< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ مسلم الداوري

45/03/07

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: قراءة الصلاة

 

يبقی في الحکم الاول اختلافات من جهات:

الأولی: انه مع التمکن من قراءة شيء من الفاتحة، هل يجب تعويض الباقي بقراءة سائر القرآن كما نسب الى المشهور و ظاهر الماتن

أو لا كما عن جماعة و السيد الاستاذ؟

الثانية : علی فرض الوجوب هل يجب ان يكون العوض بمقدار مساوٍ لحروف الفاتحة أو لا يجب ذلك؟

الثالثة: ما هو العوض مع عدم تعلم شيئ من القرآن، قال المشهور التسبيح والتهليل و التکبير، وقيل التکبير والتهليل والتحميد، او مخير بينهما وبين التسبيحات الاربع. فلابد من البحث عنها انشاء الله تعالی

الجهة الرابعة: هل حكم السورة كالفاتحة في التعلم والتعويض.

 

اما الجهة الاولی فالظاهر من العلامة والشهيد والمحقق الثاني بل نسبه في الحدائق الى المشهور وکذلک الظاهر من الماتن وجماعة لم يعلقوا عليه، وعن جماعة عدم وجوب التعويض اذا علم مقداراً من الحمد کما عن المحقق في الشرائع والاردبيلي وصاحب المدارک والسيد الشيرازي والسيد الاستاذ&.

وجماعة قالوا بالاحتياط کصاحب المستمسک والسيد الامام& والظاهر ان الخلاف في وجوب التعويض وعدمه سواءً فيما اذا لم يعرف من الحمد الا قليلاً أومع صدق انه يعرفها بان يعرف أکثرها غير آية او آيتين.

واما المحقق الهمداني: فقد فصل بين ما اذا کان المقدار الذي يعرفه معتداً به فلا يجب التعويض، والا فالاقوی وجوب التعويض.

و استدل علی وجوب قراءتها بوجوه نوقش فيها:

منها قاعدة الميسور وما لا يدرک کله وقوله|: اذا امرتكم بشيء فاتوا منه ما استعطم[1] ، وکذلک الاستصحاب، وکلها ضعيفة ولکن مع ذلک قال السيد&: ان العمدة الاستدلال عليه بوجهين:

الاول: تسالم الاصحاب واتفاقهم علی ذلک بحيث لم ينقل الخلاف عن احد.

الثاني: بصحيحة ابن سنان بضميمة العلم الخارجي بتقديم الفاتحة علی غيرها من سائر القران في الصلاة فان مقتضی الصحيحة ان التسبيح انما يجزي بعد العجز عن طبيعي القرآن ومع تمکنه من بعض القرآن وان کان آية او آيتين من الحمد فانه يعتبر مصداقاً للقرآن فلا تصل النوبة الی التسبيح، ومع العلم بان الفاتحة مقدمة علی بقية سور القرآن في القراءة المعتبرة في الصلاة، ولذلک تتقدم علی غيرها لدی الاختيار فلا يحتمل تقدم غيرها او التخيير بينها وبين الفاتحة ولو بعضها في المقام فالصحيحة بضميمة هذا العلم الخارجي تنتج وجوب الاتيان بالفاتحة بالمقدار الممکن فلا تصل التوبة الی التعويض بسائر القرآن وان کان احوط.

ولکن استدل ـ کما عن المشهور ـ عن التعويض حينئذ بوجوه:

الاول: بقاعدة الاشتغال اذ مع الشک في فراغ الذمة من جهة التکليف المقطوع فلا جزم به الا مع التعويض.

و اجيب بان المقام من موارد الدوران بين الأقل والاکثر الارتباطي والصحيح فيه انه مجري البراءة لا الاشتغال.

الثاني: قوله تعالی: فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ[2] . وظاهر الامر الوجوب، واجيب عنه:

اولاً: ان الآية المبارکة غير ناظرة لحال الصلاة بل هي مطللقة ومن المعلوم ان الامر حينئذ محمول علی الاستحباب.

وثانياً: علی تقدير کونها ناظرة الی الصلاة فليس المراد کل ما تيسر والا وجب بالمقدار الذي يمکنه، وان کان سورة طويلة کالبقرة مثلاً، مع انه غير واجب قطعاً، بل المراد طبيعي ما تيسر، الصادق علی المقدار الممکن من القراءة، فلا موجب للتعويض.

الثالث: قوله|: لَا صَلَاةَ إِلَّا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ[3] . فظاهره نفي حقيقة الصلاة عن الفاقدة للفاتحة المستلزم للبطلان خرجت منه ما اشتملت علی الفاتحة الناقصة المعوضة بالاجماع فيبقى غيره تحت عموم النفي، ولعل هذه احسن الوجوه.

واجيب عنه: بان الاستدلال بها يتم بناء علی ان الرواية بصدد الاخبار عن الدخل في حقيقة الصلاة، وليس الامر کذلک، بل هي في مقام بيان الجزئية مع ما نعلم بالعلم الخارجي بعدم دخل الفاتحة في حقيقة الصلاة، وان المقوِّم لها ليس الا الرکوع والسجود والطهور، وانها لا تسقط بحال. فالرواية في قوة الامر بالفاتحة المختص بحال التمکن جزماً، فيسقط لدی العجز، ولا يثبت بها وجوب البدل اصلاً.

الرابع: برواية فضل بن شاذان عن الرضا× المتقدمة: التي دلت علی وجوب کل من قراءة القرآن ومن خصوص سورة الحمد من باب تعدد المطلوب، فاذا تعذر المطلوب الاعلی لزم التحفظ علی المطلوب الادنی فيجب التعويض امتثالاً لوجوب الادنی بعد تعذر الاعلی.

واجيب عنه ايضاً: بانه مع الغض عن سند الرواية، فان دلالتها قاصرة: لان المطلوب الادنی هو طبيعي القراءة الصادق علی المقدار الميسور من الفاتحة فالمصلحة القائمة بقراءة القرآن من عدم کونه مهجوراً حاصلة والزيادة علی ذلک بعنوان التبديل علی المقدار الفائت يحتاج الی الدليل والاصل البراءة.

ولکن لا يخفی ان الجواب اذا صدق علی المقدار من الفاتحة عنوان القراءة بان الميسور کان بمقدار ثلثين او النصف واما اذا لم يصدق عليه کما اذا کان کلمة او آية فالامر بالقراءة في محلّه فالظاهر ان تفصيل المحقق الهمداني& اوجه واختاره السيد السيستاني حفظه الله تعالى.

وهل الاحوط تکرار ما يعلمه بقدر البقية کما قال به الماتن وجماعة أو لا؟

جماعة من المعلقين قالوا لا وجه للحکم بالاحتياط، بخلاف من لم يعلقوا، والمحقق الحائري& قال لا يترک هذا الاحتياط. والوجه في عدم التکرار لما قيل من ان الشيء الواحد لا يکون اصلا وبدلا فلا يجمع بينهما. وما قيل في لزوم التکرار بان ما يعلمه من الفاتحة أقرب الی المتعذر من غيره لكونهما مشتركان في اجزاء القراءة.

واجيب عن کلا الوجهين

اما الاول، بانهما امران اعتباريان لا يصلحان ان يكونا ملاکا للحکم الشرعي، انه لا مانع من ان يکون الشيء الواحد باعتبار وجوده الاول اصلاً، وباعتبار وجوده الثاني بدلاً.

واما الثاني: بان الاقربية المزبورة لم يقم دليل علی لزوم مراعاتها، فالتعيين لا دليل عليه، ولعله برعاية هذين الوجهين جمع الماتن وجعل ذلک احوط.

ولا يخفى انه بناء علی ان المستند في اصل وجوب التعويض اذا کان اصالة الاشتغال فمقتضاه علی الجمع بين التعويض وبين التکرار، لاحتمال وجوب کل منهما، وکذلک اذا کان المستند قول|: لَا صَلَاةَ إِلَّا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ[4] . اذا المتيقن خروجه عن عموم النفي في صورة الجمع، لعدم العلم بالخروج لو اقتصر علی واحد منهما، ومن هنا كان الجمع احوط وان کان في اصل المستند اشکال کما تقدم.

 


[1] مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‌26، ص: 120.
[2] المزمل اية 20.
[3] مستدرك الوسائل و مستنبط المسائل، ج‌4، ص: 158.
[4] مستدرك الوسائل و مستنبط المسائل، ج‌4، ص: 158.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo