقوعهما هو زمان واحد.

إذن فلا يؤدّي فرض اشتراط الأمر بالمهمّ بعصيان الأمر بالأهمّ إلى الخروج عن فرض الخطاب الترتّبي.

إن قيل: إنّ زمن خطاب المهمّ وإن كان زمن تحقّق عصيان الأمر بالأهمّ أيضاً، ولكنّ هذا الزمان هو زمن سقوط الأمر بالأهمّ أيضاً، فلا يجتمع الخطابان في آنٍ واحد أيضاً.

فالجواب: هو أنّ هذه الدعوى مبنيّة على القول بلزوم تقدّم زمن الخطاب على زمن الامتثال حيث يجب أن يتقدّم على زمن العصيان أيضاً، لأنّ موضوع الامتثال والعصيان واحد، وزمن أحدهما هو عين الزمن الذي يمكن للآخر أن يقع فيه. ولكن كما تقدّم، فإنّ زمن الامتثال والعصيان متّحد مع زمن الخطاب، إذ لا معنى لامتثال الخطاب المعدوم أو عصيانه، فزمان فعليّة العصيان نفس زمن الأمر بالأهمّ، وبالنتيجة يجتمع الأمران في زمان واحد.

نعم، عصيان الخطاب في ظرفه الزمنيّ المنقضي أيضاً يوجب سقوط الأمر، ولكن ذلك خارج عن محلّ الكلام، لأنّ المفروض هو أنّه يشترط في فعليّة خطاب المهمّ العصيان للأمر بالأهمّ الذي يقارن الإتيان بالمهمّ، لا العصيان المتقدّم عليه والذي تحقّق بانقضاء الظرف الزمنيّ للواجب الأهمّ.[2]


[1] فوائد الأصول، الكاظمي الخراساني، الشيخ محمد علي، ج1، ص347. في وجه تعميم الإشکال ـ بناءً علی تماميّته ـ لجميع الواجبات الموسّعة والمضيّقة: «فإنّ الصوم مثلاً بناءً على سبق التكليف به على الفجر، يلزم أيضاً كونه من الواجب المعلّق والشرط المتأخّر. فباعتبار سبق التكليف على زمان الامتثال يلزم الواجب المعلّق، وباعتبار اشتراط التكليف بالصوم بالفجر يلزم الشرط المتأخّر. فهذا الأشكال بناءً على التقدير يرد في جميع المضيّقات، بل في الموسّعات أيضاً بناءً على ما تقدّم من أنّ التقدير في المضيّقات يلزمه التقدير في الموسّعات أيضاً..»

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo