40/06/07
إبطال دعوى النسخ في الآية الثانية والثالثة عشر
موضوع: إبطال دعوى النسخ في الآية الثانية والثالثة عشر
الآية الثانية عشر[1] التي ادعي نسخها قوله تبارك وتعالى في الآية 24 من سورة النساء:
﴿واحل لكم ما وراء ذلكم﴾[2]
الآية الكريمة طويلة تبدأ بقوله "عز من قائل":
﴿حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم﴾ إلى آخر الآية الكريمة إلى أن يقول "عز من قائل": ﴿واحل لكم ما وراء ذلكم﴾ يعني واحل لكم نكاح ما عدى ذلك من الموارد المذكورة.
وقد قيل إن هذه الآية ﴿واحل لكم ما وراء ذلكم﴾ منسوخة بما دل من السنة الشريفة على تحريم بعض الموارد التي لم ينص عليها القرآن الكريم ولم يذكرها في موارد تحريم نكاح النساء.
مثال ذلك من الثابت في الشريعة الغراء عدم جواز الجمع بين العمة وابنة أخيها وعدم جواز الجمع بين الخالة وابنة أختها إلا بإذن العمة أو الخالة والحال إن القرآن الكريم لم ينص على ذلك.
نعم نص على عدم جواز الجمع بين الأختين ﴿وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف﴾[3] ولكن لم ينص القرآن على حرمة الجمع بين العمة وابنة أخيها إذا لم تجز العمة نعم إذا أجازت العمة يجوز الجمع بينهما كما لم ينص القرآن على حرمة الجمع بين الخالة وابنة أختها.
فتكون الموارد التي دلت السنة الشريفة على تحريم نكاحها ناسخة لقوله "عز من قائل" ﴿واحل لكم ما وراء ذلكم﴾.
وهناك موارد أخرى قد يقع فيها الخلاف كحرمة الجمع بين الفاطميتين سيدتين من بنات فاطمة الزهراء "عليها السلام" وهناك من الفقهاء يرى حرمة الجمع بينهما.
ومن الواضح أن ثبوت دعوى النسخ في هذه الآية يتوقف على أن يكون الخاص المتأخر ناسخا للعام المتقدم وليس مخصصا فإن الآية الكريمة ﴿واحل لكم ما وراء ذلكم﴾ عام قد تقدم ثم جاء المخصص الدال على حرمة الجمع بين الفاطميتين على قول أو حرمة الجمع بين العمة وابنة أخيها أو الخالة وابنة أختها.
والصحيح أن الآية الكريمة ليست منسوخة لنكتتين:
النكتة الأولى الآية الكريمة ليس فيها عموم لفظي بل فيها عموم إطلاقي
فلم تقول الآية وأحل لكم جميع ما رواء ذلك واحل لكم كل ما وراء ذلك واحل لكم ما وراء ذلك جمعاء واحل لكم ما وراء ذلك قاطبة فلم نستفد العموم من لفظ كلفظ: جمعاء، قاطبة، جميع، كل، بل استفدنا العموم من مقدمات الحكمة وهي أن المتكلم في مقام البيان ولو كان لبان فلو أراد خصوص موارد معينة لنص عليها.
وحيث لم ينص على موارد خاصة إذن هو لا يريد التخصيص بل يريد التعميم فاستفدنا العموم من الإطلاق وقرينة الحكمة.
ومن الواضح أنه إذا ورد من الأدلة ما يصلح لتقييد الإطلاق ففي هذه الحالة يكون الإطلاق غير مراد في الواقع فإذا قال أكرم العلماء لم يقل أكرم كل العلماء أكرم جميع العلماء حتى يكون العموم لفظيا بل قال أكرم العلماء وشككنا هل يريد خصوص حصة خاصة من العلماء وهم الفقهاء أو لا هو يريد كل العلماء في هذه الحالة نقول المتكلم حكيم وهو في مقام البيان فلو أراد خصوص الفقهاء لنص وقال أكرم العلماء الفقهاء وحيث لم ينص إذن هو يريد جميع العلماء فيثبت الإطلاق ببركة مقدمات الحكمة.
فإذا قال القائل أكرم العلماء ثم ورد في دليل متصل أو منفصل لا تكرم الفساق أكرم العلماء ولا تكرم الفساق فهنا يعلم أن إرادة إكرام مطلق العلماء ليس جديا وإنما هو صوري والجدي هو إكرام العلماء عدى الفساق في هذه الحالة.
الآية الكريمة فيها إطلاق ﴿واحل لكم ما وراء ذلكم﴾ يعني أجيز لكم نكاح ما عدا الموارد المذكورة فإذا دل الدليل على حرمة الجمع بين العمة وابنة أخيها فيكون هكذا وأجيز لكم نكاح ما عدى الموارد المذكورة إلا نكاح العمة والجمع بين العمة وابنة أخيها وكذلك الجمع بين الخالة وابنة أختها.
هذا تمام الكلام في النكتة الأولى التي جعلها السيد الخوئي "رحمه الله" نكتة ثانية.
وأما النكتة الثانية التي جعلها السيد الخوئي نكتة أولى وهي أنه:
سؤال إذا تقدم العام وتأخر الخاص فهل الخاص يخصص العام أم أن الخاص ينسخ حكم العام؟
والجواب الخاص، سواء تقدم أو تأخر فإنه يفيد تخصيص العام ولا يفيد نسخ العام لذلك.
ذهب الفقهاء إلى أن العموم القرآني قابل للتخصيص بخبر الواحد الثقة بخلاف النسخ فإن العموم القرآني لا يلغى ولا ينسخ بخبر الواحد الثقة لأن خبر الواحد إنما يفيد الظن والظن لا يغني من الحق شيئا والعموم القرآني إنما هو قطعي إنما هو قطعي فلا يلغى المدلول القرآني وينسخ لأنه مدلول قطعي وصلنا بالتواتر لا يلغى من رأس بخبر الواحد الثقة الذي يفيد الظن.
وهذا عليه إجماع أهل السنة والشيعة فهم يرون أن الآية القرآنية لا تنسخ بخبر الواحد إجماعا بخلاف التخصيص والتقييد فإن التخصيص والتقيد لا يلغي أصل الآية وأصل المدلول وإنما يتصرف في المدلول سعة أو ضيقا.
فالنص الروائي الدال على حرمة الجمع بين الخالة وابنة أختها لا يلغي آية ﴿واحل لكم ما وراء ذلكم﴾ وإنما يتصرف في سعتها ويضيقها ويخرج منها موارد منها مورد الجمع بين الخالة وابن أختها. كذلك النص الآخر يخرج منها موردا آخر وهو حرمة الجمع بين العمة وابنة أخيها.
إذن النقطة الثانية: إن الخاص يكون مخصصا للعام سواء تقدم عليه أو تأخر عنه ولا يكون ناسخا له ولأجل أنه مخصصا وليس بناسخ يكتفى بخبر الواحد الجامع لشرائط الحجية في تخصيص العام القرآني ولو كان الخاص المتأخر ناسخا للآية القرآنية لم يصح ذلك لأن النسخ لا يثبت بخبر الواحد.
النتيجة النهائية الآية الثانية عشر التي ادعي أنها منسوخة لم يثبت أنها منسوخة.
نكتة: النقاش البنائي والنقاش المبنائي
لا بأس أن نشير إلى نكتة علمية بالنسبة إلى النقاش البنائي والنقاش المبنائي.
كما تعلمون القياس مؤلف من صغرى وكبرى كأن تقول هكذا العالم حادث هذه صغرى وكل حادث متغير هذه كبرى النتيجة العالم متغير لكي تناقش النتيجة العالم متغير إما أن تناقش الصغرى وإما أن تناقش الكبرى.
إذا ناقشت الكبرى وكل حادث متغير هذا يصير نقاش في المبنى أنا مبناي كل حادث متغير قد شخص آخر ينكر هذه الكبرى وينكر هذا المبنى ويقول من قال أن كل حادث متغير بعض الأمور الحادثة ليست بمتغيرة.
وهناك من يسلم بالكبرى يعني يسلم بالمبنى ولكنه لا يسلم بالصغرى يقول حتى لو سلمنا حتى على مبناكم أن كل حادث متغير نحن ننكر الصغرى ولا نسلم أن العالم حادث فيصير نقاش في الصغرى أي نقاش بنائي.
النتيجة النهائية لهذه النكتة أن النقاش المبنائي يكون في الكبرى والنقاش البنائي يكون في الصغرى وهذا لازم تتعلم في الجدل وفي المناظرة وفي المناقشة لأن كل كلماتنا قياس فيها صغرى وفيها كبرى فإن ناقشت في الكبرى صار النقاش مبنائيا وإن ناقشت في الصغرى صار النقاش بنائيا والأقوى في الحجة هو النقاش البنائي لا النقاش المبنائي.
الآية الثالثة عشر[4] التي ادعي نسخها قوله تبارك وتعالى:
﴿فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة﴾[5]
وقد اشتهر بين علماء أهل السنة أن حلية المتعة قد نسخت وثبت تحريمها إلى يوم القيامة في مقابل إجماع الشيعة الإمامية على بقاء حلية المتعة وأن الآية الكريمة لم تنسخ ووافق الشيعة الإمامية جماعة من الصحابة والتابعين.
إذن هناك اتفاق بين السنة والشيعة على أن نكاح المتعة جائز في عهد النبي وأبي بكر وأكثر أيام خلافة عمر وقد حرمها عمر بن الخطاب في أواخر عهده لقضية ابن حريث كما سيأتي.
قال ابن حزم[6] ثبت على إباحتها يعني المتعة بعد رسول الله "صلى الله عليه وآله" ابن مسعود يعني عبد الله بن مسعود ومعاوية بن أبي سفيان وأبو سعيد وابن عباس وسلمة ومعبد بن أمية بن خلف وجابر وعمرو بن حريث وبسبب عمر بن حريث عمر حرم المتعة ورواه جابر عن جميع الصحابة روى جواز نكاح المتعة مدة رسول الله "صلى الله عليه وآله" وأبي بكر وعمر إلى قرب آخر خلافة عمر ثم قال ومن التابعين المراد بالتابعين الذين لم يروا الرسول لم يصحبوه لم يدركوه ولكن تبعوا الصحابة بإحسان، ومن التابعين طاووس وسعيد بن جبير وعطاء وسائر فقهاء مكة[7] انتهى كلام ابن حزم.
ونسب شيخ الإسلام المرغيناني القول بجواز المتعة إلى مالك، مالك بن انس احد الأئمة الأربعة في الفقه عند السنة مستدلا عليه بقوله لأنه يعني نكاح المتعة كان مباحا فيبقى إلى أن يظهر ناسخه[8] يعني الاستصحاب كنا على يقين من جواز نكاح المتعة أيام رسول الله نشك في ارتفاع جواز نكاح المتعة لا تنقض اليقين بالشك نستصحب بقاء حلية جواز المتعة.
إذن نسب الجواز إلى مالك وأيضا نسب الجواز عند الضرورة إلى احمد بن حنبل ونسب بن كثير جواز المتعة إلى أحمد بن حنبل عند الضرورة في رواية وقد تزوج ابن جريح احد الأعلام وفقيه مكة في زمنه سبعين امرأة بنكاح المتعة[9] .
وهنا لا بأس أن نتعرض بشكل إجمالي إلى مدلول الآية المباركة وسيتضح أنها ليست منسوخة.
بيان ذلك
إن النسخ في الآية الكريمة يتوقف على أمرين:
الأمر الأول أن يكون المراد من الاستمتاع في الآية الكريمة هو التمتع بالنساء بنكاح المتعة وسيتضح أن هذا الأمر تام.
الأمر الثاني ثبوت تحريم المتعة بعد ثبوت جوازها أول التشريع.
أما الأمر الأول وهو أن المراد من الاستمتاع في الآية الكريمة في قوله "عز وجل" ﴿فآتوهن أجورهن فريضة﴾ هو خصوص نكاح المتعة فلا ريب في ثبوته وقد تضافرت رواية الفريقين السنة والشيعة على أن المراد بقوله ﴿فآتوهن أجورهن فريضة﴾ هو نكاح المتعة.
قال القرطبي وهو أفضل تفسير في الأحكام الفقهية كتابه الجامع لأحكام القرآن الكريم قال الجمهور المراد نكاح المتعة الذين كان في صدر الإسلام وقرأ ابن عباس وأبي وابن جبير فما استمتعتم به منهن إلى اجل مسمى فآتوهن أجورهن[10] . إلى اجل مسمى هذا صريح بأنه نكاح المتعة لأن نكاح المتعة يوقت بوقت بخلاف النكاح الدائم الذي لا أمد فيه.
ومع هذه الأقوال نسبة الجواز إلى مالك وإلى ابن حنبل عند الضرورة وإلى ابن جريح وحمل هذه المتعة فما استمتع فآتوهن أجورهن حمل الآية على نكاح المتعة وكلمات القرطبي من دعوى الجمهور المراد هو نكاح المتعة لا يلتفت إلى قول الحسن بأن المراد منها النكاح الدائم وأن الله لم يحل المتعة في كتابه ونسب هذا القول إلى مجاهد وابن عباس أيضا أن المراد النكاح الدائم والروايات المروية عن ابن عباس ومجاهد في تفسير الآية الكريمة وأنها نزلت في نكاح المتعة تكذب نسبة القول بالنكاح الدائم إليهما[11] .
عموما الروايات مستفيضة في ثبوت نكاح المتعة وتشريعه وهذا ما يغنينا عن تكلف إثبات نكاح المتعة وإطالة الكلام فيه فهو ثابت في أول التشريع وإنما الكلام في أنه هل رفع أو لا؟ إذن الأمر الأول وهو حمل الآية الكريمة ﴿فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة﴾ على نكاح المتعة ثابت بلا إشكال.
يبقى الكلام في الأمر الثاني:
سؤال هل ثبت تحريم نكاح المتعة؟
الجواب هذا ممنوع وما يحتمل أن يعتمد عليه بالقول بالنسخ أحد أمور وجميعها لا يصلح لأن يكون ناسخا.
يذكر السيد الخوئي "رحمه الله" ثلاثة أمور:
الأمر الأول والثاني التمسك بآيتين كريمتين الأمر الثالث التمسك بالروايات.
الأمر الأول أن يقال إن ناسخ الآية هو قوله تعالى ﴿يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن﴾[12] ونسب هذا القول إلى ابن عباس من أن آية الطلاق ناسخة لآية المتعة[13] ولكن هذه النسبة غير صحيحة لأن ابن عباس "رضوان الله عليه" بقي مصرا على جواز نكاح المتعة طيلة حياته والجواب عن دعوى النسخ بهذه الآية ظاهر وواضح لأن الالتزام بأن آية الطلاق ناسخة.
يوجد فيه احتمالان:
الاحتمال الأول أن يكون النسخ لأجل أن عدة المتمتع بها أقل من عدة المطلقة فلا دلالة في الآية الكريمة ولا في غيرها على أن عدة النساء لابد وأن تكون على نحو واحد من المعلوم أن عدة المرأة ثلاث حيضات هذا في النكاح الدائم وفي النكاح المنقطع حيضتان بل ذهب البعض كاستاذنا آية الله العظمى السيد كاظم الحائري إلى أن عدة المتمتع بها حيضة واحدة عموما المعروف أن عدة المتمتع بها حيضتان وعدة النكاح الدائم عدة المطلقة أكثر من حيضتين ثلاث حيضات. فقد يتمسك بدعوى النسخ أن هذه الآية ﴿يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن﴾.
ومن المعروف أن عدة الطلاق ثلاث حيضات أكثر من حيضتين فتكون هذه الآية ناسخة لآية ﴿فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة﴾ لأنها ناظرة إلى نكاح المتعة ونكاح المتاع عدة حيضتين فتكون آية ﴿يا أيها النبي إذا طلقتم النساء﴾ الناظرة إلى ثلاث حيضات ناسخة إلى آية ﴿فآتوهن أجورهن﴾ الناظرة إلى حيضتين فيكون الالتزام بنسخ الآية الثانية للآية الأولى لأجل أن عدة المتمتع بها أقل من عدة المطلقة.
والجواب لا دلالة في هذه الآية ﴿وطلقوهن لعدتهن﴾ ولا في غيرها من الآيات على أن عدة النساء تكون واحدة. ولابد أن تكون على نحو واحد بل إن القرآن تطرق إلى العدد الأخرى مثلا عندنا عدة المتوفى زوجها أربعة أشهر وعشرة أيام وأيضا عدة الحامل أن يضعن حملهن.
فإذن إطلاق لفظ العدة لا يدل على أن جميع عدد النساء على نحو واحد طبعا الحامل نص القرآن على أنه أن يضعن حملهن عموما.
إذن إن كان المراد أن الآية الثانية نسخت الآية الأولى بسبب الاختلاف في العدة فجوابه أن مقدار العدة لا يعلم لا من الآية الثانية ولا الأولى ولا غيرها من الآيات التي ذكرت العدة هذا الاحتمال الأول باطل.
الاحتمال الثاني أن يكون نسخ الآية الثانية للآية الأولى لأجل أنه لا طلاق في نكاح المتعة فليس للآية بخلاف نكاح المتعة، نكاح المتعة ليس فيه طلاق البينونة في نكاح المتعة تحصل بانقضاء الأجل وانتهاء المدة وأما البيونة في النكاح الدائم فتحصل بالطلاق الآية الكريمة ﴿يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن﴾. فأشارت إلى أن طلاق النساء والبيونة بين الرجل والمرأة إنما تحصل بالطلاق فتكون هذه الآية الدالة على أن البينونة إنما تتم بالطلاق ناسخة لآية ﴿فآتوهن أجورهن فريضة﴾ التي تدل على نكاح المتعة والتي تكون البينونة فيه بانقضاء الأجل وانتهاء المدة.
إن قيل إن وجه النسخ هنا بسبب بينونة الطلاق، جوابه الآية الكريمة لم تتعرض لبيان موارد الطلاق وأنه في أي مورد يكون الطلاق وفي أي مورد لا يكون الطلاق. الآية الكريمة ذكرت نوعا من النكاح تكون البينونة فيه بالطلاق ولم تتطرق إلى بقية أنواع النكاح حتى تكون الآية الثانية ناسخة للآية الأولى.
وللأسف الشديد نجد في تفسير المنار[14] للشيخ محمد رشيد رضا تلميذ الشيخ محمد عبدو، الشيخ محمد عبدو تلميذ السيد جمال الدين الأفغاني الأسد آبادي نجد أن محمد رشيد رضا في تفسيره المنار يقول إن الشيعة يقولون بعدم العدة في نكاح المتعة. يقول السيد الخوئي "رحمه الله" في كلماته اللطيفة سبحانك اللهم هذا بهتان عظيم يعني قول بغير علم وهذه كتب فقهاء الشيعة من قدمائهم ومتأخريهم ليس فيها من نسب إليه هذا القول وإن كان على سبيل الشذوذ. يعني لا يوجد حتى قول واحد شاذ يقول بأنه لا توجد عدة في نكاح المتعة فضلا عن كونه مجمعا عليه بينهم[15] هناك إجماع على ضرورة العدة في نكاح المتعة.
الآية الثانية التي ادعي أنها ناسخة قوله "عز من قائل":
﴿ولكم نصف ما ترك أزواجكم﴾[16]
من حيث أن آية المتعة كما هو معلوم المتعة لا تجب النفقة عليها المتمتع بها لا تجب النفقة عليها ولا ترث ولا تورث يعني هي ما ترث ولا يرثها زوجها الذي تمتع بها والآية الكريمة تقول ﴿ولكم نصف ما ترك أزواجكم﴾ فبما أن المتمتع بها لا ترث ولا تورث فلا تكون زوجة وبالتالي نسب إلى سعيد بن المسيب وسالم بن عبد الله والقاسم بن أبي بكر[17] أن آية فآتوهن أجورهن قد نسخت بقوله ﴿ولكم نصف ما ترك أزواجكم﴾.
الجواب إنما دل على نفي التوارث في نكاح المتعة يكون مخصصا لآية الإرث ولا دليل على أن الزوجية بمطلقها تستلزم التوارث يعني عندنا عام بين الزوجين يوجد توارث يأتي دليل المتعة يقول إلا في زواج المتعة لا يوجد توارث ما المانع من ذلك فتكون هذه الآية عامة ﴿ولكم نصف ما ترك أزواجكم﴾ هذه آية فيها إطلاق يخصص هذا العموم بما دل على أنه لا يوجد توارث بين الزوجين في نكاح المتعة.
إن قلت كيف يتم هذا؟
الجواب ما أكثر المخصصات لا توارث بين الكافر والمسلم إذا الزوج كافر والزوجة مسلمة لا يوجد فهل نتمسك ﴿ولكم نصف ما ترك أزواجكم﴾ لا يتمسك بذلك وهكذا بالنسبة إلى أنه القاتل لا يرث المقتول إذا الزوج الآن قتل زوجته أو الزوجة قتلت زوجها لا ترث منه.
نعم غاية ما ينتجه أن النكاح الدائم فيه توارث ولكن هناك موارد خاصة حتى في النكاح الدائم لا يثبت فيها التوارث كما في مورد القاتل والمقتول كما في مورد الكافر لا يرث من المسلم كما في مورد النكاح المنقطع أين هذا التخصيص من دعوى النسخ فقد ادعوا أن هذه الآية ﴿ولكم نصف ما ترك أزواجكم﴾ مخصصة لآية ﴿فآتوهن أجورهن فريضة﴾ وقد اتضح أن التخصيص ليس بتام.
إذن التخصيص بالآية الأولى والثانية ليس بتام.
يبقى الكلام في عمدة المسألة الأمر الثالث أن ناسخ الآية هو السنة يأتي عليه الكلام.