< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

44/04/25

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: مسألة الضد / الضد العام / تصحيح العبادة بالأمر الترتّبي

 

مرّ في الجلسة السابقة بعض الإشکالات الواردة علی مدّعی السيّد الخميني في خصوص الخطابات القانونيّة.

وأمّا دعواه عدم انحلال الخطابات العامّة إلى خطابات متعدّدة بعدد نفوس المكلفين وأنّ الخطاب العامّ خطاب واحد يخاطب به العموم، فيرد عليها بأنّه كما أنّ عموم متعلّق التكليف يؤدّي إلى تعلّق التكليف بجميع أفراد العامّ ـ مثل: «أكرم العلماء» ـ فعموم الخطاب أيضاً يوجب مخاطبة المكلّفين فرداً فرداً ويوجب عليهم الامتثال.

ويؤيّده أنّه لو كان الخطاب العامّ واحداً فبناءً على ما تقدّم في بحث الإجزاء لن يكون له إلا امتثال واحد، لأنّ الأمر يسقط بالامتثال، وحينئذٍ إمّا أن نقول بأنّ امتثاله تحقّق بإتيان مكلّف واحد من المخاطبين على نحو البدليّة، ممّا لا يمكن الالتزام به، إذ يلزم منه عدم تكليف سائر المخاطبين وهو واضح البطلان في التكليف العيني، وإمّا أن يكون الامتثال بإتيان الجميع بما هم جماعة بنحو لا يسقط التكليف عن الجماعة حتّى لو لم يمتثل التكليف إلا فرد واحد، وفيه إشكال واضح أيضاً.

إذن بما أنّ امتثال كلّ مخاطب للأمر المذكور مستقلّ عن غيره ولا علاقة له بامتثال سائر المخاطبين، فعلينا أن نلتزم بأنّ الخطاب المتوجّه لكلّ مكلّف يختلف عن الخطاب المتوجّه إلى غيره.

 

الوجه الخامس: تصحيح العبادة بالأمر الترتّبي

قبل أن نتطرّق إلى البحث عن الترتّب والاستدلالات الواردة فيه نقضاً وإبراماً، نذكر في المقدّمة أُموراً لا يخلو ذكرها عن فائدة لمبحث التزاحم.

الفائدة الأُولى: إنّ المحقّق النائينيّ اعتبر الفرق بين التزاحم والتعارض من عدّة جهات رتّبها كما يلي:

الجهة الأُولى: إنّ التعارض راجع إلى تنافي مدلولي الدليلين في مقام الثبوت بنحو لا يمكن الجمع بينهما في مقام الجعل والتشريع، وهذا قد ينشأ عن أمرين:

الأوّل: أن يستلزم الجمع بين مدلولي الدليلين تناقضاً واجتماعاً بين الإرادة والكراهيّة في نفس الآمر بالنسبة إلى متعلّق واحد، مثل تحريم متعلّق في دليل وإيجابه في دليل ثانٍ.

الثاني: أن يستلزم الجمع بين الدليلين تكليفاً بما لا يطاق وهذا بدوره قد ينشأ عن سببين:

أ ـ بسبب التضادّ الذاتي بين متعلّق الاثنين على الرغم من الاتّحاد في الحكم، مثل إيجاب دائم للقيام وإيجاب دائم للقعود.

ب _ بسبب التلازم الدائم بين متعلّق الحكمين مع الاختلاف في الحكم، مثل إيجاب استقبال المشرق وتحريم استدبار المغرب.

والتعارض على كلّ الأحوال راجع إلى أحد هذين الأمرين.

وأمّا في التزاحم فلا تعاند ولا تنافر بين الدليلين في مرحلة الجعل والتشريع، وإنّما التنافر يقع في مقام فعليّتهما وتحقّق موضوعهما في الخارج.

الجهة الثانية: ترجع نتيجة تقديم أحد المتعارضين على الآخر إلى رفع الحكم عن موضوعه، ولكن نتيجة ترجيح أحد المتزاحمين على الآخر تعود إلى رفع موضوعه المنتهي إلى رفع الحكم.

فمثلاً إذا قال المولى في أحد الدليلين: «أكرم العلماء» وقال في الآخر: «لا تكرم الفساق» وقدّمنا في مورد الاجتماع ـ مثل زيد العالم الفاسق ـ الدليل الأوّل علی الثاني، فالنتيجة هي رفع حكم «لا تکرم» عن موضوعه، بينما زيد العالم باقٍ على فسقه، كما أنّ المكلّف قادر على عدم إكرامه.

ولكن في مورد وجوب إنقاذ الغريق فإذا وجد غريقان، وقدّمنا إنقاذ أحدهما على الآخر، فحيث يکون الواجب هو صرف القدرة على الأهمّ فهذا يؤدّي إلى تعجيز المكلّف المولويّ عن إنقاذ الآخر. إذن فعدم وجوب إنقاذ الغريق الثاني هو بسبب عدم قدرة المكلّف عليه،لأنّ الممتنع شرعاً كالممتنع عقلاً.[1]


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo