40/06/25
إبطال دعوى النسخ في الآية الثلاثين إلى الثانية والثلاثين
موضوع: إبطال دعوى النسخ في الآية الثلاثين إلى الثانية والثلاثين
الآية الثلاثون[1] التي ادعي نسخها قوله تبارك وتعالى:
﴿الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين﴾[2]
فعن سعيد بن المسيب وأكثر العلماء[3] أن هذه الآية منسوخة بقوله تعالى:
﴿وانكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم﴾[4]
فدخلت الزانية في أياما المسلمين إذ أن عموم أياما المسلمين يشمل الزانية.
والحق أن الآية ليست منسوخة لأمرين:
الأمر الأول النسخ في الآية الكريمة يتوقف على أن يكون المراد من قوله تبارك وتعالى الزاني لا ينكح والزانية لا ينكحها هو الزواج.
فإذا حملنا لفظ النكاح الوارد في الآية الكريمة على التزويج يمكن أن يدعى أن هذه الآية منسوخة ولا يوجد دليل يدل على أن المراد والمقصود بالنكاح في الآية الأولى هو التزويج.
بل ظاهر الآية الكريمة أن المراد بالنكاح هو الوطء والمواقعة فإن الزاني لا يطأ إلا الزانية أو المشركة والزانية لا يطأها ولو من دون عقد إلا زان أو مشرك وهذه الجملة الخبرية جاء بها القرآن الكريم لبيان بشاعة الزنا والعياذ بالله.
ومعنى ذلك أن الزاني لا يزني إلا بزانية أو أخس من الزانية وهي المشركة كما أن الزانية لا يطأها إلا زان أو أخس من الزاني وهو المشرك وأما المؤمن فهو يمتنع عن وطء الزانية والمشركة وكذلك المؤمنة فإنها لا تمكّن الزاني أو المشرك من وطئها من دون عقد عليها.
الأمر الثاني لو حملنا لفظ النكاح في الآية الأولى على التزويج لاستلزم ذلك الالتزام بلازم لا يمكن الالتزام به وهو جواز نكاح المشرك أو المشركة ومن الواضح في الفقه الإسلامي أنه لا يجوز نكاح المشركين والكفار بالنكاح الدائم فإذا حملنا لفظ النكاح في الآية الأولى على الزواج والتزويج استلزم ذلك إباحة نكاح المسلم الزاني للمشركة واستلزم أيضا إباحة نكاح المشرك للمسلمة الزانية وهذا مناف لظاهر القرآن الكريم ومن ثبت من سيرة المسلمين.
النتيجة النهائية لم يثبت النسخ في الآية الثلاثين نظرا لأن المراد بالنكاح في الآية الأولى هو الوطء بينما المراد بلفظ النكاح في الآية الثانية ﴿وانكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم﴾ هو التزويج.
فإذن معنى النكاح في الآية الأولى وهو الوطء ويغاير معنى النكاح في الآية الثانية وهو التزويج فلا يوجد نسخ في البين.
الآية الإحدى والثلاثين[5] قوله تعالى:
﴿قل للذين آمنوا يغفروا للذين لا يرجون أيام الله﴾[6]
ذهبت جماعة إلى أن هذه الآية منسوخة بآية السيف:
﴿قاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة﴾[7]
فالآية الأولى أمرت بالمغفرة للذين لا يرجون أيام الله وهم الكفار والمشركون بينما الآية الثانية آية السيف ﴿قاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة﴾ أو الآية الأخرى ﴿فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم﴾[8]
فذهب جماعة إلى أن آية ﴿قل للذين آمنوا يغفروا للذين لا يرجون أيام الله﴾ منسوخة بآية السيف وقالوا إن هذه الآية مكية وقد نزلت في عمر بن الخطاب حينما شتمه رجل من المشركين بمكة قبل الهجرة فأراد عمر أن يبطش به فأنزل الله تعالى هذه الآية ثم نسخت بقوله تعالى ﴿فاقتل المشركين حيث وجدتموهم﴾ واستندوا في دعوى النسخ إلى رواية عن محمد بن هشام عن عاصم عن سليمان عن جويبر عن الضحاك عن ابن عباس[9] .
والصحيح أن دعوى نسخ هذه الآية ليس بتام لأمور ثلاثة:
الأمر الأول هذه الرواية ضعيفة من ناحية السند ولا أقل من أن في سندها عاصم بن سليمان وهو كذّاب وضاع ولنقرأ ما ذكره علماء الرجال من أهل السنة في كتاب لسان الميزان الجزء الثالث صفحة 218 و219 في الحاشية[10] .
قال بن عدي عاصم بن سليمان مِمَن يضع الحديث وقال أيضا عامة أحاديثه مناكير متنا وإسنادا والضعف على رواياته بين وقال الفلاس كان يضع الحديث ما رأيت مثله قط وقال أبو حاتم والنسائي متروك وقال الدار قطني كذاب وقال أيضا في العلل كان ضعيفا آية من الآيات في ذلك يعني آية في الكذب وقال ابن حبان لا يجوز كتبه حديثه إلا تعجبا يعني إذا تجتاز كتب حديثه تتعجب وقال أبو داود الطيالسي كذاب وقال الساجي متروك يضع الحديث وقال الازدي ضعيف مجهول، هذا من جهة السند.
الأمر الثاني الرواية ضعيفة من ناحية المتن فإن المسلمين قبل الهجرة كانوا ضعفاء وكانوا يعذبون وحسب التاريخ لم يكن عمر مقداما في الحروب ولم يعد من الشجعان المرهوبين في المعركة فكيف يسعه أن يبطش بالمشرك.
الأمر الثالث ظاهر لفظ الغفران في الآية المباركة ﴿قل للذين آمنوا يغفر للذين لا يرجون أيام الله﴾[11] ظاهر لفظ الغفران في الآية يدل على التمكن من الانتقام ومن المقطوع به أن عمر بن الخطاب في ذلك الوقت قبل الهجرة لم يكن متمكنا من الانتقام فلو أراد البطش بالمشرك لبطش به المشرك لا محاله لأن المشركين كانوا في قوة والمسلمون كانوا في ضعف.
إذن الحق إن الآية محكمة غير منسوخة وأن معنى الآية أن الله "عز وجل" أمر المؤمنين بالعفو وغض الطرف والإغضاء عما ينالهم من الإيذاء والاهانة في شؤونهم الخاصة ممن لا يرجون أيام الله ويدل عليه قوله تعالى بعد ذلك ﴿ليجزي قوما بما كانوا يكسبون من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها ثم إلى ربكم ترجعون﴾ فإن الظاهر منه أن جزاء المسيء الذي لا يرجوا أيام الله ولا يخاف المعاد سواء أكان من المشركين أم الكتابيين أم من المسلمين الذين لا يبالون بدينهم إنما هو موكول إلى الله تبارك وتعالى فلا ينبغي للمؤمن أن يبادر إلى الانتقام فإن الله "عز وجل" أعظم منه نقمة واشد أخذا هذا حكم تهذيبي أخلاقي ولا ينافي الدعوة إلى القتال للدعوة إلى الإسلام سواء كانت هذه الآية نزلت قبل آية السيف أم بعدها.
إذن الآية 31 التي ادعي أنها منسوخة لم يثبت أنها منسوخة.
الآية الثانية والثلاثون[12] قوله تعالى:
﴿فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فشد الوثاق فإما منا بعد وإما فداءا﴾[13] .
ذهبت جماعة إلى أن هذه الآية منسوخة بآية السيف[14] ﴿قاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة﴾[15]
وذهب آخرون إلى العكس إلى أن هذه الآية ناسخة لآية السيف.
والحق أن هذه الآية لا ناسخة ولا منسوخة وتحقيق هذا الأمر يحتاج إلى مزيد من البسط في الكلام:
أحكام الكافر المقاتل
وقبل أن نفصل الكلام نذكر حكم الكافر الحربي المقاتل بشكل موجز ومختصر.
الكافر الحربي إذا اسر إما أن يؤسر قبل انتهاء المعركة وقبل هزيمة المشركين وهذا ما عبرت عنه الآية الكريمة الإثخان فيهم وإما أن يؤسر بعد انتهاء المعركة وبعد هزيمة المشركين إذن الكافر الحربي الأسير إما أن يأسره المسلمون قبل أن يثخنوا في المشركين قبل أن يهزموا المشركين وقبل انتهاء المعركة وإما أن يأسره المسلمون بعد الإثخان في المشركين وبعد انتهاء المعركة حكمه يختلف أما الأسير الحربي قبل انتهاء المعركة فالحكام الإسلامي مخير بين قتله وبين أن يقطع أيده وأرجله من خلاف ويجعله ينزف حتى يموت هذا إذا كان قبل انتهاء المعركة قبل الإثخان في المشركين وأما بعد الإثخان فالحاكم الإسلامي مخير بين ثلاثة أمور:
الأمر الأول أن يسترق هذا الكافر ويجعله عبدا للمسلمين.
الأمر الثاني أن يطلب الفدية فإذا دفع المشركون الفدية عنه أطلق سراحه.
الأمر الثالث أن يمن عليه ويطلق سراحه من دون فدية.
إذن فرق بين الأسير الحربي قبل انتهاء المعركة وبعد انتهاء المعركة، قبل انتهاء المعركة هناك تخيير وكلاهما يؤدي إلى الموت:
إما الموت فورا بضرب عنقه
وإما الموت نزفا بقطع أيديه وأرجله من خلاف
وأما بعد الإثخان وبعد هزيمة المشركين وبعد انتهاء المعركة
فالحاكم مخير إما أن يسترقه يجعله رقا له ويوثقه وإما أن يطلب الفدية وإما أن يمن عليه ويطلق سراحه من دون فدية هذا هو رأي مشهور الفقهاء.
ذكر الشيخ الطوسي "رحمه الله" في تفسير التبيان[16] شقا رابعا وهو القتل يعني الأسير الحربي بعد الإثخان وانتهاء المعركة يخير فيه الحاكم بين الأسر والمن والفداء والقتل أيضا.
ويقول السيد الخوئي لعل الشيخ الطوسي "رحمه الله" من باب سهو القلم ذكر القتل لأن القتل لم يرد في الروايات والشيخ الطوسي بنفسه ذكر حكم هذه المسألة في كتابيه المبسوط والخلاف وذكر الشقوق الأربعة الأسر والمن والفداء ولم يذكر الشق الرابع وهو القتل[17] إلا أن أمين الإسلام الطبرسي في مجمع البيان ذكر القتل أيضا.
ولعله جرى على ما جرى عليه الشيخ الطوسي من دون تحقيق وتدقيق لأن مجمع البيان لأمين الإسلام الطبرسي إنما هو تهذيب لكتاب وتفسير التبيان للشيخ الطوسي خصوصا في الأمور اللغوية بالتالي إذا نراجع الآية الكريمة ظاهر هذه الآية الكريمة موافق لما ذهب له الشيعة الإمامية لأن هذه الآية ناظرة إلى حكم الكافر الحربي بعد الإثخان يعني بعد هزيمة المشركين وانتهاء المعركة.
قال تعالى ﴿فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب﴾ يعني اقتلوهم اضربوا أعناقهم ما دامت المعركة مستمرة حتى إذا أثخنتموهم يعني إلى أن هنا حتى بمعنى الغاية إلى أن أثخنتموهم، أثخنتموهم يعني أوقعتم فيهم ما أوقعتم من القتل بحيث هزمتموهم إذن الآية في البداية قالت ضرب أعناق الكفار إلى الإثخان يعني إلى ما قبل الإثخان الحكم هو الحرب ضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم يعني بعد الإثخان فشدوا الوثاق، شدوا الوثاق يعني أسروهم وبعد الأسر فإما منا بعد وإما فداءا يعني وإما تطلبوا الفدية وإما أن تمنوا على هؤلاء الأسرى وتطلقوا سراحهم، إلى هنا ذكرنا الحكم بشيء من الإيجاز.
وأما التفصيل أحكام الكافر المقاتل
أولا يتطرق السيد الخوئي إلى أحكام الكافر المقاتل عند الشيعية الإمامية
ثم بعد ذلك يذكر آراء العامة في هذه الآية ويتطرق إلى أربعة آراء.
أحكام الكافر المقاتل
المعروف بين الشيعية الإمامية أن الكافر المقاتل الحربي يجب قتله ما لم يسلم ولا يسقط قتله بالأسر قبل أن يثخن المسلمون الكافرين ويعجز الكافرون عن القتال لكثرة القتل فيهم وإذا اسلم هذا الأسير ارتفع موضوع القتل وهو عنوان الكافر الحربي وأما الأسر بعد الإثخان فيسقط فيه القتل فإن الآية قد جعلت الإثخان غاية لوجوب ضرب الرقاب أي أن ضرب الرقاب قبل الإثخان وأما بعد الإثخان فلا يوجد ضرب للرقاب.
ومن الواضح جدا أن الحكم يسقط عند حصول غايته.
ما هي الغاية من الحرب؟
الانتصار وإيقاع الهزيمة في الكفار فيجب ضرب رقابهم قبل الانتصار عليهم وقبل هزيمتهم وأما بعد هزيمتهم يتخير ولي الأمر بين استرقاق الأسير وبين مفاداته والمن عليه من غير فداء من فرق بين المشرك وغيره من فرق الكفار.
وقد ادعي الإجماع على هذه الأحكام والمخالف فيها شاذ لا يعبئ بخلافه هذه الأحكام موافقة لظاهر الآية الكريمة من جميع الجهات إذا كان المراد بشد الوثاق في الآية الكريمة هو الاسترقاق باعتبار أن معنى شد الوثاق هو عزله عن الاستقلال ما لم يمن عليه أو يطلب منه الفدية.
ولكن لو لم نحمل لفظ شد الوثاق على الاسترقاق في هذه الحالة لابد من إضافة الاسترقاق إلى المفردات والمن للعلم بجواز الاسترقاق من أدلة أخرى وهي الروايات الشريفة فتكون الروايات الدالة على جواز الأسر مقيدة لإطلاق الآية الكريمة.
لكن الظاهر أن المراد بشد الوثاق هو الأسر ولا نحتاج إلى تقييد الآية من الروايات هذه الأحكام قد وردت فيما رواه الكليني والشيخ الطوسي بإسنادهما عن طلحة بن زيد عن أبي عبد الله "عليه السلام" قال فهذه الرواية طويلة فيها حكم ما قبل الإثخان وما بعد الإثخان.
سمعته يقول كان أبي يقول يعني الإمام الباقر إن للحرب حكمين إذا كانت الحرب قائمة لم تضع أوزارها ولم يثخن أهلها فكل أسير اخذ في تلك الحال فإن الإمام فيه بالخيار إن شاء ضرب عنقه وإن شاء قطع يديه ورجله من خلاف بغير حسم،
ما المراد بالحسم؟
الحسم يعني يحسمها في النار يضعها في الزيت المغلي حتى يجمد الدم أما إذا لم يحسمها ما وضع في الزيت المغلي فيضل الدم ينزف حتى يموت، الآن مثلا في القطع إذا تقطع يد السارق ثم تحسم يده تضعها في الزيت المغلي حتى يقف الدم.
وتركه يتشحط في دمه حتى يموت وهو قوله تعالى ﴿إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيدهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم﴾[18] .
ألا ترى أنه التخيير الذي خير الله الإمام على شيء واحد وهو الكفر وليس هو على أشياء مختلفة فقلت لجعفر بن محمد "عليه السلام" قول الله تعالى ﴿أو ينفوا من الأرض﴾ قال ذلك الطلب أن يطلبه الخيل حتى يهرب فإن أخذته الخيل حكم ببعض الأحكام التي وصفت ذلك[19]
إلى هنا كان الكلام فيما قبل الإثخان.
الآن الحكم بعد الإثخان والحكم الآخر إذا وضعت الحرب أوزارها وأثخن أهلها فكل أسير اخذ على تلك الحال وكان في أيديهم فالإمام فيه بالخيار إن شاء من عليهم فأرسلهم وإن شاء فاداهم أنفسهم وإن شاء استعبدهم فصاروا عبيدا[20] ، هذه الرواية رواها الشيخ الطوسي وثقة الإسلام الكليني في الكافي.
وأما من العامة فقد وافقنا على سقوط القتل عن الأسير بعد الإثخان الضحاك وعطاء وصرح الحسن بذلك وأن الإمام بالخيار إما أن يمن أو يفادي أو يسترق على ما ذكرنا من مفاد هذه الرواية لا يكون هناك نسخ في الآية>
غاية ما في الأمر أن القتل يختص بالمورد ويختص عدم القتل بمورد يختص القتل بمورد الأسير قبل الإثخان ويختص عدم القتل بمورد وهو الأسير بعد الإثخان.
وبالتالي آية السيف لا تكون ناسخة لهذه الآية لأن المورد مختلف، آية السيف تكون مطلقة ﴿قاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة﴾.
وبالتالي تقدمت آية السيف أو تأخرت فإنها لا تنسخ هذه الآية لأن حكم القتل لمورد خاص وهو ما قبل الإثخان والتخيير بين الأسر والمن والفداء لمورد خاص وهو الكافر الأسير الحربي بعد الإثخان.
ومن الغريب إن الشيخ الطوسي نسب إلى أصحابنا أنهم رووا تخيير الإمام في الأسير بعد الإثخان بين القتل وبين ما قتل من الأمور المن والفداء والأسر.
قال الشيخ الطوسي في تفسير التبيان والذي رواه أصحابنا أن الأسير إن أخذ قبل انقضاء الحرب والقتال بأن تكون الحرب قائمة والقتال باق فالإمام مخير بين أن يقتلهم أو يقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف ويتركهم حتى ينزفوا وليس له المن ولا الفداء وإن كان اخذ بعد وضع الحرب أوزارها وانقضاء الحرب والقتال كان الإمام مخير بين المن والمفاداة إما بالمال أو النفس وبين الاسترقاق وضرب الرقاب[21] الشاهد هنا وضرب الرقاب وتبع الشيخ الطوسي على ذلك الشيخ الطبرسي في تفسيره مجمع البيان الجزء التاسع صفحة 126 مع أنه لم يرد في القتل رواية أصلا وقد نص الشيخ الطوسي في كتاب المبسوط على هذا الحكم ولم يذكر القتل.
قال في المبسوط الجزء الثاني صفحة 13 كتاب الجهاد فصل أصناف الكفار وكيفية قتالهم كل أسير يؤخذ بعد أن تضع الحرب أوزارها فإنه يكون الإمام مخيرا فيه بين أن يمن عليه فيطلقه وبين أن يسترقه وبين أن يفاديه وليس له قتله على ما رواه أصحابنا[22] يعني في المبسوط لم يقتصر على عدم ذكر القتل بل نفى جواز القتل وقد ادعى الشيخ الطوسي الإجماع على هذا الحكم ووجود الأخبار في المسألة السابعة عشر من كتاب الفيء وقسمة الغنائم[23] من كتاب الخلاف ومن الذين ادعوا الإجماع على هذا الحكم بشكل صريح العلامة في كتابه منتهى المطلب وتذكرة الفقهاء في أحكام الأسارا من كتاب الجهاد.
السيد الخوئي يعلق يقول وفي ظني إن كلمة ضرب الرقاب في عبارة التبيان إنما كانت من سهو القلم وقد جرى عليه الطبرسي من غير مراجعة هذا هو مذهب علماء الشيعة الإمامية والضحاك وعطاء والحسن.
النتيجة النهائية الآية رقم 32 لم يثبت أنها منسوخة.
يبقى الكلام في بيان كيفية النسخ حسب آراء العامة وردّها آراء أخرى حول الآية يأتي عليها الكلام.