< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

44/03/25

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: مسألة الضد/الضد العام/هل يقتضي الأمر بالشيء النهي عن ضدّه العام؟

 

اتّضح بما تقدّم جواب ما يعرف بشبهة الكعبي أيضاً، وتقريرها أنّ المكلّف لا يخلو من فعل من الأفعال أو كون من الأكوان الاختياريّة، ومن جهة أُخرى فالحادث كما يحتاج إلى العلّة حدوثاً فهو محتاج إليها بقاءً، إذن يتوقّف ترك الحرام حدوثاً وبقاءً على إيجاد فعل من الأفعال الاختياريّة، وما لم يشتغل المكلّف بغير المحرّم فلابدّ من وقوعه في المحرّم، وبذلك يكون الاشتغال بغير المحرّم واجباً من باب المقدّميّة لتركه.

وجواب الشبهة أنّه ـ كما تقدّم سابقاً ـ لا مقدّميّة بين ترك الحرام وفعل الواجب، كما أنّ الملازمة الوجوديّة بين ترك الفعل وفعل الضدّ أيضاً لا تستلزم حرمة الضدّ.

المقام الثاني: الضدّ العام

بعدما تبيّن في المقام السابق أنّ الأمر بالشيء لا يقتضي النهي عن ضدّه الخاص ـ وإن وجب إعدام الضدّ عقلاً فيما كان له وجود قارّ ـ ففي المقام نبحث عن أنّه هل يقتضي الأمر بالشيء النهي عن ضدّه العام أي نقيض المأمور به؟

وهناك ثلاثة مذاهب في هذا الخصوص:

1ـ إنّ الأمر بالشيء هو عين النهي عن ضدّه العام ومعناه دلالة الأمر بالمطابقة على النهي عن الضدّ العام.

2ـ يتضمّن الأمر بالشيء نهياً عن ضدّه العام ومعناه دلالة الأمر بالتضمّن على النهي عن الضد العام.

3ـ إنّ الأمر بالشيء يلازم النهي عن ضدّه العام وهذه الملازمة قد تكون لفظيّة أو عقليّة.

قال المحقّق الخراساني في ردّ الدعوى الأُولى والثانية والقبول بالثالثة: إنّ الوجوب مرتبة أكيدة من الطلب البسيط، وليس مركّباً من طلبين. نعم قد يقال لتعيين تلك المرتبة: إنّ الوجوب عبارة عن الطلب مضافاً إلى المنع من الترك، وربّما يتصوّر أنّه تعريف حدّي والحال أنّ المنع من الترك ليس من أجزاء الوجوب ومقوّماته وإنمّا من خصائصه ولوازمه، بمعنى أنّه لو التفت الآمر إلى ترك المأمور به، لم يرض به ولا مناص من بغضه لترك المأمور به.

ويتّضح من خلال ذلك أنّ دعوى العينيّة باطلة أيضاً، لأنّ الملازمة المدّعاة إنّما تستند إلى وجود الاثنينيّة، بينما العينيّة تعني نفيها.

نعم، لو كان المراد من العينيّة أنّ الطلب الواحد كما يمكن أن ينسب إلى الوجود حقيقةً ويتسبّب بالبعث إليه، فكذلك يمكن إسناده بالعرض والمجاز إلی الترك، فله وجه[1] .

والحقّ أنّ إشكاله على دلالة الأمر التضمنيّة على النهي عن الضدّ العام في محلّه، والمنع من الترك هو من لوازم الأمر بالفعل لا أن يكون للأمر مدلولين.

وأمّا بالنسبة إلى إشكاله على الدلالة المطابقيّة فقد ذكر المحقّق الاصفهانيّ أنّ اقتضاء الملازمة للاثنينيّة إنّما هو بحسب المفهوم، وأمّا بحسب المصداق فتارة توجد اثنينيّة بين اللازم والملزوم فيحتاج اللازم إلى جعل مستقلّ، وأُخرى لا يعقل الجعل المستقلّ، لأنّ اللازم من لوام الماهيّة ـ كالزوجيّة للأربعة ـ بل إنّ جعل الملزوم يعني جعل اللازم أيضاً وينتزع منه. إذن لا يؤدّي مجرّد كون الشيء من لوازم شيء آخر لا من مقوّماته أن لا يمكن الاتّحاد والعينيّة فيهما بحسب الجعل[2] .

لكن لا يرد هذا الإشكال على دعوى الآخوند، لأنّ ما يدلّ عليه اللفظ هو المفهوم لا المصداق، ومن المعلوم أنّ هناك اثنينيّة بين كلّ شيء ولازمه البيّن من جهة المفهوم وإن لم يكن تغاير بينهما من حيث المصداق، إذن لا يمكن دعوى أنّ جعل اللفظ للملزوم يكفي لدلالته على اللازم البيّن ولا يحتاج إلى جعل ثانٍ لذلك.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo