< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

44/04/11

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: مسألة الضد/الضد العام/تصحيح العبادة بقصد الملاك الموجود فيها

قال السيّد الروحانيّ في نفي دعوى الميرزا النائينيّ من أنّه بعد القبول بكون اعتبار القدرة علی التكليف بالمناط العقلي، فلا إشكال في انطباق المأمور به على المأتي به قهراً بأنّ تعلّق الأمر بالجامع بحيث يسري إلى جميع أفراده ـ سواء المقدورة منها وغير المقدورة ـ إنّما يمكن بالأخذ بإطلاقه حتّى يشمل المأمورُ به غيرَ المقدور أيضاً. ولکن بما أنّه لا يمكن تقييد التكليف بغير المقدور، وليس وجه استحالة التقييد، التقييد نفسه بحيث يشكل اختصاص الحكم ببعض أفراد الطبيعة ممّا ينتج عنه شمول الحكم لجميع الأفراد، بل الوجه فيه أنّه لا يمكن ثبوت الحكم لخصوص الحصّة غير المقدورة وأنّ عدم إمكانيّة شمول الحكم لحصّة معينة يؤدّي إلى عدم إطلاق الدليل من تلك الجهة أيضاً، فلا يمكن الأخذ بالإطلاق[1] .

ولكن هذا المعنى لا يتلائم مع دعواه السابقة من أنّ المأخوذ في مرحلة الجعل، هو مجرّد جعل ما يمكنه أن يقع داعياً وبالنتيجة لا تكون قدرة المكلّف في هذه المرحلة مأخوذة في التكليف[2] .

والإشكال أنّه من الصحيح إمكانيّة تقييد هيئة الحكم الشرعي أو مادّته بأحوال المكلّف الخارجيّة ـ مثل تقييد وجوب الحجّ بالاستطاعة وتقييد الصلاة التامّة بحال الحضر ـ لكن لا يعني ذلك عدم إمكانيّة جعل الحكم الشامل للحصّة غير المقدورة وثبوت الحكم لتلك الحصّة، بل المستحيل هو فعليّة الحكم في خصوص تلك الحصّة، لأنّ شمول الحكم لحصّة ما لا يتوقّف إلا على واجديّة تلك الحصّة للملاك، ولا يؤدّي التزاحم إلى فقدان الحصّة لملاك تعلّق الحكم بها، بل إنّما يتسبّب في عدم قدرة المكلّف شرعاً على الإتيان بالتكليف.

بل يصدق ذلك حتّى في موارد فقدان المكلّف للقدرة العقليّة أيضاً، لأنّ قدرة المكلّف العقليّة أيضاً ليست داخلة في ملاك الحكم بالضرورة حتّى يرفع الحكم بدونها، بل هي دخيلة في مقام امتثال التكليف.

الوجه الثاني: تصحيح العبادة بقصد الملاك الموجود فيها

هذا الوجه ـ كما تقدّم ـ هو ما تمسّك به المحقّق الخراساني لتصحيح العبادة.

لكنّ الإشكال الأهمّ الذي أُورد عليه أنّه لا سبيل للمكلّف لإحراز وجود الملاك في العمل العبادي إلا إذا تعلّق الأمر به، وبانتفاء الأمر في الفرض فمن الجزاف دعوى بقاء الملاك في متعلّق الأمر، لأنّ عدم الأمر كما يمكن أن يستند إلى وجود المانع، فكذلك يمكن استناده إلى عدم المقتضي.[3]

وطرح بعض الأعاظم في الجواب حلولاً، لكن قبل التطرّق إلى كلماتهم، فما يبدو في مقام دفع الإشكال هو أنّه وإن صحّ عدم وجود طريق للكشف عن الملاك إلا من خلال الأمر الشرعي، إلا أنّ الملاك الذي يتبعه الحكم في مقام الجعل، لا علاقة له بالشرائط الخارجيّة، ولذلك يكفي مجرّد علم المكلّف بترتّب حكم شرعيّ لزومي على موضوع ما ليعلم بوجود الملاك في متعلّقه. والظروف الخارجيّة كالتزاحم والضرر والحرج والضرورة وأمثالها لا تؤدّي إلى تغيّر في ملاكات الأحكام، وإلا لوجب القول بأنّ جعل الأحكام على نحو القضايا الخارجيّة لا الحقيقيّة، بل غاية الأمر أنّها توجد المانع من فعليّة الحكم في حقّ مكلّف معيّن.

ويؤيّده أنّه إذا فاتت عبادة بسبب التزاحم بواجب أهمّ أو لضرر أو حرج وأمثالها، فيلزم الإتيان بها قضاءً فيما بعد، بينما لو كانت هذه الظروف دخيلة في مرحلة الجعل، فبوجودها ينتفي الحكم من أصله، وفي هذه الصورة لا يكون للفوت وجه أيضاً حتّی يجب به القضاء.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo