« فهرست دروس
الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق
بحث التفسیر

40/05/29

بسم الله الرحمن الرحيم

إبطال دعوى النسخ في الآية السادسة والسابعة والثامنة

موضوع: إبطال دعوى النسخ في الآية السادسة والسابعة والثامنة

 

الآية السادسة التي ادعي نسخها قوله "عز من قائل" في كتابه الكريم:

﴿وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين فمن تطوع خيرا فهو خير له﴾[1]

فهذه الآية قد يقال أنها تدل على أن من أطاق الصوم وقدر عليه فهو مخير بين الصيام وبين الفدية بإطعام المسكين وادعي أنها منسوخة بقوله تعالى:

﴿فمن شهد منكم الشهر فليصم﴾[2]

فهذه الآية نسخت التخيير المستفاد في قوله "عز وجل" ﴿وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين﴾ إذن دعوى النسخ في هذه الآية الكريمة واضحة الثبوت. لو كان المراد بقوله ﴿يطيقونه﴾ هو الطاقة أي القدرة والسعة فيكون مفاد الآية أن من استطاع الصوم وأطاقه وقدر عليه فله أن لا يصوم ويعطي الفدية فيطعم المسكين بدلا من الصوم فتكون هذه الآية منسوخة بقوله "عز وجل" ﴿فمن شهد منكم الشهر فليصم﴾ فهي تأمر بصيام وتوجب الصيام على من هل عليه الهلال ومن شهد شهر رمضان المبارك.

ولكن الصحيح أن الآية ليست منسوخة بل المراد بالطاقة والاطاقة ليس مطلق السعة ومطلق القدرة بل المراد القدرة مع وجود المشقة الشديدة والحرج العظيم.

فيكون المراد من الآية بعد جمع الآيات الكريمة ثلاث نقاط:

النقطة الأولى إن الله تبارك وتعالى قد اوجب الصوم وجوبا تعينيا وفقا للآية الكريمة المتقدمة وهي قوله "عز وجل" الآية الخامسة ﴿يا أيها الذين امنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون﴾[3] فهذه الآية تدل على الوجوب التعيني لصوم شهر رمضان على كل مكلف.

النقطة الثانية قوله "عز وجل" ﴿ومن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر﴾ فهذه الآية أسقطت وجوب الصوم على المسافر والمريض وأوجبت عليهما القضاء بدلا عن الأداء إذا حصل السفر والمرض.

النقطة الثالثة الآية التي نحن بصدد بحثها قوله "عز وجل" ﴿وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين﴾ فهذه الآية أرادت أن تبين حكما آخر لصنف آخر من الناس فالصنف الأول هو من يستطيع الصيام وليس مسافرا فدلت على الوجوب التعييني للصوم عليه ﴿كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم﴾ هذا الصنف الأول والصنف الثاني من لا يستطيع الصيام في وقت شهر رمضان لكنه يستطيع القضاء خارج شهر رمضان وهو المسافر والمريض وأما الصنف الثالث فهو الذي سقط عنه وجوب الصوم أداء وقضاء فهو لا يستطيع الصيام في أثناء شهر رمضان ولا يستطيع القضاء خارج شهر رمضان مثل الشيخ الكبير الذي بلغ من العمر عتيا لا يستطيع أن يصوم يصعب عليه يشق عليه أن يصوم مثل ذي العطاش الذي يعطش كثيرا ولا يستطيع أن ينقطع عن شرب الماء.

مثال ثالث المريض الذي استمر به المرض من شهر رمضان الأول إلى شهر رمضان الثاني الذي يليه فهذا لم يستطيع الأداء ولا القضاء فهذه الآية أسقطت عنهم وجوب الصوم أداء وقضاء وأوجبت عليهم الفدية.

الخلاصة توجد ثلاث نقاط وفقا لثلاث آيات:

النقطة الأولى دلت آية ﴿كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم﴾ على تعيين وجوب الصوم على المؤمنين في الأيام المعدودات.

النقطة الثانية دلت آية ﴿ومن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة أيام أخر﴾ على تعين وجوب قضاء صوم الأيام التي فاتت أثناء المرض أو السفر وإن سقط الأداء في الأثناء.

النقطة الثالثة ظاهر قوله "عز وجل" ﴿وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين﴾ أن من لم يستطع الصيام أداء وقضاء كالشيخ الكبير أو ذي العطاش أو من لم يصم شهر رمضان الأول والذي يليه فمثل هؤلاء تجب عليهم الفدية ويسقط عنهم الأداء والقضاء فإذا كان مفاد الآية هو هذا فكيف يدعى وجوب تخييري بين وجوب الصوم ووجوب الفدية.

خلاصة المناقشة دعوى النسخ مبنية على أن المراد بالاطاقة مطلق السعة مطلق القدرة والصحيح أن المراد بالاطاقة يطيقونه هو القدرة مع وجود المشقة الشديدة والدليل على ذلك ثلاثة أمور:

الأمر الأول إذا رجعنا إلى روايات أهل البيت "صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين" لوجدناها مستفيضة في بيان أن المراد من الاطاقة ليس مطلق السعة وليس مطلق القدرة وإنما هو خصوص القدرة مع وجود المشقة الشديدة.

الأمر الثاني لو رجعنا إلى معنى لفظ الاطاقة في اللغة لوجدنا أن لفظ الاطاقة وإن استعمل في معنى مطلق القدرة ومطلق السعة لكن معناه اللغوي هو خصوص القدرة مع المشقة العظيمة وإعمال غاية الجهد.

جاء في لسان العرب لابن منظور الطوق الطاقة أي أقصى غايته وهو اسم لمقدار ما يمكنه أن يفعله بمشقة منه ونقل ابن الأثير في النهاية والراغب الأصفهاني في مفردات غريب القرآن التصريح بهذا المعنى أن الاطاقة هي القدرة مع وجود المشقة العظيمة.

الأمر الثالث لو سلمنا وتنزلنا وقلنا إن معنى الطاقة والاطاقة هو مطلق القدرة وليس خصوص القدرة مع وجود المشقة الشديدة كان معنى الاطاقة هو عبارة عن إيجاد السعة في الشيء وإيجاد السعة في الشيء يعني أن الشيء بنفسه كان مضيقا ثم حصلت له السعة فلا معنى لتوسيع الواسع فإذا قيل إن المراد بالاطاقة إيجاد السعة في الشيء فلابد أن يكون الشيء في نفسه وفي حد ذاته مضيقا حتى تحصل له السعة من قبل الفاعل ولا يحصل التوسيع إلا مع إعمال غاية الجهد.

قال الشيخ محمد رشيد رضا في تفسيره المنار نقلا عن شيخه وأستاذه الشيخ محمد عبدو قال فلا تقول العرب أطاق الشيء إلا إذا كانت قدرته عليه في نهاية الضعف بحيث يتحمل به مشقة شديدة[4] .

النتيجة النهائية الآية محكمة لا نسخ لها ومدلولها مغاير لحكم من وجب عليه الصوم أداء وقضاء يعني قوله "عز وجل" ﴿فمن شهد منكم الشهر فليصم﴾ هذا موافق لمفاد الآية ﴿كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم﴾ تدل على وجوب الصوم أداء وقضاء وأما قوله "عز وجل" ﴿وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين﴾ فمدلولها معنى آخر وهو أنه من أطاق الصوم واستطاع أن يصوم مع مشقة شديدة فهذا عليه الفدية.

في الختام يشير السيد الخوئي إلى أن الآية الكريمة فيها ثلاث قراءات:

بناء على القراءة الأولى والقراءة الثانية لا تتم دعوى النسخ بناء على القراءة الثالثة يتم دعوى النسخ.

القراءة الأولى هي القراءة المشهورة المعروفة ﴿وعلى الذين يطلقونه فدية طعام مسكين﴾ وكل نقاشنا كان بناء على هذه الآية وأثبتنا أنه لا يوجد نسخ لأن قوله "عز وجل" ﴿فمن شهد منكم الشهر فليصم﴾ ناظر إلى من يستطيع من دون مشقة وأما قوله "عز وجل" ﴿وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين﴾ ناظر إلى من يقدر مع وجود المشقة فالموضوع مختلف هذا بناء على القراءة الأولى.

وأما القراءة الثانية وهي قراءة ابن عباس وعائشة وعكرمة وابن المسيب حيث قرؤوا يطوقونه بصيغة المبني للمجهول من باب التفعيل صار من الواضح أنه لا نسخ في البيع لأن الآية تقول ﴿فمن شهد منكم الشهر فليصم﴾ يعني من كان مختارا قادرا وهل عليه هلال شهر رمضان وجب عليه أن يصوم بخلاف من طوق صار غير قادر وعلى اللذين يطوقونه يعني طوق هذا الذي طوق يجب عليه فدية طعام مسكين فهنا دعوى عدم وجوب النسخ أوضح لماذا أوضح؟ لأن الآية ﴿فمن شهد منكم الشهر فليصم﴾ ناظرة إلى المختار والقادر وقوله "عز وجل" ﴿وعلى الذين يطوقونه فدية طعام مسكين﴾ ناظر إلى غير القادر فالموضوع مختلف تماما فتكون دعوى عدم وجود النسخ أوضح.

القراءة الثالثة تكون دعوى النسخ فيها واضحة وهي القراءة بناء على قول ربيعة ومالك بأن المشايخ والعجائز لا شيء عليهم إذا افطروا تكون الآية منسوخة ولكن الكلام في صحة هذا القول المشايخ والعجائز لا شيء عليهم إذا افطروا حتى فدية ما عليهم وهذا غريب مخالف لقوله "عز وجل" ﴿فدية طعام مسكين﴾ والآية الكريمة ﴿وعلى الذين يطوقونه فدية طعام مسكين﴾ حجة على قائل هذا القول.

هذا تمام الكلام في الآية السادسة واتضح أن دعوى النسخ فيها ليست تامة.

الآية السابعة قوله تعالى:

﴿ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه فإن قاتلوكم فاقتلوهم كذلك جزاء الكافرين﴾[5]

دلت الآية الكريمة على حرمة القتال عند المسجد الحرام ولا تقاتلوهم نهي نعم يجوز القتال عند المسجد الحرام في مكة المكرمة الكعبة الشريفة إذا قاتلوكم يعني إذا بدءوكم بالقتال عند المسجد الحرام.

قال أبو جعفر النحاس وأكثر أهل النظر على هذا القول أن الآية منسوخة وأن المشركين يقاتلون في الحرم وغيره[6] يعني الحرم المكي ونسب القول بالنسخ إلى قتادة أيضا.

والحق والإنصاف أن الآية ليست منسوخة لأن:

هذه الآية بأي شيء نسخت؟

في ناسخ الآية يوجد احتمالان:

الاحتمال الأول أن يكون الناسخ هو قوله "عز وجل" ﴿فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم﴾.

الاحتمال الثاني أن يكون الناسخ رواية مروية عن النبي "صلى الله عليه وآله" أنه أمر بقتل ابن الخطل وكان متعلقا بأستار الكعبة.

أما الاحتمال الأول وهو أن الناسخ قوله "عز وجل" ﴿فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم﴾ فهذا القول واضح البطلان لأن الآية التي يدعى نسخها آية خاصة بخصوص المسجد الحرام قوله "عز وجل" ﴿ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام﴾ نهت عن القتال عند المسجد الحرام فهي آية خاصة والآية التي يدعى أنها ناسخة ﴿فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم﴾ يعني سواء عند المسجد الحرام أو غير المسجد الحرام آية عامة مطلقة ومن الواضح أن المطلق يحمل على المقيد والعام يحمل على الخاص حتى لو تقدم الخاص وتأخر العام وحتى لو تقدم المقيد وتأخر المطلق فإن العرف يرى أن الخاص والمقيد قرينة على بيان المراد من العام أو المطلق فيصير مقتضى الجمع العرفي ﴿فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام﴾ يعني إلا المسجد الحرام لا تقاتلوهم إلا إذا قاتلوكم.

النتيجة النهائية يختص جواز قتال المشركين بغير المسجد الحرام إلا عند المسجد الحرام فلا يجوز قتال المشركين إلا إذا كانوا مبتدأين بالقتال فيجوز قتالهم حينئذ إذن بناء على الاحتمال الأول وهو أن الناسخ قوله "عز وجل" ﴿فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم﴾ لا تتم دعوى النسخ.

وأما بناء على الاحتمال الثاني وهو أن يكون مستندهم في دعوى نسخ الآية إلى الرواية القائلة أن النبي أمر بقتل ابن اخطل وقد كان متعلقا بأستار الكعبة[7] .

فهذا باطل أيضا لأمرين:

الأمر الأول هذا خبر واحد وخبر الواحد لا يثبت به النسخ القرآن متواتر ينسخ بخبر واحد لا يفيد إلا الظن إن الظن لا يغني من الحق شيئا هذا باطل إجماعا.

الأمر الثاني لا دلالة للخبر على دعوى النسخ لأنه حتى لو سلمنا أن النبي أمر بقتل ابن اخطل وقد كان متعلقا بأستار الكعبة فلربما هناك خصوصية وقد رووا أهل السنة في الصحيح عن النبي "صلى الله عليه وآله" قوله (إنها لم تحل لأحد قبلي وإنما أحلت لي ساعة من نهارها)[8] فهذه الرواية صريحة في أن الأمر بقتله وقد كان متعلقا بأستار الكعبة من خصائص النبي ومن مختصاته.

النبي له خصوصيات

النبي من خصوصياته وجوب صلاة الليل عليه من خصوصياته إنه إذا لبس لآمة حربه وجب عليه القتال ولا يسقط عنه بمجرد أن يلبس لآمة حربه من خصوصيات النبي جواز أن يتزوج بتسع نساء أن يجمع تسع نساء عامة الناس أربع نساء. هذه كلها من خصوصيات النبي تذكر في نهاية كتاب النكاح في الشرائع وغيرها.

فهذه الرواية تدل على أن النبي كان من خصوصياته هذا فلا وجه للقول بنسخ الآية ووجه القول بنسخ الآية هو متابعة فتاوى جماعة من الفقهاء والآية حجة عليهم وأقوالهم ليست حجة علينا.

الآية الثامنة التي ادعي نسخها قوله "عز وجل".

﴿يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير﴾[9]

فيستفاد من هذه الآية حرمة القتال في الشهر الحرام تقول قتال فيه كبير يعني القتال في الشهر الحرام كبير والأشهر الحرم هي رجب وذو القعدة وذو الحجة ومحرم في الجاهلية كانوا ما يتقاتلون فيها.

قال أبو جعفر النحاس الآن الأقوال في المسألة ثلاثة أقوال:

هل هذه الآية منسوخة أو لا الأقوال في المسألة:

القول الأول اجمع العلماء على أن هذه الآية منسوخة وأن قتال المشركين في الشهر الحرام مباح يعني يجوز قتال المشركين في الشهر الحرام هذا غريب عجيب في الجاهلية كان محرم وفي الإسلام أيضا بقيت الحرمة.

القول الثاني قول عطاء قال الآية محكمة ولا يجوز القتال في الأشهر الحرم.

القول الثالث قول الشيعة الإمامية لا خلاف بينهم نصا وفتوى على أن التحريم باق يعني قول عطاء موافق لقول الشيعة الإمامية صرح بالحرمة الشيخ الطوسي في تفسير التبيان والمحقق النجفي في موسعة جواهر الكلام.

وهذا هو الحق في المسألة لأن دعوى النسخ يحتمل فيها أربعة احتمالات:

أربعة احتمالات يحتمل أنها نسخت قوله "عز وجل" ﴿يسألونك عن الشهر الحرام قتالا فيه قل قتال فيه كبير﴾ فالآية دلت على حرمة القتال في الأشهر الحرم.

فما هو الناسخ؟

أحد احتمالات أربعة وكلها ليست تامة:

الاحتمال الأول قوله "عز من قائل" ﴿فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم﴾ كما ذكره النحاس وهذا غريب جدا لأن هذه الآية فاقتلوا المشركين فاقتلوا الفاء تفيد التفريع فرعت القتال على انسلاخ الأشهر الحرم الآية التي قبلها تقول ﴿فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم﴾ في نفس الآية فكيف يدعى أنها ناسخة فالآية علقت الحكم بقتال المشركين على انسلاخ الأشهر الحرم فلا يمكن أن تكون الآية ناسخة لحرمة القتال في الشهر الحرام إذن الاحتمال الأول ليس بتام.

الاحتمال الثاني أن يكونوا قد استندوا في دعوى النسخ إلى إطلاق آية السيف وهي قوله تعالى ﴿قاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة﴾[10] ولكن هذا الاحتمال ساقط أيضا فإن المطلق لا يكون ناسخا للمقيد وإن كان المطلق قد تأخر عن المقيد فالمقيد هو حرمة القتال في خصوص الأشهر الحرم والمطلق جواز قتال المشركين كافة فيصير مقتضى الجمع العرفي قاتلوا المشركين كافة كما يقاتلوكم كافة إلا في الأشهر الحرم.

الاحتمال الثالث أن يكونوا قد استندوا في دعوى النسخ إلى ما رووه عن ابن عباس وقتادة أن الآية منسوخة بآية السيف.

هذه الدعوى يردها ثلاثة أمور:

الأمر الأول إن النسخ لا يثبت بخبر الواحد وهنا خبر واحد نسب إلى ابن عباس وقتادة إذن المستند الرواية هنا.

والأمر الثاني هذه الرواية ليست عن معصوم لعلها اجتهاد من ابن عباس وقتادة فليست حجة علينا.

والأمر الثالث هذه الرواية معارضة بروايتين:

الرواية الأولى ما رواه إبراهيم بن شريك قال حدثنا احمد يعني ابن عبد الله بن يونس قال حدثنا الليث عن أبي الأزهر عن جابر قال رسول "صلى الله عليه وآله" (لا يقاتل في الأشهر الحرم إلا أن يغزا أو يغزو فإذا حظر ذلك أقام حتى ينسلخ)[11] .

الرواية الثانية المعارضة ما رواه أصحابنا الإمامية عن أهل البيت "عليهم السلام" من حرمة القتال في الاشهر الحرم.

الاحتمال الرابع لدعوى النسخ أن يكونوا قد استندوا في دعوى النسخ إلى ما نقلوه من مقاتلة رسول الله "صلى الله عليه وآله" قبيلة هوازن في معركة حنين وقتال قبيلة ثقيف في الطائف في شهر شوال وذي القعدة وذي الحجة من الأشهر الحرم.

وفيه

أولا النسخ لا يثبت بخبر الواحد

وثانيا إن فعل النبي إذا صحت الرواية مجمل لأن الفعل صامت لا لسان له ليس كالدليل اللفظي ففعل النبي مجمل يحتمل وقوعه على وجوه ولعله كان لضرورة اقتضت وقوعه فلا يكون ناسخا للآية الكريمة.

إذن الاحتمالات الأربعة التي يمكن أن يدعى أنها نسخت الآية ليست تامة.

النتيجة النهائية الآية الثامنة ﴿يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه كبير﴾ ليست منسوخة وتبقى حرمة القتال في الأشهر الحرم إلى يومنا هذا ومن اشد استنكارنا لقتلهم الحسين "صلوات الله وسلامه عليه" أنه قتل في العاشر من المحرم وهو من الأشهر الحرم حتى أيام الجاهلية كانوا يتوقفون عن القتال فيه.

الآية التاسعة ﴿ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمنّ﴾[12] يأتي عليها الكلام.

 


logo