< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه - کتاب الحج

آیة الله مکارم الشیرازي

34/07/02

بسم الله الرحمن الرحیم

 عنوان البحث: مكان الابتداء بالسعي ونهايته
 المسألة الثانية: يجب على الأحوط أن يكون الابتداء بالسعي من أول جزء من الصفا، فلو صعد إلى بعض الدرج في الجبل و شرع كفى، و يجب الختم بأول جزء من المروة، و كفى الصعود إلى بعض الدرج و يجوز السعي ماشيا و راكبا و الأفضل المشي.
 
 للمسألة فرعان:
 الأول: مقدار السعي من الصفا إلى المروة.
 الثاني: جواز السعي ماشياً وراكباً.
 الفرع الأول: مقدار السعي من الصفا إلى المروة.
 يجب عليه أن يسعى بينهما من أول جزء من الصفا ويختمه بأول جزء من المروة.
 ويلزمه أن يراعي هذه المسافة بالدقة العقلية دون العرفية فلو نقص منها بقدر شبر بطل.
 
 أقوال العلماء:
 قال صاحب المستند: قیل في کيفیة البدأ و الختم بإلصاق العقِب بالصفا و الأصابع بالمروة إذ لا یتحقق استیفاء ما بینهما و البدئة و الختم إلا بذلك و لا ریب انه أحوط سیما مع إن الظاهر کما قیل اتفاق الأصحاب علیه و لولاه لقلنا بعدم لزوم هذه الدقة و الاکتفاء بالسعي بین الصفا و المروة عرفا کما اختاره بعض مشایخنا [1] .
 وحكى في الجواهر عن الرياض: لو لا اتفاق الأصحاب في الظاهر على وجوب إلصاق العقب بالصفا والأصابع بالمروة لكان القول بعدم لزوم هذه الدقة والاكتفاء وبأقل من ذلك مما يصدق معه السعي بين الصفا والمروة عرفاً وعادةً لا يخلو من قوة كما اختاره بعض المعاصرين [2] .
 والذي يظهر من العبارتين أن المتفق عليه هو لزوم هذه الدقة العقلية وأن كان بعضهم يرى الصدق العرفي مجزياً.
 ثم إن الصعود على الجبلين واجب نفسي أو مقدمي؟
 يستفاد من كلام صاحب المستند أن بعض العامة يراه واجباً نفسيا. ولكن أصحابنا أجمعوا على عدم وجوبه.
 قال صاحب الرياض: و لا یجب صعودهما إجماعا علی الظاهر المصرح به في عبارة جماعة منهما الشیخ في الخلاف [3] .
 وقال صاحب الحدائق: وفي المنتهی انه قول اکثر أهل العلم كافة إلا من شذ ممن لا یعتد به [4] .
 وجدير بالذكر أن هذا البحث في يومنا هذا غير مجدٍ فأنه سابقه بانتفاء الموضوع.
 نعم كان في ما معنى درج من الجانبين يصعد عليه الحاج واختلفوا في عدده آنذاك فبعضهم من قال أنها سبع درجات والآخر قال إنها أربعة عشر والثالث قال: إنها إحدى عشر ولكن جعلوا التراب على أربع منها وعليه يكون هو القول بسبع متلائمان.
 لكن أصبحت اليوم هذه الدرجات ممسوحة لا أثر لها في الخارج ويلزم الحاج أن يصعد على الجبلين من الطرفين فهو لا يبتلى به حتى نبحث عن أن الواجب إلصاق العقب بالدرج في جانب الصفا وإلصاق أصابعه في جانب المروة.
 ولكن مع ذلك كله نحن نتعرض له كبحث فقهي علمي.
 فنقول: هل يلزم الحاج أن يلصق عقب رجله في الصفا وأصابعه في المرة أي يلزمه بالدقة العقلية أن يراعي هذا المقدار من السعي بين الصفا والمروة أو أن الصدق العرفي مجز في ذلك؟
 ولا يخفي أنه لم يرد في ذلك نص خاص فلابد من ملاحظة الإطراف.
 وأما الآية فقوله تعالى: إِنَّ الصَّفا وَ الْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما.
 فهي مطلقة ولا تدل إلاّ على الطواف بين الجبلين وأما الدقة العقلية فلا.
 وأما الروايات أيضاً مطلقة فلا يستفاد ومنها الدقة العقلية والألفاظ تحمل على المفاهيم العرفية ومع هذا فقد أدعى الإجماع على مراعاة الدقة العقلية وهو كما ترى حيث أنه لم يكن وأن كان فهو مدركي ويحتمل قويا أنهم حملوا الاطلاقات عليها.
 وبناء عليه نقتضي الاطلاقات كفاية الصدق العرفي ولا يضر بهذا المقدار نقصان شبر من هذا الجانب أو ذاك ولعل وجه احتياط السيد الماتن كان هو هذا الإجماع. وأن لم يقم دليل على مراعاة هذه الدقة العقلية. وناهيك ما يأتيك في الفرع الثاني من جواز السعي راكباً.
 كان الراكب لا يمكنه أن يلصق عقبه أو أصابعه بالجبل في حال ركوبه: فروايات السعي راكبا دليل على كفاية الصدق العرفي.
 ويستفاد من فعل النبي (صلى الله عليه وآله) أنه سعى راكباً وكان على ذلك عمل الأصحاب.
 
 


[1] وسائل الشیعة، ج 5، باب 12 من أبواب قضاء الصلوات، حدیث 6.
[2] وسائل الشیعة، ج 9، باب 74 من أبواب الطواف، حدیث 1.
[3] وسائل الشیعة، ج 9، باب 74 من أبواب الطواف، حدیث 13.
[4] جواهر الکلام، ج 9، ص 300.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo